هل يغير الأمريكيون رأيهم بشأن الكائنات الفضائية؟

يعتقد واحد من بين كل ثلاثة أمريكيين بأن كائنات فضائية من خارج الكوكب قد زارت الأرض
يعتقد واحد من بين كل ثلاثة أمريكيين بأن كائنات فضائية من خارج الكوكب قد زارت الأرض المصدر: غيتي إيمجز
Stephen L. Carter
Stephen L. Carter

Stephen L. Carter is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of law at Yale University and was a clerk to U.S. Supreme Court Justice Thurgood Marshall. His novels include “The Emperor of Ocean Park,” and his latest nonfiction book is “Invisible: The Forgotten Story of the Black Woman Lawyer Who Took Down America's Most Powerful Mobster.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ينتظر من كان منا يحلم بحياة خارج كوكب الأرض، منذ الطفولة المليئة بالخيال العلمي، تقرير الأجسام الطائرة المجهولة القادم، الذي تصدره الحكومة الفيدرالية، ومع ذلك، على الأرجح لن يغير التقرير الآراء.

وما يثير الجدل حول الأجسام الطائرة المجهولة، يشبه كثيراً كل شيء آخر هذه الأيام، وقد يعلمنا شيء أو اثنين عن قيمة التواضع المعرفي.

زوار من خارج الكوكب

ودعونا نبدأ ببعض البيانات، تقول لنا استطلاعات الرأي أن واحداً من بين ثلاثة أمريكيين يعتقدون بأننا قد زارنا كائنات من خارج الكوكب، ولأول مرة، لا يوجد انقسام حزبي، إذ يعتقد الديمقراطيون (32%) والجمهوريون (30%) على حد سواء تقريباً أن بعض الأجسام الطائرة المجهولة، هي سفن فضائية، ويزداد الاعتقاد بين المستقلين إلى 38% تقريباً (وقد تكون النسبة أعلى في روزويل بنيومكسيكو)

وبالتالي، هناك شخص على حق، وشخص على خطأ.

هل ينبغي أن نقرر من هو المحق أو المخطيء بناء على التصريحات الرسمية؟ وفقاً لتسريبات عديدة، سيقول التقرير الذي يكلف به الكونغرس مدير الاستخبارات الوطنية، والمتوقع صدوره في أي يوم، إن الحكومة ليس لديها دليل على وجود زوار من خارج كوكب الأرض.

لكن لننظر إلى الجدل الدائر، هل تعني نتائج التقرير أن من يعتقدون خلاف ذلك يعيشون في عالم خالي من الحقائق؟

وسأجيب بلا، ولكن من الضروري أن نفهم السبب.

أين هؤلاء الفضائيين؟

بالنسبة للمتحمسين، لطالما كان أصعب تحدٍ، هو مفارقة "فيرمي": إذا كان الكون يضم مواطنين أكثر تقدماً منا، فلماذا لم نجد أي إشارة؟ لم تجد عمليات البحث شيئاً حتى في المناطق التي أوليناها اهتماماً خاصاً.

لحسن الحظ، إذا كنت من بين المعتقدين، فلديك الكثير من الردود للاختيار من بينها.

وتُعرف النظرية القائلة بأن الكائنات الفضائية تخفي مواقعها لأسباب منطقية، مثل تجنب تعرضها للتدمير من قبل كائنات فضائية أخرى أكثر قوة بين قراء ثلاثية "ليو سيكسن"، "مشكلة الأجسام الثلاثة".

وهناك فكرة أخرى، اقترحها الاقتصادي "روبن هانسون" ومساعديه، تقول إن أي حضارات "جشعة" بالخارج قد توسعت بسرعة كبيرة لدرجة أننا لا نستطيع تتبع الإشارات.

لماذا؟ لأن توسعهم السريع جاء بعد أن رحلت الإشارات التي يمكننا ملاحظتها عن المجرات البعيدة منذ مليارات السنين: "إذا كانوا في نفس المكان الذي نستطيع رؤيتهم فيه، لكانوا هنا بدلاً منا" (وهي فكرة من "هانسون" تفسر لماذا إذا كان هناك حضارات أكثر تقدماً منا، لا ينبغي أن نحاول جاهدين التواصل معهم).

والاحتمالية الثالثة هي أن الكائنات الفضائية الأكثر تقدماً، موجودين بالفعل، ولكنهم لا يتخفون وليسوا جشعين، وإنما وجدوا طريقاً للتطور التكنولوجي، الذي لا يترك نوع العلامات التي نحن قادرون على البحث عنها.

