هل تفكر برحلة إلى باريس؟.. إليك لمحة عن الحياة بالمدينة حالياً

باريس تعود للحياة الطبيعية بشكل تدريجي بعد تخفيف قيود الإغلاق منذ 19 مايو الماضي.
باريس تعود للحياة الطبيعية بشكل تدريجي بعد تخفيف قيود الإغلاق منذ 19 مايو الماضي. المصدر: مومينت RE
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما استيقظ الباريسيون في صباح يوم 19 مايو الماضي، رأوا مدينتهم تولد من جديد.

فخلال الليل، تم تأجيل حظر التجوال الذي كان سارياً، لتصبح بدايته من الساعة 11 مساءً. وبعد هذا الإعلان، وبدءاً من الساعة 9 مساءً، تحولت الشوارع المحيطة بـ "أوبرا غارنييه" من الصمت إلى الصخب. في ظل شوق السكان المحليين إلى زيارة "مقاهي الأرصفة" بعد إعادة افتتاحها لأول مرة منذ شهر أكتوبر الماضي. وليس بعيداً جداً في حي "بيغالي" النابض بالحياة، كان الشعور بالإثارة كبيرا لدرجة أن أصحاب الحانات الصغيرة بدأوا بتقديم أولى المشروبات قبل الساعة العاشرة صباحاً.

وكانت هذه أول علامات استيقاظ باريس التدريجي، بعد شهور من القيود الصارمة المستمرة.

باريس تعود للحياة

عملية الاستيقاظ هذه وكل ما يرافقها من العودة للحياة، تجري بشكل بطيء، ولكن مستمر. حيث ما تزال بعض المعالم السياحية مغلقة، ومنها برج إيفل الشهير، الذي من المقرر إعادة فتحه أمام الجمهور في 16 يوليو. إلا أن متوسط السبع أيام للحالات اليومية الجديدة انخفض بنسبة 83% منذ نهاية مارس.

وحتى 8 يونيو حصل 55% من السكان البالغين في فرنسا على جرعة أولى من اللقاح، مما سمح لمعظم المتاجر، والمتاحف، والمسارح، ومقاهي الأرصفة بالعودة إلى إيقاع طبيعي في الغالب، وإن كان ذلك مع قيود مستمرة على نسبة الإشغال لتبقى عند 50% حتى نهاية شهر يونيو.

هل يرجع السيّاح لمدينة الأنوار؟

بينما لا يزال السيّاح الدوليون غائبين عن المشهد الباريسي حتى الآن، إلا أنهم سيعودون قريباً أيضاً.

حيث إنه اعتباراً من 9 يونيو، يمكن للزوار من البلدان المصنفة "خضراء"، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، واليابان، وسنغافورة، وأستراليا، القدوم إلى فرنسا دون اختبار (كوفيد-19)، طالما تم تطعيمهم بالكامل.

في حين سيظل السياح من البلدان "البرتقالية"، مثل الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة بحاجة لإظهار نتيجة اختبار "بي سي آر" سلبية، أو اختبار الأجسام المضادة، حتى لو تم تلقيحهم.

أما إن كنتم قادمين من بلد في المنطقة الحمراء، مثل البرازيل أو الهند أو جنوب أفريقيا، فإنه سيُطلب منكم الالتزام بالحد الأدنى من الحجر الصحي، لمدة سبعة أيام.

ويبدو أن المسافرين على استعداد لخوض المتاعب لزيارة باريس. إذ تقول إيزابيل بوفييه، مديرة فندق "لو لوتيتيا"، وهو أحد أفخم فنادق الضفة اليسرى من باريس: "نرى إشارات أولية على عودة الضيوف الأمريكيين هذا الشهر والشهر المقبل". إلا أنها تنوه إلى أنه لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيتم إنقاذ موسم السياحة هذا الصيف. ففي هذه الأيام، تمتلك الفنادق الفاخرة مثل فندقها نسبة إشغال تتراوح بين 8% إلى 15% فقط. مقارنة بنسبة إشغال تصل إلى 70% في فصل الصيف عادة، ذلك وفقاً لمجموعة "يو إم آي إتش بريستيج" المختصة بقطاع الفنادق.

وفي حين استقبلت باريس نحو 10 ملايين سائح خلال صيف 2019، يتوقع مكتب السياحة نصف عدد الزوار هذا العام. وربما يكون هذا أحد الأسباب التي تجعل باريس تبدو حالياً مختلفة قليلاً عما نتذكره.

