شركات السلع الصينية تكبح رهاناتها على ارتفاع الأسعار تحت وطأة ضغوط بكين

أسعار النحاس سجلت مستويات قياسية مع زيادة الطلب وسط دعوات التحول للاقتصاد الأخضر
أسعار النحاس سجلت مستويات قياسية مع زيادة الطلب وسط دعوات التحول للاقتصاد الأخضر المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كبحت العديد من شركات السلع الأساسية الصينية من طلبها المتزايد ورهاناتها المستقبلية على ارتفاع أسعار المواد الخام بناءً على طلب من الحكومة الصينية وفقاً لمصادر مطلعة في تأكيد على قلق بكين المتزايد بشأن ارتفاع الأسعار.

وبحسب المصادر الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لحساسية الموضوع، قلصت أربع شركات كبرى على الأقل تتضمن مصانع للصلب وشركات تجارة السلع من مراكزها طويلة الأجل في التداولات المحلية لبعض السلع التي من بينها الحديد الخام والفحم على مدار الأسبوعين الماضيين، وذلك بعد حضور اجتماعات مع مسؤولين حكوميين. وقال اثنان من تلك المصادر إن البورصات الصينية نصحت شركتي سمسرة على الأقل بتغطية مراكزها طويلة الآجل وخفض أحجام التداول في العقود الآجلة الأكثر تذبذباً.

إلى جانب الشركات التي طلبت منها بكين تخفيف مراكزها من السلع الأساسية، قام مسؤولو العديد من شركات إنتاج المواد الخام والتداول والاستثمار بوقف رهاناتهم دون طلب من الحكومة بسبب مخاوفهم من انتقادات محتملة من الجهات التنظيمية وفقاً لمقابلات مع 20 مدير تداول في شركات حكومية وخاصة على مدار الأسبوعين الماضيين. وقد طلب هؤلاء المسؤولون عدم الكشف عن هويتهم لعدم السماح لهم بالتحدث لوسائل الإعلام.

لم يتم الرد على الاستفسارات التي تم إرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى بورصات العقود الآجلة في شنغهاي وداليان وتشنغتشو. كما لم ترد اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح والتي تعد أعلى هيئة للتخطيط الاقتصادي في البلاد على الاستفسار الذي تم إرساله إليها بالفاكس.

مخاوف التضخم

تعكس تحركات الحكومة الصينية خلف الكواليس للحد من ارتفاعات الأسعار، مدى تخوفها من تعزيز طفرة أسعار المواد الخام عالمياً لمعدلات التضخم المرتفع وإمكانية خروجها عن المسار الاقتصادي المطلوب بعد الجائحة.

كانت أسعار السلع الأساسية قد قفزت خلال الشهر الجاري لتقترب من أعلى مستوى قياسي لها على مدار عقد من الزمان، حيث أدى ارتفاع أسعار العقود الآجلة لخام الحديد والحبوب والنحاس إلى زيادة المخاوف بشأن ارتفاع تكاليف البناء والغذاء والتصنيع.

تجاوب الأسواق

قفزت أسعار مدخلات المصانع الشهر الماضي بأكبر قدر منذ العام 2017 حيث بدأ الجميع يشعر بالتأثير وزاد الضغط على المسؤولين للعمل على وقف الأسعار في ظل تراجع هوامش ربحية شركات التصنيع من أغطية المصابيح إلى المكثفات بسبب ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج.

اقتصرت الإجراءات الحكومية حتى الآن على التصريحات بدءاً من الدعوات المتكررة من رئيس الوزراء لي كه تشيانغ للعمل على كبح جماح الأسعار والتي تبعها تحذير هيئة التخطيط الأعلى "بعدم التسامح" مع الممارسات الاحتكارية. وقد تأثرت هيئات إدارة الأسواق بتلك التصريحات، حيث تعهدت بورصة شنغهاي للعقود الآجلة بكبح التذبذب غير المنطقي في أسعار العقود الآجلة للسلع.

حققت تلك المناشدات بعض النجاح، حيث انخفض مؤشر الأسعار الفورية للسلع الأساسية العالمية بنحو 1% منذ بلغ ذروته في 12 مايو حين قال لي كه أن كبح ارتفاعات الأسعار ضرورة ملحة للاقتصاد الوطني. وانخفضت أسعار الحديد الخام في بورصة داليان منذ ذلك الوقت بنسبة 21% بنهاية تداولات يوم الخميس، كذلك انخفضت أسعار الحديد الصلب المقوى بنحو الخمس في بورصة شنغهاي.

ورغم ذلك، قال جيا تشنغ المحلل في شركة "جولدتراست فيوتشرز" ومقرها شنغهاي، إن كبح رهانات ارتفاع منتجات مثل خام الحديد والمعادن الأساسية والفحم لم يؤدِّ إلى تراجع كبير في اهتمام ولفت نظر الباحثين عن اقتناص الصرف والذين دخلوا بالفعل إلى السوق.

تراجعت أسعار العقود الآجلة لفحم الكوك في بورصة داليان 0.1% يوم الجمعة لتعكس ارتفاعاتها السابقة بنسبة 2%. فيما ارتفع خام الحديد بنسبة 0.8% وأضاف حديد التسليح الصلب 1.8% لمكاسبه في بورصة شنغهاي على الرغم من تباطؤ ارتفاعات كلا الخامين في السابق.

لم تقتصر الضغوط على الأسواق المالية فقط، بل إن الحكومة الصينية مارست مزيدا من الضغط أيضاً. حيث أفادت صحيفة "بيزنس هيرالد القرن 21" الصينية يوم الأربعاء نقلاً عن أحد عمال المناجم الذي لم تحدد هويته، أن الحكومة المحلية حذرت بعض شركات تعدين الفحم التي كانت تحتفظ بالمخزونات تحسباً لارتفاع الأسعار من إمكانية إلغاء تراخيص التعدين الخاصة بها. وقالت الصحيفة، إن شركات الفحم بدأت من وقتها بزيادة مبيعاتها للحد من ارتفاع الأسعار.