حرب على المواهب في مجال وظائف الطاقة المتجددة

محدودية القوى العاملة المدربة تدريباً جيداً على تقنيات الطاقة الخضراء، قد تشكل عائقاً في صناعة أساسية لخفض الانبعاثات
محدودية القوى العاملة المدربة تدريباً جيداً على تقنيات الطاقة الخضراء، قد تشكل عائقاً في صناعة أساسية لخفض الانبعاثات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

الشركات الكبرى العاملة في مجال الطاقة النظيفة، تواجه نقصاً في العاملين من ذوي المهارات اللازمة. فيما بات يتعارض مع خطط نموِّها الطموحة.

وتتزايد صعوبة العثور على مرشحين يتمتَّعون بالقدرات المناسبة، في وقت تتزايد فيه العروض في سوق الوظائف المتجددة. ذلك بناءً على ما أفاده ميغيل ستيلويل، الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة النظيفة البرتغالية "إي دي بي رينوفافيز". وتعدُّ هذه الشركة أحد أفضل الشركات العاملة في تركيب معدات الطاقة الخضراء عالمياً، وهي تخطط لإضافة ألف و300 وظيفة خلال العامين المقبلين.

وقال ستيلويل في مقابلة يوم 28 مايو الماضي: "توجد حرب على المواهب على مستوى العالم. فقطاع الطاقة المتجددة ليس لديه عدد كافٍ من الكوادر، وذلك في ظلِّ النمو الهائل المتوقَّع له".

وظائف جديدة

وفي وقت تقوم فيه البلدان بضخِّ مليارات الدولارات لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، يعتمد صانعو السياسات على القطاع لخلق وظائف جديدة ضرورية للتعافي الاقتصادي بعد الجائحة. ومن المتوقَّع أن تتضاعف قدرة توليد الطاقة الشمسية بمعدل ثلاث مرات بحلول نهاية هذا العقد. في حين من المتوقَّع أن تتضاعف قدرة الرياح على توليد الطاقة خلال الفترة نفسها. ذلك وفقاً لمجموعة أبحاث الطاقة النظيفة "بلومبرغ NEF".

إذ تتصدر كبرى الشركات الخضراء، مثل: "نيكست أيرا انيرجي"، و"أيبردرولا"، و"إينل" و"إي دبي بي" السباق لإمداد الاقتصاد العالمي بالكهرباء. كما أنَّ بعض شركات النفط الكبرى دخلت هي أيضاً السباق، فقد أعلنت شركة "بي بي" الشهر الماضي أنَّها تتطلَّع لإضافة 100 وظيفة في مجال توربينات الرياح البحرية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهو رقم قد يتضاعف بحلول نهاية العام.

مهارات خاصة

وفي حديثه عن المهارات المطلوبة، قال ستيلويل من شركة "إي دي بي"، إنَّ المهارات الهندسية مثل تقييم الطاقة، وإدارة وتصميم المشاريع مطلوبة بشكل كبير. كما أنَّ مطوري الأعمال الذين يفهمون تقنيات الطاقة النظيفة، هم أيضاً مورد نادر. أما الأدوار الأخرى؛ مثل إدارة عمليات الدمج والاستحواذ، أو المهام المكتبية، فيمكن توظيفها بسهولة من الصناعات الأخرى.

وقال ستيلويل: "يتعيَّن علينا جذب أشخاص من قطاعات أخرى، سواء من قطاعات النفط والغاز أو قطاعات أخرى في صناعة الطاقة، كما يمكننا اللجوء للتوظيف بشكل مباشر من الجامعات، فالمنافسة شديدة في السوق".

تعليم متناغم مع السوق

ويقول البروفيسور جوردي لوركا في "جامعة البوليتيكنيك" في كاتالونيا، إنَّه غالباً ما يتمُّ توظيف خريجي الهندسة والكيمياء أثناء دراستهم لماجستير مصادر الطاقة المتجددة في الجامعة، أو بعد انتهائهم مباشرة من الدراسة. وأضاف مدير مركز الأبحاث الهندسي في " البوليتيكنيك"، أنَّ الجامعة لديها شراكات مع كليات أخرى في أوروبا، وغالباً ما يتمُّ تعيين الطلبة للعمل في دول أخرى، مثل المملكة المتحدة أو الدنمارك.

