هل يتحوّل قبول الطلاب في هارفارد إلى الاعتماد على الحظ؟

   اختيار الطلاب الجدد في كليات النخبة بالقرعة قد يضفي طابعا ديمقراطياً على التعليم العالي.. لكن هناك سلبيات أيضاً
اختيار الطلاب الجدد في كليات النخبة بالقرعة قد يضفي طابعا ديمقراطياً على التعليم العالي.. لكن هناك سلبيات أيضاً المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

خلال شهر فبراير من عام 2019، قالت مؤسسة "نيو أمريكا" التقدمية، إن الكليات والجامعات شديدة الانتقائية ينبغي أن تقبل الطلاب عن طريق القرعة. وكتبت ثلاث موظفات في المؤسسة، هنّ إيمي لايتنين، وكلير ماكان، ورايتشل فيشمان، في تقرير أرسل إلى مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، من بينهم كمالا هاريس، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا والتي هي الآن نائب الرئيس، أن أي كلية ترفض أن تجعل الحظ أساس القبول "ينبغي أن تفقد أهليتها تماماً، ليس فقط لمساعدات الباب الرابع وإنما لدولارات الأبحاث الفيدرالية".

وأضفن في التقرير أنه "مما لا شك فيه أن هذا المقترح راديكالي، لكنه مهم لزيادة الحراك الاجتماعي"، وقلن إن من شأنه أن يلغي تفضيلات القبول التي تحابي بقوة البيض والمتقدمين الأثرياء، بما في ذلك الرياضيون وأبناء الخريجين.

تحقيق التنوع

تجدّدت الفكرة مرة أخرى في شهر يونيو الجاري عندما أيدتها كاتبة مقالات الرأي لدى "بلومبرغ"، كاثي أونيل، التي كتبت تقول: "أفضل ما في الأمر أن الاختيار العشوائي سيعزز فوراً التنوع الذي تقول الكليات إنها تسعى إلى تحقيقه".

من غير المرجح أن يتحوّل القبول في هارفارد وستانفورد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتك" وغيرها إلى القرعة في الحياة الفعلية، لكن مع ذلك، لا يزال الأمر يستحق التفكير فيه حتى لو كان ذلك لمجرد توضيح التفكير بشأن من ينبغي فعلا أن يفوز بجائزة تعليم النخبة.

للحديث عن الإيجابيات أولاً، تقول أونيل إن القرعة بضربة واحدة ستزيد بشدة حصة الأقليات العرقية والطلاب من العائلات منخفضة الدخل في كليات النخبة، وهو أمر تقول الكليات نفسها إنها كانت تحاول تحقيقه لسنوات، ولكن نجاح مساعيها كان محدوداً، وستخسر العائلات الغنية التي تتحمل الإنفاق بسخاء على الإعداد لاختبار الدخول وتحسين طلب التقديم، تلك الميزة غير العادلة، كما سيتعين على الورثة -أي أبناء الخريجين- وضع أسمائهم في قبعة الاقتراع مثلهم مثل أي شخص آخر.

لكن هناك سلبيات أيضاً، إلا أن أهميتها تتوقف على ما إذا كنت ممن يؤمنون بحكم النخبة، أو كنت مؤيداً للمساواة.

وقد تحسِّن القرعة فرص دخول الطلاب البيض من الطبقة المتوسطة، بينما ستدمر فرص الطلاب السود المتميزين، وذلك يبدو خاطئاً.

تغيير المناهج

قد لا يعمل طلاب المدارس الثانوية بكد في الدراسة أو الرياضة لتحقيق نتائج مثالية في اختبارات القبول (SATs) أو الفوز ببطولة في كرة اليد في الولاية، لأن ذلك لن يساعدهم في الدخول إلى كلية أفضل، وقد يكون ذلك جيداً إذا كنت تعتقد أن الطلاب يشعرون بتوتر شديد في ما يخص دخول الجامعات في ظل النظام الحالي، ولكنه سيئ إذا كنت تؤمن بضرورة الاجتهاد لتحقيق التميز.

