فقاعة أصول تتشكل في الصين رغم جهود الحكومة لكبح جماح الأسعار

أشخاص يركضون بينما تظهر منطقة لوجياتسوي المالية في الخلفية في شنغهاي  بالصين
أشخاص يركضون بينما تظهر منطقة لوجياتسوي المالية في الخلفية في شنغهاي بالصين المصور: كيلاي شين / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات في الصين، إلا أن فقاعات الأصول آخذة في التشكل هناك، فتصاعد أسعار المساكن، دفع المسؤولين إلى إحياء فكرة ضريبة الأملاك الوطنية.

كما حفّز ارتفاع أسعار المواد الخام على صدور تعهدات بزيادة العرض المحلي ، وتشديد الرقابة على السوق، والحدِّ من المضاربة والإدخار( في صورة شراء سلع أساسية وأصول منتظر ارتفاعها مستقبلاً).

تتحدى المكاسب السريعة قدرة البنك المركزي على كبح جماح التضخم دون رفع تكاليف الاقتراض، أو إحداث تحوّل حاد في السياسة النقدية - وهو أمر قال بنك الشعب الصيني إنه سيتجنبه.

ويكمن الخطر في أن محاولات الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار لن تكون كافية، مما يجبر البنك المركزي على مواجهة تضرر الاستهلاك المحلي.

صدمة للأسواق المالية

سيكون ذلك بمثابة صدمة للأسواق المالية في البلاد، والتي جرى تسعيرها في سيناريو معتدل نسبياً، حيث انخفض عائد السندات الحكومية لمدة 10 سنوات إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر، في حين أن مؤشر الأسهم " سي إس آي 300" (CSI 300) ببورصة شنغهاي هو الأقل تقلباً منذ شهر يناير الماضي. يتناقض الهدوء مع بقية العالم، حيث أصبح المستثمرون مهووسين بشكل متزايد بكيفية تفاعل البنوك المركزية مع تهديد الاقتصاد العالمي المتضخم.

ويعتقد تشو هاو، الخبير الاقتصادي في "كوميرز بنك إيه جي" في سنغافورة، أن التحدي الحقيقي للحكومة الصينية هو إيجاد طريقة لتخفيف الطفرة في العقارات والسلع دون تشديد السياسة الكلية، بعد أكثر من 15 شهراً من إجبار تفشي وباء فيروس كورونا الصين على خفض أسعار الفائدة، وضخ تريليونات اليوان في النظام المالي، يواجه صانعو السياسة في بكين - مثل كثيرين آخرين في جميع أنحاء العالم - مع تداعيات ذلك.

ومع تسارع الانتعاش الاقتصادي العالمي، يضطر البعض إلى التحرك خشية التضخم، وأصبحت البرازيل في شهر مارس الماضي أول دول مجموعة 20 التي رفعت تكاليف الاقتراض، وحذت تركيا وروسيا حذوهما. حتى أيسلندا رفعت سعر الفائدة على المدى القصير في شهر مايو الجاري.

أصر آخرون، مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، على أن ارتفاع الأسعار مؤقت فقط. كما قلل بنك الشعب الصيني (PBOC) من مخاوف التضخم في تقريره النقدي للربع الأول، المنشور بعد فترة وجيزة من البيانات التي أظهرت ارتفاع أسعار المصانع بنسبة 6.8 % في أبريل في أسرع وتيرة منذ عام 2017.

تعليقات خبراء الاقتصاد في وكالة "بلومبرغ"

يعتبر احتواء ارتفاع أسعار المنتجين تحدياً للصين، لأن القليل من السلع يجري تسعيرها داخل البلاد.

ووفقاً لـ"ديفيد كو"، الخبير الاقتصادي الصيني في "بلومبيرج إيكونوميكس"، فإنه ليس هناك الكثير من الحلول التي يمكن للصين أن تلجأ إليها، وحتى تشديد السياسة النقدية لن يكون قادراً على تغيير الوضع.

