جلسة استماع "الشيوخ" لرؤساء أكبر بنوك أمريكا تتحول لساحة جدال

"جين فريزر"، الرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي غروب". ويظهر للمرة الأولى كبار المصرفيين أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ منذ الأزمة المالية لعام 2008
"جين فريزر"، الرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي غروب". ويظهر للمرة الأولى كبار المصرفيين أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ منذ الأزمة المالية لعام 2008 المصدر: بلومبرغ
Brian Chappatta
Brian Chappatta

Brian Chappatta is a Bloomberg Opinion columnist covering debt markets. He previously covered bonds for Bloomberg News. He is also a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

"أرجوكم، دعونا نُجري محادثة عقلانية، وناضجة، ومدروسة".

هذا ما قاله"جيمي ديمون"، الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، يوم الأربعاء الماضي (26 مايو) ردَّاً على سؤال حول تغير المناخ، إلا أنَّه ربما كان يتحدَّث بالنيابة عن القادة الآخرين في أكبر ستة بنوك أمريكية بعد التحدُّث مع أعضاء اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ.

وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها كبار المصرفيين أمام المجموعة منذ الأزمة المالية لعام 2008، وهي فرصة نادرة للقادة المنتخبين للتحدُّث علناً مع بعض قادة الأعمال الأكثر نفوذاً في البلاد.

جدل بدلاً من الاستجواب

ولكن بدلاً من مواجهة "استجواب"، كما توقَّع بعضهم؛ سرعان ما تحوَّل أعضاء مجلس الشيوخ إلى الجدل حول المواضيع التي تهمهم؛ وهي علامة أخرى على أنَّ البنوك كانت بالكاد هي المشكلة خلال جائحة كوفيد-19، وذلك في تناقض صارخ مع الانكماش السابق.

وحدَّد السيناتور "شيرود براون" من ولاية أوهايو، وهو ديمقراطي يرأس اللجنة المصرفية، مسار النقاش منذ البداية، قائلاً: "لا أحد يستطيع أن ينكر أنَّ هذه الأمة كانت جيدة، ومحتضنة للصناعة المالية، إلا أنَّ بنوككم لم تلتزم بواجباتها ... وحان الوقت لكي تكون الصناعة المالية جيدة للشعب الأمريكي، كما كانت الأمة بالنسبة لكم".

وقال، إنَّ الناس يذكرون كيف حصلت "وول ستريت" على "خطة إنقاذ من دافعي الضرائب"، وتساءل عن سبب إعادة شراء البنوك للأسهم عندما انخفض إجمالي الإقراض.

تأجيل المدفوعات

وفي الحقيقة، بالكاد تكون أكبر البنوك الأمريكية مثالية، إلا أنَّه من غير الدقيق الإشارة إلى أنَّها لم تلعب دوراً رئيسياً في دعم أكبر اقتصاد في العالم خلال جائحة كوفيد-19.

فأولئك الذين لديهم عمليات تجزئة كبيرة، مثل "جيه بي مورغان"، و"بنك أوف أميركا"، و"ويلز فارغو آند كو"، و"سيتي غروب"، سمحوا بالدفع المؤجل من الشركات الصغيرة والأفراد، ومنحوا تسهيلات للرهن العقاري التي لن تؤثِّر سلباً على درجات الائتمان، وهو أمر استنتج بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك مؤخراً، أنَّه كان "أداة سياسية مهمة للتخفيف من تأثير الجائحة".

كما قاموا بتسهيل برنامج حماية "شيك الراتب"، الذي شجَّع الشركات الصغيرة على إبقاء الموظفين في كشوف رواتبها.

وفي وثائق معدَّة سلفاً، دخلت البنوك في تفاصيل مبادراتها لتقديم خدمة أفضل لمجتمعات الأقليات والفئات التي تعاني من قلة البنوك، وهي غالباً ما تكون نفسها.

وبالعودة إلى ما كتبتُه الشهر الماضي؛ فإنَّ السبب الرئيسي وراء عدم قيام البنوك بإقراض الكثير من الأموال، هو أنَّ جهود الإغاثة المالية التي يبذلها مجلس الشيوخ تؤدي المهمة نيابة عنها.

الضغط على البنوك

بعد ذلك، أدلى السناتور "بات تومي"، وهو العضو الجمهوري البارز، من ولاية بنسلفانيا، بمداخلته قائلاً: "إنَّني قلق بشأن زيادة الضغط على البنوك لتبني حركة (اليقظة)، واسترضاء هجمات اليسار المتطرِّف على الرأسمالية".

ومضى في توبيخ قادة البنوك الذين "تبنوا ما يسمى برأسمالية أصحاب المصلحة، التي تُقلل حقاً من أولوية المساهمين في اقتصادنا، وتُشجع الشركات على اتباع أجندة اجتماعية بدلاً من إعطاء الأولوية لمسؤوليتها تجاه أصحابها".

ومثل العديد من زملائه، لجأ إلى شكل من أشكال الاستجواب بنعم أو لا، وسأل المديرون التنفيذيون الستة في "وول ستريت" عما إذا كانوا يعتقدون أنَّ الرأسمالية هي أفضل طريقة لضمان الرخاء للجميع، إذ وافق جميعهم على هذا الطرح، ولم يكن جوابهم مفاجئاً لأحد.

