هل سيتأثر عمالقة التكنولوجيا حقّاً باتفاق ضرائب "مجموعة السبع"؟

ترحيب شركات التكنولوجيا باتفاق مجموعة الدول السبع على حدّ أدنى عالمي للضرائب قد يشير إلى انتصارها في هذه المعركة خصوصاً أن أسهم هذه الشركات حقّقت معدلات ارتفاع قياسية
ترحيب شركات التكنولوجيا باتفاق مجموعة الدول السبع على حدّ أدنى عالمي للضرائب قد يشير إلى انتصارها في هذه المعركة خصوصاً أن أسهم هذه الشركات حقّقت معدلات ارتفاع قياسية المصدر: Jakub Porzycki/NurPhoto
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اختبارٌ بسيط لمعرفة إذا كانت التحركات الدولية لمكافحة التجنب الضريبي المعلن عنها نهاية الأسبوع ستكون فعالة أم لا: تحققوا من سوق الأسهم.

بعد كل شيء، تمثّل التدابير التي أعلنتها مجموعة الدول السبع في الأساس خطة لتقليل أرباح الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، وبالنسبة إلى شركة مثل "إنفيديا كورب"، التي دفعت ضريبة فعلية بنسبة 2.63% خلال الاثني عشر شهراً الماضية، تُعَدّ أنباء تخطيط أكبر اقتصادات العالم لفرض حد أدنى ضريبي بنسبة 15% ضربةً كبيرة للأرباح المستقبلية.

لكن لا علامات حتى الآن على تأثُّر تلك الشركات، وإذا كان أي شيء قد حدث، فإن تجدد احتمال التوصل إلى اتفاقية ضرائب عالمية منذ أن اقترحت "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" خططاً مفصلة حول اتفاقية شبيهة في أكتوبر الماضي ثم انتُخب الرئيس جو بايدن الشهر التالي، لم تفعل شيئاً سوى زيادة علاوات قيم الشركات التي -على الورق- ستخسر.

شركات "ناسداك" تتجاهل مقترح الضريبة

ولنقارن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" مع مؤشر "ناسداك" المركَّب على سبيل المثال، يُعَدّ الأخير مُثقَلاً بشركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات التي كانت هدفاً لتدابير مكافحة تآكل القاعدة الضريبية، ولكن علاوة قيمته مقارنة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ذي الشركات الأكثر تركيزاً على السوق المحلية، نادراً ما كانت أعلى مما كانت عليه خلال الاثني عشر شهراً الماضية، وتمتع بمضاعف ربحية إلى سعر مستقبلي أعلى بمقدار 9.6 نقطة من مؤشر السوق الأوسع مقارنة بفجوة قدرها 3.9 نقطة خلال العقد الماضي.

وتتشكل نفس الصورة في بريطانيا حيث يسبق مؤشر "فوتسي" للشركات متعددة الجنسيات مؤشر "فوتسي" لجميع الأسهم باستثناء الشركات متعددة الجنسيات بمقدار 5.8 نقطة، أي أعلى بكثير من الفارق بمقدار 1.8 نقطة خلال السنوات العشر الماضية.

شركات التكنولوجيا ترحب!

ولا ينبغي أن تكون الحملة على مئات مليارات الدولارات من الإيرادات الحكومية المتهرَّب منها عبر التخطيط الضريبي المتقن عملية غير مؤلمة، بخاصة عندما تكون فوائد النظام الحالي محابية بشدة لبعض من أكبر الشركات في العالم، وهو ما يجعل من المفاجئ قليلاً أن نرى أمثال نائب رئيس الشؤون العالمية في شركة "فيسبوك" نيك كليغ، يسارع للترحيب بالاتفاق الأحدث.

وقال كليغ في تغريدة له: "لطالما دعت فيسبوك إلى إصلاح القواعد الضريبية العالمية، ونرحّب بالتقدم المهمّ المُحرَز في مجموعة السبع. اتفاقية اليوم هي خطوة أولى مهمة نحو اليقين بالنسبة إلى الشركات ونحو تعزيز ثقة الجمهور بنظام الضرائب العالمي".

