3 أسباب وراء إحجام الشركات الصينية عن الإدراج بأمريكا

شارع "وول ستريت" شبه خالٍ من المارّة وتبدو في واجهة الصورة بورصة نيويورك
شارع "وول ستريت" شبه خالٍ من المارّة وتبدو في واجهة الصورة بورصة نيويورك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

علّقت 3 شركات صينية على الأقل خططها للإدراج في الولايات المتحدة، ما ينذر بتباطؤ بداية قياسية لعام من الطروحات العامة الأولية من قِبل شركات البر الصيني الرئيسي وهونغ كونغ.

من بين الشركات الصينية الشهيرة التي أوقفت خططها للطرح بالبورصة الأمريكية، منصة إلكترونية لمشاركة الدراجات، وشركة بث حلقات صوتية (بودكاست)، وشركة حوسبة سحابية، والتي جرى تأجيلها بسبب الانخفاضات الأخيرة في السوق، وضعف ثقة المستثمرين تجاه الشركات سريعة النمو، والظهور الباهت في أول جلسة تداول لشركة "ووتر دروب" (Waterdrop) التي تندرج ضمن هذه الخانة.

فقد أجّلت شركات "هالو" (Hello) و"شيمالايا" (Ximalaya) و"كينيو" (Qiniu) تلقي طلبات الاكتتاب من المستثمرين، رغم أن الشركات الثلاث قدّمت أوراقها لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات منذ أكثر من أسبوعين. علماً أنه في الولايات المتحدة، يمكن للشركات إطلاق عروضها التسويقية بعد أسبوعين من التقدم بطلب الطرح العام بالبورصة، وعادةً ما تلتزم بهذا الجدول الزمني.

قلق المستثمرين

يعتقد ستيفاني تانغ، رئيس قسم الملكية الخاصة في شركة المحاماة "هوغان لوفيلز "، أن التراجعات الكبيرة في السوق مؤخراً، إلى جانب حركة التصحيح التي تشهدها سوق الاكتتابات العامة منذ بداية الشهر الماضي، عندما هبطت أسهم شركات بعض المصدرين الجدد خلال تداولهم لأول مرة، قد تجعل الظروف أقل قابلية للتنبؤ بالنسبة للقادمين الجدد المستعدين فعلياً لعملية الطرح بالبورصة، أي الذين استوفوا كافة المتطلبات التنظيمية لإجراء الاكتتاب العام. مضيفاً أن "بعض المشاركين قد يختار الانتظار والمراقبة حتى تتوفر ظروف أكثر استقراراً".

تعرقل التأجيلات الأخيرة تدفق حركة الإدراج في البورصة من قبل شركات الصين وهونغ كونغ في الولايات المتحدة، التي وصلت قيمتها إلى 7.1 مليار دولار منذ بداية العام وحتى تاريخه، وهي أسرع وتيرة على الإطلاق، بعد فترة الازدهار في 2020. وارتفع الطلب على الاكتتابات العامة من قِبل المستثمرين جرّاء وفرة أموال حزم التحفيز العالمية، وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، وانتعاش أسواق الأسهم. ويحدث ذلك رغم التوترات الصينية الأمريكية واستمرار خطر وقف تداول أسهم شركات البر الرئيسي الصيني في البورصات الأمريكية.

وضع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يوم الجمعة الماضي حدّاً لأكبر انخفاض له في أسبوعين منذ شهر فبراير الماضي، وسط قلق المستثمرين المتزايد بشأن التضخم وتأثيره على أسهم التكنولوجيا وغيرها من أسهم النمو. بينما لا يزال مؤشر "سي إس أي 300" الصيني الخاص ببورصة شنعهاي في حالة تصحيح تقني، بعد أن انخفض بنسبة 10% من مستوى الذروة الذي بلغه خلال شهر فبراير الماضي، بينما تراجع مؤشر "ناسداك غولدن دراغون تشاينا" (Nasdaq Golden Dragon China)، الذي يتتبع الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، بأكثر من 30% من أعلى مستوى له في فبراير أيضاً.

وضعية الانتظار

وفقاً لـ"بلومبرغ نيوز"، فإن شركة "هالو"، التي توفر للمستخدمين منصة لمشاركة الدراجات بالإضافة إلى بيع الدراجات البخارية الكهربائية، قد أجلت عملية الطرح العام المخطط لها، وما زالت مترددة لناحية تقييمها السعري المحتمل نظراً لتزايد حذر المستثمرين بشأن الأسهم الجديدة. وكانت الشركة تخطط لجمع ما بين 500 مليون إلى مليار دولار من خلال عملية الاكتتاب، رغم أن الرقم النهائي سيعتمد على التقييم، بحسب ما ذكره مصدر مطلع على الأمر.

