جولة في أبرز معالم معرض بينالي البندقية الشهير للعمارة 2021

معرض بينالي البندقية الشهير في البندقية، أقيم في مايو 2021 بعد أن تم تأجيله بسبب الوباء الذي ضرب العالم في 2020
معرض بينالي البندقية الشهير في البندقية، أقيم في مايو 2021 بعد أن تم تأجيله بسبب الوباء الذي ضرب العالم في 2020 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على مدار الأربعين عاماً الماضية، أنتج معرض "بينالي البندقية" للعمارة مزيجاً من التصاميم المستقبلية ذات الجوانب الفنية. وعرض ابتكارات بيئية وتكنولوجية جذَّابة. وألهم حاضريه من خلال عرض لمحات عملية من النظريات التكنولوجية التي ما تزال غامضة.

وكان المعرض الشهير هذا العام، يحمل عنوان "كيف سنعيش معاً؟". وقد تأخَّر افتتاح المعرض ليكون هذا العام، بعد أن كان من المفترض أن يقام العام الماضي، وتمَّ تأجيله بسبب الجائحة. وتضمَّن المعرض مشاركات من 61 دولة عرضت بشكل أساسي في الأجنحة الوطنية التابعة لها، والممتدة في حديقة غارديني، التي تقع على الجانب الجنوبي من منطقة كاستيلو في مدينة البندقية.

ويمتدُّ المعرض الضخم في جناح حديقة غارديني المركزي، وداخل مجمع "أرسينيل" القريب، وهو مبنى ضخم كان مركزاً مهماً للإنتاج في إيطاليا، ثم بات جزءاً من معرض "بينالي". وقد نظَّم معرض "بينالي البندقية" هذا العام هاشم سركيس، وهو عميد كلية الهندسة المعمارية والتخطيط في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا".

وجاءت العروض الأكثر دراماتيكية وتميُّزاً، من بلدان تعدُ تكليف الفنانين بتصميم الأجنحة المشاركة في المعرض شكلاً من أشكال التعزيز الوطني.


بناء حديث مستقى من التراث

وجاء العمل الفني الذي قدَّمته الولايات المتحدة تحت عنوان "التأطير الأمريكي". وشارك في تصميمه بول بريسنر، وبول أندرسن، وهما أستاذان في "جامعة إلينوي" في شيكاغو.

ويستعرض الجناح استخدام الإطارات الخشبية في أسلوب العمارة الأمريكي. وقال بريسنر في بيان: "من خلال التزام جناحنا بعرض التأطير الخشبي بشكل كامل، نحن نقدِّم في المعرض هذا العام شكلاً من أشكال البناء الذي يتمُّ غالباً استبعاده أو تجاهله. وهو الأساس العظيم المنسي للعمارة الأمريكية.".

وفي حين تعرض الأعمال المشاركة داخل جناح الولايات المتحدة، قام القيِّمون على الجناح ببناء واجهة كاملة مكوَّنة من أربعة طوابق خارجية، باستخدام إطارات خشبية يمكن للزوار تسلّقها واستكشافها.

أفكار تقدمية

وتمتاز العديد من العروض المقدَّمة بطرح جانب سياسي إلى حدٍّ ما. فعلى سبيل المثال، يسلِّط العمل "حديقة الخصخصة المُلهمة" في الجناح البريطاني الضوء على الحواجز المتزايدة بين الجماهير والأماكن العامة في المملكة المتحدة. واستعرض الجناح حلولاً لتطوير الأماكن العامة لخدمة السكَّان. وقد عمل على الجناح مانيجه فيرغيز، ومادلين كيسلر.

ويستطيع زوار الجناح المرور عبر سلسلة من الأعمال التركيبية الخيالية التي صُمِّمت بأسلوب يعكس جدية نوايا هذه المسألة الفكرية التي يناقشها العمل. والعرض، كما كتب المنظِّمون عنه: "يدعو إلى إقامة نماذج جديدة من المساحات العامة، المملوكة للقطاع الخاص في جميع مدن المملكة المتحدة. وهو يتحدى الفصل، والتنافر بين القطاعين الخاص والعام، الذي غالباً ما يؤدي إلى انقسامات داخل المجتمع".

مواضيع بيئية

كما يمكن للزوار مشاهدة العمل التركيبي الذي يقع في الجناح المركزي بالمعرض، الذي صمَّمه الفنان توماس ساراسينو بالتعاون مع باحثي الأرصاد الجوية في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا". ويمثِّل العمل بالوناً يرتفع في الهواء دون استخدام الوقود الأحفوري. وأطلق عليه اسم "موسيو ايرو سولار ريكونكيستا".

