شركات النفط الكبرى تكتشف أخيراً أن المناخ قد تغير.. ماذا حدث؟

ناشطون في مجال حماية المناخ يحتفلون بقرارات تلزم شركات نفط كبرى بإجراءات للحد من الانبعاثات الكربونية
ناشطون في مجال حماية المناخ يحتفلون بقرارات تلزم شركات نفط كبرى بإجراءات للحد من الانبعاثات الكربونية المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خلال الشهر الماضي، احتفل النشطاء بخطواتٍ لجعل أكبر شركات النفط في العالم تتصدى لتغير المناخ. في الولايات المتحدة، فرض المساهمون في شركة "إكسون موبيل" على الإدارة العليا، تعيين أعضاء مجلس إدارة جدد، مهمتهم تسريع انتقال الشركة بعيداً عن الوقود الأحفوري.

في الوقت نفسه، في أوروبا، قضت محكمة في "لاهاي" بأن شركة "رويال داتش شل" كانت على وشك انتهاك التزامها بحقوق الإنسان، لتقليل انبعاثات الكربون، وأمرت الشركة بتبني هدف ذي متطلبات أكثر للتخفيف منها. وقالت شركة "شل" قبل أيام إنها تتوقع استئناف الحكم، لكنها مع ذلك ستتخذ المزيد من "الخطوات الجريئة ولكن المحسوبة" لخفض انبعاثاتها على نحو أسرع.

التحرك في الاتجاه الصحيح

نظراً لخطورة التحدي الذي يمثله الاحتباس الحراري، فإن هذا الضغط المتزايد من المستثمرين والمحاكم أمرٌ مرحب به بالفعل، حيث أنه يدفع في الاتجاه الصحيح.

وفي حالة شركة "إكسون"، على الأقل، تشير إلى أن المساهمين يمكنهم المساعدة في توجيه الإدارة، ليس فقط بشأن الحاجة إلى التعامل مع تغير المناخ، ولكن أيضاً في الحكم على المكان الذى تكمن فيه المصالح المالية للشركة.

ومع ذلك، يجب ملاحظة شيء آخر أيضاً. إن الحاجة إلى هذا النوع من الضغط تشهد على فشل سياسة الحكومة.

ضغوط للتحوّل إلى الطاقة المتجددة

كان القتال بالوكالة حول تكوين مجلس إدارة شركة "إكسون" ملحوظاً من عدة نواحٍ، ولكن لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه انتصار لنشطاء المناخ على مالكي إحدى أكبر الشركات الأمريكية وأكثرها شهرة.

يمتلك صندوق التحوّط "إنجين نو.1" الذي قاد الحملة ضد الإدارة 0.02% فقط من أسهم "إكسون" - لكنه حصل على دعم كبار المساهمين، بما في ذلك شركة "بلاك روك"، أحد أكبر مستثمري شركة "إكسون".

لم يكن هدف "إنجين نو.1" يتعلق بالحاجة إلى شل حركة الشركة من أجل حماية الكوكب. كان الأمر يتعلق باهتمام الشركة الحيوي برؤية تحول رؤوس أموال المستثمرين نحو دعم الموارد المتجددة، الأمر الذي يضع استراتيجية "إكسون" الحالية موضع تساؤل. كما أشار صندوق "إنجين نو.1"، كان منتجو النفط والغاز الذين تبنوا التحول من الكربون في وقت مبكر أفضل حالاً.

هذا تماماً كما ينبغي أن يكون. عندما يختلف غالبية المساهمين مع المديرين حول ما هو جيد للمالكين، فمن الصواب أن يتمكنوا من فرض أنفسهم. ومع ذلك، هناك مشكلة بالنسبة للشركات إذا ظل المديرون والمستثمرون على خلاف بشكل لا يمكن التوفيق فيه، وسحبهم في اتجاهات مختلفة - خاصة إذا نشأ هذا الاختلاف بفضل سياسة الحكومة المعيبة.

تقصير حكومي

إن اتباع نهج قوي بما فيه الكفاية لفرض ضرائب على انبعاثات الكربون وتنظيمه من شأنه أن يضع المستثمرين والمديرين والعملاء على نفس المسار، مما يسمح للشركات بأن تدار بفعالية من حيث التكلفة، وفي المصلحة العامة دون هذا النوع من الدراما وعدم اليقين.

ينطبق الأمر نفسه على الرسالة الواردة من "لاهاي". من المؤكد أن طريق التقاضي للحد من انبعاثات الكربون بشكل أسرع، يعتبر له الهدف الصحيح، لكنه طريقة مكلفة بلا داع لتحقيق ذلك.

قد يستغرق طلب استئناف شركة "شل" على الحكم سنوات. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تتكاثر التحديات القانونية الأخرى، مما يزيد من أتعاب المحامين وتكاليف الشركات بينما يتسبب في ضبابية التوقعات بالنسبة للمستثمرين والعملاء على حد سواء.

تشديد السياسات

أفضل طريقة لوضع الاقتصادات على المسار الصحيح للحد من انبعاثات الكربون، تجري من خلال سياسة الحكومة. ضع القواعد، واعمل على تثبيت التوقعات بشأن متطلبات الطاقة المستقبلية، ثم اسمح للشركات من جميع الأنواع - بما في ذلك منتجي الوقود الأحفوري - بتنظيم نفسها وفقاً لذلك.

وبهذه الطريقة، تتوافق قيمة حقوق المساهمين والمصلحة العامة بطريقة وثيقة. إذا كانت الحكومات خجولة أو مترددة، وتركت الأمر للشركات والناشطين لتحقيق الأهداف البيئية، فإنها تخاطر بإلحاق الضرر بالأعمال التجارية بلا داعٍ، بينما تفشل في تحقيق أهداف سياسية منطقية.

وكما تبدو الأمور، فإن الاقتصادات ليست بعد على المسار الذي يقلل على نحو مناسب من مخاطر المناخ. لقد قصرت السياسة لسنوات، على الرغم من بعض التقدم في الآونة الأخيرة.

وإلى أن تفعل الحكومات ما ينبغي لها، فإن الناشطين في مجال المناخ والمستثمرين الذين يتماشون مع التفضيلات المتغيرة لرأس المال العالمي، والمحاكم المتوافقة مع الأضرار التي سيحدثها تغير المناخ هي قوى تعمل من أجل الخير.

ولكن يجدر بنا أن نتذكر أن التقدم الأسرع بتكلفة أقل سيكون ممكنا إذا أدى صانعو السياسات دورهم فقط.