مؤشرات قوية تؤكد أن التضخم في أمريكا مؤقت.. والبرهان لدى قطاع الإسكان

يعد الإسكان أفضل القطاعات للدراسة، فقد كان أول القطاعات التي ازدهرت بعد تفشي الجائحة في الربيع الماضي، مما يجعل أداءه مؤشراً رئيسياً على ما يمكن أن نراه في باقي قطاعات الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة
يعد الإسكان أفضل القطاعات للدراسة، فقد كان أول القطاعات التي ازدهرت بعد تفشي الجائحة في الربيع الماضي، مما يجعل أداءه مؤشراً رئيسياً على ما يمكن أن نراه في باقي قطاعات الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة المصدر: بلومبرغ
Conor Sen
Conor Sen

Columnist for @bopinion . Founder of Peachtree Creek Investments. Fintwit, demographics/elections, Atlanta.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أنَّ الشهر الماضي قد شهد تغيراً ما في سيكولوجية سوق الإسكان، ربما لم يلاحظه حتى الآن الراغبون في المزايدة بقوة من أجل الشراء. لكن المؤكَّد أنَّ هناك العديد من المؤشرات التي تدل على بدء مرحلة من الهدوء في السوق.

ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بأكثر من المتوقَّع في التقرير الصادر الأسبوع الماضي دفع المستثمرين إلى التساؤل إذا كان التضخم الناتج عن عمليات إعادة فتح الاقتصاد والجولات المتعددة من التحفيز المالي مجرد مرحلة مؤقتة.

حالف الحظ من يأمل أن يكون التضخم الحالي مؤقتاً، كما أنَّ تغيُّر الظروف التي قدَّمت دلائل على أنَّ ارتفاع الأسعار في صناعة رائدة مثل الإسكان قد تتسبَّب على الأقل في تهدئة الطلب، قد يدفع صناعات أخرى في الاتجاه نفسه، ويعدُّ مؤشراً قوياً على أنَّ التضخم المتوقَّع للأشهر المقبلة سينتهي، لكونه مؤقتاً.

تعافي قطاع العقارات

يعدُّ الإسكان أفضل القطاعات للدراسة، فقد كان أوَّل القطاعات التي ازدهرت بعد تفشي الجائحة في الربيع الماضي، مما يجعل أداءه مؤشراً رئيسياً على ما يمكن أن نراه في باقي قطاعات الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة.

بدأت مبيعات المنازل الجديدة في التعافي خلال شهر مايو من العام الماضي، لتسجل بحلول يونيو أعلى مستوياتها منذ الركود الذي أصاب الاقتصاد عام 2008.

منذ ذلك الحين، يشهد الطلب على المنازل الجديدة والقائمة زخماً أدى إلى تراجع المعروض من المساكن، وارتفاع أسعار الأخشاب، التي تسارعت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية.

لا يحتاج من يشعر بالقلق بشأن مخاطر التضخم، إلا أن ينظر لما يمكن أن يكون أبعد من ارتفاع أسعار المنازل 15% خلال العام الماضي، والأخشاب بنسبة 400% خلال الفترة نفسها.

ارتفاع أسعار الأخشاب

يرجع ارتفاع أسعار الأخشاب بالتزامن مع المنازل خلال الأشهر القليلة الماضية، نتيجة سعي شركات التطوير العقاري للالتزام بما تعهدت به في وقت سابق من العام. وعلى سبيل المثال، إذا باعت إحدى شركات التطوير منزلاً في يناير الماضي دون تحديد سعر الخشب قبل البناء؛ فإنَّها ستتحمَّل تكلفة باهظة لإكمال بناء المنزل في إبريل، وهو ما ستضطر لتحمله تفادياً لخسارة الصفقة أو الإضرار بسمعتها بسبب التراجع عن إتمام التعاقد.

تستطيع شركات التطوير العقاري التكيف بسرعة مع ظروف السوق التي اختلفت تماماً مقارنةً بشهر يناير الماضي. وتشير بعض التقارير إلى توقُّف أو إبطاء بعض الشركات أعمالَها لرغبتها في عدم الاستمرار بالعمل في ظلِّ الأسعار المرتفعة.

عكست بعض البيانات الواردة في تقرير بناء المساكن خلال إبريل ما ذكرته تلك التقارير، فقد أظهرت تسجيل أعداد المنازل الخاصة للأسرة الواحدة خلال الشهر الثاني أدنى مستوى لها منذ أغسطس الماضي، على الرغم من عدم تراجعها طوال تلك الفترة سوى في شهر فبراير، عندما عانت تكساس من حالة تجمُّد شديد.

استجابت أسعار الأخشاب لذلك التباطؤ المؤقت، وتراجعت عقودها الآجلة لشهر يوليو بنسبة 25% من ذروتها المسجلة في 7 مايو، مما يشير إلى أنَّ الأسعار في السوق وصلت للمستوى الذي توقَّف فيه المشترون عن الدفع.

كما زاد المعروض من المنازل لأسبوعين متتاليين للمرة الأولى، منذ زخم عمليات الشراء في الربيع الماضي، في إشارة إلى عودة الطبيعة الموسمية العادية للسوق.

اختلال مؤقت في الأسعار

يتطلَّب استمرار مستويات التضخم المرتفعة أكثر من مجرد اختلال مؤقت بين العرض والطلب، إذ يحتاج دعم ارتفاع الأسعار إلى تغيير في سلوك ووعي المشترين والبائعين.

وفي حين ارتفعت الأسعار بشكل مفاجئ يفوق توقُّعات معظم المشاركين في بداية الأمر؛ عادت السوق للتصرف الآن بالشكل الذي يؤكِّد أنَّ ما حدث يمثِّل اختلالاً مؤقتاً، وليس تحوُّلاً هيكلياً في سلوك أطرافه.

لا يقتصر الأمر على تباطؤ نشاط بعض شركات البناء، برغم انخفاض المعروض من المنازل لمستويات غير مسبوقة. ولم تكن شركات الأخشاب في عجلة من أمرها لتوسعة أعمالها، وقررت استغلال الموقف وتحقيق أرباح غير متوقَّعة على المدى القصير، بدلاً من الاستثمار لتلبية الطلب المستقبلي، وهم غير متأكِّدين من تحقُّقه.

قد نكون في بيئة اقتصادية جديدة سيكون فيها تضخم أعلى هيكلياً بالفعل، لكنَّ عقوداً من المعدلات المنخفضة رسَّخت سيكولوجيا وسلوكيات الفاعلين الاقتصاديين.

إذا كانت الاستجابة للأسعار المرتفعة والمخزونات المنخفضة في جميع أنحاء الاقتصاد هي أن يتوقَّف المشترون مؤقتاً، في حين ينتظر البائعون للحاق بركب الإنتاج؛ ستكون النتيجة بيئة نمو "متحرِّك-متوقّف"، ولكن بدون نوع التضخم المرتفع المستمر الذي يخشاه الناس.