صندوق أمريكي لأسهم البنوك يراهن بقوة على العملات المشفرة.. فما قصته؟

رمز عملة بتكوين المشفرة
رمز عملة بتكوين المشفرة المصدر/ بلومبرغ
Brian Chappatta
Brian Chappatta

Brian Chappatta is a Bloomberg Opinion columnist covering debt markets. He previously covered bonds for Bloomberg News. He is also a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا ينطبق وصف "ملك التكنولوجيا" على "كين ميرتز"، فهو يشغل منصب رئيس ومدير الاستثمار في شركة "إميرالد أدفايزرز" التي تدير أصولاً قيمتها 4.7 مليار دولار، ومقرّها في ليولا، بنسلفانيا، إذ تفتخر الشركة بـ"عملية البحث المكوَّنة من 10 خطوات"، و"النهج الأساسي لاختيار الأوراق المالية".

علاوةً على ذلك، فإنَّ "ميرتز" هو محلل مالي معتمد، شغل منصب كبير مسؤولي الاستثمار في نظام التقاعد لموظفي ولاية بنسلفانيا لمدة سبع سنوات، قبل أن ينضمَّ إلى "إميرالد"، كما شغل العديد من المناصب في مجالس الإدارة، وتشير سيرته الذاتية إلى كونه مستثمراً تقليدياً مخضرماً في شركة صغيرة الحجم.

ومن ثمَّ هناك صندوق "إميرالد للبنوك والتمويل" بقيمة 256 مليون دولار أمريكي.

الاستثمار في العملات المشفرة

"ميرتز" هو ثاني أكبر مالك عام لصندوق "غريسكيل إيثريوم تراست"، المعني بتتبُّع العملة المشفَّرة التي ارتفعت إلى مستويات قياسية في الأسبوع الأول من مايو. كما أنَّه أحد أكبر مالكي الصناديق المشتركة في "غرايسكيل بتكوين تراست".

واعتباراً من 31 مارس، كان لدى الصندوق 192,020 سهماً من صندوق "بيربوس بتكوين" المتداول في البورصة، و48,520 سهماً من صندوق "كنديان بتكوين" المتداول في البورصة.

كما قد تتوقَّعون، فقد أتى هذا الاستثمار بثمار كبيرة، فقد ارتفع الصندوق بنسبة 133% خلال العام الماضي، متغلِّباً بسهولة على جميع الصناديق المشتركة الأخرى المفتوحة في الولايات المتحدة التي تركِّز على الأسهم المالية، وذلك وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ؛ كما يكاد يكون ضعف عائدات صندوق "فانغارد فاينانشالز إندكس"، الذي ارتفع في حدِّ ذاته بنسبة 74% بشكل ملحوظ في الأشهر الـ 12 الماضية.

الابتعاد عن دائرة التخصص

مع ذلك، فإنَّ ركوب موجة العملات المشفرة أكثر من أيِّ صندوق مشترك آخر كان له تكلفة، فقد نشرت شركة "مورنينغ ستار" تقريراً لاذعاً خفض تصنيف فئة الأسهم الأرخص للصندوق من البرونزي إلى المحايد، مشيرةً بأحرف غامقة في الصفحة الأولى من التقرير إلى أنَّ "التغييرات الكبيرة تقلل من جاذبية هذه الاستراتيجية"؛ كما تقول الجملة الأولى من التحليل بعبارات لا لبس فيها، "إنَّ صندوق إميرالد للبنوك والتمويل قد انتقل خارج دائرة اختصاصه".

إضافة إلى ذلك، يُوضِّح "إيريك شولتز" المحلل في "مورنينغ ستار" سبب اعتبار عملية استثمار الصندوق الآن أقل من المتوسط:

ركَّز المديران المشاركان "كينيث ميرتز"، و"ستيفن راسل" تاريخياً على البنوك الأمريكية التي يتراوح سقفها السوقي بين 50 مليون دولار، و2.5 مليار دولار، وذلك باستخدام عملية "إميرالد" المكوَّنة من 10 خطوات للعثور على أفضل الاستثمارات.

تتضمَّن هذه الخطوات مقابلات مكثفة مع الإدارة، وأعضاء مجلس الإدارة، والعملاء، والمورِّدين، والمنافسين. كما يُقيِّم الفريق أيضاً الوضع التنافسي وآفاق النمو، ثم يقوم ببناء نماذج تقييم لتقدير التدفُّقات النقدية المستقبلية، والأرباح للوصول إلى السعر المستهدف، وتقييم مخاطر الهبوط.

المضاربة على العملات المشفرة

كما أنَّ التحول الأخير إلى العملات المشفَّرة يثير تساؤلات حول انضباط هذا النهج، فغالباً ما نوَّع المديران ممتلكاتهما المصرفية الإقليمية الأساسية بمزيج انتقائي من الشركات الأخرى مثل صناديق الاستثمار العقاري، وشركات التكنولوجيا المالية، والتأمين، وحتى شركات مناجم الذهب؛ إلا أنَّ هذه الرهانات كانت على الهامش، وبحجمٍ ينم عن الحكمة.

