3 دروس أساسية يجب أن نخرج بها من انهيار "آركيغوس"

انهيار "آركيغوس" يستدعي مزيداً من الاهتمام بالشفافية وقواعد عمل البنوك وشركات إدارة الثروات العائلية
انهيار "آركيغوس" يستدعي مزيداً من الاهتمام بالشفافية وقواعد عمل البنوك وشركات إدارة الثروات العائلية المصدر: بلومبرغ
Martin Gruenberg
Martin Gruenberg

Martin Gruenberg is a member of the board of directors of the Federal Deposit Insurance Corp., and a former chairman of the FDIC. The views expressed are his own. They do not necessarily reflect the views of the FDIC board.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كشف انهيار "آركيغوس كابيتال مانجمينت" مؤخراً عن مخاطر متأصلة بعمق، وغير مقدرة بالشكل الكافي في الأنظمة المصرفية الأمريكية والعالمية، التي ينبغي معالجتها على نطاق أوسع من المتصور سابقاً.

ركَّزت ردود الأفعال الأولية على الانهيار - بشكل مفهوم - على نقص الشفافية في صناديق مكاتب إدارة ثروات العائلات مثل "آركيغوس".

ومع ذلك، هناك حاجة لاشتراطات رأسمالية أقوى، التي تحدُّ من الاستدانة بقدرٍ ذي معنى - والمعروفة بنسبة الرافعة المالية التكميلية - لحماية البنوك من المخاطر التي تمثِّلها مثل هذه الكيانات الاستثمارية.

وقد يكون أحدث تغيير في قواعد "فولكر" بخصوص صناديق مكاتب ثروات الأسر، أحد المخاطر الأقل بروزاً، الذي يفتح الباب للبنوك لإنقاذ مثل هذه الصناديق في المستقبل.

أصول ضخمة

ويُقدَّر عدد صناديق مكاتب ثروات الأسر - نوع من الشركات الخاصة التي تتولى استثمارات العائلات الثرية - بأكثر من 10 آلاف صندوق، وتدير أصولاً بحوالي 6 تريليونات دولار عالمياً.

وتتبع هذه الشركات عادةً نموذج أعمال صندوق التحوط، وتنخرط في معاملات عالية المديونية مع البنوك الرئيسية وغيرها من المؤسسات المالية، وتعدُّ المخاطر التي تمثِّلها مخاطر عالمية، وينبغي معاملتها على هذا الأساس.

فقد تسبَّب فشل "آركيغوس" على سبيل المثال في خسائر كبيرة حول العالم من "كريدي سويس" في سويسرا إلى "مورغان ستانلي" في الولايات المتحدة، و"نومورا" في اليابان.

الشفافية

ولنبدأ بقضية الشفافية، تُعفى صناديق مكاتب ثروة العائلات في الولايات المتحدة من أغلب قواعد التسجيل العامة، واشتراطات الإفصاح.

وكانت إحدى عواقب ذلك الغموض هي أنَّ كلَّ بنك متعرِّض لصندوق "آركيغوس" لم يكن لديه معرفة كبيرة - أو أي معرفة على الإطلاق - عن استثمارات البنوك الأخرى فيه، وبالتالي تضاعفت استراتيجية الاستثمار عالية المخاطر عبر النظراء، مما تسبَّب في زيادة تأثير انهياره النهائي بقدر كبير.

وجعل نقص الإفصاح من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، على المشرِّعين أن يقيِّموا المخاطر التي تفرضها تلك الصناديق على سلامة وصحة الاستقرار المالي.

الرافعة المالية

ثانياً، يسلِّط فشل "آركيغوس" الضوء على أهمية فرض اشتراطات نسبة رافعة مالية تكميلية قوية على أكبر البنوك الأمريكية.

