انتصار جيل الألفية للعملة الرقمية أكبر من سعر "بتكوين"

العملات الرقيمة
العملات الرقيمة أندريه روداكوف / بلومبرج
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نظراً للسرعة التي تظهر فيها العملة الرقيمة مع توجيه جيل الألفية إلى أصول بديلة في الهند، فقد أصبح من الصعب أن نتخيل أنَّه منذ عامين فحسب، كان اثنان من رواد البلوكتشين/blockchain في عهدة الشرطة لوقت قصير.

لقد تمَّ اعتقال كلٌّ من "ساثبيك فيهويناث"، و"هاريش بي في"، وهما المؤسسان المشاركان للشركة الناشئة التي كان عمرها خمس سنوات في أواخر عام 2018. ولم يكونا يقومان بعرض أولي مشبوه للعملة الرقمية، بل كانت جريمتهما أنهما وضعا كشكاً في مركز تجاري في "بنغالور"، يمكن فيه للعملاء تبادل البتكوين، إيثر أو ريبيل مقابل النقد أو بالعكس. وكانت تلك هي الفكرة وراء "أونوكوين"، مركز تبادل العملات المشفرة. لكن الشرطة ساورتها الشكوك بشأن هذا الصَّرَّاف الآلي من نوع جديد.

تغيُّر الكثير منذ ذلك الوقت.

لقد ازدهرت "أونوكوين"، التي تمكَّنت من الحصول على التمويل من داعم تيسلا، "درابر أسوسيشين" العائدة ل"تيم درابر"، إلى جانب مشاريع بلوكتشاين/blockchain الهندية الأخرى.

وارتفعت حصة الهند من التداول الافتراضي بالعملات بين الأشخاص في آسيا إلى 33%، وهي حصة الصين نفسها وفقاً لتحليل مركز أركان للأبحاث في أوسلو، حول أحجام "باكفول ولوكال بتكوين"، أضخم منصات التعاملات في المنطقة.

إنَّ بعضها يعود دون أدنى شك إلى الازدياد الفقاعي في قيمة عملة البتكوين هذا العام، الذي وصل مؤخَّراً إلى مستوى ضمن حد المئة دولار من أعلى سعر حققته على الإطلاق بعد تجاوزها لسعر 19.000 دولار لأول مرة منذ عام 2017.

لكن هناك عوامل أساسية أخرى مؤثرة، فإرسال الأموال إلى الهند من خلال هذه العملات المشفرة، أصبح أحد الخيارات المتاحة لتجنب الرسوم المصرفية المرتفعة.

إنَّ بعض عملاء بورصات الأصول الرقمية، وهم في معظمهم من عشاق التكنولوجيا وأصحاب العمل الحر، الذين يحصلون على العملات المشفرة بتواترات منتظمة كدفعات مقابل عملهم، ويقومون بتحويلها إلى الروبية من خلال حساباتهم في المصارف المحلية. تستخدم العائلات في الهند القناة نفسها لإرسال الأموال إلى الطلاب في الخارج.

ولا يتعلق الأمر فقط بامتلاك الهند لأكبر جالية مغتربة في العالم، مع أكثر من 100 مليار دولار من الأموال التي تتدفق في الاتجاهين. بل إنه الحظر الكارثي الذي فرضة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" على 86 %، من عملة البلاد في نوفمبر 2016 ، الذي تسبَّب في إحداث صدمة لدى الهنود بشأن النقود الورقية. أضف إلى ذلك الخوف من ترك السيولة الاحتياطية في البنوك في الوقت الذي انهارت فيه ثلاث مؤسسات إيداعات كبيرة في الأشهر الخمسة عشر الماضية. فلا عجب أنَّ "أركان"، تتوقع أن يتغلب حجم التعامل بالعملة المشفرة في الهند على نظيره في الصين.

خيار العملات الرقيمة

وتساعد صناعة إدارة الأصول المحلية على اعتماد خيار العملات المشفرة، بسبب عدم كفاءتها. لأنَّ غالبية مديري الصناديق الكبيرة، عانوا من أجل تحقيق الأهداف المرصودة لهم خاصة في السنوات الأخيرة. إذ لم تتجاوز عائدات مؤشر نيفتي 50 أكثر من 2 %، على الدولار خلال العقد الماضي. ومع ذلك، وكما أظهر محللا بلومبرغ انتليجينس: "غوراف باتانكار"، و"موغان بارنا"، فإنَّ الأداء الضعيف لم يمنع المديرين من استيفاء أجور عالية.

