بعد تحوّل مفاجئ بانتخابات مجلس الإدارة.. ماذا يحدث في "إكسون موبيل"؟

تواجه "إكسون موبيل" ضغوطاً من أحد أكبر مستثمريها للعمل ضمن اتفاقية باريس للمناخ
تواجه "إكسون موبيل" ضغوطاً من أحد أكبر مستثمريها للعمل ضمن اتفاقية باريس للمناخ المصدر: بلومبرغ
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تراكمت في السنوات الأخيرة مجموعة من الأحداث التي قد تبدو طبيعية لبعض الشركات التي تعمل بنفس النشاط، لكنها أحداث غريبة على "إكسون موبيل".

قام مساهمو الشركة يوم الأربعاء الماضي (26 مايو) بالتصويت لصالح أعضاء معارضين في مجلس الإدارة، وهو ما كان الحدث الأكثر إثارة، ويأتي بعد مجموعة من الأحداث الغريبة على الشركة مثل: خسارة التصنيف الائتماني من الدرجة الأولى، شطب كبير للأصول، ومواجهة اتهامات بتضخيم الشركة لتقييمها أصول النفط والغاز، الأمر الذي تنفيه الشركة.

إذا نظرنا لكل حدث على حدة، سنجده وكأنه صدى لا يمكنه التأثير في شركة عملاقة مثل "إكسون"، ولكن عندما تجتمع تلك الأحداث معاً في نفس الوقت، قد تستطيع إخراج الشركة عن مسارها، وإحداث تغيير جذري في الشركة.

ينضم عضوان جديدان يمثلان شركة "إنجن 1" إلى مجلس إدارة "إكسون"، مع احتمال حصول الشركة على مقعد ثالث في انتظار النتائج النهائية غير المتوقعة للتصويت.

تعكس خسارة "إكسون" مقعدين في مجلس الإدارة، دعوات المساهمين للشركة لإجراء المزيد من الإفصاح بشأن الضغوط السياسية والمناخية التي تمارس عليها.

بدأت "إنجن 1" حملتها الطويلة بحجة يقبلها الجميع بشأن تدهور الأداء المالي للشركة. والرسم البياني الآتي يوضح كافة الموضوعات الرئيسية التي شكلت هذه الدراما.

تفوق المنافسين

تراجع تميز "إكسون موبيل" عن منافسيها يزعزع ثقة المستثمرين الراسخة بأن شركة "إكسون" ستتفوق على منافسيها في النهاية مهما حدث.

عزز انخفاض قوة قطاع النفط كجزء من سوق أوسع، من تراجع ثقة المستثمرين التي كانت راسخة قبل ذلك مهما حدث، وهو ما دفع الشركة إلى إعادة هيكلة قطاع الطاقة لديها.

وتزامنت جهود "دارين وودز"، الرئيس التنفيذي للشركة التي تستهدف تطبيق استراتيجية استثمار شاملة مع بدء "إنجن 1" حملة الانتقادات الموجهة للشركة، ومزاعمها بشأن تدهور رأس مال "إكسون"، وإنفاقه على الاستثمار بقطاع النفط، وسط تصاعد التحذيرات من تداعيات التحول للطاقة الخضراء على مستقبل القطاع.

كانت استجابة "إكسون" قياسية وأبدت استعدادها لمواجهة التحديات. حيث خفَّضت الشركة نفقاتها الرأسمالية وزادت من وتيرة الإفصاح عن أهدافها المناخية، كما ضم مجلس الإدارة أعضاءً جدد من بينهم "جيف أوبين" الناشط الذي يدعو بنبرة هادئة إلى التركيز على تحقيق أهداف خضراء.

أظهرت نتائج الشركة في الربع الأول، والتي تم الإعلان عنها قبل شهر تقريباً، قدرة "إكسون"على تغطية توزيعات أرباح على المساهمين لعدة سنوات مقبلة، معتمدة على التدفقات النقدية للشركة، وسط ارتفاع أسعار النفط، بالإضافة إلى تحرير قدر كبير من رأس المال العامل.

لكن اتجاهات المساهمين ممن يتبعون أداء المؤشرات، والتشكيك في قدرة الإدارة الحالية على تحقيق تلك الأهداف، يؤكد وبشكل مفاجئ أن "إكسون" لم تعد تتحكم في قواعد اللعبة.