أمّا شركة "شيمالايا" الناشئة للخدمات الإذاعية و"البودكاست"، وشركة "كينيو" المتخصصة بتقديم الخدمات السحابية للمؤسسات، فقد وضعتا عمليتي إدراجهما بالبورصة على لائحة الانتظار، بعد البدء في قياس اهتمام المستثمرين نهاية شهر أبريل الماضي، كما أشارت مصادر مطلعة، والتي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن المعلومات غير معلنة.

عادة ما يأتي استطلاع اهتمام المستثمرين، أو وضع خطط ومستهدفات عملية التسويق، بعد تقديم طلب الاكتتاب العام وقبل أخذ الطلبات الرسمية من المستثمرين عبر القيام بحملة ترويجية للأسهم المطروحة. عن المرحلة التي وصلت إليها بهذا الصدد، رفضت شركة "هالو" التعليق، بينما لم ترد شركة "كينيو" على طلب للتعليق عبر البريد الإلكتروني، في حين ردّت شركة "شيمالايا" بأن عملية طرح أسهمها للاكتتاب العام مستمرة وأنها ستسعى لإجرائها في الوقت المناسب حسب ظروف السوق.

انطلاقة ضعيفة

أدى الأداء الضعيف للوافدين الصينيين الجدد إلى البورصات الأمريكية لاستنفاد ثقة المستثمرين. حيث تراجعت أسهم شركة تكنولوجيا التأمين "ووتر دروب" بنسبة 38% عن سعر عرضها للاكتتاب في وقت سابق من هذا الشهر. كما تراجعت أسهم شركة "أونيون غلوبال" (Onion Global)، وهي عبارة عن منصة للعلامات التجارية للأزياء العصرية، بأكثر من 8% عن سعر الاكتتاب العام.

في الواقع، ما يقرب من 59%، أو على وجه التحديد 20 من أصل 34 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة، تراجعت أسهمها هذا العام، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، من بينها أكبر اكتتابين عاميين وهما شركة صناعة السجائر الإلكترونية "أر إل إكس تكنولوجي" (RLX Technology) وموقع سؤال وجواب لمشاركة المعلومات عبر الإنترنت "تشيو" (Zhihu). ومن ضمن الشركات الصينية التي أُدرجت بالبورصة الأمريكية عام 2020، فإن نسبة 40% فقط يتم تداولها دون سعر الاكتتاب العام.

لقد أخافت التقلبات الأخيرة في الأسواق العالمية، الشركات الأمريكية كذلك، فأجلت أيضاً عمليات الطرح، أو واجهت انخفاضاً تداول بالبورصة ضعيف في أول مرة.

قصص نجاح

بالنسبة للبعض، من المرجح أن تكون التحديات الحالية التي يواجهها الطامحون للإدراج في أمريكا من الشركات الصينية عابرة، مع الاكتتاب العام المرتقب بشدّة لشركة "ديدي تشوشينغ" (Didi Chuxing) العملاقة في مجال حجز سيارات الأجرة وتوصيل الركاب، والتي تقدمت بشكل سري لأجراء طرح عام أولي بمليارات الدولارات، بما يشكل اختباراً حقيقياً لشهية المستثمرين تجاه قصص النجاح الصينية.

بصرف النظر عن شركات "هالو" و"شيمالايا" و"كينيو"التي قيل إنها قررت تأجيل خطط الاكتتاب العام بعد بدئها خطوات ما قبل التسويق، تنتظر على أهبة الاستعداد منصة الشحن البري الصيني "فور يو وورلدوايد" (ForU Worldwide) التي تقدمت بطلب للحصول على عرض إدراج في الولايات المتحدة بتاريخ 13 مايو، وشركة التعليم عبر الإنترنت "تشانغمن إديوكيشن" (Zhangmen Education)، التي تقدّمت أيضاً بطلب للاكتتاب العام في 19 مايو الجاري، علماً أن على الشركتين إكمال فترة حظر الترويج البالغة مدتها أسبوعين.

بحسب غاري دوغان، الرئيس التنفيذي لشركة "غلوبال سي أي أو أوفيس" (Global CIO Office) في سنغافورة، فإنه "يوجد نمو طبيعي قوي في الصين، وسيظل المستثمرون الدوليون راغبون بالاستثمار فيه على المدى الطويل".