معقول بما فيه الكفاية.

الحكومة تخفي الحقيقة

من ناحية أخرى، قد يستنتج أصحاب عقليات المؤامرة أن الحكومة الأمريكية تعرف أننا جاءنا زائرون وتخفي الحقيقة (والدليل فيلم "يوم الاستقلال" Independence Day).

وبالنسبة لمن يتبنى وجهة النظر هذه، لن تؤدي الإدعاءات من قبل الوكالات الحكومية المختلفة بأنها لا تمتلك دليل على أن الأجسام الطائرة المجهولة هي سفن فضائية، سوى إلى تعميق الشكوك لديهم.

وبعد كل شيء، إذا كان هناك مؤامرة كبرى تخفي الحقيقة لعقود، فإن المتآمرين لن يكشفوا التفاصيل لمجرد أن الكونغرس طلب منهم ذلك!

علاوة على ذلك، سيكون هناك شيء للجميع في التقرير، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز"، ولم يتم التعرف حتى الآن على عدد من الأجسام الطائرة المجهولة التي رصدها الجيش على مر السنوات (أصبحت الحكومة تطلق عليها الآن "ظواهر جوية غير معروفة" (UAPs).

ومن المتوقع أن يستنتج التقرير أن تلك الظواهر ليست جزءاً من أي برنامج سري معروف، وعندما تضطر مجلة "ساينتفك أمريكان" للاعتراف بأن "العقل يتحير" نتيجة الاحتمالات الكثيرة، فمن المعقول أن نتوقع ألا تتغير الكثير جدا من الآراء.

التواضع المعرفي

ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، فقد تبين أننا لسنا جيدين في تغيير الآراء، والانقسامات السياسية فيما بيننا تجعل هذا الميل أسوأ، ولا يواجه أنصار الأحزاب السياسية المخلصون صعوبة في تغيير وجهات نظرهم بشأن القضايا السياسية المتنازع عليها فحسب، وإنما حتى في الحياة اليومية، يبدو أنهم يعانون من عدم المرونة الإدراكية بشكل عام.

وهذا أحد الأسباب التي تقول أنه يتعين علينا تعزيز التواضع المعرفي العام، وليس فقط حول الأجسام الطائرة المجهولة، وإنما بقدر أكبر حول العالم حولنا.

ومثل "هاندراتا" في رواية "اليد اليسرى للظلام" (The Left Hand of Darkness) للكاتبة "أورسولا لي غوين"، نحتاج إلى اكتساب إحساس قوي بمدى ضآلة معرفتنا.

ويتضمن التواضع المعرفي الاعتراف بميلنا للانحياز، وأوجه قصورنا جزئياً، من خلال تحسين حس التقدير الواقعي لمعرفتنا وقوى العقل، وهي مهارة مهمة إذ أننا في العديد من القضايا المختلف عليها، نميل إلى التشبث بآرائنا حول الخبراء الذين نثق فيهم بعد أن نتأكد أن لديهم نفس وجهة نظرنا، ولا يوجد سبب لتوقع أن يكون الجدل حول الأجسام الطائرة المجهولة مختلفاً.

"أومواموا"

ولننظر إلى الجسم الغريب الذي يتسارع حالياً خارج النظام الشمسي، والملقب بـ"أومواموا"، وهو مصطلح بلغة هاواي يعني "الزائر من بعيد الذي يصل أولاً"، ويعتقد أغلب الباحثين أنه من بقايا مذنب، لكن عالم الفلك بجامعة هارفارد، "آفي لوب"، يقول إن له خصائص تشير إلى أصل تكنولوجي.

ولا يحتاج المرء الدخول وسط تلك المعركة لإدراك أن الكثير من المراقبين قد اختاروا الجوانب وفقاً لمعتقداتهم السابقة.

إذن، أين يتركني ذلك؟ في الموقف الذي أعتقد أننا يجب أن نكون فيه في أغلب الأحيان، فبدلاً من تكذيب معتقدات هواة الأجسام الطائرة المجهولة، أفضل أن أقول إنه بقدر ما أرغب في أن يكونوا على صواب، فأنا لست مقتنعاً بعد، وربما يكون الدليل الذي سيحدث الفرق قاب قوسين أو أدنى.

وإذا وصل زوار من خارج الأرض، أعتقد أنه سيكون لديهم الكثير من التواضع المعرفي بالفعل (ولن يكون هناك داعي لجملة "Klaatu barada nikto")، وإلا لكانوا مشغولين جداً في قتال بعضهم البعض, ليشقوا طريقهم عبر النجوم.