وأحد التفسيرات هو أن شركات مثل "فيسبوك" تحقق بالفعل أرباحاً كبيرة، وكانت الضرائب على دخل الشركات الأمريكية الكبيرة تقترب من 35% منذ ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تنخفض إلى 21% بموجب قانون التخفيضات الضريبية والوظائف.

ولم تكُن العودة إلى المستويات الضريبية قبل ترامب مطروحة قط، حتى إنه من المحتمل التخلي عن مقترح بايدن المبدئي بضريبة نسبتها 28%، لأنه مستعدّ لإبقاء سعر الضريبة الأساسي عند 21% مقابل الإنفاق على البنية التحتية والتزام الحد الأدنى للضريبة العالمية البالغ 15%، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي عن مصدر مطّلع على المفاوضات.

وفي ظلّ تشكيل الولايات المتحدة نسبة كبيرة من أرباح الشركات العالمية، فإن هذه التنازلات هي الجائزة الحقيقية في هذه العملية.

أخيراً.. إدراك عالمي للمشكلة

وهذا لا يعني أنه لم يُحقَّق أي شيء خلال جهود التعامل مع تحويل الأرباح والتهرب الضريبي، خلال العقد الماضي، بل إن الضوء الذي ألقته مبادرات مثل برنامج الشفافية الضريبية لمنظمة "التعاون الاقتصادي والتنمية" على مدفوعات الضرائب من الشركات متعددة الجنسيات، يعني أن الحكومات أخيراً أدركت نطاق المشكلة.

ويُعَدّ الجزء الأكثر أهمية في مقترحات المنظمة الحالية، التي ستسمح للحكومات بفرض ضرائب أعلى على الشركات التي تمرر الأرباح عبر الولايات القضائية منخفضة الضرائب، هو أنها لا تحتاج إلى ميثاق دولي معقَّد لتطبيقها.

وتكمن المشكلة في أن مثل هذه الخطوات جرت المساومة عليها خلال مجهودات التوصل إلى اتفاق يحظى بموافقة عالمية، وتتكون التقارير الأولية بشأن المقترحين الرئيسيين لمنظمة "التعاون الاقتصادي والتنمية" من نحو 500 صفحة، وتضمّ عدداً هائلاً من الرسوم التخطيطية التي توضح كيفية حساب الالتزامات الضريبية للشركات.

كما أن تحويل ذلك إلى تشريعات وطنية، وإدماجه مع شبكة عالمية من الاتفاقيات الضريبية، وفي نفس الوقت إقناع الدول المترددة بالانضمام إلى الميثاق، سيتضمن آلاف الصفحات الإضافية والإعفاءات.

ويُعَدّ هذا إلى حد ما نتيجة حتمية لاستحداث قواعد في عالم معقد، ومع ذلك، بالنسبة إلى المحامين ومحاسبي الضرائب، فإن كل طبقة من التعقيدات هي فرصة لإيجاد ثغرات تمكّن عملاءهم من تقليص مدفوعات الضرائب إلى الحد الأدنى.

انتصار للشركات

ورغم كل ذلك، لم نرَ بعد أي شيء يشير إلى أن قوة الجذب التي تخفض ضرائب الشركات أكثر على وشك أن تسير في الاتجاه المعاكس، وتبدو النتيجة الأكثر ترجيحاً التي سينتهي إليها العالم بعد عشر سنوات من الآن هي التوقف عند مستويات ضريبية لا تزيد كثيراً على الحد الأدنى المقترح حالياً عند 15%.

وسيمثّل ذلك انتصاراً للشركات متعددة الجنسيات ومساهميها، الذين سيواصلون التمتع بمزايا النظام الضريبي العالمي، الذي لا تصل إليه الشركات الناشئة الأصغر، أما أي شخص آخر -بمن في ذلك الممولون الذين سيُجبَرون على تحمُّل العبء الأكبر لتحقيق التوازن في الموازنات الحكومية- فسيمثل ذلك له خسارة.

ويمثّل الاتفاق الناجح بشأن ممارسات تقليل الشركات متعددة الجنسيات ضرائبها إلى الحد الأدنى ضربة كبيرة لأكبر الشركات في العالم، لكن يدلّ الصمت السائد في أعقاب اتفاق نهاية الأسبوع الماضية على كثير.