وأثبتت مراراً وتكراراً نماذج رأس المال في البنوك - التي تسعى للتفرقة بين الأصول وفقاً للمخاطر - أنَّها غير موثوقة في إعداد البنوك للخسائر الفادحة، حتى أفضل النماذج تتوقَّف قدرتها على تقييم المخاطر على المعلومات التي تتيحها المؤسسات المصرفية لها، ولا تستطيع تقييم المخاطر بدقة إذا لم يتم الإفصاح بالكامل عن قدر الديون، مثل تلك لدى "آركيغوس"، أو إذا تمَّ إثقالها بالكثير من المشتقات المعقدة.

ومثل تلك الديون "المخفية"يصعب تحديدها دون فحص مفصَّل لبنود وشروط عقود المشتقات المفصلة.

تقدِّم نسبة الرافعة المالية التكميلية- وهي مقياس بسيط لرأس المال كنسبة من إجمالي الأصول- لكل بنك كبير حاجزاً مهماً، فهي - على سبيل المثال - تأخذ في اعتبارها استثمارات المشتقات، وتضمن أن يتم تمويلها بالحد الأدنى من رأس المال الممتص للصدمات.

تشكِّل المشتقات أكثر من 10% أو 1.6 تريليون دولار من إجمالي الاستثمارات الخاضعة لنسبة الرافعة المالية التكميلية في البنوك العالمية ذات الأهمية النظامية في الولايات المتحدة.

وبالنسبة لبعض تلك البنوك، تشكِّل المشتقات حوالي ربع إجمالي التعرُّض، وإضعاف نسبة الرافعة المالية التكميلية - كما يقترح بعضهم - سيجعل المؤسسات المالية أكثر عرضة بكثير للانهيارات المشابهة لـ"آركيغوس".

قاعدة "فولكر"

وأخيراً، هناك مخاطر تشكِّلها صناديق مكاتب ثروات الأسر، ولا تحظى بالتقدير الكافي، وهي استبعادها من متطلَّبات قاعدة "فولكر" التي صُمِّمت للحدِّ من المضاربة من قبل البنوك، ولمنع إنقاذ الصناديق الخاصة.

وفرضت القاعدة في الأصل قيوداً صارمة على قدرة البنوك على امتلاك حصة أو رعاية صندوق عائلي، لكن في العام الماضي، أزالت الهيئات التنظيمية المالية الأمريكية تلك القيود استجابةً لطلبات من البنوك الأمريكية الكبرى والجمعيات التجارية.

نتيجة لذلك، أصبحت البنوك قادرة على إقراض وشراء أصول من صناديق العائلات، وهو ما يعرِّض البنوك وشبكات الأمان العامة إلى مخاطر تلك الصناديق، ويدع البنوك تنقذها خلال أوقات الأزمات، وكل ذلك من شأنه تقويض الهدف الرئيسي لقاعدة "فولكر".

علاوةً على ذلك، أضعف المشرِّعون قاعدة "فولكر" أكثر من خلال السماح للبنوك بالقيام بـ"استثمارات موازية" بجانب صندوق عائلة أو صندوق تحوط، أي تقدِّم البنوك تطمينات بأنَّها ستستثمر في الأصول نفسها، وتستخدم الاستراتيجيات نفسها، وهو ما يضاعف مخاطر التداول لدى البنوك، ويزيد الوسائل والحوافز لها لإنقاذ الكيانات المستدينة مثل صناديق العائلات أو صناديق التحوط.

ويعدُّ الدرس المستفاد من انهيار "آركيغوس" واضحاً: الديون والغموض يضخِّمان المخاطر في النظام المصرفي العالمي.

واستجابةً لذلك ينبغي اتخاذ الخطوات التالية كبداية، وهي اشتراط متطلَّبات إفصاح عامة أكبر على صناديق العائلات لكي يتمكَّن المشاركون في السوق، والمشرِّعون من فهم المخاطر التي تمثِّلها، والاحتفاظ بنسبة الرافعة المالية التكميلية الحالية التي تمثِّل دعامة رأس مال مهمة في أكبر البنوك الأمريكية، واستعادة اشتراطات قاعدة "فولكر" لمنع البنوك من إنقاذ صناديق العائلات.