سيارة "جاغوار" متهالكة بيعت بستة أضعاف قيمتها

سيارة "XK150S 3.8 S" المتهالكة من "جاغوار" تعود إلى عام 1960.
سيارة "XK150S 3.8 S" المتهالكة من "جاغوار" تعود إلى عام 1960. المصدر: مزادات "بونهامز"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعض السيارات مميز جداً، لدرجة تجعل حتى القطع المتناثرة منها تشكّل مقتنيات تجلب الأشخاص المتهافتين لشرائها. ذلك على حد قول جاي لينو، وهو خبير في هذه الأمور. ففي السنوات التي تلت ليلته الأخيرة في استضافة برنامج "ذا تونايت شو"، استضاف عاشق السيارات البالغ من العمر 71 عاماً برنامج "جاي لينو غراج" الشهير على قناة "إن بي سي" الذي يُعرض على "يوتيوب" أيضاً. واستطاع أن يقتني واحدة من أكبر مجموعات السيارات قيمة وأكثرها تنوُّعاً في العالم.

وفلسفة لينو هذه تنطبق بالتأكيد على سيارة "جاغوار" (XK150 S) من عام 1960، التي بيعت بمبلغ 127 ألفاً و552 دولاراً، خلال مزاد "بونهامز" في 22 مايو الماضي. وبيعت سيارة الـ"كوبيه" المكشوفة والمتهالكة التي يغطيها الصدأ، بسعر أعلى بست مرات من سعرها التقديري.

أسعار مضاعفة

روب هوبارد، رئيس "بونهامز"، قال: "هذه السوق التي تشوبها الحماسة عادةً، تركد في حالة سيئة في الوقت الحالي".

وكانت مبيعات السيارات الكلاسيكية التي يشتريها الأشخاص بغرض الجمع، بدأت تعود إلى مستويات جيدة في جميع أنحاء العالم خلال الأسابيع الأخيرة، إذ باعت "بونهامز" و"سوثبيز" سيارات قديمة بقيمة 60 مليون دولار، خلال عطلة نهاية أسبوع واحدة في فلوريدا.

وضمن مزادات جزيرة أميليا أيضاً، بيعت عشرات السيارات بمبالغ من ست وسبع خانات، وهي مبالغ تفوق كثيراً حتى أكثر قيمها التقديرية ارتفاعاً. وفي "بونهامز" أيضاً بيعت سيارة تمثل مشروع ترميم آخر، وهي سيارة "أستون مارتن" (DB6) الصالون الرياضية من عام 1968، بقيمة تساوي ضعف سعرها التقديري البالغ 153 ألف جنيه إسترليني (2217,142 دولاراً أمريكياً).

سيارات منسيَّة

"مكتشفات الحظائر" هو الاسم الذي أُطلِقَ على إحدى فئات جمع السيارات التي انتشرت خلال العام الماضي، إذ اكتظّت المرائب وورش الترميم بأعمال اللحام والإصلاح. ويمكن إطلاق مصطلح "مكتشفات الحظائر" على أي من السيارات المتنوعة التي هُجرَت وتُركت منسية لعقود.

وجميعها تأتي في حالات مختلفة من التلف، بدءاً من الهياكل والإطارات الصدئة، وصولاً إلى المكونات الناقصة بشكل كامل أو شبه المفقودة، مثل المقاعد، والمكابح، والمصابيح الأمامية، والعجلات، وحتى المحركات أحياناً.

كما أن معظمها يكون مغطى بالطلاء المتصدع، والأسوأ من ذلك أنه في بعض الحالات تعيش القوارض في الجزء السفلي منها، فيما تسكن أخرى القطط الضالة أو المغطاة بفضلات الطيور والخفافيش. وكلها سيناريوهات متوقعة. وواحدة على الأقل من هذه السيارات التي أعرفها، تنتشر إشاعات تقول إن شبحاً خبيثاً يسكنها.

وقت فراغ كافٍ

وسط مخاوف "كوفيد-19" أصبح لدى "رجال السيارات" وقت أطول من أي وقت مضى لترميم السيارات في ورشهم الخاصة، أو إرسال سياراتهم كمشاريع ترميم تُجدوَل في الورش المختصة. ولكن لا بد أن الأسباب التي جعلت سيارة محطمة كهذه تستحق مثل هذا السعر المرتفع، لم تكن تقتصر على حماسة هؤلاء المشترين المضاربين، والمكبوتين بفعل الجائحة.

إذ يُعتبر هذا الطراز من "جاغوار" في حدّ ذاته مميزاً بما يكفي لاستحقاق أن يمثّل أحد مشاريع ترميم "مكتشفات الحظائر"، ولو كانت قيمة سعر المزاد بالإضافة إلى تكلفة ترميم السيارة تتجاوز قيمة النتيجة النهائية للسيارة بعد الترميم.

أن تكون جزءاً من القصة

في هذا الصدد يقول جون مايهيد، مدير معلومات السيارات في شركة "هاغرتي" (Hagerty) في المملكة المتحدة: "بصراحة، لا نعرف حقاً سبب إنفاق هذا القدر الكبير من الأموال". وأشار إلى أنه في بعض الأحيان يتعلق الأمر بالتوقيت. ففي بعض الأحيان يجد المشتري المناسب المشروع المثالي له، وتحدث الصفقة ببساطة. وفي أوقات أخرى يتعلق الأمر برغبة المشتري أن يصبح جزءاً من التاريخ: "القصة التي تدور حول السيارة في بعض الأحيان، تكون أمراً يشجّع المشترين على دفع مبالغ أكبر"، يضيف مايهيد: "امتلاك سيارة مثل هذه مسألة ترتبط بمواصلة القصة الخاصة بها، التي تريد أن تكون جزءاً منها".

