شركات "الزومبي" تتحدى الإفلاس في ظل انتعاش أسهم "الميم"

أشخاص يرتدون أقنعة واقية أمام شباك التذاكر في مسرح سينما سكوير في نيويورك
أشخاص يرتدون أقنعة واقية أمام شباك التذاكر في مسرح سينما سكوير في نيويورك المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أنَّ كتب تمويل الشركات تحتاج إلى إضافة فصل خاص لما بات يعرف حالياً بشركات الـ"ميم"، ففي الوقت الراهن لم يعد كونك على شفا الإفلاس أمراً يستحق الاهتمام كثيراً في سوق الأسهم الأمريكية، لكنَّه قد يبدو كأنَّه بداية حكاية تحذيرية حول حالة الاستثمار في عام 2021، إلا أنَّ الواقع كان يتسمُّ بالغرابة الى حدٍّ بعيد.

قدَّم مستخدمو موقع "ريديت" عروض شراء لأسهم شركة " أيه أم سي إنترتيتمنت هولدينغز إنك" (AMC Entertainment Holdings Inc.)، وشركة "غيم ستوب كورب" (GameStop Corp.) لدرجة أنَّهم أنقذوا الشركتين - في الوقت الحالي، على الأقل - من مشكلات عميقة.

إنَّها ليست الشركات المضطربة الوحيدة التي يحاول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي لإحداث أثر السحر عليها. في مقياس واسع للأسهم الأمريكية يُعرف باسم مؤشر "راسل 3000"، هناك 726 شركة لا تغطي أرباحها مدفوعات الفائدة، وهو ما يعدُّ تحذيراً للمستثمرين المحترفين.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ". ارتفعت أسهم شركات "الزومبي" هذه بمتوسط ​​30 % في عام 2021 - متجاوزةً عائد 13% لإجمالي المؤشر بأكمله، وتضاعفت قيمة 41 سهماً منهم منذ عشية رأس السنة الجديدة.

شركات الزومبي هي شركات مثقلة بالديون، لا يكفي دخلها إلا لتغطية النفقات الثابتة مثل الأجور أو الإيجار ودفع فوائد القروض، دون أن تكون قادرة على سداد الدَّين نفسه، وهي تعتمد بشكل أساسي على القروض البنكية لضمان بقائها.

إثارة الحماس للأسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي

كما أنَّ التحذيرات الصارخة بوضوح لا يبدو أنَّها موثقة، فقد أفادت وكالة "بلومبرغ" في 24 مايو الماضي أنَّ خطة الإفلاس قيد الدراسة من قبل شركة "جي تي تي كوميونيكيشنز إنك " (GTT Communications Inc.) ستقضي على المساهمين، وهو أمر معتاد في حالات الفصل 11 (لقانون الحماية من الدائنين). ومع ذلك، ارتفع سهم الشركة بنحو 69 % منذ ذلك الحين.

بدأت "وول ستريت" تأخذ في الاعتبار تأثير المضاربين على إثارة الحماس للأسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وسلاسل تعليقات موقع "ريديت". يوجد لدى شركة دور عرض السينما " أيه أم سي"، التي كانت على وشكِّ الإفلاس العام الماضي، طريقاً لهيكل رأسمال مستدام حالياً، وفقاً لشركة "ستنادرد آند بورز غلوبال ريتنغز" للتصنيفات الائتمانية.

يرجع ذلك جزئيا إلى قدرتها على بيع أسهم جديدة وسط طلب كبير من المستثمرين الأفراد. أصبحت شركة "غيم ستوب" لبيع ألعاب الفيديو بالتجزئة خالية من الديون للسبب ذاته.

قال "بن بريغز"، محلل ائتمان في شركة "ستونكس فاينانشال إنك " (StoneX Financial Inc.): "عند النظر إلى ديون جهات إصدار معينة، يصبح من الصعب عدم مراعاة تقييمات الأسهم التي قد تبدو متضخمة بسبب التداول الذي يحرِّكه موقع "ريديت"، خاصةً أنَّ الشركات مثل شركة " أيه أم سي" قادرة على تحويل هذه التقييمات إلى سيولة مالية".

في حالة الإفلاس، يكون المساهمون آخر من يسترد الثمن، وذلك فقط بعد سداد جميع حاملي الديون. ومع ذلك، ما زال المستثمرون يتكدَّسون في أسهم أسماء الشركات المتعثرة؛ حتى الشركات التي هي بالفعل في طور إجراءات طلب الحماية من الإفلاس. وقد ارتفعت شركة "ميدلي مانجمنت إنك" (Medley Management Inc.) خلال هذا الشهر. قدَّمت شركة الديون الخاصة للشركة طلباً للحماية من الدائنين بموجب الفصل 11 في شهر مارس الماضي مع خطط لسداد ديونها باستخدام أسهم جديدة.

