مشجعو كرة القدم يرفعون البطاقة الحمراء بوجه شركات الملكية الخاصة

فشل مقترح إقامة دوري السوبر الأوروبي الممتاز بعد اعتراضات واسعة من الجماهير والمنظمات المسؤولة عن كرة القدم الأوروبية، لكن تداعياته مستمرة حتى الآن
فشل مقترح إقامة دوري السوبر الأوروبي الممتاز بعد اعتراضات واسعة من الجماهير والمنظمات المسؤولة عن كرة القدم الأوروبية، لكن تداعياته مستمرة حتى الآن المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت تداعيات مشروع دوري السوبر الأوروبي المشؤوم ضخمة للغاية، لدرجة أن أولئك الذين لم ينخرطوا في المسألة عانوا من آثارها. وما من شكٍ في أن أحدث ضحايا هذه التداعيات هي صناعة الملكية الخاصة، التي تكافح الآن لتحقيق تقدم في خطتها الكبرى للاستثمار في المنافسات الرياضية.

وفي الواقع، دَرَسَ كلّ من الدوري الإسباني، والدوري الإيطالي، والدوري الألماني –وهي أكبر بطولات كرة القدم المحلية في كل بلد– خيار بيع حصصٍ إلى مستثمري الملكية الخاصة. ولكن انتهى الأمر الآن إلى رفض كل من الدوري الألماني والدوري الإيطالي الفكرة.

على الرغم من أن هناك ما يبرر المخاوف بشأن المصالح التجارية التي تفوق الضرورات الرياضية، فإن الرفض يبدو قصير النظر؛ حيث إن أخذ الأموال من المستثمرين الماليين هو ليس فكرة سيئة بطبيعته، بل يجب أن تُدار هذه الأموال بعناية، ببساطة.

الرياضة على ردار شركات الأسهم

على مدار العامين الماضيين، كانت شركات الملكية الخاصة تتطلع إلى صناعة الرياضة، وذلك بعد أن رأت العائد الذي حققته شركة "سي في سي أدفايزرز" بنسبة 500% من سباقات السيارات في "الفورمولا 1" على مدار عقد من الزمن.

استثمرت شركة "سي في سي" نفسها في العديد من مسابقات "الرغبي". كما تسعى شركة "سيلفر ليك مانجمنت" إلى استثمار أموال في لعبة "الرغبي" النيوزيلندية لتضيفها إلى حصتها في مجموعة "سيتي فوتبول" الشركة الأم لنادي "مانشستر سيتي".

وحتى كرة الشبكة (السلة، والطائرة) جذبت انتباه شركات الأسهم الخاصة، لأن الجائحة جعلت الوضع المالي للرياضة أكثر خطورة؛ حيث يستشعر المستثمرون وجود فرصة للحصول على أصول رخيصة في ظل تزايد الطلب على محتوى الفيديو.

فشل السوبر الأوروبي

أثار السوبر الأوروبي الممتاز، الذي كان سيشهد انضمام 15 نادياً لكرة القدم بشكل دائم إلى دوري انفصالي مربح، غضب المشجعين واللاعبين على حد سواء، حيث تم التخلي عنه على الفور. ويبدو أن الخوف من إثارة ردّ فعل مشابه، قد أثّر على الدوري الألماني جزئياً، والذي صوَّت أعضاؤه يوم الخميس الماضي ضد بيع حصة 25% في حقوق البث الدولية مقابل حوالي 500 مليون يورو (410 ملايين دولار). وشمل مقدمو العطاءات من شركات الملكية الخاصة شركة "كيه كيه آر آندكو" و"سي في سي".

ويمكنكم تفهم سبب توخي الحذر في الأندية الألمانية التي تخضع في الغالب لسيطرة منظمات المشجعين؛ فقد أصبح التنفيذيون في الفرق الإنجليزية الذين خططوا للانضمام إلى الدوري الأوروبي الممتاز شبه منبوذين، وأُجبروا على الاستقالة من الأدوار الإدارية في الدوري الإنجليزي الممتاز، على سبيل المثال.

في إيطاليا، تسعى الفرق إلى الإطاحة بالمدير التنفيذي الذي خطط لجلب استثمارات خارجية إلى الدوري الإيطالي.

