ماذا تعني تقلبات "بتكوين" للأصول الأخرى؟

 ماتزال عملة بتكوين مرتفعة بأكثر من 250% منذ الأشهر الـ12 الماضية على الرغم من الانخفاض الأخير. ما تزال العديد من الحكومات والبنوك المركزية قلقة بشأن مخاطر  العملات المشفرة على الأمن القومي والاستقرارين الاقتصادي والمالي
ماتزال عملة بتكوين مرتفعة بأكثر من 250% منذ الأشهر الـ12 الماضية على الرغم من الانخفاض الأخير. ما تزال العديد من الحكومات والبنوك المركزية قلقة بشأن مخاطر العملات المشفرة على الأمن القومي والاستقرارين الاقتصادي والمالي المصدر: غيتي ايمجز
Mohamed El Erian
Mohamed El Erian

Mohamed A. El-Erian is a Bloomberg Opinion columnist. He is the chief economic adviser at Allianz SE, the parent company of Pimco, where he served as CEO and co-CIO. He is president-elect of Queens' College, Cambridge, senior adviser at Gramercy and professor of practice at Wharton. His books include "The Only Game in Town" and "When Markets Collide."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع احتمال استمرار تقلُّب العملات المشفَّرة، يتساءل المزيد من الناس عما إذا كان هذا سيؤدي إلى مشكلات للأصول المالية الأخرى، مثل الأسهم والسندات.

تمَّ تداول "بتكوين" وحدها في نطاقٍ يتراوح بين 30 ألف دولار، و44 ألف دولار الأسبوع الماضي. ويبدو الجواب على التساؤل حول "عدوى العملات المشفَّرة" هو: لا، إنْ تمَّ النظر إليه بشكل ضيق. ومع ذلك، يصبح الأمر أكثر تعقيداً في سياق السوق الأوسع، لا سيَّما في ضوء الملكية المشتركة للأصول، والرافعة المالية، وعمل السوق.

فيما يلي أربعة أسئلة حول العدوى، إذ يحتاج المستثمرون إلى وضعها في الاعتبار:

1- هل سيستمر تقلب العملات المشفرة؟

نعم. يرجع استمرار التقلُّب المحتمل إلى عملية شدِّ الحبل الذي سيصبح أكثر توتراً، ومتعدد الأبعاد.

بدا أحد الجوانب البارزة للعملات المشفَّرة هذا العام، وخاصة "بتكوين"، في التنافس بين القطاعين الخاص والعام وداخلهما. من المرجَّح أن تزداد هذه الظاهرة في الأشهر المقبلة، إذ يمر كل جانب بحالة تطوُّر لا خطية.

حتى الأيام العشرة الماضية أو نحوها، كان القطاع الخاص يغذِّي ما بدا أنَّه عملية متسارعة ذاتية التعزيز لاعتماد أوسع لعملة "بتكوين"، كشكل من أشكال الدفع ومخزن للقيمة.

أتى الزخم الأكثر وضوحاً في فبراير، عندما أعلن "إيلون ماسك" أنَّ "تسلا" قد استثمرت بعض أموالها في "بتكوين"، وأنَّها ستقبلها أيضاً كدفعات للسيارات.

شجَّع هذا الشركات الأخرى على أن تحذو حذوها، مما أدى لارتفاع أسعار "بتكوين"، وجذب المزيد من المستثمرين. ومع ازدهار المزوِّدين غير التقليديين لمنصات تداول العملات المشفَّرة نتيجة لذلك، مثل الإدراج المباشر لـمنصة تداول العملات المشفَّرة "كوين بيس" في "ناسداك"؛ تتطلَّع شركات "الوساطة المتداوِلة" التقليدية إلى المشاركة من خلال توفير وسائطهم الخاصة للمستثمرين المهتمين.

اهتز هذا الزخم الذي كان يبدو أنَّه لا يمكن إيقافه في الأسبوع الماضي، ليس فقط بسبب الشك في الحماس المستمر لـ"ماسك"، و"تسلا"؛ ولكن أيضاً بسبب معارضة القطاع العام التي تتكثَّف من ناحيتي الحجم والنطاق المتزايدين.

قلق حكومي

ما تزال العديد من الحكومات والبنوك المركزية قلقة بشأن المخاطر التي تشكِّلها العملات المشفَّرة على الأمن القومي، والاستقرارين الاقتصادي والمالي.

وكثيراً ما ركَّزت المخاوف على تسهيل المدفوعات غير المشروعة، وحماية ضعيفة للمستثمرين، وإمكانية تآكل فعالية السياسة النقدية، وفقدان أرباح إصدار العملات التي تترافق مع انتشار واستخدام العملات المنافسة.

