مع انحسار كورونا.. دراجة "ليفت" الإلكترونية تستعد لغزو شوارع أمريكا

دراجة "ليفت" الإلكترونية الجديدة
دراجة "ليفت" الإلكترونية الجديدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تستهدف شركة "ليفت" إطلاق دراجة إلكترونية جديدة تنضمّ إلى أسطول الدراجات الخاص بها، في وقت يستعد فيه العاملون في الولايات المتحدة للعودة إلى أماكن عملهم.

يُطلَق هذا الطراز المحدَّث في سان فرانسيسكو، ويتميز بعدد من التحسينات في إمكانية الحصول عليه ودرجة المتانة، بما يتفوق على الدراجات الحالية التي تعمل بالبطارية، وتؤجّره شركة "ليفت" بحساب الدقيقة في تسع مدن أمريكية.

يأتي من بين تلك التحسينات، عُمر البطارية الأطول، ومركز ثِقَل مُنخفض، وسَرج يستوعب الركاب الأصغر حجما بشكل أفضل. ولا يتضمن الطراز الجديد ناقل تروس، لأن المحرك الكهربائي المثبت على العجلة الخلفية يحتوي على مستشعرات تتكيف تلقائياً مع عزم الراكب والإيقاع والسرعة.

ستنبه وحدة التحكم الرقمية المثبتة على المِقوَد الركاب لأشياء مثل حدود السرعة المحلية وتخطّي حدود مواقف السيارة المسموح بها، كما يوفّر الطلاء الأبيض العاكس، مثل النوع الموجود على إشارات المرور، مزيداً من الرؤية.

حسب جون زيمر، رئيس شركة "ليفت" والمؤسس المشارك لها، فإن الشركة تعلمت كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية، كما أن الطراز الجديد يُعَدّ أول قطعة من الأجهزة التي صمّمتها الشركة من الألف إلى الياء للاستفادة من تعلم تلك الدروس وخلق من تجربة آمنة للغاية.

من المقرر أن تصل أول 100 دراجة إلى نظام "باي ويلس" (Bay Wheels) في سان فرانسيسكو كجزء من اختبار تجريبي عام لعدة أسابيع، وفقاً للشركة، كذلك من المقرر طرح نظام "ديفي" (Divvy) في شيكاغو على نطاق أوسع هذا الخريف، مع إضافة المزيد من المدن بحلول نهاية العام. ستحل الموديلات الجديدة محل الدراجات الإلكترونية القديمة لأنها تتهالك.

إقبال متزايد

وتشهد الفترة الأخيرة إقبالاً كبيراً على ركوب هذه الدراجات ثنائية العجل الأنيقة، التي تأتي بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من استحواذ شركة "ليفت" على شركة "موتيفيت" (Motivate)، أكبر مشغل لنشاط مشاركة الدراجات في أمريكا الشمالية، وبعد عامين من إدخال الدراجات الإلكترونية الأولى في أساطيلها.

وكان التوسع في طرح الدرجات الإلكترونية صعباً، ففي عام 2019 دفعت عشرات الإصابات المتعلقة بالفرامل المُبلَغ عنها في مدينة نيويورك، شركة "ليفت" إلى سحب ما يقرب من ألف دراجة كهربائية من نوع "سيتي بايك" (Citi Bikes) من الشوارع، وهي خطوة تكررت في واشنطن العاصمة وسان فرانسيسكو. أدت تلك المشكلة في النهاية إلى رفع المتضررين ستّ دعاوى قضائية على الأقل ضد الشركة، التي قررت سحب دراجات "باي أريا" (Bay Area) مرة أخرى بعد بضعة أشهر بسبب حوادث اشتعال نيران في عدد قليل من الدراجات.

قال متحدث باسم الشركة إن الدراجات الجديدة اختُبرت بشكل شامل لتلبية معايير السلامة الأمريكية والكندية والدولية، إذ تتميز بأنها تحتوى على أجزاء يسهل فكها وإصلاحها، كما تشتمل على أجهزة استشعار داخلية يمكنها أن تشير إلى الحاجة إلى الإصلاح من خلال فنيين.