الدوري الألماني

كان اقتراح الدوري الألماني مختلفاً بشكل ملحوظ عن دوري السوبر الأوروبي، وذلك لأسباب ليس أقلها أنه لم يتضمن أية تغييرات في الجانب الرياضي للأمور. وبدلاً من ذلك، خطط الدوري الألماني لاستخدام عائدات أية صفقة لبناء منصة بث مباشر إلى المستهلك من أجل عشاق المباريات الموجودين خارج ألمانيا.

وبدلاً من الاعتماد على شركات البث الأجنبية، كان بإمكان المشجعين الأجانب تنزيل تطبيق، لمشاهدة فرق مثل بايرن ميونيخ، وبوروسيا دورتموند، وآر بي لايبزيغ، تتنافس على اللقب؛ أو على الأقل مشاهدة "دورتموند" و"لايبزيغ" وهما يتنافسان على المركز الثاني، وذلك بعد أن فاز "بايرن" للتو ببطولته التاسعة على التوالي.

وما من شكٍ في أن أحد الدروس المستفادة هو أن المستثمرين بحاجة إلى إظهار أنهم يعملون في هذه الرياضات للأسباب الصحيحة؛ ففريق مثل "إف سي سانت باولي"، الذي يفتخر بكونه متجذراً في مجتمعات الطبقة العاملة في "هامبورغ" وثقافات "البانك" اليسارية، ليس شريكاً سهلاً للبدلات المصممة خصيصاً لتلائم شركات الأسهم الخاصة في شوارع "ماي فير" و"ميدتاون مانهاتن" الراقية.

وهناك أسباب وجيهة لاستفادة مثل هذا الفريق من المشروع، ومن المفهوم حاجتهم إلى مزيد من الإقناع.

بدلاً من تركيز المزيد من الأموال في الأندية الكبرى -كما كان من الممكن أن يفعّل السوبر الأوروبي الممتاز- كانت الخطة الألمانية هي مشاركة العائدات بشكل أكثر توازناً مع الفرق في جميع أنحاء هرم كرة القدم، حيث كان من الممكن أن تشمل أيضاً فرقاً في الدرجة الثانية من الرياضة.

بيع الديون

بالطبع، ستكون هناك دائماً مخاطر في البيع؛ حيث غالباً ما تحقق شركات الأسهم الخاصة عوائد ضخمة عن طريق إضافة ديون إلى هذا المزيج. وهذه بشكل جزئي هي الطريقة التي استطاعت من خلالها شركة "سي في سي" تحقيق عائد بنسبة 500% تقريباً على استثمارها البالغ مليار دولار في "الفورمولا 1"، وذلك عن طريق تحمل المنافسة بدين قدره 4 مليارات دولار واستخراج أرباح خاصة.

وقد يُحبّذ عشاق الرياضة الديون في حال كانت لتمويل فريق اللعب، ولكن ليس في حال بدت العائدات وكأنها تملأ جيوب المستثمر -فقط اسألوا أنصار مانشستر يونايتد عن ذلك. وبالتالي، من خلال بيع حصة لشركات الملكية الخاصة، تخاطر الفرق برهن الأرباح المستقبلية مرتين: مرة عن طريق أخذ يوم دفع مقدماً للاستثمار الأولي، ومرة ​​أخرى عن طريق زيادة رأس المال في أسواق الدين مقابل قيمة الأرباح المستقبلية.

نظراً لأن الدوري الألماني خطط فقط لبيع حصة أقلية، كان من الممكن التحكم في المخاطرة. وفي حال صوت 24 نادياً من أصل 36 ضد تمويل الديون، لما حدث ذلك. والأرجح أن شركة الأسهم الخاصة كانت ستخلق وسيلة خاصة لحيازة 25% من ديونها ورفع ديونها مقابل أرباح تلك الوحدة.

وسط هذه الضجة، يبدو أن الأندية قد نسيت شيئاً بالغ الأهمية: الشيء الوحيد الذي يسمح ببيع الديون، هو تحقيق أرباح سخية يمكن التنبؤ بها؛ وهذا شيء يجب أن تسعى وراءه أيضاً.

ويبدو أن رد الفعل السلبي على السوبر الممتاز قد أدى إلى جعل كرة القدم عصيّة على المستثمرين الماليين في الوقت الحالي، ولكن لا يجب أن يستمر هذا الحال إلى الأبد.