بمَ تخبرنا به صفقة اندماج "إيه تي آند تي" و"ديسكفري"؟

صفقة "إيه تي آند تي" و"ديسكفري" تعيد هيكلة منظومة الترفيه
صفقة "إيه تي آند تي" و"ديسكفري" تعيد هيكلة منظومة الترفيه المصدر: بلومبرغ
Brian Chappatta
Brian Chappatta

Brian Chappatta is a Bloomberg Opinion columnist covering debt markets. He previously covered bonds for Bloomberg News. He is also a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حتى حسب معايير السوق اليوم، تبدو ديون "إيه تي آند تي" (AT&T) المتراكمة والبالغة 190 مليار دولار على مدى السنوات العديدة الماضية مثالاً صارخاً على الكيفية التي يمكن بها لتكاليف الاقتراض المنخفضة تاريخياً إغراء شركة من الدرجة الأولى بقبول رافعة مالية مفرطة لا يمكنها التعامل معها.

في ظلّ إدارة كبير المديرين التنفيذيين السابق راندال ستيفنسون، تراجع ائتمان "إيه تي آند تي" ثلاث درجات في تصنيفات "ستاندرد آند بورز" (S&P Global Ratings)، ليستقر أعلى درجتين قبل درجة المضاربات، مع انطلاق الشركة في فورة استحواذ.

يبدو أن الشركة منذ ذلك الحين تعهدت باتباع نظام يشبه"حمية الديون" فقط، لتجد نفسها تنفق وتقترض مزيداً من أجل احتياجات العمل مثل توسيع شبكة الجيل الخامس الخاصة بها. ونتيجة لذلك، راجعت "ستاندرد آند بورز" توقعاتها بشأن تصنيف الشركة عند "BBB" في مارس وغيرته من مستقر إلى سلبي، مشيرة إلى أن "الخطر المتزايد لأداء (إيه تي آند تي) يمكن أن يكون أقل من توقعاتنا الحالية للحالة الأساسية"، مما دعا إلى تحديد نسبة رافعة مالية أصغر بدءاً من العام المقبل. خفضت وكالة "فيتش للتصنيف الائتماني"، وهي الأخيرة من بين أكبر ثلاث وكالات تصنيف ائتماني، تصنيف "إيه تي آند تي" لديها من المستوى الفردي "A"، إلى "BBB+" في الشهر نفسه. كما أعرب محللوها عن قلقهم من أن الرافعة المالية ستظلّ أعلى من المتوقع.

تغيير المسار

سرعان ما غيرت "إيه تي آند تي" مسارها هذا الأسبوع ووافقت على التخلي عن عمليات "وارنر ميديا" (WarnerMedia) في صفقة مع شركة "ديسكفري" (Discovery)، إذ ستؤدي هذه الخطوة إلى خفض صافي الديون بنحو 43 مليار دولار، وهو ما يقول عنه ستيفن فلين من "بلومبرغ إنتليجنس"، إنه سيضع الشركة في موقع للوصول إلى هدفها المالي بحلول نهاية 2023، أي قبل عام من الموعد المحدد لذلك.

إنه بمثابة تذكير هامّ للمستثمرين أنه على الرغم من كل المخاوف بشأن شركات مثل "أمازون" و"آبل" التي تقترض أموالاً لا تحتاج إليها، ناهيك بعملاق اتصالات مثل "إيه تي آند تي"، فإن هذه الشركات ذات الأسماء التجارية العملاقة أيضاً لديها عدد من الخيارات للبقاء على المسار الصحيح.

وكما هو متوقع، يشعر المستثمرون في الائتمان بالبهجة لهذا المنظور المفاجئ الأكثر إشراقاً نحو ميزانية "إيه تي آند تي" العمومية. تقلصت فروق العائدات على ديون الشركة المستحقة في سبتمبر 2053، وهي تاسع أكبر عنصر في مؤشر "بلومبرغ باركليز" لسندات الشركات الأمريكية، بمقدار 12 نقطة أساس منذ يوم الجمعة الماضي إلى 145 نقطة أساس، وهو أقل عدد منذ إصداره العام الماضي.