وتواجه تقنية الدراجات الإلكترونية لحظة بالغة الأهمية، إذ أدّت المخاوف المتعلقة بمرض "كوفيد-19" إلى بحث أشخاص عن بدائل للنقل، ودخل عدد كبير من الشركات المصنعة سوق الدراجات الإلكترونية في الولايات المتحدة، وانتعشت مبيعات الدراجات التي تعمل بالكهرباء في أثناء فترة تفشي وباء كورونا، وتزايدت بنسبة 145% من 2019 إلى 2020. وأظهرت الدراسات الحديثة، التي تشير إلى فوائدها للمستخدمين الجدد، توقعات بالنموّ المستمرّ.

يُنسب الفضل إلى الدراجات الإلكترونية في جلب مزيد من الدرّاجين إلى برامج مشاركة الدراجات، التي عانت عاماً أكثر صعوبة، وجاءت موجة من المستخدمين لأول مرة في أثناء الجائحة -بما في ذلك آلاف النساء اللائي كُنّ تاريخياً أقلّ استخداماً لها- مدفوعة بتقليص خدمات النقل وبرامج النقل المجانية للعمال في المجالات الأساسية، الذين لا تسمح طبيعة مهامّهم بالعمل من المنزل.

تأثير الإغلاق

وأثبتت الدراجات الكهربائية على وجه الخصوص شعبيتها داخل برامج مشاركة الركوب، إذ جعل المحرك من السهل التنقل لمسافات أطول أو المرور بأماكن ذات درجات انحدار شديدة.

مع ذلك أثّرَت الإغلاقات الاقتصادية والمخاوف من فيروس كورونا في عدد الركاب الإجمالي، مع انخفاض الرحلات لستَّة من أكبر أنظمة مشاركة الدراجات الهوائية في البلاد، بنسبة 45% في ربيع 2020 مقارنة بمستويات عام 2019.

وظهرت عودة الاستخدام مع عمليات إعادة الفتح، إذ شهد شهر مايو الماضي تحطيم كل من برنامج "سيتي بايك" و"ديفي" للأرقام القياسية السابقة لركاب الدراجات خلال يوم واحد.

وبعد عام مليء بالضربات الناتجة عن عمليات الاندماج وتصفية الشركات، يشهد عالَم التنقل الدقيق الذي يشتمل على أشكال أخرى أوسع، حالةً من النشاط مجدداً. وظهرت شركة "جوكو" (JOCO) للدراجات الإلكترونية في نيويورك في شهر أبريل، مما استدعى رفع إدارة المدينة دعوى قضائية.

وبدأ أول برنامج تجريبي للدراجات الصغيرة الإلكترونية "سكوتر" في مدينة نيويورك هذا الصيف، كما أطلقت شركة "ليم" (Lime) خدمة اشتراك شهرية في جميع أنحاء العالم مع 100 دراجة بخارية صغيرة كهربائية في مدينة بروكلين.

في الوقت نفسه تعمل شركة "زوومو" (Zoomo) ومقرها أستراليا، على توسيع تأجير الدراجات الإلكترونية التي تستهدف عمال التوصيل في عديد من المدن الأمريكية، فيما تعمل شركة "أمازون" على دراجة ثلاثية العجلات مصممة أيضاً للشحن في المناطق الحضرية.

مع ذلك يبدو أن التبني الجماعي المتنبَّأ به في السابق لمثل هذا النوع من برامج مشاركة وسائل النقل بعيد المنال، ففي الأماكن كثيفة السكان والمدن التي تمثّل نقاط عبور إلى أماكن أخرى مثل نيويورك، قد يلعب التراجع المستمر لعدد ركاب مترو الأنفاق الناجم عن تفشي مرض "كوفيد-19" دوراً كبيراً في جذب مزيد إلى ركوب الدراجات، لأن عدداً قليلاً نسبياً من الناس يمتلك سيارات، لكن حتى هناك، ترتفع أعداد السيارات الجديدة، وكذلك الازدحام المروري.

