ضريبة الشركات العالمية مهددة بالفشل.. والسبب بريطانيا

"ريشي سوناك" وزير الخزانة البريطاني الذي يقاوم فريقه فرض ضريبة الشركات المقترحة من "مجموعة السبع" على البنوك وذلك من أجل الحفاظ على لندن كوجهة جاذبة للشركات متعددة الجنسيات خاصة بعد "بريكست"
"ريشي سوناك" وزير الخزانة البريطاني الذي يقاوم فريقه فرض ضريبة الشركات المقترحة من "مجموعة السبع" على البنوك وذلك من أجل الحفاظ على لندن كوجهة جاذبة للشركات متعددة الجنسيات خاصة بعد "بريكست" المصدر: غيتي إيمجز
Lionel Laurent
Lionel Laurent

Bloomberg Opinion. Writing my own views on Flag of European UnionFlag of FranceMoney-mouth face(Brussels/Paris/London) here: https://bloom.bg/2H8eH0P Hate-love-mail here: llaurent2 at bloomberg dot net

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُخرج الإصلاح الضريبي العالمي الدوافع المتضاربة لبريطانيا ما بعد "بريكست" إلى العلن.

عندما اتخذت إدارة "بايدن" خطوة غير مسبوقة، في وقت سابق من هذا العام، بوضع حد أدنى على مستوى العالم لمعدل ضريبة الشركات يبلغ 21%، كان لدى وزير الخزانة البريطاني "ريشي سوناك" وفريقه وجهة نظر سلبية.

رأى البريطانيون أن المعدل المقترح مرتفع للغاية - على الرغم من خطط "سوناك" الخاصة برفع ضريبة الشركات في المملكة المتحدة إلى 25% - وليس موجهاً نحو دفع شركات التكنولوجيا مثل "أمازون" إلى دفع حصتها العادلة في جميع أنحاء العالم.

إعفاء الخدمات المالية

حالياً، بعد أن وافقت مجموعة "الدول السبع" على معدل 15% كحد أدنى، وضريبة جديدة على أرباح الشركات متعددة الجنسيات، التي من شأنها منح الدول فرصة لجمع المزيد من الأموال، لا يزال فريق "سوناك" وفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز" غير سعيد.

إنهم يريدون إعفاءً للخدمات المالية، بما في ذلك البنوك العالمية التي يقع مقرها الرئيسي في لندن مثل "إتش إس بي سي".

ستواصل المملكة المتحدة الدفع بقضيتها مع انتقال المحادثات إلى مستوى "مجموعة العشرين".

مقاومة وتناقض

لم يكن القصد أن تكون البنوك هي الهدف الأساسي للإصلاحات المصممة لإدخال نظام الضرائب العالمي في العصر الرقمي.

ووفقاً لتقرير برلماني فرنسي، فإنه بموجب مقترحات سابقة كان من المفترض إعفاء قطاع التمويل، إلى جانب شركات الطيران والطاقة وصناعات أخرى.

وعلى هذا الأساس، يمكن أن تجادل بأن المملكة المتحدة ربما تحاول سحب الغطاء قليلاً من إدارة "بايدن".

ومع ذلك، وكما قال بعض الداعين لفرض الضرائب، فإن هذا المزيج من المقاومة والتناقض - أو "التهرب والمغالطة"، - أصبح عادة بالنسبة للمملكة المتحدة. وهو الأمر الذي لن يساعد في بناء إجماع حول هذا الاتفاق الضريبي خارج مجموعة "الدول السبع".

خسائر متوقعة في إيرادات الضرائب

إن القلق المحدد هنا يتمثل بشكلٍ أقل حول معدل الضريبة الحالي لشركات مدينة لندن، حيث إن 19 من أصل 20 من أكبر الشركات المالية في أوروبا الغربية والأمريكية دفعت معدل ضرائب فعلي يزيد على 15% في عام 2019، وفقاً لـ"بلومبرغ نيوز"، لكن القلق بشكل أكبر حول من سيُفرض عليهم الضرائب.