بدأ الشباب الساخطون من أصحاب المدخرات بالانتباه إلى ذلك، وتوجهوا نحو الصناديق المتداولة في البورصات الأمريكية. وبالرغم من أنَّ نسبة 1 %، من المخصصات الدولية لا تزال نسبة صغيرة، إلا أن محللي "بلومبرغ انتليجينس"، يقولون، إنَّها تنمو بسرعة. وينطبق الأمر نفسه على الاستثمار في العملات المشفرة، وكذلك فإنَّ امتلاك أصل مالي رقمي متقلب للغاية على المدى الطويل، ليس للأشخاص ضعاف القلوب. لأنَّ 600 فقط من أصل 1.2 مليون عميل لأونوكوين بدأوا خطة شراء ممنهجة للاستثمار (غالباً) في عملة البتكوين. لكن 99.5 %منهم يحصدون أرباحاً، ويجب أن يتفاخروا بهذا أمام أصدقائهم.

لكنَّ عاملاً مثبطاً واحداً ، هو التنظيم. فلا أحد يريد العودة إلى عام 2018، عندما قام البنك الاحتياطي، الذي يعد السلطة النقدية، بتوجيه أمر للبنوك بعدم خدمة العملاء الذين تعاملوا بالعملة الافتراضية. وكادت هذه المقاربة الصارمة أن تخنق ثورة البلوكتشين/blockchain في الهند. وكان الإجراء المتخذ ضد كشك "أونوكوين" في "بنغالور" مثل يد الدولة الثقيلة التي تسحق كشك بيع عصير الليمون للأطفال. إن لم يتمكن الأشخاص في عاصمة التكنولوجيا الهندية من الدفع نقداً مقابل أية عملة مشفرة، فعندها سيكون هذا الأصل الرقمي محظوراً بفعالية على الصعيد الوطني.

وبعد فوات الأوان، أثبتت محنة المؤسسين مع الشرطة أنها نعمة مقنعة، إذ تضافرت جهود رواد الأعمال الشباب معاً، وتوجهوا إلى المحكمة العليا في نيودلهي، وحصلوا على قرار بإعلان توجيهات بنك الاحتياطي الهندي للبنوك، بأنها غير دستورية. وقد حدث ذلك في شهر مارس.

البورصة تقفز 5 أضعاف

وبالفعل، شهدت البورصة قفزة بخمسة أضعاف في التداول، بمتوسط 150 ألف دولار في اليوم، صعوداً من 30 ألف دولار قبل حكم المحكمة. في الآونة الأخيرة، وأصبح التداول أعلى بكثير بفضل الارتفاع في أسعار البتكوين. كما كانت البورصات الأكبر مثل CoinDCX تشهد أحجاماً تداول يومية تقارب 700 ألف دولار، في آخر مرة تحققت بها من ذلك.

يحثُّ اللاعبون في هذا المجال الحكومة على إخضاع الأصول الرقمية لقانون غسيل الأموال الحالي، الذي سيعطي شرعية للصناعة. في حين ستكون الخطوة التالية، هي تنظيم العملات المشفرة كأموال أو أوراق مالية، وفق استخدامها.

قد تتساءل البيروقراطية الهندية اللامعة عما إذا كان كل هذا جنوناً. ربما لا. إنَّه ليس فريداً حتى بالنسبة للمستهلكين الهنود من جيل الألفية وما بعدها. سيكون تجفيف الصناعة المصرفية العالمية من رسومها الباهظة، ووضع المزيد من القوة الشرائية في أيدي الناس بعد جائحة كوفيد 19، هدفاًً عالمياً.

وينصح الاقتصاديون في "دويتشه"، في دراستهم التي تحمل عنوان: "ما يجب علينا فعله لإعادة البناء"، بنك الشركات، وصنَّاع السياسات، بتصميم بدائل لبطاقات الائتمان، و "إزالة رسوم الوسطاء". كما ستساعد التكنولوجيا المالية التقليدية في ذلك على المدى القريب، وعلى المدى الطويل، ستقوم الاقتصاديات الكبرى بكل ذلك عن طريق استبدال النقد بالعملات الرقمية لبنوكها المركزية.

عندها سينضم المستهلكون الأكبر سناً إلى هذه الموجة، وإن لم يفعلوا فسيتعثرون، ولن يكون ذلك مجازياً فحسب. إذ ستتيح "العقود الذكية" للعملات المشفرة التي يتم تشغيلها تلقائياً للسيارات ذاتية القيادة تبديل المسارات بشكل أسرع من غيرها. وسيدفع المسافرون باستمرار بعضهم لبعض بالعملات الرقمية الرسمية، أو بالعملات المستقرة، مثل "ليبرا" التي اقترحها "فيسبوك"، وهي من العملات المشفرة المميزة الخاصة التي يتم تثبيت قيمتها مقابل النقود الورقية.