ارتفاع أسعار المواد يهدد مشاريع الطاقة الشمسية

ألواح الطاقة الشمسية تحتاج لصناعتها مكون البولي سيليكون الذي يعد أساسياً في تكوينها
ألواح الطاقة الشمسية تحتاج لصناعتها مكون البولي سيليكون الذي يعد أساسياً في تكوينها المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

النقطة الرئيسية التي كانت سبباً لجعل الطاقة الشمسية، مصدر الطاقة الأسرع نمواً في العالم. باتت هي ذاتها سبباً في عرقلة التقدم في مشاريع القطاع. إذ لطالما كانت الأسعار، هي العامل الرئيسي المحفز في نمو القطاع. لكن هذا لم يعد الحال بعد الآن.

حيث ارتفعت أسعار وحدات الطاقة الشمسية بنسبة 18% منذ بداية العام، وذلك بعد انخفاضها بنسبة 90% خلال العقد الماضي. وهذا الانعكاس، جاء مدعوماً بارتفاع تكاليف مادة البولي سيليكون، وهي المادة الخام الرئيسية للصناعة، بأربعة أضعاف. وهو الأمر الذي بات يهدد بتأخير المشاريع وتباطؤ نمو الطاقة الشمسية عموماً، وذلك في وقت تسعى فيه العديد من الحكومات الكبرى لمواجهة التغير المناخي، واستخدام الأدوات المتاحة لذلك.

ارتفاع الأسعار

وقالت جيني تشيس، محللة الطاقة الشمسية في مجموعة أبحاث الطاقة النظيفة "بلومبرغ NEF": "الاضطراب في مجال الطاقة الشمسية لم يكن بهذا السوء منذ أكثر من عقد". وأشارت: "على المطورين والحكومات التوقف عن توقع أن تنخفض تكلفة الطاقة الشمسية سريعاً".

وكانت "بلومبرغ NEF" قد خفضت توقعاتها لبناء الوحدات الشمسية هذا العام بشكل طفيف. وذلك في تقرير حديث لها، مستشهدة بارتفاع أسعار المواد في الصناعة. بما في ذلك البولي سيليكون والذي يعد ارتفاع سعره أحد أهم الأسباب في ارتفاع سعر الطاقة الشمسية.

وفي مؤتمر عبر الهاتف مؤخراً، قال صانع الألواح الشمسية "كانديان سولار" إن الأسعار المرتفعة تؤثر على الطلب وقد تؤخر بعض المشاريع الكبيرة.

ففي الهند، قد تتأثر مشاريع بقدرة تصل إلى 10 غيغاواط تقريباً. وهو ما يفوق ربع القدرة الحالية للبلاد. وذلك حسبما نقل موقع "مينت" عن مطورين لم يذكر أسماءهم. كما قال محللو شركة "كوين آند كو" إن المشاريع الكبيرة في الولايات المتحدة قد تؤجل هي الأخرى.

كذلك، يمكن أن تتأخر المشاريع التي لم توقع اتفاقيات خاصة بالأسعار مع المرافق التي تشتري منها الطاقة. وذلك ما لم يكن العميل على استعداد لدفع سعر أعلى للكهرباء، حسبما قال المحلل لدى شركة استشارات الطاقة "وود ماكنزي"، شياو جينغ صن.

وبالنسبة لقطاع الطاقة الشمسية، فإن توقيت هذا التراجع بالطلب الناتج عن ارتفاع الأسعار، يأتي بتوقيت معاكس تماماً لمجريات الأحداث. حيث بات لدى الطاقة المتجددة أخيراً مناصر داخل البيت الأبيض، كما أعلنت الدول في أنحاء آسيا وأوروبا أهدافا جديدة وطموحة لسياساتها المناخية .

