مستثمرون يحتفظون بنصف تريليون دولار لدى الفيدرالي الأمريكي دون عوائد

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعاني أسواق التمويل الأمريكية من تخمة سيولة لدرجة جعلت المستثمرين يحتفظون بنحو نصف تريليون دولار لدى الاحتياطي الفيدرالي دون أي عائد على الإطلاق.

بلغت تسهيلات إعادة الشراء العكسي للاحتياطي الفيدرالي التي تمثل إحدى أدوات البنوك المركزية لتوجيه أسعار الفائدة قصيرة الأجل يوم الخميس الماضي نحو 485.3 مليار دولار، لتسجل مستوى غير مسبوق، كما أنها مرشحة للزيادة في ظل صعوبة تباطؤ العوامل التي تدفع السيولة إلى التخمة، ما يزيد الجدل بشأن استخدام الاحتياطي الفيدرالي لأدواته المختلفة من السياسة النقدية للسيطرة على تلك التخمة.

يعرض الفيدرالي معدل فائدة 0% على تسهيلات إعادة الشراء العكسي إلا أن غياب البدائل الممكنة لتوظيف الأموال بأمان لفترات قصيرة جداً إلى جانب إشارة بعض المستثمرين إلى انخفاض عائد سندات الخزانة واتفاقيات إعادة الشراء القائمة في السوق في بعض الأوقات إلى مستويات سلبية ما يعني أن المستثمرين يدفعون مقابل امتياز وضع أموالهم في مكان ما جعل العائد 0% لا يبدو بهذا السوء.

يقول غينادي غولدبيرغ كبير محللي الفائدة في "تي دي سيكيوريتيز" TD Securities ومقرها نيويورك، عادة ما يطلق على تسهيلات إعادة الشراء العكسي "صمام الأمان الوحيد" لامتصاص الضغوط المتراكمة في أسواق المال وأضاف غولدبيرغ: "في الحقيقة أنها تكبح من تدفق السيولة النقدية".

تباطؤ شراء السندات

يرتبط تراكم السيولة بشكل كبير في سوق التمويل ببرنامج الاحتياطي الفيدرالي الشهري الضخم لشراء السندات في الوقت الذي يتزايد الحديث حول التوقيت والسرعة التي يجب أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي التراجع عن مشترياته من الأصول. لكن عمليات الشراء لا ترتبط بشكل مباشر بالاضطرابات قصيرة الأجل، حيث يستبعد العديد من المراقبين تحرك الاحتياطي الفيدرالي وبدء التناقص التدريجي لشراء الأصول بسبب تلك الاضطرابات المرتبطة بالحديث الدائر حول احتمالات استمرار التضخم ورفع أسعار الفائدة.

قال سوبادرا راجابا الخبير الاستراتيجي في سوسيتيه جنرال: "لا أعتقد أن التناقص التدريجي سيحل تلك الاضطرابات، ولكن التدرج سيؤدي إلى زيادة الارتباك. إذا قاموا بتقليص مشتريات الأصول فسيؤدي ذلك إلى اضطراب بالأسواق العالمية".

ترجع تخمة السيولة إلى الكم الهائل من الحوافز المالية التي تم ضخها في الاقتصاد وكذلك احتياج إدارة الخزانة تقليص حجم الأموال لديها لتتمكن من تلبية المتطلبات القانونية المرتقبة بشأن مستويات النقد المرتبطة بإعادة تحديد سقف الديون الفيدرالية.

بدائل محدودة للمدى القصير

تراجع الحساب العام للخزانة لا يمثل السبب في زيادة حجم السيولة في النظام والتي تبحث عن قنوات لتوظيفها، لكن السرعة التي يحدث بها ذلك تؤكد أن هناك عددا محدودا من الأدوات الاستثمارية التي يمكن شراؤها على المدى القصير، خاصة وأن أسهل الطرق لكبح السيولة يتمثل في عدم إصدار مزيد من سندات الخزانة قصيرة الأجل بالتزامن مع انتهاء أجل السندات القائمة.

لا تمثل الودائع المصرفية حلاً قصير الأجل أيضاً في ظل القيود التنظيمية التي تدفع بعض البنوك لرفض تلك الودائع، وهو ما يدفع بدوره السيولة لتتدفق إلى سوق المال وتزيد تلك التخمة.

تجاوز استخدام تسهيلات إعادة الشراء العكسي للاحتياطي الفيدرالي المستويات التاريخية التي لا نشهدها إلا في الأزمات الرئيسية رغم عدم مرورنا بواحدة من تلك الأزمات في الوقت الحالي.

سجلت تسهيلات إعادة الشراء العكسي أعلى مستوى قياسي لها سابقاً في 31 ديسمبر 2015 عندما بلغت 474.6 مليار دولار وكذلك كان ثاني مستوى قياسي لها أيضاً في اليوم الأخير من العام، حيث من المعروف أن نهاية الشهر والربع تكون هناك بعض مؤشرات على ضغوط السيولة، لذلك من المحتمل ازدياد استخدام التسهيلات مرة أخرى يوم الجمعة باعتباره آخر يوم تداول من هذا الشهر، رغم أن العديد من المراقبين لديهم شكوك في التوقف عند هذا الحد.

تخفيف الضغوط

يرى البعض أن التسهيلات تنجح في تنفيذ الهدف منها، لذلك زاد الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً من حجم تلك التسهيلات وصولاً للحد المتاح له للقيام بذلك الدور وبما يسمح بحصول أطراف جديدة عليها في المقابل.

يخفف الاحتياطي الفيدرالي بعض الضغوط الهبوطية على أسعار الفائدة من خلال توفير قنوات لتوظيف الأموال بإتاحة الفرصة للجميع بالاحتفاظ بأموالهم في تسهيلات إعادة الشراء العكسي أو أذون الخزانة، وهذا بدوره يمكنهم من الحفاظ على معدل الفائدة الرئيسي والفعال للأموال الفيدرالية ضمن النطاق المستهدف.

يبلغ معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية حالياً نحو 0.06% عند الحد الأدنى من النطاق المستهدف للاحتياطي الفيدرالي الذي يتراوح بين 0 - 0.25% لكنه يبقى مقبولاً للمسؤولين.

قد يؤدي انخفاض أسعار الفائدة الأخرى التي يحددها السوق مرة أخرى إلى الحديث عن التغييرات التي تطرأ على ما يسمى بالمعدلات المدارة والتي تمثل الفارق بين تلك المستويات وما يحدده الاحتياطي الفيدرالي من عائد على ما يملكه من حيازات وفوائض احتياطية وكذلك العائد على تسهيلات إعادة الشراء العكسي. ولكن طالما ظلت معدلات الفائدة في نطاقها المستهدف سيبقى للفيدرالي خيار الاستمرار في إصدار تلك التسهيلات.

لا يرى سوكغين راغابا ما يدفع الفيدرالي لتغيير أسعار العائد على فوائض الاحتياطي أو إعادة الشراء العكسي، وقال إنه حتى لو قام الاحتياطي الفيدرالي بتعديلها "فسيظل هناك طلب على تسهيلات إعادة الشراء العكسي".