وتقلصت الفروق على الأوراق المالية التي تُستحقّ بعد عامين، وهي عاشر أكبر عنصر في المؤشر، بنحو 20 نقطة أساس مقارنة بالأسبوع السابق. ونظراً إلى التصنيفات الائتمانية للشركة من درجة "BBB" وأعباء الديون المرتفعة، فقد حققت سندات "إيه تي آند تي" بعضاً من أعلى العائدات في مؤشر الدرجة العالية البالغ 6.7 تريليون دولار. بدأت هذه العائدات الانخفاض بسرعة، على الأقلّ في الوقت الحالي.

كان ارتفاع سندات "إيه تي آند تي" شديداً للغاية، لدرجة أنه عوّض بمفرده الانخفاضات التي وقعت في بقية سوق سندات الشركات يوم الاثنين الماضي، وأبقى المؤشر العامّ قريباً من الوصول إلى علامة فارقة. يبلغ متوسط ​​فروق السندات الأمريكية من الدرجة الاستثمارية 86 نقطة أساس، بفرق نقطة أساس واحدة فقط عن الوصول إلى أدنى مستوى قياسي منذ بدء الركود العظيم في ديسمبر 2007. وكان أدنى مستوى على الإطلاق منذ بدء البيانات اليومية هو 76 نقطة أساس، وحُدّد في مارس 2005.

محاولة للنجاة

وبقدر ما قد يخشى المستثمرون بل ويكرهون المستوى الحالي من فروقات السندات من الدرجة الاستثمارية، فمن الصعب أن نرى لماذا لا تصل الديون من الشركات الممتازة إلى هذا الرقم القياسي منذ 16 عاماً.

من المؤكد أن أسواق الأسهم بعيدة عن مستوياتها المرتفعة، ولكن هذا مدفوع بشكل أساسي بخسائر أسهم بعض الشركات الأكثر نمواً، إذ ليست شركات مثل "جنرال إلكتريك"، و"سي في إس هيلث" (CVS Health Corp) وأكبر البنوك الأمريكية مَن يتصدر مؤشر سندات الشركات بجانب "إيه تي آند تي".

في الوقت نفسه شهدت الصناديق الاستثمارية تدفقات جيدة بلغت 1.84 مليار دولار في الأسبوع حتى 12 مايو، وفقاً لرفينيتيف ليبر. ورغم أن هذا المبلغ هو الأصغر منذ الفترة المنتهية في 31 مارس، فإنه لا يزال يشير إلى أنه حتى مجموعة عوامل مثل أسوأ ربع للائتمان منذ عام 2008، واحتمالية ارتفاع التضخم والتضييق المتزايد في الفروق باستمرار ليست كافية لمطاردة السيولة بعيداً.

لا تخطئوا، فـ"إيه تي آند تي" بعيدة كل البعد عن كونها شركة مثالية. كما كتبت زميلتي تارا لاشابيل في موقع "رأي بلومبرغ"، سيؤدي ذلك فعلياً إلى التخلص من 170 مليار دولار في صفقات فاشلة، وهي جزء من جهود كبير المديرين التنفيذيين جون ستانكي لتقليص حجم الشركة المترامية الأطراف والتركيز على الأعمال الأساسية لكونها مزوّداً للاتصالات.

يبدو بالتأكيد أن كثيراً من الوقت والجهد والمال قد ضاع على مدى السنوات العديدة الماضية، كما أن حقيقة تقليص تقدم أسهم "إيه تي آند تي" بسرعة يوم الاثنين لم تكن بالضبط تأييداً قوياً لتوقعاتها.

مع ذلك فإن هذه الحلقة دليل إضافي على أن شركة مثل "إيه تي آند تي"، التي تعود جذورها إلى ألكسندر غراهام بيل واختراع الهاتف منذ نحو 150 عاماً، يمكن أن تنجو من مثل هذه الأخطاء، مهما بدت كبيرة من حيث القيمة الدولارية.

يُعَدّ هذا النوع من المرونة موسيقى لآذان مستثمري ديونها، الذين يهتمون أولاً وقبل كل شيء بالحصول على أصل الدين والفائدة على مدى عمر أوراقهم المالية. تمكنت "إيه تي آند تي" من الانفصال عن الأعمال الترفيهية بلا كثير من الفوائد، ولكن بلا أي ضرر مدمّر أيضاً. قد يمكن للشركة الآن المضي قدماً أخيراً، ويمكن أن تبدأ واحدة من أكثر الميزانيات العمومية خضوعاً للمراقبة اللصيقة في سوق السندات في تقليص حجمها جدِّيّاً.