هيكلة ديون الحكومة تضع بنوك لبنان أمام 3 خيارات أحلاها مُرْ

مصرف لبنان
مصرف لبنان المصدر: بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد تكلِّف عملية إعادة هيكلة الديون الحكومية البنوك اللبنانية ما يصل إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقَّع لعام 2021، بحسب وكالة "إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية".

ووفق 3 سيناريوهات وضعتها الوكالة، في تقرير صدر اليوم الثلاثاء حول القطاع المصرفي اللبناني؛ فإنَّ هذه التكلفة تتراوح بين 23 مليار دولار، و102 مليار. لكن قد ترتفع بشكل أكبر بكثير في حال خفض قيمة الليرة رسمياً.

غير أنَّ الوكالة تؤكِّد أنَّ الحجم الحقيقي لخسائر البنوك اللبنانية لن يتضح إلاّ بعد إعادة هيكلة الديون الحكومية. وهو أمر يواجه عقبة رئيسية تتمثَّل بأنَّ الحكومة اللبنانية الحالية هي حكومة تصريف أعمال لا تمتلك السلطة للاتفاق على شروط مع الدائنين، في حين لم يتمكَّن رئيس الوزراء المكلَّف سعد الحريري منذ أكتوبر 2020 من تشكيل حكومة جديدة.

الوضع معقد

نظراً لحجم المشكلة، تعتقد الوكالة أنَّ التمويل من مساهمي البنوك أو التمويل الخارجي وحدهما، ربما لن يكونا كافيين لاستيعاب هذه التكاليف. في هذه المرحلة، يبدو أنَّ تحميل بعض الخسائر للمودعين، من خلال تسديد ودائعهم بأسعار صرف أقل من السوق، أو تحويل الودائع إلى أسهم على سبيل المثال، أمر مرجح للغاية.

بدون حل، قد تجد البنوك اللبنانية صعوبة في الحفاظ على عملياتها مع استمرار سحب الودائع، وقطع البنوك المراسلة الأجنبية للعلاقات. وقد يؤدي الإخفاق في إعادة هيكلة النظام المالي إلى ترك لبنان مع بنوك غير مؤهلة لدعم التعافي الاقتصادي، وفقاً للتقرير، الذي يشير إلى أنَّ مصرف لبنان تكبَّد خسائر بنحو 60 مليار دولار أمريكي، كانت إلى حدٍّ كبير بسبب عمليات الهندسة المالية التي قام بها منذ عام 2016.

لا تَعتبر "إس آند بي غلوبال" أنَّ إعادة هيكلة الديون بالعملة الأجنبية وحدها، من شأنه أن يعيد المالية العامة للحكومة إلى وضع أكثر استقراراً، لأنَّ تلك الديون لا تشكِّل سوى 38% من إجمالي الديون السيادية كما في نهاية 2020. حتى أنَّ شطب جميع السندات الدولية والديون الرسمية سيترك الحكومة مديونة بما يصل إلى 107% من الناتج المحلي الإجمالي.

الوكالة التي توقَّعت انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 10% هذا العام، بعد انخفاض بنسبة 25% في عام 2020، وضعت 3 سيناريوهات لتقدير التكاليف المحتملة للبنوك اللبنانية، تشمل الخسائر في السندات الدولية الحكومية، والديون الحكومية بالعملة المحلية، والودائع وشهادات الودائع في مصرف لبنان، فضلاً عن قروض القطاع الخاص. مُستندةً في وضع هذه السيناريوهات على تحليل 17 حالة تخلُّف عن سداد الديون السيادية في الأسواق الناشئة بين عامي 1999، و2010، فقد بلغ متوسط نسبة اقتطاع الديون الحكومية 42%.

السيناريوهات الثلاثة

السيناريو (1): اقتطاع 50% من حيازات البنوك من ديون الحكومة اللبنانية بالعملات الأجنبية والمحلية، وشطب 10% من الإيداعات في مصرف لبنان، و5% خسائر على إقراض القطاع الخاص. وتفترض الوكالة خفضاً أكبر قليلاً من المتوسط البالغ 42%، لأنَّه يتمُّ حالياً تداول ديون الحكومة اللبنانية بخصم أعلى بكثير.

السيناريو (2): خصم 75% على السندات الدولية (تحميل المزيد من العبء على المستثمرين الأجانب)، و60% على الديون بالعملة المحلية، و50% على الإيداعات في مصرف لبنان، و15% على إقراض القطاع الخاص. وتجدر الإشارة إلى أنَّ خطة إعادة الهيكلة التي وضعتها الحكومة اللبنانية لعام 2020 اقترحت شطباً مماثلاً لودائع البنوك، وشهادات الإيداع لدى مصرف لبنان.

السيناريو (3): خصم 90% على السندات الدولية، و70% على الديون بالعملة المحلية والإيداعات في مصرف لبنان. برغم احتمال رفض المستثمرين لهذا السيناريو، فمن المحتمل أن يكون أكثر ملاءمةً لاستدامة مستوى الديون الحكومية، وإعادة رسملة مصرف لبنان، من وجهة نظر «إس آند بي غلوبال». إذ يتمُّ تداول السندات الدولية اللبنانية بسعر 11 - 15 سنتاً لكلِّ دولار أمريكي، مما يشير إلى أنَّ الأسواق تقوم بالتسعير بخصم يتراوح ما بين 85% و89% من القيمة الاسمية.

تخلص السيناريوهات الثلاثة إلى أنَّ تكلفة إعادة هيكلة النظام المصرفي اللبناني يمكن أن تتراوح بين 23 مليار دولار أمريكي (باستخدام سعر الصرف الرسمي) بموجب السيناريو 1، وصولاً إلى 102 مليار دولار بموجب السيناريو 3. وهذا يمثِّل ما بين 30% إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وبالمقارنة، واجه النظام المصرفي الأيرلندي تكاليف إعادة رسملة بحوالي 37% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2008-2009، في حين وصلت هذه النسبة إلى 25% لليونان خلال الفترة 2008-2019.

لكنْ تبقى أموال المودعين الأهم. وفي هذا الصدد، يلفت التقرير إلى أنَّه في غياب مصادر التمويل الأخرى، قد تؤثِّر إعادة هيكلة النظام المصرفي على 4% إلى 63% من قاعدة الودائع، بعد نفاد حقوق ملكية البنوك اللبنانية.