والجدير بالذكر أنَّه ليس لدى العملات المشفَّرة تدفُّقات نقدية أو فرق إدارة لتقييمها، لذلك مع مراهنة ما يقرب من 5% من أصول المحفظة على سعرها بشكل مباشر، تبدو هذه الخطوة أكثر ميلاً للمضاربة، لأنَّها امتداد متنوع للعملية الحالية.

وهذا صحيح: فلا يمكنكم الجلوس وإجراء مقابلة مع "بتكوين"؛ ولا يمكنكم زيادة حجم فريق إدارة "إيثريوم"؛ ومن الصعب ألا ننظر إلى قرار "إميرالد" بالتركيز على صناديق الاستثمار المتداولة للعملات المشفَّرة كخطوة تشبه رهانات المجازفة في منتدى "ريديت" التي تقول، إنَّ المرء يعيش لمرة واحدة في الحياة؛ والفرق بأنَّها تأتي على شكل صندوق مشترك يديره "ميرتز" منذ 23 عاماً، وليس في حساب على منصة"روبنهود" لشاب يبلغ من العمر 23 عاماً.

لم يرد "ميرتز" على رسائل بلومبرغ الفورية، أو على بريد إلكتروني على عنوان بلومبرغ الخاص به.

التركيز على الخدمات المالية

"منذ تأسيسه، يسعى هذا الصندوق إلى تحقيق النمو في قطاع الخدمات المالية - ولم يتغير"، هذا ما ورد في اقتباس من "ميرتز" في صحيفة "وول ستريت جورنال". في حين يشير تقرير "مورنينغ ستار" إلى أنَّ "راسل" هو الشخص الذي يميل إلى التركيز على البنوك، "والعملات المشفَّرة مؤخراً". ويجادل مديرا الصندوق بأنَّ الاستثمارات في "فوياجر ديجتال"، و"غالاكسي ديجتال هولدينغز" التي يملكها "مايك نوفوغراتز" تعتمد على متابعتهما الممتدة لسنوات، والمراهنة على قدرتها على تجاوز العملات المشفَّرة إلى الخدمات المالية التقليدية. كما قالا أيضاً، إنَّهما كانا قلقين بشأن البنوك ذات الانكشاف الكبير على العقارات التجارية أثناء الجائحة، في حين يشعران حالياً براحة أكبر في الاستثمار فيها مرة أخرى.

أفترض أنَّ هذا أمر يمكن تصديقه (على الرغم من أنَّ "غالاكسي" وافقت في الأسبوع الأول من مايو على شراء أمينة العملات المشفَّرة شركة "بتغو" (BitGo Inc)، وهي بالكاد علامة على وجود تحوُّل نحو الخدمات المصرفية النموذجية).

وفي كلتا الحالتين، لا يبدو الأمر كما لو أنَّه مهم حقاً. فوفقاً لنشرة الإصدار الخاصة بالصندوق، فإنَّه "سوف يستثمر، في ظل الظروف العادية، ما لا يقل عن 80٪ من قيمة أصوله في أسهم الشركات العاملة بشكل أساسي في الصناعات المصرفية أو الخدمات المالية". وهو يَعدُّ "فوياجر ديجتال"، و"غالاكسي ديجتال"، "خدمات استثمارية"، وفقاً لبيان الحقائق، في حين تصنف "مورنينغ ستار" شركة "فوياجر" على أنَّها سهم تقني.

وحتى بعد تقليص بعض انكشافه على "فوياجر"، التي اكتسبت نسبة مذهلة بلغت 12,873% خلال العام الماضي، فإنَّها تظل أكبر حصة في الصندوق. كما يمتلك "إميرالد" أيضاً بعض أسهم الشركة في صندوقي "غروث"و"إنسايتس"التابعين له.

العملات المشفرة تجذب المخضرمين

من المفترض أن تتضح الأمور خلال الأشهر العديدة المقبلة. وبالنظر إلى أنَّ صندوق "إميرالد للبنوك والتمويل" هو عبارة عن صندوق استثماري بحدٍّ أدنى 50 ألف دولار أمريكي للاستثمار في فئة أسهم التجزئة الخاصة به، فإنَّه من غير المرجَّح أن يجتذب مشتري العملات المشفَّرة بالقدر نفسه، مثل صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التابعة لشركة "آرك إنوفيشنز" التي تملكها "كاثي وود"، التي تواجه عوائق أقل بكثير للدخول في الاستثمارات.

ولكن بالنظر إلى مكاسبهم الهائلة، هل يأخذ المستثمرون الحاليون أرباحهم ويخرجون، أم يستمرون في الاستثمار لفترة أطول؟ من جانبها، لا تقدِّم "بتكوين" زخماً لعائدات مثل الذي قدَّمته في الماضي، إذ يتقلَّب سعرها، في حين ترتفع خيارات أخرى مثل "دوج كوين".

وفي الواقع، لست متأكِّداً من المسار الذي ستؤول إليه التدفُّقات، إلا أنَّ"مورنينغ ستار" تُحذِّر أنَّ هذا الصندوق ليس كما يدعي تماماً؛ وربما تكون هذه مجرد دلالة على الزمن الذي امتلكت فيه العملات المشفَّرة القدرة على جذب حتى المخضرمين من مديري الاستثمار.