تراجع الوقود الأحفوري

وفي إشارة إلى تغير قواعد اللعبة بالفعل، ظهرت العديد من المؤشرات التي تؤكد تراجع هيمنة الوقود الأحفوري بوتيرة متسارعة، ويمثل أبرز تلك المؤشرات في إطلاق نسخة كهربائية من الشاحنات الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة، وصولاً إلى العوامل الأقل تأثيراً مثل سياسات إدارة "بايدن" بشأن حماية المناخ، والتي قامت الأسواق المالية بتسعير تكلفتها ذات الصلة.

مؤخراً، أصدرت وكالة الطاقة الدولية سيناريو الانبعاثات الصفرية، والذي لا يقتصر على كونه مجرد تقرير جديد يضاف إلى مجموعة التقارير الصادرة في ذلك الشأن.

فمجرد وجود اسم وكالة الطاقة الدولية على التقرير، يجعله يصل لشريحة أكبر، من بينها مديري الاستثمار الذين يأخذون في الاعتبار التحديات المتصاعدة، والدعوات بشأن تكثيف المراكز الاستثمارية في الشركات التي تدعم الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية.

تزامن اجتماع مساهمي "إكسون" يوم الأربعاء مع خسارة "رويال دتش شل" قضية تاريخية في محكمة هولندية أجبرتها على الإسراع بتنفيذ أهداف إزالة الكربون الطموحة بالنسبة لشركات النفط الأمريكية الكبرى.

وفي نفس اليوم، خسر مديرو شركة "شيفرون" صاحبة أفضل أداء مالي يحميها بشكل أفضل من غيرها من مستويات مماثلة من النشاط، خسروا تصويتاً يتعلق بالمناخ في اجتماع الجمعية العامة للمساهمين.

شركات النفط كغيرها من الشركات التي تمتلك هيكلاً مالياً وآخر قانوني. وفي حالة انفصال كلا الهيكلين عن "الوقود الأحفوري" سيكون من الصعب أن تشهد حتى أكبر شركات النفط استقرار.

زلزال في "إكسون"

إذا فازت "إنجن 1" بثلاثة مقاعد في مجلس إدارة شركة "إكسون" سيكون ذلك بمثابة صفعة كبيرة للإدارة الحالية.

يحمل "وودز" ميراثاً من الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها الإدارة السابقة، ورغم ذلك يقع على عاتقه وكثير من أعضاء مجلس الإدارة الحالي، ضرورة التخلص من اعتماد ميزانية "إكسون" على النفط. وفي حالة دخول عضوين معارضين لمجلس الإدارة سيكون لذلك في نهاية المطاف تأثير مزلزل على "إكسون".

تأتي تلك المتغيرات التي تشهدها "إكسون" بالتزامن مع تعافي الطلب على النفط، وترقب المضاربين لذلك الارتفاع، والمتوقع أن يستمر في ظل تراجع الاستثمار في حقول النفط، مما يجعل انصراف "إكسون" عن قطاع النفط في الوقت الحالي قرار سيئ.

يعد تفكير "إنجن1" قصير النظر، حيث ارتكزت حجتهم الأصلية إلى قوة رأس مال شركة "إكسون"، إلى جانب تعثر نهج الشركة في معالجة تحول الطاقة وبنائه على افتراضات قديمة. فيما تسعى الإدارة الجديدة للشركة إلى تعزيز خفض الإنفاق للمساهمة في إعادة هيكلة الميزانية العمومية للشركة، التي يدعمها ارتفاع أسعار النفط في المدى القريب.

في الوقت نفسه، لن يكون هناك تأثير لإدخال تفكير جديد لمجلس الإدارة حول كيفية استثمار "إكسون" لمستقبل منخفض الكربون في الأجل القصير، في ظل أسعار النفط الحالية لكنه يبقى أمراً ضرورياً.

ورغم أن ارتفاع أسعار النفط أمر مربح، لكنه لا يمثل أفضل حالة لشركات النفط التي تعمل في سوق طاقة تنافسية. ويبقى الأهم من ذلك مناقشة الشركة بشكل أوسع لاستراتيجية التحوّل التي قد لا تحقق نتائج سريعة، ما قد يشكك شركة كبرى بحجم "إكسون" في استراتيجية عملها التي لن يمكنها النجاح إلا من خلال العمل في سياق تغيير جماعي خارج جدران الشركة.

قد يكون ذلك اليوم بلا شك من الأيام التي تفضل إدارة "إكسون" نسيانه، لكنه رغم ذلك يعد يوماً جيداً للشركة.