مشهد الطعام في باريس

هزّت الجائحة مشهد تناول الطعام في باريس حتى النخاع. ولأكثر من نصف عام، كانت المطاعم عاجزة تماماً عن خدمة الزبائن ضمن المطعم نفسه. ومع المساعدات الحكومية لأصحاب المطاعم، من الصعب معرفة عدد المطاعم التي أغلقت أبوابها بشكل دائم في باريس. وفي الواقع، فإن العديد من المطاعم قد أغلقت أبوابها مؤقتاً، خوفاً من إضعاف علامتها التجارية من خلال خدمات التوصيل. حيث اختارت هذه المطاعم عدم القيام بأعمال تجارية على الإطلاق إلى حين حلول أيام أكثر إشراقاً وتخفيف القيود.

وقد حل هذا الوقت أخيراً. فمع درجات الحرارة المعتدلة، وغروب الشمس المتأخر، وحظر التجول الذي أُعيد تعيينه مؤخراً عند الساعة 11 مساءً، استعاد الباريسيون عاداتهم تجاه الطعام بحماس. وفي بعض الشوارع ذات الأرصفة الضيقة، بات يصعب على المشاة التنقل دون الاصطدام بأحد الكراسي أو المقاعد الخشبية لزوار المقاهي الباريسية.

وبالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن مساحة خارجية واسعة بالإضافة إلى المأكولات الراقية، فإن مطعم "لولو" يقدم تجربة رائعة؛ حيث يقع بجوار متحف اللوفر ومتحف الفنون الزخرفية، ويقدم المأكولات الإيطالية والمتوسطية في مساحة خضراء بالهواء الطلق في "حدائق التويلري".

ويشرح لنا المؤسس المشارك للمطعم، جيل مالافوس، قائلاً: "نحن محظوظون لأننا في حديقة محمية جداً من صخب المدينة، وهي تُقدّم لنا ملاذاً صغيراً يتسم بالسلام في حضن مدينة".

كما تشمل الخيارات الخارجية المميزة في الوقت الحالي، كلا من مطعم "بيسترو بول بيرت"، و"شيه لامي جان”، "لو كومبتوار دو ريلايس". وكلها مطاعم باريسية كلاسيكية صغيرة، ممتازة لتناول الطعام في المدينة.

عودة الثقافة

تزامن تخفيف القيود في باريس مع افتتاح الكثير من الوجهات الثقافية ووجهات التسوّق الجديدة، وذلك في الوقت المناسب تماماً لإعادة تنشيط السياحة.

وفي حال كنتم تفكرون بزيارة باريس قريباً، فإليكم بعض النصائح، اعتماداً على مستوى قلقكم من (كوفيد-19)، وهل تفضلون البقاء في الخارج، أم أنكم تتوقون للاحتفال كما لو كنا في عام 2019.

نصائح لزيارة باريس للقلقين حيال (كوفيد-19)

توفر باريس والمناطق المحيطة بها العديد من المغامرات ذات الصلة بالطبيعة والأماكن المفتوحة. على سبيل المثال، هناك حديقة النباتات وحديقة الحيوانات التابعة لها. أو يمكنكم زيارة منزل الرسام "كلود مونيه" وحدائقه الغنّاء في جيفرني، أو حدائق قصر فرساي.

وفي حال لم تفضلوا استخدام القطار كوسيلة تنقل، كونه يبعدكم عن هدفكم بقضاء الوقت في الأماكن المفتوحة فقط. فهناك دائماً فعاليات تحدث في حدائق لوكسمبورغ، والتي باتت تعد الآن أكثر من أي وقت مضى، نواة الحياة الباريسية.

لمن يرغبون بالعودة للحياة الطبيعية تدريجياً

تم افتتاح متحف الفن المعاصر "بورس دي كوميرس" التابع لمؤسسه "فرانسوا بينولت" في 22 مايو. وذلك على بعد عدة أبنية شمال متحف اللوفر. حيث تعرض حالياً أعمال سيندي شيرمان، وديفيد هامونز، بالإضافة لأعمال "أورس فيشر" التي تبدو منحوتاته الشمعية الضخمة، وكأنها تسعة شموع هائلة تذوب ببطء تحت القبة الزجاجية الضخمة للمتحف.

