بينهم رئيس وزراء اليابان.. تقرير يكشف تورط مسؤولين حكوميين بقضية "توشيبا"

مجموعة توشيبا تواجه اتهامات تطال شخصيات حكومية
مجموعة توشيبا تواجه اتهامات تطال شخصيات حكومية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أشارت تقارير بشأن قيام "توشيبا" باستغلال حلفاء في الحكومة لمحاولة التأثير على التصويت في الجمعية العمومية السنوية لعام 2020، إلى تورّط ثلاثة ممثِّلين حكوميين هم؛ وزارة التجارة اليابانية القوية، ورئيس الاستثمار السابق في صندوق المعاشات العملاق، ورئيس الوزراء الحالي.

وقال تقرير صادر الأسبوع الماضي في 139 صفحة، بإشراف ثلاثة محامين مستقلين تمَّ انتخابهم من قبل حملة أسهم "توشيبا"، إنَّ إدارة شركة التصنيع، التي يزيد عمرها عن 145عاماً، عملت مع المسؤولين الحكوميين في محاولة للتأثير على النتيجة.

وتعدُّ هذه الواقعة بمثابة محاسبة عامة نادرة تحقِّق في تنسيق مزعوم بين البيروقراطيين اليابانيين مع شركة خاصة، لكي تقوم بالسيطرة على المساهمين الأجانب. وبرغم أنَّه من المستبعد أن يؤثِّر ذلك على رئيس الوزراء يوشيهيدي سوغا، إلا أنَّه يؤثِّر بالفعل على التكتُّل الشهير، وقد تكون له تداعيات واسعة على مساءلة الشركات بسوق الأسهم اليابانية التي يزيد حجمها على 6 تريليونات دولار.

وفي بيان رسمي، وصف الأعضاء الأربعة في مجلس إدارة "توشيبا"؛ جورج ريموند زاغي الثالث، وأياكو هيروتا وايزمان، وبول جيه برو، وجيري بلاك، التقرير بأنَّه "مفاجئ، ومخيب للآمال، وبعض محتوياته مزعجة للغاية".

وقال رئيس مجلس الإدارة أوسامو ناغاياما، الإثنين الماضي، إنَّ مجلس الإدارة "قَبِل النقاط المثارة في التقرير بصدق"، وسيعمل على استعادة الثقة والشفافية، فيما قالت الشركة خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنَّها ستُنحِّي اثنين من أعضاء مجلس إدارتها الحاليين.

ضد الأجانب

ويعتبر التقرير تتويجاً لتحقيق استمر لعدة شهور بعد فوز أكبر مساهمي "توشيبا"، شركة "إيفيسمو كابيتال مانجمينت" ومقرّها سنغافورة، بتصويت تاريخي يدعو إلى تحقيق مستقل في الضغط المزعوم على ملاك الأسهم، وجدولة التصويت في اجتماع الجمعية العمومية السنوية. ووفقاً للمحققين الثلاثة المستقلين، وجميعهم من المحامين الذين تمَّ تعيينهم باقتراح من شركة "إيفيسمو"؛ فإنَّهم راجعوا أكثر من 778000 رسالة ومرفقات بالبريد الإلكتروني، في حين ذكر التقرير في تسعة مقاطع أنَّ تصرُّف (توشيبا) "انسجم" مع وزارة التجارة ضد المستثمرين الأجانب.

في سياق متصل، التقى رئيس الوزراء "سوغا"، الذي شغل منصب كبير أمناء مجلس الوزراء حينها، وهو أحد أقوى الوظائف الحكومية، مع الرئيس التنفيذي لـ"توشيبا" آنذاك، نوبواكي كوروماتاني، قبيل اجتماع الجمعية العمومية، لكي يحصل غالباً على موجز حول اجتماع المساهمين، وأكَّد "كوروماتاني" على لقائه بـ"سوغا". لكنَّه قال، إنَّه لم يتحدَّث معه بشكل فردي، بحسب التقرير.

وكانت الشركة قلقة من أنَّ المستثمرين الأجانب الذين يملكون غالبية أسهمها، سيصوتون خارج الإدارة، وسيعيِّنون مرشحيهم. أشارت "توشيبا" أيضاً إلى العودة لبيانها خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما طَلبنا منها التعليق على هذه القصة.