فمن خلال إعادة تخصيص الأرباح الخاضعة للضريبة لتتماشى بشكل أفضل مع مكان إنشاء القيمة، يمكن أن تخسر المملكة المتحدة شريحة من الإيرادات الضريبية.

ومع ذلك، على الأرجح ستحتاج صناعة التمويل لتأقلم ضئيل فحسب. إذ كتب ريتشارد مورفي، مدير "مركز بحوث الضرائب البريطاني"، حول إعادة تخصيص 174 مليون جنيه إسترليني (246 مليون دولار) لبنك مثل "باركليز"، أو 0.8% من الإيرادات: "انزعاج سوناك لا يتعلق بالكثير".

الضرائب أم جذب الشركات

لكن الصورة الأكبر هنا، هي أن المملكة المتحدة تتنازع مع لندن ما بعد "بريكست"، تلك التي تتوق لإثبات أنها لا تزال قادرة على جذب الشركات متعددة الجنسيات، وسط ضغوط الوباء التي دفعت الاقتراض الحكومي إلى أعلى مستوى قياسي له في وقت السلم، وتسبب في تدهور العلاقات التجارية مع القارة.

في مارس، كجزء من خطة ميزانية كوفيد-19، وعد "سوناك" بزيادة ضريبة الشركات إلى 25% من 19%، ولكن ليس إلا بعد عامين آخرين، هذا إذا دخلت الخطة حيز التنفيذ على الإطلاق.

في الوقت نفسه، كان "سوناك" يبذل قصارى جهده لتقديم وعود "بالكثير من الأشياء الجيدة" لجذب الاستثمار الأجنبي. وهي تشمل إنشاء ثماني مناطق أعمال "مناطق تجارية حرة" منخفضة الرسوم ومنخفضة الضرائب، والتي وصفتها "منظمة الشفافية الدولية"، بأنها خطر كبير لغسيل الأموال ما لم يتم وضع رقابة مناسبة لتجنب الفساد.

ضغوط "بريكست"

أدى الطلاق مع الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الضغط لتوفير هذه الامتيازات، أو في الواقع لأي "أرباح من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي" على الإطلاق، بالنظر إلى فقدان الوصول غير المقيد إلى السوق الموحدة للكتلة التي طاردت أصول القطاع المالي ووظائفه، وألقت بالتجارة عبر البحر الأيرلندي إلى حالة من الفوضى. حتى أن الحكومة عينت مستشاراً خارجياً لتحديد فرص "بريكست".

في ظل هذه الخلفية، ومع صرخة عام 2019 لقطب الإعلانات "مارتن سوريل"، التي لا تزال حاضرة في الأذهان، والتي دعا فيها لـ"سنغافورة أضخم"، من المرجح أن يشعر زملاء المملكة المتحدة من الدول الغنية بالقشعريرة من اقتطاع لندن.

التركيز على المصلحة العامة

بدلاً من قيادة طليعة المقاومة ضد الإصلاح الضريبي العالمي باسم القطاع المالي، يجب على المملكة المتحدة التركيز على المهمة الصعبة المتمثلة في ضمان أن المقترحات الحالية ستعمل على النحو المنشود ضد تملص شركات التكنولوجيا الكبرى من دفع الأرباح الخاضعة للضريبة.

لقد ظهرت بالفعل عقبة كبيرة: فالهامش التشغيلي المقدر لشركة "أمازون" والذي يقل عن 10% لهذا العام من شأنه أن يجعلها من الناحية الفنية بعيداً عن متناول القوانين الجديدة.

إن إقناع العالم بتشديد الخناق بما يكفي دون طلب مزايا لندن في المقابل سيكون صعباً. لذا تحتاج صفقة "مجموعة السبع" إلى التركيز على المصلحة العامة وليس المصلحة الفردية.