التنقل الدقيق

وفي المدن التي كانت بالفعل أكثر اعتماداً على المركبات الخاصة، مثل لوس أنجلوس ودنفر، قد يكون من الصعب إقناع الركاب بتجربة دراجة من خلال برامج المشاركة العامة بدلاً من القيادة الفردية.

وفقاً لجون ماك آرثر، الباحث الذي يدرس النقل المستدام في جامعة ولاية بورتلاند، فإن الأمر سيكون مثيراً للاهتمام عندما يخرج الناس من منازلهم ومساكنهم البسيطة للعودة إلى العمل".

وتساءل: "هل هذا هو الوقت لنقول لهم: (مرحبا)؟ هل فكرت بشكل مختلف حول كيفية ذهابك إلى العمل من قبل؟"، مُعرِباً عن اعتقاده أن ذلك ممكن، لكنه ليس متأكداً من الطريقة الممكن من خلالها فعل ذلك.

وأوضح هوراس ديديو، محلل القطاع الذي صاغ مصطلح "التنقل الدقيق"، أن الرياح مواتية على نحو أفضل على صعيد الدراجات الإلكترونية والدراجات الصغيرة "سكوتر" المملوكة للقطاع الخاصّ، معتبراً أن كثيراً من ذلك يعتمد على عدم رغبة الأشخاص في مشاركة الأشياء، لكنه يعتقد أيضاً بوجود سؤال على المدى الطويل حول ما إذا كان الناس سيستطيعون امتلاك منتج التنقل الخاصّ بهم.

تستمر أيضاً تحديات تتمثل في موازنة تكلفة الاحتفاظ بالمركبات مشحونة وخدمتها، بالسعر المناسب للمستهلك، بما يحافظ على ارتفاع الطلب.

يُقلِق ارتفاع معدلات الإيجار من موفري خدمة "التنقلات الدقيقة"، بما في ذلك شركة "ليفت"، ماك آرثر من أن الدراجات الإلكترونية المشتركة أصبحت بعيدة عن متناول ركاب الدراجات عندما يكون التركيز على توسيع خدمة الوصول إليها، ويعتقد أن ذلك يمكن أن يجري من خلال برامج الإعانات العامة.

وأشار إلى أنه يرى أنظمة مشاركة الدراجات على أنها وسيلة نقل عامّ يجب تمويلها والنظر إليها على أنها نقل عام، لا كوظيفة قائمة بذاتها يجب أن تكون قادرة على توفير الأموال بنفسها طوال الوقت للتشغيل.

تحديات مستمرة

ظهرت دراجات "ليفت" الجديدة في الشوارع بعد خمس سنوات من نشر "زيمر" مجموعة من التوقعات الطموحة لقطاعه، بما في ذلك فكرة ابتكار تنقُّل مختلف تكون قيد الاستخدام على نطاق واسع، مع نهاية ملكية السيارات الخاصة التي تلوح في الأفق بالمدن الرئيسية.

وباعت شركة "ليفت" مؤخراً برنامجها الخاص بـ"المركبات الآلية" لشركة "تويوتا"، إذ تهدف إلى التحول إلى الربحية بحلول نهاية العام (لا تزال الشركة تعمل على نظام لإدارة أسطول سيارات الأجرة ذاتية القيادة).

وبينما كانت الدراجات عموماً قصة نجاح لفترة تفشي مرض "كوفيد-19"، فإن تحديات النقل العامّ المستمرة تجعل المستقبل الخالي من السيارات أقلّ تأكيداً من أي وقت مضى.

وأكّد "زيمر" أنه ولو أخطأ في التفاصيل فإنه لا يزال يؤمن بنفس الرؤية لمستقبل تكون فيه السيارات أقلّ هيمنة. وأضاف أنه واثق بأنهم سيثبتون على المدى الطويل إمكانية جعل حياة المدن أفضل لصالح الناس، وتابع: "قد لا يكون الجدول الزمني بالسرعة أو الوضوح الذي يريده الجميع، لكنني أعتقد أننا ما زلنا نحرز تقدماً نحو تحقيق ذلك".