كما أشار التقرير إلى قول "سوغا"، أثناء اجتماعه اللاحق مع أحد رؤساء "كوروماتاني"، إنَّ اليابان قد تستخدم قانوناً جديداً لإبقاء المساهمين الأجانب تحت السيطرة، في إشارة إلى قانون الصرف الأجنبي والتجارة الخارجية المعدَّل (FEA)الذي يُقيِّد الاستثمار الخارجي في بعض الصناعات اليابانية الجوهرية للأمن القومي. وقال التقرير، إنَّ إدارة "توشيبا" ووزارة التجارة ناقشتا إمكانية تهديد "إيفيسمو" باستخدام هذا القانون لإجبارها على بيع أسهمها.

ضربة غير مؤثرة

وفقاً للتقرير، قال "سوغا"، الذي أصبح رئيساً للوزراء بعد شهور من استقالة "شينزو آبي" بشكل مفاجئ: "إذا تصرَّفنا بشكل عدائي، فسنتمكَّن من الشركة من خلال قانون الصرف الأجنبي والتجارة الخارجية المعدَّل." إلا أنَّه نفى الإدلاء بهذه التصريحات الواردة في التقرير، قائلاً للصحفيين في طوكيو الأسبوع الماضي: "لا أعرف شيئاً عن هذا، ولم يكن هناك شيء من هذا القبيل".

لكن تورُّط "سوغا" المزعوم أدى إلى نشر تقرير إخبارية بعناوين سلبية، في الوقت الذي تعاني فيه الإدارة من انخفاض معدلات الدعم لها بسبب تعاملها مع الوباء، ودعم الألعاب الأولمبية التي لا تحظى بشعبية عامة. وكان التأثير على رئيس الوزراء محدوداً حتى الآن، إذ أشار مسؤول حكومي كبير إلى العودة لردِّ "سوغا" الأسبوع الماضي عندما طلبنا منه التعليق على الأمر.

في السياق نفسه، قال هاجيمي ساكاي، مدير الصناديق في شركة "ميتو سيكيوريتيز" ومقرّها طوكيو: "إنَّه من غير المرجَّح أن يؤدي ذلك إلى توجيه ضربة قوية للإدارة، فهذه المسألة تعدُّ عاملاً واحداً من عدَّة عوامل".

وفي حين ذكر التقرير "سوغا" بشكل محدود فقط، إلا أنَّه زعم أنَّ رجلاً يُدعى "السيد إم" لعب دوراً أكثر مركزية. وفقاً للتقرير فقد قام "السيد إم"، باستخدام نفوذه لمنع صندوق هبات جامعة "هارفارد"، أحد المساهمين في شركة "توشيبا"، من التصويت بالجمعية العمومية السنوية.

أوضح مسؤول تنفيذي بـ"توشيبا" في التقرير أنَّ وزارة التجارة، التي كان "السيد إم" مستشاراً لها في ذلك الوقت، أعطت "توشيبا" اسمه على أنَّ لديه صلات بالصندوق. بدوره، أجرى "السيد إم" سلسلة من المكالمات مع جامعة "هارفارد"، ليجعلها تنحاز إلى مقترحات أي من الطرفين في الإدارة، أو عدم التصويت على الإطلاق.

ووصف صندوق الهبات لاحقاً المكالمة بأنَّها "غير مناسبة للغاية من ناحية المحتوى والتوقيت"، إلا أنَّه لم يحدد هوية المتصل، بحسب التقرير، الذي أظهر أنَّ "فارالون كابيتال مانجمنت" التي تحدَّثت مع "هارفارد" حول هذا الأمر، أفادت أنَّ مكالمة "السيد إم" كانت "عدوانية" للغاية، وأنَّه تمَّ "تهديد" (هارفارد) بـ"المخاطر الكبيرة" التي قد تواجهها، مما جعل الصندوق يقرر عدم التصويت في نهاية المطاف.