ويعدُّ العمل التركيبي، الذي تمَّ إنشاؤه في مدينة بوينس آيرس، واحداً من عشرات الأعمال الموجودة حول العالم التي صنعتها المجتمعات التي تعيد استخدام الأكياس البلاستيكية المستخدمة لصنع البالونات.

خارج الصندوق

وفي بعض الأجزاء من المعرض، يعود المحتوى إلى الوراء لخطوات تنفيذ المشاريع المعمارية. ففي العرض الذي أقيم في الجناح الإسباني بعنوان "عدم اليقين"، ابتكر القيِّمون الأربعة على المشروع "سحابة" تتكوَّن من أوراق تمَّ جمعها من مشاريع معمارية مختلفة من فترات زمنية متنوعة.

وتمَّ اختيار المنظِّمين للجناح الإسباني من خلال إجراء مسابقة مفتوحة، وذلك على عكس الأجنحة الوطنية الأخرى التي كلَّفت فنانين معينين لتنفيذ العرض. ويقدِّم العمل التركيبي، كما كتب المنظِّمون: "مستودعاً لاستراتيجيات العيش المشترك. التي تقدِّم كلها مصدراً لا ينضب من الشكوك، لتكون قاعدة بيانات لبقية الجناح".

نظرة تاريخية

ومن خلال دمج النحت والعمارة؛ قامت مجموعة "إليمينتال" التشيلية ببناء نسخة من الهياكل التي كانت تستخدم تاريخياً في المنطقة، في أوقات المفاوضات السلمية التي تجري عادة بين الأعداء.

واستوحت المجموعة فكرة الهيكل من قضايا العنف بين السكان الأصليين من شعب المابوتشي من جهة والحكومة التشيلية من جهة أخرى، إذ كثيراً ما دارت بينهما نزاعات على الأراضي والموارد.

العيش المشترك

كذلك جاوبت بعض العروض في الأجنحة، على التساؤل الذي طرحه منظِّمو "معرض بينالي" لهذا العام، بشكل مباشر وحرفي، وهو "كيف سنعيش معاً؟". فجاء العمل التركيبي لجناح دول الشمال، الذي هو برعاية المتحف الوطني النرويجي، وتصميم شركة الهندسة المعمارية "هيلين أند هارد"، ليقدِّم أنموذجاً أولياً للإسكان المشترك، إذ يتمُّ تشارك عدد من الخدمات والمساحات بين القاطنين، من خلال أسلوب التصميم المرن.

ويقسم الجناح إلى عدَّة مناطق، يتضمَّن بعضها مساحات مشتركة للعمل، وتناول الطعام، وأخرى خاصة وشبه خاصة كمساحات مخصصة للنوم، والاسترخاء، واللعب.

المدن والعمارة

أما الجناح البلجيكي، الذي قام بتصميمه المهندس المعماري ديرك سومرز من شركة "بوفينبو أركيتكشر" فهو عبارة عن مدينة خيالية، ولكنَّها مع ذلك تبدو "مألوفة" إلى حدٍّ كبير. ويطرح تصميمها التساؤل التالي: "كيف تزدهر المدينة بالتوازي مع ازدهار فن العمارة؟"

ويشكِّل هذا التساؤل قضيةً تزداد إلحاحاً في عالمنا المعاصر. إذ يحاول دعاة الحفاظ على البيئة، ومخططو المدن، والمطورِّون، والحكومات، إنشاء ما يكفي من المساكن والمساحات الخضراء ووسائل النقل للمراكز الحضرية حول العالم. ويقترح سومرز في العمل، المزج بين إعادة الاستخدام المرنة، وعمليات البناء الجديدة، في عملية يقول عنها: "جميعها تسهم في ايجاد مدينة متجانسة ومتوازنة في الوقت ذاته".

وفي الجناح المركز ي في "بينالي البندقية" عُرض عمل تحت اسم "الأرض هندسة معمارية"، الذي ابتكره المهندسان المعماريان بيير آلان تريفيلو، وأنطوان فيغر كوهلر، وقد أسسا شركة "تي في كيه" في مدينة باريس. ويمثِّل العمل عالماً خيالياً يستكشف تأثير البنية التحتية على جغرافية الأرض ويوثِّقها. وكتب المنظِّمون: "تمَّ تسجيل التحوُّلات التي تجري الأرض في الطبقات الجيولوجية الممثَّلة بأبعادها الثلاثة".

وأخيراً؛ فإنَّه من المقرر أن يستمر "معرض بينالي البندقية" للعمارة في الفترة من 22 مايو إلى 21 نوفمبر من عام 2021.