تاريخ السيارة

أُطلِقَت سيارة "جاغوار" (XK150s) في عام 1957، وجاءت في نموذجَي "كوبيه" مغلق ومكشوف. واشتهرت بتصميمها المستدير المتطور، والميكانيكا المتقدمة بها التي تضمنت مكابح الأقراص (مقارنة بمكابح الأسطوانة القديمة)، ومحركات قوية سعة 3.8 لتر، تنتج قوة تصل إلى 265 حصاناً. ويمكن أن تصل سرعتها إلى 60 ميلاً في الساعة (1 ميل = 1,609 كم)، خلال 7.3 ثانية. كما تجاوزت سرعتها القصوى 130 ميلاً في الساعة.

وقد صنعت "جاغوار" أقل من 3 آلاف سيارة مكشوفة منها، وعدداً أقل حتى من نسخة "XK150 S" عالية الأداء. اليوم، لا يتبقى سوى عدد محدود من هذه السيارات، وعددها الإجمالي غير معروف.

الحالة النموذجية

في حالتها الجيدة تبلغ قيمة أفضل سيارة "جاغوار" (XK150 S) نحو 280 ألف دولار، وفقاً لدليل أسعار "هاغرتي". إلا أن الأسعار تختلف على نطاق واسع، فمعظم السيارات التي تكون في حالة جيدة (حالة الاقتناء النموذجية)، تبلغ قيمتها ما يقرب من 163 ألف دولار، كما يقول مايهيد.

في العام الماضي، بيعت سيارة "XK150" جميلة من عام 1958، في مزاد بمبلغ 176 ألف دولار. وفي يناير باعت "بونهامز" سيارة بيضاء منها مقابل 145 ألفاً و600 دولار. وبصورة عامة يمكن أن تُباع المركبات من سيارة "XK150" من ذات الوضع الأسوأ بقليل من الحالة النموذجية، بسعر يقلّ عن 100 ألف دولار.

تاريخ حافل

جدير بالذكر أن سيارة "XK50" هذه كانت مملوكة لشخص واحد منذ عام 1969، وكان لها تاريخ طويل استمرّت فيه بالعمل حتى حادثة في "يوم ممطر" عام سبتمبر 1996، وكان ذلك، وفقاً لكتالوغ المزاد، عندما فقد مالك السيارة السيطرة عليها واصطدم بشجرة. وقد خرج من الحادثة سالماً، أما السيارة فكانت في وضع أسوأ إلى حد ما. وظلّت تقبع داخل مرأب منذ ذلك الحين، حتى غطاها الصدأ. ومع ذلك كان تركها مخبأة بعيداً أمراً ساعد على الحفاظ على ما تَبقَّى منها.

ويوضّح كتالوغ مزاد "بونهامز" أنه "بالنظر إلى تاريخ الحادثة وتخزين السيارة في مكان جافّ، فهي لا تزال في حالة قابلة للإصلاح، وتوفّر إمكانيات هائلة كمشروع مُجدٍ للترميم". ويُعَدّ التخزين الجاف أمراً بالغ الأهمية للسيارات، لدوره في وقف التطور الشديد للصدأ، الذي يمكن أن يضع السيارة في حالة شبه ميؤوس منها، عندما يتعلق الأمر بالإصلاح.

عملية الترميم

جهود ترميم هذه السيارات تتطلب موارد كبيرة. فيتوجب على العاملين تقويم ما يستطيعون من الأجسام الملتوية بها، واستعاد المكونات المحطمة والاستبدال بها، وبناء هيكل وإطار جديدَين. بالإضافة إلى تثبيت أشياء مثل المكابح، وعلب التروس، والمعلَّقات، والعثور على المحرّك الصحيح (أو بناء محرك جديد).

كذلك عليهم العمل على مطابقة الطلاء والمصنوعات الجلدية من الداخل والخارج. وبناءً على ذلك سوف تستغرق استعادة المالك الجديد لسيارة "XK150" النادرة سنوات، وذلك بعد "جهود عظيمة وأموال كثيرة"، حسبما يقول مايهيد.

في المقابل، فإن إعادة ترميم سيارة "بورشه 356" التي تعود إلى الحقبة ذاتها، واستعادتها إلى حالة جيدة، تتطلب مئات آلاف الدولارات. ولكنها بالطبع سيارة تميل إلى ربح الجوائز ضمن الأحداث المرموقة من عروض السيارات وسباقات الـ"رالي" في جميع أنحاء العالم.

مكتشفات أخرى قيمة

كذلك فإن سيارة "فيراري 340" الأمريكية الزرقاء، من عام 1952، تعد مثالاً رائعاً على "مكتشفات الحظائر". واليوم، تبلغ قيمة سيارة "فيراري 340" الملايين، وستُطرَح هذه السيارة للبيع في مزاد "ميكم" (Mecum) القادم، إذ وضع أحد التقديرات سعر السيارة التقديري عند 9 ملايين دولار في عام 2016، وكان شخص ذو رؤية ثاقبة اشترى هذه السيارة عام 2006، ودفع مقابلها حينها 26 ألفاً و912 دولاراً فقط. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن نفس هذه السيارة كانت بيعت مقابل 200 دولار فقط عام 1990.

من جهتها رفضت "بونهامز" نشر اسم مشتري سيارة الـ"جاغوار" المحطمة، ولكن بطبيعة الحال فبالنسبة إلى من يشتري مثل هذه القطع من التاريخ، فإن الوقت المستغرق والنفقات تُعَدّ كلها جزءاً لا يتجزأ من متعة التجربة.