وقف طرح الأسهم

يمكن لمتفائلي موقع "ريديت" توجيه نظرهم صوب أكثر من مجرَّد شركة " أيه أم سي" وشركة " غيم ستوب"، في حين كان نجاة شركة تأجير السيارات "هيرتز غلوبال هولدينغز إنك" (Hertz Global Holdings Inc.) موضع تساؤل قبل عام. حاولت بيع الأسهم لدعم نفسها، لكنَّها اعترفت أنَّها قد تكون عديمة القيمة، مما دفع لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى منع عملية طرح الأسهم. لكن انتهت إعادة الهيكلة بموجب الفصل 11 بإعادة قيمة الأسهم إلى المساهمين، وهو ما لا يحدث أبداً تقريباً.

استحوذت الارتفاعات في أسهم شركة " أيه أم سي"، وشركة "جيم ستوب" على اهتمام الجمهور ، لكنَّ أسواق الائتمان تحرَّكت أيضاً. لم يعد لدى شركة "غيم ستوب" ديون، لكنَّ سندات شركة " أيه أم سي" تعافت بطريقة كبيرة. كانت سنداتها البالغة ذات العائد 12 % المستحقة في عام 2026 محبطة للغاية في نوفمبر عند مستوى 5 سنتات على الدولار الواحد. لقد أدى التحوُّل المذهل إلى جعلهم أعلى بقليل من المستوى الآن.

ليس من قبيل المصادفة أن بعض الشركات الأكثر اضطراباً هي الآن الأكثر استفادة من الارتفاعات المدفوعة بالبيع بالتجزئة. كانت أعباء الديون الضخمة، إلى جانب التأثير المدمِّر الذي أحدثه وباء مرض كوفيد-19 على قدرتهم على تحقيق الإيرادات، من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع الشراء لأسهمها في المقام الأول. استهدف مستخدمو موقع "ريديت" على وجه التحديد الأسهم برهانات ضخمة عليها.

قال "جورج شولتز"، الرئيس التنفيذي لشركة "شولتز أسيت مانجمنت" (Schultze Asset Management): " تُغيِّر الارتفاعات المرتبطة بموقع "ريديت" على نحو طفيف الطريقة التي نتعامل بها مع الاستثمارات، تعدُّ ديناميكية هذه الارتفاعات مثيرة للاهتمام بالتأكيد، ومن الواضح أنَّها علامة على السيولة الزائدة التي تتدفَّق في السوق".

محكمة الإفلاس

ارتفعت أسهم شركة "جي تي تي" (GTT)، وهي شركة للبنية التحتية للإنترنت، إلى أعلى مستوى خلال يوم واحد عند 4.75 دولاراً في 3 يونيو الجاري بعد هبوطها باتجاه دولار واحد. جذبت الشركة أنظار مضاربي موقع "ريديت"، الذين أشاروا إلى رأس مالها السوقي الصغير، وارتفاع بيع أسهمها على المكشوف بأقل من سعر شرائها، وتحوُّلات الأعمال السابقة للرئيس التنفيذي.

وسَّعت الشركة مراراً وتكراراً اتفاقية تمديد مهلة السداد الخاصة بها مع المقرضين، وهو أمر جرى تفسيره في المنتديات عبر الإنترنت على أنَّه أمر حيوي، وليس جزءاً روتينياً من مفاوضات إعادة الهيكلة، وهو كذلك.

كما اجتذبت شركة " واشنطن برايم غروب إنك" (Washington Prime Group Inc.) صاحبة مراكز التسوق التي تعاني من تداعيات الجائحة، المضاربين الأفراد، على غرار شركة "جي تي تي"، ولديها اتفاق مهلة سداد مع المقرضين، ويبدو أنَّها متجهة إلى محكمة الإفلاس.

كتب مستخدم موقع "ريديت"، ويحمل اسم مستخدم (dbede5 )هذا الأسبوع: "إعلان شركة واشنطن برايم غروب" عن صفقة نهاية هذا الأسبوع ؟؟"، مضيفا "جرى تمديد اتفاقية مهلة السداد حتى منتصف الليل يوم الإثنين، وليس التمديد المعتاد لمدة أسبوع واحد !!".

وارتفع سهمها بنسبة 118 % خلال الأسبوعين الماضيين.

قال "كريستيان لورانس"، محلل استراتيجي في "رابوبنك" في نيويورك: "كثير من المستثمرين الأفراد أذكياء للغاية، لم يحصلوا على القدر الكافي، لكن من دون شكٍّ لا يفهم الكثيرون الآليات الدقيقة المحيطة بحالة الإفلاس".

طريقة انتهاء كل هذا هي مسألة لا يمكن لأحد التأكُّد حيالها. ولكن حتى عندما يبدأ المضاربون المحترفون في أخذ جنون أسهم "الميم" في الاعتبار ، فمن الواضح أنَّ الفجوة بين التمويل على الطراز القديم، والطرق الجديدة واسعة.

نشر مستخدم "ريديت"، ويحمل اسم (baddfish2) يوم الخميس على قسم "وول ستريت بيتس" بالموقع : "لم يعد شارع "وول ستريت"، والشارع العادي في القارة نفسها بعد الآن".