كما يمكنكم زيارة متحف "كارنافاليت" في ماريه، والذي يتتبع تاريخ المدينة من عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الحالية. وهو أقدم متحف في باريس، إلا أنه الأحدث افتتاحاً أيضاً، حيث أعيد افتتاحه بعد أسبوع من افتتاح متحف "بورس دي كوميرس"، وذلك بعد الانتهاء من فترة تجديد دامت أربع سنوات. ومن بين المعالم البارزة فيه، غرفة للمقتنيات الخاصة بعملاق الأدب الفرنسي، مارسيل بروست.

لمن يريدون التصرف وكأن الجائحة لم تحدث أبداً

على الرغم من أن جميع القيود سترفع في 30 يونيو إلا أن الحكومة لم تُشر بعد إلى النوادي الليلية، وأماكن الحفلات. ذلك بينما تعود عروض الأزياء إلى شكلها الاعتيادي، حيث سيبدأ أسبوع الموضة للملابس الرجالية في 22 يونيو، يليه أسبوع الـ"هوت كوتور" في 5 يوليو. بينما ما تزال الحفلات التي تلي مثل هذه الفعاليات عادة، قيد الدراسة إلى حد كبير.

وبدلاً من ذلك، يمكنكم الاستمتاع بالكرنفال الصيفي المعروف باسم "وندرلاند" الذي يقام شرق باريس. ويتاح ضمنه لنحو ألف شخص الاستمتاع بدروس الرقص واليوغا، ومنحدر التزلج، وملعب كرة السلة، وملعب الكرة الحديدية. بالإضافة إلى عروض الكوميديا ​​المنفردة التي تقام ضمن الكرنفال، والحفلات الموسيقية التي تتخلله في الهواء الطلق.

التنقل في باريس

ركوب الدراجة أصبح النسخة الجديدة من المشي في باريس. وذلك بفضل قرار اتخذته بلدية باريس لحظر مرور السيارات الخاصة على بعض الطرق الرئيسية. ومن هذه الطرق، شارع ريفولي الواقع في الضفة اليمنى من المدينة، والذي يربط ساحة الكونكورد بالباستيل، والذي أصبح الآن بشكل أساسي ممراً لركوب الدراجات (يُطلق عليه ممر كورونا). ويمكن للسياح فيه استئجار الدراجات باستخدام تطبيق "فيليب" (Velib)، والحصول على واحدة من الدراجات ذات اللونين الرمادي والأخضر والمنتشرة في جميع أنحاء المدينة.

في هذا الصدد، يقول فريدريك هوكوارد، الذي يشرف على السياحة في البلدية: "في حال لم تزوروا باريس منذ مارس 2020، فستبدو المدينة مختلفة جداً بالنسبة إليكم، ويعود ذلك بشكل ما إلى ممرات الدراجات والأرصفة. فقد أعدنا تنظيم المساحة العامة لجعلها أكثر ودية وترحيباً بالزوار".

مع ذلك، ما يزال الباريسيون يتنقلون بالحافلات، والمترو، والترام والقطار أيضاً. وصحيح أن الالتزام بالتباعد الاجتماعي لا يكون ممكناً في ساعة الذروة، إلا أن ارتداء الكمامة هو أمر ضروري ومفروض. حيث يواجه أولئك الذين لا يمتثلون لذلك غرامة قدرها 135 يورو (165 دولاراً). ويوفر معظم سائقي سيارات الأجرة ومركبات خدمة نقل الركاب حواجز زجاجية في سياراتهم.

آداب الجائحة التي طال أمدها

في حال تساءلت عن "اتيكيت" الجائحة في باريس، فإنه عند التسوق ما يزال من الشائع جداً رؤية العملاء يصطفون في طابور خارج المتاجر وينتظرون إيماءة من مساعد المبيعات للدخول.

علاوةً على ذلك، ما تزال الكمامات إلزامية في الداخل والخارج، إلا عند الأكل، أو الشرب، أو ممارسة الرياضة، أو التدخين. ومع ذلك، يشعر الباريسيون براحة متزايدة بشأن خفض كماماتهم عند المشي في جميع أنحاء المدينة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. أما أولئك الذين لا يحترمون حظر التجول عند الساعة 11 مساءً، فإنهم يُخاطرون بغرامة قدرها 135 يورو.

ولطالما اشتُهر الفرنسيون بسلامهم ذو القبلتين على الخدين، في عادة تُسمى "لا بيس" (la bise). إلا أن هذه العادة اختفت تماماً، في الوقت الحالي على الأقل، حيث بات الباريسيون يختارون السلام بملامسة الكوع أو قبضة اليد على طريقة السلام في زمن كورونا.