وتأتي مادة البولي سيليكون في قلب الأزمة، وهي شكل منقح من السيليكون، الذي يعتبر أحد أكثر المواد وفرة. ويتواجد عادةً في رمال الشواطئ. وفي ظل استعداد صناعة الطاقة الشمسية لتلبية الزيادة المتوقعة في الطلب على الوحدات الشمسية، لم يتمكن صُناع البولي سيليكون من مواكبة هذا الطلب.

نقص عام في الصناعة

ووفقاً لـ "بي في إنسايتس"، وصلت أسعار المعدن النقي من البولي سيليكون إلى 25.88 دولاراً للكيلوغرام، بعد أن كانت 6.19 دولاراً قبل أقل من عام. كما يتوقع محللو شركة "روث كابيتال بارتنرز"، بمن فيهم فيليب شين، أن تظل أسعار البولي سيليكون مرتفعة حتى نهاية عام 2022.

ولا تقتصر المشكلة على هذه المادة فقط. فقد قال صانع الألواح الشمسية "ماكسيون سولار تكنولوجيز" في أبريل، إن صناعة الطاقة الشمسية تواجه "تحديات متعلقة بتكاليف سلاسل التوريد واسعة الانتشار حالياً".

وعادةً ما تُصنع الألواح الشمسية من الرمال التي يتم تسخينها وتنقيتها إلى سبائك من البولي سيليكون فائق التوصيل، ثم يتم قصها إلى شرائح رقيقة للغاية. وبعد ذلك، تُوصل هذه الشرائح بأسلاك وخلايا، ثم يتم تجميعها في الألواح التي تثبت على الأسطح وتغطي حقول شاسعة من الأراضي.

وفي زيادة للضغوطات التي تتعرض لها الصناعة، ارتفعت أيضاً أسعار الصلب والألومنيوم والنحاس وكذلك رسوم الشحن. وتتوقع شركة "إنفيس إنيرجي"، مزود الطاقة الشمسية، أن تكون أحجام الشحنات الخاصة بها مقيدة بمدى توافر أشباه الموصلات أو الرقائق.

ووفقاً لجهة النشر التابعة للصناعة "سولاربي"، فقد قال نائب الرئيس الكندي للطاقة الشمسية، شيونغ هايبو، في مؤتمر في الصين: "تكرير البولي سيليكون مرهق للغاية"، وأضاف: "حالياً، لا توجد أي شركة من شركات التكرير تحقق أرباحاً، وجميعها باتت تخفض الإنتاج".

مستقبل مستقر

ومع ذلك، فإن الاتجاه التنازلي طويل الأجل في تكاليف الطاقة الشمسية لا يزال موجوداً. ويقابله جزئياً تحسن مستمر في كفاءة الألواح الشمسية، وذلك بحسب نيتين أبتي، الرئيس التنفيذي لشركة "فينا إنيرجي". ولا تخطط الشركة لتأخير مشاريعها للطاقة الشمسية عبر اليابان وتايوان وأستراليا والهند، هذا العام. وتعتبر "فينا إنيرجي" شركة مستقلة رائدة في مجال الطاقة المتجددة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي مقابلة أجريت معه في مكتبه في سنغافورة، أوضح نيتين: "أرى هذا على أنه وضع قصير الأمد، وقد تؤثر بعض المشاريع على وضعنا". وتابع: "نحن لا نبطئ أعمال البناء، لكننا نغلق الطلبيات بأفضل الأسعار التي يمكننا الحصول عليها".

وعلى المدى الطويل، فإن أوجه القصور الحالية شكلت سبباً في تحفيز بناء مصانع جديدة للبولي سيليكون، بما في ذلك الإعلان الصيني الأخير حول بناء أكبر منشأة لتصنيع هذه المادة في العالم.

وقال نيتين من شركة "فينا إنيرجي": "يتوقع المرء أن أي مادة تتمتع بالنمو الذي حققه البولي سيليكون ستستمر في تعزيز قدرتها في النظام"، وتابع أخيراً: "التحدي هو بالنجاح في توقيت تنمية هذه القدرة بشكل مثالي".