اقتصاد اليابان يعاود الانكماش بالربع الأول من 2021 بسبب "كورونا"

مواطنون يمشون أمام شاشة تبث مؤتمر سوجا الصحفي الشهر الماضي في طوكيو
مواطنون يمشون أمام شاشة تبث مؤتمر سوجا الصحفي الشهر الماضي في طوكيو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توقف تعافي اليابان في الربع الأول من العام الجاري، مع انكماش الاقتصاد أكثر مما توقَّعه المحللون، بسبب القيود المتجددة لاحتواء نشاط فيروس كورونا، مما يزيد من خطر حدوث ركود مزدوج، إذا لم تستطع البلاد إنهاء حالة الطوارئ الخاصة بتفشي وباء فيروس كورونا بطريقة سريعة.

أفاد مكتب مجلس الوزراء الياباني، يوم الثلاثاء، أنَّ الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 5.1% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، منهياً ربعين من النمو فوق مستوى 10%، فقد توقَّع خبراء الاقتصادي انكماشاً إجمالياً بنسبة 4.5%.

جاءت النتيجة أسوأ من التوقُّعات، مع تخفيض الشركات الاستثمار بشكل غير متوقَّع، وانسحب المستهلكون، وانخفضت النفقات الحكومية وسط تعليق حملة ترويج السفر لمساعدة صناعة السياحة المتعثرة.

حالة الطوارئ مستمرة

تزيد علامات الهشاشة المتجددة في الاقتصاد من خطر انكماش الاقتصاد مرة أخرى خلال الربع الحالي، إذ تكافح إدارة رئيس الوزراء "يوشيهيديه سوغا" لتسريع طرح اللقاح، واحتواء حالات الإصابة بفيروس كورونا، باستخدام نهج مستهدف يحاول الحدَّ من الأضرار التي تلحق بالاقتصاد.

حذَّر الخبير الاقتصادي "يوشيكي شينكي" من معهد "داي إيتشي لايف ريسيرش إنستيتيوت" من أنَّه إذا جرى تمديد حالة الطوارئ، فمن المؤكَّد أنَّ ذلك سيزيد من احتمالات حدوث انكماش، إذ يعدُّ إنفاق المستهلكين هو أكبر جزء مفقود في الاقتصاد، ومن الصعب التنبؤ به، لأنَّه يعتمد إلى حدٍّ كبير على حالة تفشي فيروس كورونا.

أضاف "سوغا" الأسبوع الماضي ثلاث محافظات يابانية أخرى إلى حالة الطوارئ الأخيرة، وهي خطوة تضع حوالي نصف الاقتصاد تحت قيود أكثر صرامة قليلاً من تلك التي كانت موجودة في الشتاء، لكنَّها ماتزال أقل شدة من عمليات الإغلاق في أوروبا.

وتطلب السلطات الآن من المطاعم والحانات في العديد من المدن الكبرى الامتناع عن تقديم المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى الإغلاق مبكراً.

مخاوف بشأن "أولمبياد طوكيو"

قد يؤدي الفشل في إنهاء القيود في نهاية شهر مايو الجاري، كما هو مخطط له، إلى إثارة المخاوف بشأن تنظيم أولمبياد طوكيو. ومن شأن إلغاء بطولة الألعاب الأولمبية أن يوجه ضربة أخرى للاقتصاد، ويزيد من احتمالية وضع "سوغا" في قائمة طويلة من رؤساء الوزراء الذين لم يعمروا طويلاً في المنصب، إذ تستعدُّ البلاد لإجراء انتخابات وطنية في أوائل الخريف القادم.

ما يقوله خبراء الاقتصاد في وكالة "بلومبرغ":

"جاء في تفاصيل انكماش الناتج المحلي الإجمالي الياباني بشكل أعمق من المتوقّع في الربع الأول، المزيد من الأخبار السيئة، من بينها: الانخفاض المفاجئ في استثمار القطاع الخاص، والتراكم الحاد بشكل غير متوقَّع في المخزونات. تشير هذه المؤشرات إلى ضعف قطاع التصنيع، وهو محرِّك نادر للنمو وسط حالة الطوارئ الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وتضيف إلى المخاطر السلبية على الاقتصاد خلال الربع الثاني".

