شركات "الشيك على بياض" تجد ضالّتها في أوروبا وبشروط أفضل

المصدر: بلومبرغ بيزنس ويك
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بات من المعروف للجميع كيف أصبح المستثمرون الأمريكيون مهووسين بشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في مطلع العام الجاري، حيث قاموا بضخ 90 مليار دولار في هذه الشركات خلال الفترة من ديسمبر وحتى فبراير فقط.

هذه الشركات التي تُعرف أيضاً باسم "شركات الشيك على بياض"، تقوم بجمع الأموال من المستثمرين في الاكتتابات العامة الأولية، ثم تندمج مع شركة تتطلع هي الأخرى إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام. وتحصل الشركات المستهدفة على قدر كبير من السيولة النقدية، مع تجنب الإجراءات المعقدة في الاكتتاب العام الأولي الخاص بها.

سمحت هذه الطريقة بارتفاع تقييمات عدد كبير من الشركات لتقدَّر بمليارات الدولارات، رغم أنها لا تحقق أي إيرادات فعلياً. وهناك قائمة طويلة بهذه الشركات تضمّ على سبيل المثال، شركة "فيرجن غالاكتيك القابضة للسياحة الفضائية" التابعة لرجل الأعمال البريطاني الشهير ريتشارد برانسون، وشركة "نيكولا" لصناعة الشاحنات الكهربائية.

دخول المشاهير

خلال شهر مارس الماضي، تراجع الحماس الكبير نحو شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، بسبب سلسلة من الإعلانات التحذيرية التي أطلقتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تجاه هذه الشركات التي يدعمها عدد كبير من المشاهير، مثل لاعب كرة السلة الأمريكي المحترف شاكيل أونيل (المعروف اختصاراً باسم شاك)، ولاعب كرة القاعدة الدومنيكاني أليكس رودريغز (المعروف اختصاراً باسم ايه - رود)، ومغني الراب الأمريكي جاي زي، حيث قالت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إن مشاركة كبار الشخصيات في شركات الشيك على بياض، لا تعني أن هذه الشركات تمثل استثماراً حكيماً.

ولم يساعد انتشار عدد كبير من هذه الشركات ذات الجودة المنخفضة، والأداء الضعيف فيما بعد لأسهمها في سوق الأوراق المالية، في تدعيم موقف هذه الشركات، حيث هبط الاستثمار في شركات الشيك على بياض بنسبة 89% في شهر مارس مقارنة مع شهر فبراير ليسجل 4.2 مليار دولار.

انتعاش في أوروبا

لذا، فإن المستفيدين الماليين الرئيسيين من وراء شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة وهم الرعاة الذين قاموا بإنشائها في الأصل- باتوا اليوم يبحثون عن مكان آخر لمواصلة هذا الهوس. وتتصدر القارة الأوروبية قائمة الأماكن الجديدة المحتملة لانتشار هذه الشركات، حيث زاد عددها بسرعة في الفترة من فبراير إلى أبريل الماضيين، من دون أن يظهر حتى الآن أي مؤشر على تراجع نموها هناك.

سيحتاج رعاة هذه الشركات إلى المضي قدماً بحذر، نظراً لأنهم يحصلون في العادة على 20% من الأسهم في أي مشروع جديد، وبالتالي فهم في الغالب قادرون على تحقيق الأرباح دون أن يقلقوا كثيراً بشأن ما إذا كانت الشركة المستهدفة جيدة أم لا. وآخر شيء يريده هؤلاء، هو أن تأتي الجهات التنظيمية الأوروبية فتفسد عليهم "متعتهم" قبل أن تبدأ.

لهذا السبب، بدت شركات الشيك على بياض التي تم إدراجها في أمستردام في 14 مايو، مثيرة للاهتمام بشكل خاص.

اختلاف المعايير

يقود "إيان أوزبورن"، المستثمر المقيم في لندن، شركة "هيدوسوفيا يوروبيان غروث"، وقد عمل مع المستثمر البارز في مجال شركات الشيك على بياض "شماث باليهابيتيا"، حيث قدّما معاً عدداً من العروض المالية في الولايات المتحدة، تمكَّن العديد منها من تحقيق نجاحات جيدة، وإن لم تكن نجاحات كبيرة. إلا أنَّ شركته "هيدوسوفيا"، تتخذ مساراً مختلفاً عن مسار الشركات المماثلة لها في الولايات المتحدة، من خلال منح المزيد من الحماية للمستثمرين، وتوفير ميزات أقل سخاء لرعاتها. ولا يتلقى داعمو الشركات حصتهم الكاملة من الأسهم إلا إذا حققت الشركة التي يتم التعاون معها، أهداف أسعار الأسهم الطموحة، بينما في الولايات المتحدة، يتلقى الداعمون حصتهم الكاملة بغض النظر عن أداء الشركة.

ما هو مأمول اليوم، هو جعل المستثمرين يتوقعون وضع معايير أعلى لإدراج شركات الشيك على بياض في أوروبا مقارنة بتلك المعمول بها في الولايات المتحدة. لكن هناك مصلحة خاصة قد تكون في خطر هنا، إذ يمكن أن تزيد الشروط الأوربية من صعوبة استفادة الرعاة الذين حققوا قبل فترة بسيطة أرباحاً سريعة من دون الاهتمام كثيرا بالنجاح اللاحق الذي يمكن أن تحققه الشركة.

في المقابل، يمكن للقواعد الأوروبية المشددة أن تحول دون حدوث فقاعة مالية جديدة في هذا القطاع، وأن تُبقي الهيئات التنظيمية الأوروبية بعيدة عن شركات الشيك على بياض. لكن رغم ذلك، ستكون هناك انطلاقة كبيرة لتلك الشركات في أوروبا، لكن أكثر رصانة وأكثر احتراماً من تلك التي حدثت في الولايات المتحدة، والتي سرعان ما تلاشت.