الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى التحرك

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
Mohamed El Erian
Mohamed El Erian

Mohamed A. El-Erian is a Bloomberg Opinion columnist. He is the chief economic adviser at Allianz SE, the parent company of Pimco, where he served as CEO and co-CIO. He is president-elect of Queens' College, Cambridge, senior adviser at Gramercy and professor of practice at Wharton. His books include "The Only Game in Town" and "When Markets Collide."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يواجه مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذين يتصدون للتطورات والآفاق المستقبلية التي لم يتوقَّعوها على ما يبدو، قرارات صعبة عند الانتهاء من مداولات السياسة يوم الأربعاء.

تركِّز هذه المداولات على تحديث التوقُّعات الخاصة بالمسؤولين والتقارب حول ما إذا كان -وإذا كان الأمر كذلك، بشأن كيفية إطلاق سياسة ضرورية تتعارض للأسف مع الإطار الذي اعتمده البنك المركزي في الآونة الأخيرة، لإدارة وتوجيه مسارات السياسة النقدية.

فإذا كانوا متداولين في السوق، أو مديرين تنفيذيين لشركات خاصة منافسة؛ فستكون الإجابة واضحة: أي البدء في تقليل الانكشاف على موقف أكثر خطورة حالياً، من خلال المضي قدماً في ارتكاز جزئي في ضوء الظروف المتغيرة. وبالتالي، الإبقاء على خياراتهم متاحة وموازنة أفضل للمخاطر.

مع ذلك، ليس هذا ما يمكن أن يحدث. بدلاً من ذلك، من المرجَّح ألا يحقق الاحتياطي الفيدرالي المطلوب، ويخاطر بتفاقم التحديات التي يواجهها -والاقتصاد- على المدى الطويل.

على غرار العديد من التوقُّعات الأخرى، أشارت توقُّعات الاحتياطي الفيدرالي إلى حدوث انتعاش اقتصادي أبطأ مع اقتصار التضخم على عوامل "انتقالية" مؤقتة وسريعة الانعكاس، مثل التأثيرات الأساسية، واختلال التوازن بين الطلب والعرض. وفي مثل هذه الأجواء؛ فإنَّ إطار السياسة الجديد الذي تمَّ تبنيه في عام 2019 الذي يتضمَّن تحوُّلاً من إجراءات السياسة المستندة إلى التوقُّعات إلى الإجراءات القائمة على النتائج، يصبح ملائماً، مما يوفِّر للفيدرالي أساساً لمسار انزلاق مضمون على مدار عدة سنوات، لعملية تحوُّل بطيئة للغاية ومنظَّمة.

أغسطس المُنتظر

في ظلِّ هذا السيناريو، أظنُّ أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي كان سيبدأ في أقرب وقت محادثات واسعة حول تعديل إشارات سياسته في نهاية أغسطس خلال ندوة "جاكسون هول" لمحافظي البنوك المركزية في "وايومنغ"، مما يعزز رغبتهم القوية في تجنُّب تكرار "نوبة الاضطراب" التي حدثت في عام 2013 ذات الآثار المدمِّرة، والتحولات المحرجة في نهاية عام 2018، وبداية عام 2019.

بعد ذلك كان من الممكن أن يستغرق الأمر فترة عدة أشهر لتصميم تخفيف التسهيل الكمي، وفترة طويلة بالقدر نفسه لتخفيف التسهيل الكمي التدريجي الفعلي في عام 2022، وبدء دورة من الزيادات التدريجية للغاية في أسعار الفائدة خلال عامي 2023 و2024.

إنَّ ما يرشح حتى الآن، هو توقُّعات مستمرة بتضخم أكثر سخونة، ومع ذلك، تتزايد الحاجة إلى وضع جدول زمني. والأدلة تتراكم، وليس فقط بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي.

فقد ذكرت وزارة العمل يوم الثلاثاء أنَّ مؤشر أسعار المنتجين ارتفع إلى 6.6% على أساس سنوي، فوق التوقُّعات. جاء ذلك بعد قراءات أعلى من المتوقَّع الأسبوع الماضي لمؤشر أسعار المنتجين في الصين، ومؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة.

مع تعرُّض جانب العرض لضغوط متزايدة، تخشى المزيد من الشركات حدوث اضطرابات طويلة الأجل في سلاسل التوريد، وتوافر العمالة، والنقل، وإدارة المخزون.

تقوم بعض الشركات أيضاً بزيادة الأجور لجذب العمال (تشير تقارير استقصاء فرص العمل، ودوران العمالة إلى طلب قياسي)، والاحتفاظ بهم (معدلات ترك العمل وصلت أيضاً إلى مستوى قياسي).

عواقب التأخير

إنَّ الاتجاه إلى تمرير الزيادات إلى الأسعار كبير، مدعوماً بالقوة التسعيرية الأكبر التي تمتلكها العديد من الشركات للخروج من الوباء، بسبب تغيُّرات العرض، مثل التركيز الصناعي، والطلب الوافر.

في مثل هذه البيئة، يجب على أقوى بنك مركزي في العالم أن يخفف من سياسته التحفيزية المذهلة تاريخياً. يبدأ التخفيف فوراً بتقليص مشتريات الأصول الشهرية البالغة 120 مليار دولار -تمهيداً لإلغائها في نهاية المطاف خلال 12 شهراً القادمة– والبدء لاحقاً في رفع بطيء لأسعار الفائدة القريبة من الصفر. تتعزز الحجة الداعية إلى بدء هذا التعديل الفوري في السياسة بالكيفية التي شجَّعت بها الظروف المالية الفضفاضة قياسياً، ومكَّنت من المخاطرة المفرطة، وغير المسؤولة في بعض الحالات.

لسوء الحظ، من المحتمل أن يتأخر التحوُّل في السياسة أكثر، نظراً لتفاعلات الإطار القديم، والإثباتات المنحازة، والقصور الذاتي النشط، ومدى استثمار السمعة بالفعل فيما كان تكراراً لشعاري "التضخم العابر"، و"عدم التفكير في التفكير" إزاء الخفض التدريجي لمشتريات الأوراق المالية.

لكن كلما تأخر الاحتياطي الفيدرالي، زاد التهديد الذي سيضطر إلى الضغط على مكابح السياسة في المستقبل. وهذا بدوره من شأنه أن يخاطر بحدوث ركود اقتصادي، وعدم استقرار في الأسواق المالية. وبالإضافة إلى تقويض الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، فإنَّه سيعقِّد الإصلاحات الاقتصادية للإدارة، ويخلق تأثيرات غير مباشرة على البلدان الأخرى، وخاصة في البلدان النامية.

وفي حين تنبض الأسواق بالحياة حالياً، مايزال الصيف الهادئ من الناحية المالية ممكناً، كما هو الحال مع استمرار الرضا عن الذات في القطاعين العام والخاص. ومع ذلك، ما لم يشر الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر القليلة المقبلة إلى تسريع وظيفة رد الفعل الخاصة به، فإنَّ الخطر سيزداد، لينتهي به الأمر، إلى الهدوء قبل العاصفة بدلاً من الأساس المتين للنمو المرتفع، والدائم، والشامل، والمستدام المطلوب للخروج من الوباء المأساوي.