"يوكي ماسوغيما"، خبير اقتصادي

الشركات أكثر حذراً

يشير انخفاض الاستثمار الرأسمالي في الربع الأول من العام إلى أنَّ الشركات قد تكون أكثر حذراً بشأن التوقُّعات مما كان يعتقد سابقاً، وفقاً للبيانات الأولية، التي غالباً ما يجري مراجعتها.

في الأيام الأخيرة، بدأت مجموعة من رجال الأعمال أيضاً في التعبير عن مخاوفهم بشأن ما يرونه من بطء في عملية طرح اللقاح بطريقة غير مقبولة في واحدة من أغنى دول العالم.

ينتقد الرؤساء التنفيذيون للشركات حملة اللقاحات البطيئة في اليابان، محذِّرين من أنَّ النمو في خطر. وفي الوقت نفسه، تستمر الصادرات القوية والإنتاج الصناعي في توفير أساس متين من الدعم للاقتصاد، على الرغم من أنَّ ارتفاع الواردات تسبَّب في انخفاض المكوِّن التجاري للناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول.

طلبٌ مكبوت

كما لم يتراجع المستهلكون عن الإنفاق بالقدر الذي كان يخشاه الاقتصاديون في الربع الأخير، وهي حقيقة قد تشير إلى وجود مخزون من الطلب الأساسي الذي يمكن أن يساعد في دفع الانتعاش في المستقبل.

تشير المرونة أيضاً إلى أنَّ نهج "سوغا" المستهدف قد مكَّن الاقتصاد بالفعل من تجنُّب اللجوء لأسوأ حالات الطوارئ الأخرى.

قال وزير الاقتصاد "ياسوتوشي نيشيمورا" بعد صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي: "بمجرد أن يبدأ احتواء وضع تفشي فيروس كورونا على نحو أكبر، ويعود نشاط الناس بطريقة أفضل لطبيعته، فمن المرجَّح أن يظهر الطلب المكبوت".

قلق من كثرة الإصابات

لكنَّ ارتفاع أعداد الإصابات في جميع أنحاء البلاد يشير إلى أنَّ الحكومة لم تحقق التوازن الصحيح، أو لم تعدِّل قيودها بالسرعة الكافية، تحسُّباً لسلالات الفيروس الجديدة المتحوِّرة مع تزايد العدوى، وأصبح منطق تنظيم الألعاب الأولمبية موضع شكوك.

حتى وقت سابق من هذا العام، شوهدت اليابان مثالاً ناجحاً نسبياً للسيطرة على تفشي فيروس كورونا في ظلِّ معدلات إصابة منخفضة، ووفيات أقل تحقَّقت دون إجراءات الإغلاق الكامل.

لقد تغيَّرت النظرة الإيجابية، نظراً لأنَّ عملية الموافقة على اللقاح التي أخذت وقتاً طويلاً في البلاد، وطرحها البطيء للجرعات، وضعت البلد متراجعة وراء الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ودول أخرى على صعيد برامج تلقيح أكثر قوة.

في استطلاع أجرته صحيفة " أساهي شيمبون" جرى نشره يوم الإثنين، انخفض معدل دعم "سوغا" إلى 33%، بالقرب من علامة 30% التي بدأت في تعريض رؤساء الوزراء اليابانيين للخطر.

شهدت اليابان معدل وفيات بسبب تفشي فيروسات كورونا أقل بكثير من اقتصادات مجموعة السبع الأخرى، لكنَّ طرح اللقاح البطيء حدَّ من أدواتها لمكافحة تفشي المرض، وإعادة الاقتصاد إلى الوضع الطبيعي. حتى الآن، تلقَّى حوالي 3% فقط من السكان جرعة واحدة.

قال " شينك" من "داي إيتشي": "إنَّ أفضل الإجراءات الاقتصادية هي تسريع التطعيم".

وأضاف: "في حين تفكر العديد من البلدان الأخرى في تخفيف القيود، فإنَّ اليابان لم تفعل ذلك بعد".