الكهرباء الرخيصة في الأرجنتين تنعش تعدين "بتكوين"

الطاقة الوفيرة في الأرجنتين تستغل في تعدين بتكوين
الطاقة الوفيرة في الأرجنتين تستغل في تعدين بتكوين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستفيد المشتغلون بتعدين بتكوين في الأرجنتين من أوجه القصور الناتجة عن التدخل في إدارة الاقتصاد لجني عوائد ضخمة، تغذيها ذكريات انهيار العملة الرسمية للبلاد ومدفوعة بالكهرباء المدعومة حكوميا.

ففي حين أن العديد من البلدان شهدت طفرات في تعدين العملات المشفرة منذ بداية 2021، فإن انخفاض تكاليف الخدمات العامة للغاية وعودة فرض ضوابط على رأس المال يساعدان في زيادة أرباح المشتغلين بتعدين العملات بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.

بالنسبة للعديد من الخبراء، يعد هذا مثالا آخرَ على قدرة مواطني الأرجنتين الدائمة لإخضاع السياسات غير التقليدية للدولة لصالحهم.

قال نيكولاس بوربون، الذي يتمتع بخبرة تعدين العملات المشفرة في بوينس آيرس: "حتى بعد تصحيح سعر بتكوين، لا تزال تكلفة الكهرباء لأي شخص يقوم بالتعدين من منزله تمثل مقدارا صغيرا من إجمالي الإيرادات المحققة".

لطالما تم الترويج للعملات المشفرة في الأرجنتين باعتبارها وسيلة للسكان المحليين للتحوط من الأزمات الاقتصادية المتكررة، بما في ذلك تكرار خفض قيمة العملة والتخلف عن سداد المستحقات والتضخم المفرط، وحاليا الركود الذي دام ثلاث سنوات، وتفاقم بسبب الوباء.

بالإضافة إلى الطاقة الرخيصة، شكلت عودة فرض ضوابط في سوق صرف العملات الأجنبية خلال السنوات الأخيرة، حافزا أكبر للأفراد في الأرجنتين الممنوعين من شراء الدولار، إلى اللجوء لتعدين العملات المشفرة، إذ أدى الطلب المتزايد على الأصول غير المقومة بالعملة المحلية، إلى ارتفاع قيمة بتكوين إلى ما يقرب من 5.9 مليون بيزو بالأسواق غير الرسمية بحلول يوم الأحد، مقابل حوالي 3.4 مليون بيزو بالسعر الرسمي.

مخزون القيمة

يستفيد المشتغلون بالتعدين من دعم الكهرباء المقدمة للسكان منذ فترة طويلة في البلاد، وهي سياسة تهدف إلى كسب نقاط سياسية لدى الناخبين، وتزيد التوتر بشكل متزايد داخل الائتلاف البيروني اليساري الحاكم.

على الرغم من كون الأرجنتين، مستوردة بشكل رئيسي للغاز، فإن فواتير الكهرباء بالنسبة للمستهلكين لا تزيد عن 2% إلى 3% من متوسط الدخل الشهري، مقارنة بحوالي ضعف تلك النسبة في دول أمريكا اللاتينية الأخرى مثل البرازيل أو كولومبيا أو تشيلي، وفقا لـ إيزيكويل فرنانديز، المحلل في "بلانز كابيتال فالوريس" في بوينس آيرس.

علاوة على ذلك، في ظل معدل التضخم الذي يبلغ حوالي 50% سنويا والقيود المفروضة على العملة التي تسمح للأفراد بتحويل 200 دولار فقط شهريا بشكل قانوني، فإن الطلب المتزايد على أي مخزن للقيمة يؤدي إلى انخفاض قيمة البيزو بالأسواق الموازية، إذ أصبحت حاليا أضعف بحوالي 70% من السعر الرسمي.

قال بوربون: "العملة المشفرة التي يقوم المشتغلون بتعدينها، يتم بيعها عادة بسعر الصرف الموازي، لكن يتم دفع ثمن الطاقة بسعر مدعوم.. في الوقت الحالي، الإيرادات عالية جدا".

تستشعر الشركات الدولية الفرص. ففي الشهر الماضي، قالت شركة "بيت فارمز ليمتد" الكندية إنها حصلت على صفقة للاستفادة مباشرة من محطة كهرباء محلية لسحب ما يصل إلى 210 ميغاوات من الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي، في محاولة لتشغيل أكبر منشأة لتعدين بتكوين في أمريكا الجنوبية.

استغلال الدعم الحكومي

قال جيفري مورفي، رئيس شركة "بيتفارمز" (Bitfarms) في مقابلة: "نبحث عن أماكن بالغت في بناء أنظمة توليد الكهرباء الخاصة بها.. تراجع النشاط الاقتصادي في الأرجنتين، ولم يتم استخدام الطاقة بشكل كامل. لذلك توفر وضعا يربح فيه الجميع".

من المؤكد أن الطلب على الطاقة للأغراض الصناعية غير مدعوم بالكامل. تقول شركة "بيتفارمز" إنها تدفع 0.022 دولارا للكيلووات في الساعة من الكهرباء، وهو ما يقل كثيرا من سعر سوق الجملة البالغ حوالي 0.06 دولار للكيلووات ساعة للعملاء الصناعيين غير المتصلين بالشبكة المحلية، وفقا لـفرنانديز من "بلانز كابيتال".

"بالنسبة لتوليد الطاقة الكهربائية مع سهولة الوصول إلى الغاز، فإن بيع الطاقة الزائدة إلى المشتغلين بتعدين بتكوين خلال فترة من السنة، أمر منطقي، خاصة إذا كان مولد الطاقة يتجنب بطريقة ما ضوابط الصرف الأجنبي عن طريق الحصول على أموال بالدولار من خارج الأرجنتين، أو في صورة بتكوين" كما قال فرنانديز.

رفض متحدث باسم وزارة الطاقة الأرجنتينية التعليق على الأمر، وكذلك فعل متحدث باسم وكالة الضرائب الأرجنتينية.

بغض النظر عن تقلبات سعر بتكوين في الأشهر المقبلة، سيظل التعدين في الأرجنتين بالتأكيد مربحا للأفراد طالما أن الحكومة تتحمل قدرا على الأقل من فاتورة الكهرباء. قال بوربون: "يعرف المشتغلون بالتعدين أن الدعم مثير للسخرية، وبالتالي يستغلونه ببساطة".