"أبل" تواجه تحقيقاً متجدداً في واشنطن بشأن امتثالها لمذكرات استدعاء سرية

بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواجه شركة "أبل" تحقيقاً متجدداً في واشنطن بشأن امتثالها لمذكرات استدعاء سرية أمام المحكمة تعود إلى عهد الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن بيانات تتعلق بأكثر من 100 مستخدم، بما في ذلك مشرعين أمريكيين، مما يسلط الضوء على المشكلة التي تجد شركات التكنولوجيا نفسها فيها عندما تكون مضطرة إلى تلبية مطالب إنفاذ القانون.

وقال "آدم شيف" رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي، الذي كانت بياناته من بين المواد التي سلمتها شركة "أبل" إلى وزارة العدل، يوم الاثنين إن المشرعين سيتقصون حول كيفية استجابة شركات التكنولوجيا العملاقة لمذكرات الاستدعاء أمام المحكمة للحصول على معلومات عن عملائها. وأثار "شيف"، وهو عضو من الحزب الديمقراطي يمثل ولاية كاليفورنيا، غضب الرئيس السابق دونالد ترمب بتحقيقات في الكونغرس الأمريكي حول علاقات إدارته بروسيا.

أعلنت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي، يوم الإثنين، عن تحقيق في مراقبة وزارة العدل الأمريكية لأعضاء الكونغرس الأمريكي والصحفيين وغيرهم، بدعوى محاولة وقف التسريبات الإعلامية. وقالت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ أيضاً إنها ستنظر في الأمر.

أكثر تدخلاً في الخصوصية

تواجه شركات التكنولوجيا بالفعل انتقادات بسبب قوتها الاقتصادية وسياسات الخصوصية ودورها في الإفصاح العام عن المعلومات. مع هذه الأحداث، سيحول صانعو السياسات انتباههم إلى المخاطر التي ينطوي عليها الكم الهائل من بيانات المستخدم التي تكشف عنها شركات تكنولوجيا عندما يجري تقديمها من خلال مذكرات استدعاء للمثول أمام المحكمة روتينية نسبياً، وفقاً لخبراء الخصوصية.

وقالت "إليزابيث غويتين" من برنامج "ليبرتي آند ناشيونال سيكيورتي" في مركز "برينان" للعدالة: "أدى النمو الهائل في البيانات الرقمية التي تحتفظ بها شركات الإنترنت وأطراف ثالثة أخرى إلى جعل مذكرات الاستدعاء القانونية هذه أكثر قوة وأكثر تدخلاً في خصوصية الأشخاص". وأضافت: "نحن نعتمد على الشركات -التي تحتفظ بهذه البيانات للدفاع عنا وحماية مصالحنا وحقوق الخصوصية الخاصة بنا- في التصدي لهذه الأنواع من المطالبات، وليس من الواضح دائماً أن لديهم الحافز لفعل ذلك".

وأفادت وكالة "بلومبرغ " أن وزارة العدل الأمريكية تحقق بالفعل في ممارسات متجر تطبيقات شركة "أبل"، والتي جرى استجوابها أيضاً من قبل الكونغرس الأمريكي. ولا يزال تحقيق الوزارة مستمراً، ولم يجر اتخاذ قرارات نهائية حول ما إذا كان سيجري رفع قضية.

أخطرت شركة "أبل"، التي تروج لنفسها من منطلق حماية أمن وخصوصية العملاء، الشهر الماضي النائبين الديمقراطيين "شيف" و"إريك سوالويل"، بالإضافة إلى موظفي لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي، بأن معلومات المستخدم الخاصة بهم كانت موضوع أمر حظر نشر منتهي الصلاحية بعد تجديده ثلاث مرات.

وأبلغت الشركة المصنعة لجهاز "أيفون" أيضاً مستشار البيت الأبيض السابق "دون ماكغان" الشهر الماضي أنها سلمت معلومات المستخدم الخاصة به استجابة لأمر استدعاء قانوني للكشف عن بيانات، وفقاً لشخص مطلع على التحقيق. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت في وقت سابق أن شركة "أبل" سلمت سجلات "ماكغان" وجرى استدعاؤها بسبب حسابات مشرعين ديمقراطيين.

وقالت "أبل" يوم الجمعة إنها لم تكن تعلم في ذلك الوقت بأن قائمة تضم حوالي 100 عميل في مذكرات الاستدعاء شملت مشرعين، وذكرت أنها قدمت بيانات وصفية ومعلومات عن المشتركين، لكنها لم تقدم محتوى رسائل البريد الإلكتروني أو صور.

كيف تصرفت "مايكروسوفت" و"غوغل"؟

من جهتها، أكدت شركة "مايكروسوفت" أنها تلقت أمر استدعاء قانوني مماثل، وقالت إنها مُنعت من إخطار الأفراد بسبب أمر منع النشر. ولم ترد شركة "غوغل" التابعة لشركة "ألفابيت" على سؤال حول ما إذا كان قد جرى استدعاؤها في هذه القضية، لكن متحدثاً باسم الشركة أشار إلى سياسة "غوغل" للاستجابة إلى الطلبات الحكومية للحصول على معلومات المستخدم، والتي تقول إن الشركة تحاول غالباً تضييق نطاق الطلب وأحيانا ترفض تقديم أي معلومات. وكشفت "غوغل" عن أنها تلقت 15537 أمر استدعاء للمثول أمام المحكمة لتقديم بيانات في الولايات المتحدة في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، لكنها لم تكشف عن كيفية ردها عليها جميعاً.