مضيفاً: "نحن بحاجة إلى أن نتحلى بالسرعة في تكييف محتويات برامجنا الجامعية لتصبح أكثر ارتباطاً بتحوُّل الطاقة والطاقات المتجددة، وذلك للتأكُّد من أنَّ الطلاب المتخرجين من جامعتنا يستطيعون المنافسة في السوق. كما أنَّنا نبحث باستمرار في العقود والاتفاقيات التي أبرمناها مع الصناعات المختلفة لمعرفة طبيعة الطلب الحالية".

ماجستير في طاقة الهيدروجين

وكانت الجامعة قد طرحت برنامج ماجستير في طاقة الهيدروجين العام الماضي، وذلك بعد أن أدرك الأساتذة أنَّ قلة من الأشخاص يمتلكون المهارات اللازمة في مجالات الميكانيك والكيمياء، التي سيحتاجها القطاع سريع النمو قريباً. وتابع: "كلما ظهرت تقنية جديدة، يسود دائماً قدر من الفراغ في السوق. إلا أنَّنا قادرون على وضع برامج جديدة في غضون بضعة أشهر فقط".

وتعدُّ مزارع الرياح البحرية مجالاً آخر للنمو. وتتضمَّن مشاريعها إقامة توربينات رياح بحجم ناطحات السحاب على بعد أميال من شاطئ البحر وصيانتها. ويمكن لدورة واحدة من هذه الشفرات الضخمة التي تحملها التوربينات، أن تزوِّد منزلاً بالطاقة لمدة يومين. وصحيح أنَّ أوروبا كانت هي الرائدة في مجال هذه الصناعة؛ إلا أنَّ الصناعة تتوسَّع كذلك بشكل سريع في آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة في الوقت الحالي.

صناعة تتوسع عالمياً

ومن الجدير بالذكر أنَّ نقص الكوادر المتخصصة في هذه الأسواق الجديدة، يعني أنَّ المطورين يرسلون غالباً موظفين بريطانيين وأوروبيين لقيادة العمل في هذه الأماكن. بناءً على ما قاله كلينت هاريسون، مدير شركة التوظيف "تايلور هوبكنسون" التي تركِّز على الطاقة المتجددة. التي في ظل انطلاق الأعمال وازدهارها، تضاعف الضغط عليا لإيجاد مهارات محلية وتوظيفها.

و قد تشكِّل محدودية القوى العاملة المدربة تدريباً جيداً، عائقاً في صناعة أساسية لخفض الانبعاثات.

عن ذلك، يقول هاريسون: "هناك حاجة ملحة، فالسوق تنمو بسرعة كبيرة جداً، ونحن بحاجة إلى التأكُّد من أنَّ لدينا الأشخاص المناسبين في مختلف المشاريع والمناطق، لضمان المضي قدماً في المشاريع، وعدم تأخيرها".

ففي المملكة المتحدة وحدها، ستكون هناك حاجة إلى نحو 200 ألف عامل ماهر في قطاع الطاقة البحرية بحلول عام 2030. وهو رقم أعلى من 160 ألف وظيفة المطلوبة حالياً في القطاع. ذلك وفقاً لتقرير حديث صادر عن "جامعة روبرت غوردون" في مدينة أبردين الأسكتلندية. ومن المتوقَّع أن يتمَّ شغل نحو نصف هذه الوظائف بأشخاص من قطاعي النفط والغاز. كما يمكن إعادة تدريب نحو 90% من العاملين حالياً في قطاع الوقود الأحفوري للعمل على مصادر الطاقة المتجددة، وذلك كما قال أيضاً كاتب التقرير بول دي ليو.

وأضاف دي ليو: "إنَّ الطلب على وظائف قطاعات مجال الطاقة المتجددة، وتحوُّل الطاقة يتزايد بسرعة. وفي الوقت ذاته، نرى تراجعاً في الطلب على البرامج التعليمية الخاصة بالنفط. إنَّ هذا التحوُّل المجتمعي والصناعي ينعكس على نظام التعليم".