في حين أن الزيادة السريعة في أسعار السلع الأساسية كانت معتدلة في الأيام الأخيرة، فإن استمرار المكاسب قد يضغط على الشركات لتمرير التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين، الذين ينفقون بالفعل أقل من المتوقع. قال محللون في شركة "هواتشوانغ سيكيوريتس كو" (Huachuang Securities Co) في تقرير صدر في 9 مايو الجاري، إن أسعار السلع الاستهلاكية، مثل الأجهزة المنزلية والأثاث، وكذلك السيارات الكهربائية والمواد الغذائية، آخذة في الارتفاع. ومع ذلك، هناك القليل من الأدلة على الضغوط التي يحركها الطلب، مع التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة من حسابه، وهو ضعيف إلى حد ما.

يميل خطر التضخم، إلى جانب الاقتصاد الهش، إلى أن يكون أخباراً سيئة للأسهم بسبب كيفية تآكل أرباح الشركات، وبالنسبة للسندات، فإنه يقلل من قيمة التدفقات النقدية المستقبلية (إقبال المستثمرين على الشراء). أدى تسارع الأسعار إلى إعاقة سوق السندات الصيني في عام 2019، وساهم في عمليات بيع حادة في الأسهم في أوائل عام 2016.

وفي إشارة إلى مدى جدية هذا التهديد ، أكد مجلس الوزراء الصيني يوم الأربعاء على أنه يتعين بذل المزيد من الجهود لمعالجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ارتفاع اليوان والتضخم المستورد

وقال مسؤول في بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، إن الصين يجب أن تسمح لليوان بالارتفاع، لتعويض تأثير ارتفاع أسعار الواردات، وفقاً لمقال نُشر يوم الجمعة الماضية. يجري تداول العملة الصينية بالقرب من أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريباً مقابل الدولار.

يمثل التضخم المستورد صداعاً في رأس قادة الصين، الذين يتعاملون بالفعل مع المخاطر الناجمة عن زيادة تدفقات رأس المال. فتحت بكين في السنوات الأخيرة قنوات استثمار للسماح بمزيد من الأموال في نظامها المالي. كان الهدف هو استخدام ثقل المؤسسات الأجنبية لترسيخ أسواقها واستقرار عملتها، لكن مستويات السيولة النقدية القياسية التي ضختها البنوك المركزية العالمية في أعقاب الجائحة تضغط الآن على الأسعار في الصين.

دفع هذا الأمر كبار المسؤولين إلى استخدام لغة قوية. فوفقاً لأكبر منظمة للأوراق المالية "يي هويمان" في مارس الماضي، فإن التدفقات الكبيرة من الأموال الساخنة (رأس مال أجنبي ينتقل لدولة للاستفادة من فارق سعر الفائدة، ثم يخرج سريعاً بعد تحقيق الأرباح) إلى الصين يجب أن تخضع لرقابة صارمة. وفي الشهر نفسه،

وأشار مسؤول تنظيم الخدمات المصرفية "قو شوكينغ"، إلى إنه قلق للغاية من أن تنفجر فقاعات الأصول في الأسواق الخارجية قريباً، مما يشكل خطراً على الاقتصاد العالمي.

إن تحديد ما إذا كانت الارتفاعات الأخيرة في الأسعار مؤقتة، أم تحولاً دائماً نحو التضخم المستدام، هو أمر يتعين على صانعي السياسة الصينيين التعامل معه. في الوقت الحالي، يبدو أن نهج بكين الحالي المتمثل في رفع مستوى العرض ومعاقبة المضاربة يأتي في المقام الأول.

قال "رايموند يونغ"، كبير خبراء الاقتصاد المختص بالصين الكبرى في مؤسسة "أستراليا ونيوزيلاندا بانكينغ غروب ليمتد" هذا التضخم مستورد من الخارج إلى حدٍ كبير، وليس شيئاً بإمكان البنك المركزي الصيني التعامل معه.