كما قد تضطر كليات النخبة إلى تغيير المناهج. تذكروا أننا نفترض أن كل كلية تحصل على عينة عشوائية من مجموعة الطلاب التي تسعى إلى الالتحاق بالكليات عبر الدولة بأكملها، وفي الكليات الكبرى، على سبيل المثال، قد تكون هناك زيادة كبيرة في الطلب على التخصصات الشائعة مثل المحاسبة والأعمال والاتصالات، وتراجع كبير في الطلب على تخصصات مثل الفيزياء الفلكية ولغة الماندرين.

كذلك، قد يجد الطلاب الأذكياء الذين تفوقوا في مادة الفيزياء الفلكية أو اللغة الصينية أنفسهم مختارين بالقرعة في كليات لا تقدم تلك المناهج، وهو أمر سيئ لهؤلاء الطلبة بالطبع، لكنه أيضاً سيئ للعالم الذي يحتاج إلى خبراء في هذا المجال.

وسيتبعثر الطلاب المتفوقون الذين يتبادلون الأفكار مع بعضهم بعضا في غرف النوم والفصول الدراسية في كليات النخبة على نطاق واسع، وقد لا يبدو ذلك بمثابة مشكلة كبيرة إذا كنت تؤمن من قلبك بالمساواة، لكن من الصعب إنكار أن شيئاً ما سيكون مفقوداً. فالشرر يتطاير عندما يجتمع الموهوبون معاً. وللتأكد، ما عليك سوى مشاهدة حركة الكرة أثناء لعب فريق كرة سلة من النخبة أو متابعة الأداء المثير لرباعية عازفين على آلات وترية من النخبة.

تفاوت الفرص

يعتمد اقتراح "نيو أمريكا" على درجات المتقدمين في اختبارات القبول (SAT) و(ACT)، ويقترح مؤلفو المقترح أنه لدخول القرعة، يجب أن يحصل المتقدمون على درجات تساوي أو تتجاوز متوسط نسبة 25% من المقبولين في تلك الجامعات خلال السنوات الثلاث السابقة. لكن ماذا سيحل بالمتقدمين الذين كانت درجاتهم أقل من 25%؟ ربما تكون لديهم فرصة للدخول في ظل النظام التقليدي، ولكن لن تكون لديهم أي فرصة بموجب نظام القرعة، وربما كانت الكليات لتلجأ إلى المحافظة على استمرار النظام القديم بالتوازي مع الجديد.

يتعارض اعتماد اقتراح "نيو أمريكا" على درجات الاختبارين مع الدافع التقدمي الجديد لجعل اختبارات (SAT) و(ACT) اختيارية أو حتى إلغاء كل منهما، كما هو الحال في نظام جامعة كاليفورنيا. ولا يواجه اقتراح أونيل هذه المشكلة لأنه لا يتطلب درجات اختبار، وإنما فقط شهادة الثانوية العامة و"الحد الأدنى لمتوسط الدرجات".

يعتبر مؤيدو نظام القرعة من ذوي القلوب البيضاء، إذ أنه من الضروري جعل الكلية متاحة للدخول من قبل جميع الأجناس ومستويات الدخل، ولكن هناك طرق أفضل لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك المساعدة المالية السخية، وتحسين المشورة الجامعية والمهنية، ومضاعفة الجهود لتحسين التعليم من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية التعليم الثانوي للجميع، كي لا يكون المحرومون محرومين بشدة.

علاوة على ذلك، ورغم استحواذ الكليات ذات الأسماء الكبيرة مثل هارفارد على الكثير من الاهتمام، فإنها تشكل نسبة ضئيلة من طلاب الجامعات في الدولة، وينبغي أن يحدث معظم التحسين لدخول الجامعات، في الكليات الأقل شهرة التي تقوم بتعليم الغالبية العظمى من طلاب أمريكا.

هل تحابي لجان القبول في كليات النخبة بشدة لاعبي الهوكي واللاكروس وأبناء الخريجين وأطفال الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على هدايا بقيمة 10 ملايين دولار؟ من المحتمل أن يكون الجواب نعم، لكن هل تحويل الدخول إلى نظام القرعة هو الحل؟ على الأغلب لا.