برغم عدم ذكر اسم "السيد إم" صراحةً في التقرير، إلا أنَّه تمَّ التعرُّف عليه باسم هيروميتشي ميزونو، أحد أشهر خبراء المالية اليابانيين، من خلال تغريدة استشهد بها التقرير. صعد التنفيذي السابق المتخصص في الأسهم الخاصة إلى الشهرة في عالم الاستثمار، عندما أصبح كبير رؤساء الاستثمار في صندوق استثمار المعاشات التقاعدية الحكومي الياباني، والبالغ حجمه 1.6 تريليون دولار.

تأثير قوي

وعند مناقشة التقرير الأسبوع الماضي، أشار وزير التجارة هيروشي كاجياما إلى نفسه، نافياً أن تكون الوزارة قد طلبت من "ميزونو" التدخل، لكنَّه قال، إنَّ "ميزونو" قدَّم نصائحه في بعض الأحيان، وإنَّ التقرير لم يُسلِّط الضوء على ما حدث بشكل قاطع.

ورفض متحدِّث باسم وزارة التجارة التعليق على هذه القصة، مشيراً إلى العودة لتصريحات "كاجياما" حول التقرير، في حين كتبت كلٌّ من "رويترز"، و"فاينانشيال تايمز" سابقاً عن تورُّط "ميزونو".

ولم يستجب "ميزونو"، مدير شركة "تسلا" حالياً والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، لطلبات التعليق، لكنَّه قال في تغريدة بتاريخ 23 ديسمبر استشهد بها التقرير، إنَّه من "المؤسف للغاية" أن يتمَّ نعته بتهديد الصندوق في مقال لـ"رويترز" منقول عن مصادر مجهولة.

وقال التقرير، إنَّه "من السهل التكّهن" بأنَّ منصب "السيد إم" كمستشار في وزارة التجارة، "سيمنحه تأثيراً قوياً على قرارات المساهمين الأجانب فيما يتعلَّق بممارسة حقوقهم التصويتية،" وبالنظر إلى واجبها الائتماني، كان من "غير المعتاد للغاية" ألا تقوم "هارفارد" بالتصويت. ورفضت "هارفارد مانيجمنت" التعليق على الأمر.

بعيداً عن "ميزونو"، وبغض النظر عن إدارة "توشيبا"، كانت وزارة التجارة نفسها لاعباً رئيساً، كما أفاد التقرير. ويرى مراقبو الشؤون اليابانية منذ فترة طويلة أن تدخل الوزارة العملي في شؤون شركة خاصة قد لا يمثِّل صدمة، لأنَّها تعدُّ الجهة التي يعود لها الفضل في تنظيم صعود الصناعة اليابانية.

قوة البيروقراطيين

نسَّقت الوزارة مع "توشيبا" اتباع استراتيجية تفاوض تقوم على مبدأ "الطرف السيىء والطرف الجيد"، لتتمكَّن الوزارة من "التغلُّب" على "إيفيسمو"، في حين تعاملت (توشيبا) "بأدب" مع الصندوق، وفقاً للتقرير الذي أشار أيضاً إلى اتصال البيروقراطيين بمساهمين آخرين للتأثير على طريقة تصويتهم، مهددين إياهم باستخدام القانون الجديد في حال لم يتم التصويت بالطريقة التي يريدونها.

ولم يشمل التحقيق تقديم توصيات للتغيير، ومن غير الواضح ما إذا كانت هناك أي تداعيات قانونية مستقبلاً أو لا، لكنَّ "ناغاياما" من "توشيبا" قال، إنَّ الشركة ستدرس مسؤولية الرئيس التنفيذي السابق "كوروماتاني"، الذي لم يرد على رسالة نصية تطلب التعليق. وقال وزير التجارة "كاجياما"، إنَّ وزارة التجارة لا تخطط للتحقيق في الأمر.

ويرى أحد المراقبين أنَّ هذا الموقف يُظهر المخاطر التي قد تطرأ عندما تزداد قوة البيروقراطيين لدرجة كبيرة.

وقال نوبوا غوهارا، المحامي والمدعي العام السابق: "هذه مشكلة لا تصدق. تعاظمت سلطة وزارة التجارة خلال فترة إدارة "آبي" الطويلة، وهم يعتقدون أنَّه يمكنهم فعل ما يحلو لهم."

آسيا والمحيط الهادئ