ارتفاع تكاليف مدخلات المصانع الصينية ترسل إشارات لتضخم قوي في أسعار السلع

رسم تعبيري
رسم تعبيري المصدر: بلومبرغ بيزنس ويك
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ينتج مصنع براينت تشان في هيوان بمقاطعة غوانغدونغ الصينية مسدسات شركة "نيرف"، والألعاب اللوحية الخاصة بشركة "ليب باد"، وألعاب أخرى للعلامات التجارية الأمريكية الكبرى، بالإضافة إلى الأجهزة الإلكترونية، مثل جهاز يمكنه التقاط بيانات عن حركة أرجوحة الغولف التي يقوم بها اللاعبون.

وشهد تشان، رئيس "وايني وود كورب"، ومقرها هونغ كونغ، ارتفاع أسعار الطلاء والبراغي والزنبرك والمذيبات والمعادن والبطاريات والتغليف بنسبة تصل إلى 15% العام الجاري، وصعدت أسعار الراتنج البلاستيكي بنسبة تصل إلى 40%، وقال: "ببساطة شديدة، ارتفع سعر كل شيء.. وهي زيادة أكثر حدة وعبر مجموعة أوسع من الفئات مما نختبره عادة".

للتوضيح، يحلل تشان محتويات كاميرا التتبع الخاصة بالشركة، وهي جهاز يستخدمه الصيادون ومصورو الحياة البرية، وارتفعت المكونات الإلكترونية، التي تشكل 40% من تكاليف إنتاجها، بحوالي 10%، وزادت تكاليف التغليف، التي تمثل عُشر التكلفة، بنسبة 10%، ورغم أن البلاستيك يمثل 2% فقط من تكاليف الإنتاج، كان للزيادة في سعر الراتنج تأثير ملحوظ، وعند احتساب الأسعار الأعلى للمدخلات تصبح الكاميرا الآن أغلى بنسبة 6%.

وقضت المصانع الصينية شهورا لتستوعب الصدمات بما في ذلك ارتفاع أسعار المواد الخام والتدافع للحصول على أشباه الموصلات وحتى أزمة انسداد قناة السويس، والآن بدأ المصنعون يمررون تكاليف المدخلات المتزايدة إلى العملاء ما يزيد الضغوط التضخمية العالمية.

ارتفع مؤشر أسعار المنتجين (PPI) في الصين بأكبر قدر منذ عام 2017 في أبريل نتيجة ارتفاع كل شيء بدءا من العناصر باهظة الثمن مثل البترول والمعادن وصولا إلى المكونات مثل البراغي والكرتون، وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ، ارتفع مؤشر الولايات المتحدة لأسعار السلع المستوردة من الصين بنسبة 1.8% في مارس على أساس سنوي، فيما يعد أكبر مكسب منذ حوالي تسع سنوات.

تتمثل أكبر أوجه عدم اليقين في مدى استمرار هذه التكاليف المرتفعة ومدى تدفق ضغوط الأسعار الصينية في النهاية إلى المستهلكين حول العالم، وقد تتبدد الضغوط التضخمية إذا تمت تسوية الاضطرابات في سلسلة التوريد الناجمة عن جائحة كوفيد 19 وذلك بمجرد أن نتجاوز التشوه في البيانات الناتج عن الأسعار المنخفضة بفعل الوباء العام الماضي.

يظهر التباين الحاد بين أسعار المدخلات والمخرجات لدى المنتجين الصينيين أن التكاليف لم تمرر بالكامل حتى الآن، وأظهر أحدث تقرير لمؤشر أسعار المنتجين ارتفاعا في أسعار المواد الخام بنسبة 15.2% في أبريل على أساس سنوي، وهي زيادة أكبر من الارتفاع في أسعار السلع المصنعة بنسبة 5.4%، وأظهر مؤشر مديري المشتريات الصناعي الرسمي لشهر أبريل أيضا أن أسعار المدخلات أعلى بكثير من أسعار المخرجات.

ويقول كريستوفر تسي، المدير التنفيذي لشركة "ميوزيكال إلكتورنيكس ليمتد" (Musical Electronics Ltd)، الواقعة في هونغ كونغ، والتي تصنع - من بين منتجات أخرى - مكبرات صوت بلوتوث وأنظمة استريو منزلية عالية الطاقة لسوق الولايات المتحدة: "يبحث المصنعون عن حلول بديلة ووفورات في التكاليف لتجنب رفع الأسعار.. لكن في النهاية إذا لم يكن لدينا حلول، فلن يكون لدينا خيار سوى رفع الأسعار.. لكننا سنحاول بكل الطرق خفض التكاليف بدلا من تمرير الكثير منها لعملائنا".

قد يتردد صدى الأسعار المرتفعة على أرفف المتاجر في الولايات المتحدة، ويظهر بحث أجراه بنك "ستاندرد تشارترد" أن الارتباط بين مؤشر أسعار المنتجين في الصين وأسعار المستهلكين في الولايات المتحدة وصل إلى 0.61 في السنوات الأخيرة (للتذكير: الحد الأقصى للارتباط المحتمل هو 1)، ويبدو أن هذه العلاقة تثبت صحتها مرة أخرى رغم أن تحركات سعر الصرف والمتغيرات الأخرى قد تؤثر على عملية تمرير التكاليف.

كذلك تعاني شركات التصنيع العملاقة الأخرى مثل تلك الموجودة في الولايات المتحدة وألمانيا وكوريا الجنوبية من ارتفاع التكاليف، وصعد مؤشر "بلومبرغ" للسلع، والذي يقيس الأسعار العالمية لـ 23 مادة خام، الشهر الجاري إلى أعلى مستوى له منذ عام 2011، وقفز بأكثر من 70% منذ أن وصل إلى أدنى مستوى له في أربع سنوات في مارس من العام الماضي.

وفي إشارة على مدى قوة الطلب على المنتجات الصينية في الوقت الحالي، قفزت صادرات الدولة بنسبة 32.3% بالدولار في أبريل على أساس سنوي، أما على أساس متوسط النمو في عامين - الذي يزيل التشوهات الناتجة عن تأثير القاعدة - ستكون نسبة نمو الصادرات عند 16.8%، أي أقوى بكثير من مستويات ما قبل الوباء، ولذلك يقول الاقتصاديون إن مزيج الأسعار المرتفعة والطلب القوي يدشن عصرا من التضخم الأعلى.

يعتقد ويلسون لام، الذي تنتج مصانعه في شينزن عبوات تغليف للعلامات التجارية العالمية لمستحضرات التجميل والعطور والأغطية المعدنية وغيرها من ملحقات زجاجات الويسكي والكونياك، إنه لا مفر من مشاركة بعض زيادات التكلفة مع عملائه في أوروبا.

ويقول لام، مدير شركة "تشي كونغ (ليون كونغ) ميتال برودكتس آند إليكتروبليت فاكتوري ليمتد": "لا أعتقد أننا قادرون على استيعاب كل هذه الزيادات في التكلفة.. والمسألة مسألة وقت قبل أن نمررها إلى عملائنا".