وأكد "شيف" أنه يسعى للفهم بطريقة أفضل متى وكيف تستجيب الشركات لمذكرات الاستدعاء لأنواع مختلفة من المستخدمين، وكيف يجري تطبيق أوامر عدم إفشاء المعلومات عملياً. وقال:

لقد كان الأمر مؤلماً بكل تأكيد أن نرى من بين بعض السياسات التقنية أن الشركات كانت لديها سياسة مختلفة فيما يتعلق بعملائها من الشركات أكثر من تلك التي تتبعها تجاه المواطنين العاديين أو حتى أعضاء الكونغرس.. ونحن نعتزم معرفة المزيد عن الممارسات التقنية

تختلف بيانات الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني التي يحتفظ بها طرف ثالث -في هذه الحالة هو شركة "أبل"- عن الهاتف الأرضي أو السجلات المصرفية التي كان من الممكن طلب الكشف عنها في الماضي، وفقاً لـ"جوليان سانشيز"، خبير التكنولوجيا والخصوصية في المؤسسة البحثية "كاتو إنستيتيوت". ويوضح "سانشيز" أنه حتى لو تم تسليم بيانات الوقت والتاريخ وطول المكالمات والنصوص -بدون محتوى تلك الرسائل- فإن ذلك يمكن أن يكشف عن معلومات مهمة حول نشاط المستخدم. و"البيانات الوصفية في هذه الحالات تمنحك مستوى من الرؤية لطبيعة تلك الاتصالات والعلاقة المحتملة التي لا توجد بالفعل من خلال سجل الهاتف".

وبحسب "سانشيز"، فإنه من السهل نسبياً الحصول على مذكرات الاستدعاء، ويمكن إصدارها للحصول على معلومات من شخص ذي صلة فقط بالتحقيق، داعياً إلى وجوب أن يكون المعيار أعلى بكثير للحصول على مثل هذه التفاصيل الشخصية. ولفت "سانشيز" إلى أن التعديل الرابع لدستور الولايات المتحدة يحمي من "عمليات التفتيش والمصادرة" دون أمر قضائي، مشيراً إلى أن بعض بيانات الإنترنت من المفترض أن تتوافق مع المعايير التي يجب حمايتها بموجب مواد الدستور.

معضلة عدم إبلاغ صاحب العلاقة

يعتبر طلب معلومات شخصية عن فرد من شركة أيضاً معضلة إذا لم يكن الشخص على دراية بأن بياناته الشخصية تم استهدافها، وفقاً للخبراء القانونيين. وفي هذه الحالة، قالت شركة "أبل" إنها حصلت على أمر حظر النشر لمدة عام واحد مع مذكرات الاستدعاء، والذى جرى تمديده بعد ذلك.

من جهته، حث رئيس شركة "مايكروسوفت" ومديرها القانوني "براد سميث" المشرعين يوم الاثنين على تقييد هذا النوع من أوامر عدم الإفشاء التي تمنع الشركة من إخبار المستخدم عندما تطلب جهات إنفاذ القانون معلوماتهم. رفعت شركة "مايكروسوفت" في عام 2016 دعوى قضائية ضد وزارة العدل الأمريكية تتعلق بهذه الإشكالية، وبعد عام أصدرت الوزارة إرشادات جديدة قالت إنها ستقلص ممارسة هذه الأنواع من أوامر السرية.

وقال سميث في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ ": "إذا فشلنا في عمل ذلك، فإننا نقوض الحريات الأساسية القائمة منذ فترة طويلة في البلاد. وبصراحة، بالنسبة لأولئك الذين بيننا في قطاع التكنولوجيا، فإننا في موقف صعب بين الطرفين وهذا ليس المكان الذي يجب أن نكون فيه". وأضاف: "يتعين في هذه المسألة على الحكومة أن تذهب في معظم الأحيان إلى الأفراد الذين يتقصون معلوماتهم".

ويرى النائب عن ولاية إلينوي، "رجا كريشنامورثي"، وهو ينتمي للحزب الديمقراطي في لجنة الاستخبارات، أنه على الرغم من أن شركة "أبل" قد وضعت نفسها كشركة رائدة في ممارسات الخصوصية، فلا يوجد الكثير مما يمكن للشركة عمله لحماية البيانات الوصفية من أمر استدعاء قانوني، أو في هذه الحالة، إخطار المستخدمين بأنهم جرى استهدافهم. وقال "كريشنامورثي" في ​​مقابلة: " تعتبر علامة الاستفهام الكبيرة أنهم حاولوا محاربة أمر منع النشر، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا لا يُسمح بالنشر". "في هذه الحالة بالذات، يكون الأمر إشكاليا للغاية، ويعد استخداماً مروعاً للغاية لأمر استدعاء".