وبجدية أكبر، تدرس العديد من البلدان، بما في ذلك بعض الدول الكبيرة ذات التأثيرات الدولية المهمة، مثل: الصين والمملكة المتحدة حالياً، إصدار عملات رقمية للبنوك المركزية، أو ما يعتقده بعضهم على أنَّها عملات رقمية مركزية.

كلما تقدَّمت تلك الدول في هذا الأمر، زاد ميلها إلى إفساح المجال لعملاتهم الرقمية، من خلال ممارسة ضغوط تنظيمية على جاذبية المتغيِّرات اللامركزية، مثل "بتكوين" وقابليتها للتطبيق. في الواقع، قد يكون هذا دافعاً وراء الإجراءات الصينية الأخيرة المضادة لـ"بتكوين".

2- هل هناك رابط رسمي قوي بين التشفير وفئات الأصول الأكثر تقليدية؟

لا، بشكل عام. إنَّها تميل إلى العيش في أنظمتها البيئية، على الأقل في الوقت الحالي.

لا تعدُّ العملات المشفَّرة بدائل مادية، ولا مالية للأسهم والسندات والسلع بناءً على سماتها الأساسية. وفي حين يعمل مؤيدوها على تسليط الضوء على دورها كعملة عالمية لامركزية تنتشر بسرعة في أنظمة المدفوعات والادخار؛ فإنَّ القدرة على القيام بذلك تتطلَّب نوعاً من النضج المؤسسي، والاستقرار النسبي للأسعار الذي سيستغرق سنوات.بالإضافة إلى ذلك، سيتعيَّن على العملات المشفَّرة إيجاد حلٍّ لمشكلة الاستهلاك العالي للطاقة.

3- هل توجد قنوات غير رسمية لانتشارها؟

نعم، هناك قنوات متعددة، وهي تنمو مع زيادة الرافعة المالية.

نظراً لأنَّ السندات الحكومية تقدِّم عوائد متواضعة، فضلاً عن آفاق الأسعار غير المتكافئة وغير المواتية، فقد رأى بعض المستثمرين في العملات المشفَّرة طريقة أفضل لتنويع الأصول من أجل زيادة تعرُّضهم للأسهم وما يشبهها. واختار آخرون الاستثمار في منصات العملات المشفَّرة كجزء من صفقات محفظتهم.

تزداد مخاطر العدوى مع توسُّع الحيازات المتقاطعة في المزيد من محافظ المستثمرين، خاصة عندما يتمُّ رفع التداولات، كما هو الحال في الوقت الحالي، وتتعرَّض البنية التحتية التشغيلية الداعمة لتداول العملات المشفَّرة للضغط، كما حدث الأسبوع الماضي.

يزخر التاريخ المالي بأمثلة حول كيفية انتهاء المطاف بالمستثمرين غير القادرين على بيع ما يريدون بيعه، من خلال بيع ممتلكات أخرى بسمات مختلفة كثيراً، لحماية محافظهم المالية الإجمالية، أو جمع الأموال أو كليهما، ويترافق ذلك مع ارتفاع مخاطر التداعيات المالية.

4- ما هو حجم خطر الانتشار؟

إنَّه ليس كبيراً بشكل مستقل، ولكنَّه أكثر وضوحاً عند الحكم عليه بما يحدث في الأسواق.

في الوقت الراهن، لا تتمتَّع حيازات المستثمرين من "بتكوين" بالطابع المؤسساتي بما يكفي لتشكيل مخاطر بنيوية قائمة بذاتها. ويبدو أنَّ العديد من البنوك لديها انكشاف محدود أو معدوم على العملة المشفَّرة. وبناءً على هذا الوضع؛ فإنَّ أي ارتفاع في التقلُّبات ستكون له تأثيرات قليلة غير مباشرة. وهذا هو الخبر السار.

أما الأخبار الأقل إثارة للسرور، فهي أنَّ الارتفاع في أسعار "بتكوين"- التي ما تزال مرتفعة بأكثر من 250% طوال الشهور الـ 12 الماضية برغم انخفاضها في الأسابيع الخمسة الماضية من 63 ألف دولار إلى أقل من 40 ألف دولار- كان جزءاً من "ارتفاع كل شيء" بدعم من استمرار البنوك المركزية في توفير السيولة الوفيرة التي يمكن التنبؤ بها.

مع النمو السريع لديون الهامش، ينبغي على كلِّ المشاركين في السوق والسلطات المالية الحذر الشديد من مخاطر وقوع حادث مالي، خاصة عندما يندفع الكثير منهم بسرعة كبيرة على الطريق السريع للمخاطرة المالية.