الأولوية للأرباح

وكما أشار "نير كيسار"، كاتب عمود في "رأي بلومبرغ"، قبل شهر؛ فإنَّ الأدلة تشير إلى أنَّ رأسمالية أصحاب المصلحة ليست أكثر من مجرد كلمة طنانة حتى الآن، لأنَّ الشركات على مدى السنوات العشر الماضية عززت الأرباح إلى حدٍّ كبير من خلال إعطاء الأولوية للأرباح. والبنوك لا تختلف عنها في شيء: وعلى أرض الواقع، أصدرت شركة "فيدرال ديبوزيت إنشورانس كورب" يوم الأربعاء الماضي، بيانات أظهرت أنَّها كسبت 76.8 مليار دولار في الربع الأول، متجاوزةً بسهولة جميع السجلات السابقة.

ولو تبنَّى أعضاء مجلس الشيوخ نداء "ديمون" من أجل "محادثة عقلانية"، لكانوا أقرُّوا أنَّ البنوك لم تخذل الأمريكيين أثناء الجائحة، وأنَّ أفعالها لم تكن بأيِّ حال من الأحوال قابلة للمقارنة بالأحداث التي أدت إلى الأزمة المالية منذ أكثر من عقد من الزمن.

كما كانوا لن يخافوا على مصير الرأسمالية، ولن ينددوا بالرئيس التنفيذي لـِ "بنك أوف أمريكا"،"براين موينيهان"، لأنَّه أصبح سياسياً أكثر من اللازم لقوله "يجب أن نستمر في تصحيح أخطاء ماضينا، والوقوف متحدين في دفاعنا عن حقوق تصويت متساوية للجميع" ردَّاً على الإصلاح الانتخابي في جورجيا.

ولن يُتوقَّع منهم التوقُّف فوراً عن التعامل مع شركات الوقود الأحفوري، أو التعهد بالعمل معهم إلى أجل غير مسمى من أجل عدم تعطيل الاقتصاد، إذ يجب أن تكون هناك فترة انتقالية.

الأمن السيبراني

وقد استغرق الأمر ساعات قبل أن يطرح أي شخص سؤالاً حول الأمن السيبراني في أكبر المؤسسات المالية في أمريكا، الذي كان من المفترض أن يكون موضوعاً يحمل أولويةً عالية للنقاش، نظراً لهجوم الفدية الشهر الماضي على شركة "كولونيال بايبلاين"؛ إذ قالت "جين فريزر"، الرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي غروب"، التي ظهرت لأوَّل مرة أمام مجلس الشيوخ، إنَّ التهديدات الإلكترونية هي من بين أكبر المخاطر التي يتعرَّض لها النظام المالي، ومن الأهمية بمكان مشاركة المعلومات الاستخبارية حول كيفية الحماية من مثل هذه الاختراقات. ولكن بعد ذلك بوقت قصير، عاد الحديث إلى "حشد حركة اليقظة".

فقاعة الإسكان

علاوةً على ذلك، أضاع أعضاء مجلس الشيوخ أيضاً فرصة الضغط على الرؤساء التنفيذيين للبنوك بشأن سوق الإسكان في الولايات المتحدة، التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

إذ قفز مؤشر "S&P CoreLogic Case-Shiller" لقيم العقارات بنسبة 13.2٪ في مارس مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهو أعلى معدل منذ عام 2005، في حين كانت مبيعات المنازل الجديدة لشهر إبريل أقل من التقديرات.

ونشر "غلن كيلمان"، الرئيس التنفيذي لشركة "ريدفن كورب"، على "تويتر" في وقت سابق من هذا الأسبوع تعليقاً حول "مدى الغرابة التي وصل إليها سوق الإسكان في الولايات المتحدة".

وعندما طُرح الموضوع بإيجاز، قال "ديمون": "هناك فقاعة صغيرة" في الإسكان. في حين قالت "فريزر"، إنَّه من السابق لأوانه توصيف الموضوع بهذا الشكل.

أما "تشارلز شارف"، الرئيس التنفيذي لبنك "ويلز فارغو"، فوصف موضوع الإسكان بأنَّه قضية تتغيّر من سوق لآخر، في حين قال "جيمس غورمان" من بنك "مورغان ستانلي"، إنَّ بعض الضواحي تبدو كفقاعة؛ وامتنع "ديفيد سولومون"، الرئيس التنفيذي لبنك "غولدمان ساكس"، عن وصفها بالفقاعة، إلا أنَّه أشار إلى أنَّ "هناك الكثير من الأمور التي تحدث، وتؤدي إلى تضخم أسعار الأصول".

ويبدو كل هذا وكأنه شيء قد يرغب الجمهور في معرفة المزيد عنه. لكن بدلاً من ذلك، وكما هو الحال في كثير من الأحيان، كانت جلسة الأربعاء تدور حول فرصة تسجيل النقاط السياسية أكثر من اكتشاف الحقائق.