واقعة "رونالدو" و"كوكاكولا" تكشف قوة تأثير مشاهير الرياضة

كريستيانو رونالدو نجم منتخب البرتغال
كريستيانو رونالدو نجم منتخب البرتغال المصدر: غيتي إيمجز
Andrea Felsted
Andrea Felsted

Andrea Felsted is a Bloomberg Opinion columnist covering the consumer and retail industries. She previously worked at the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ها هو الوجه الآخر لصعود المؤثرين الرياضيين.

فعندما أبعد "كريستيانو رونالدو"، بعض منتجات "كوكا كولا" خلال مؤتمر صحفي، يوم الاثنين، ضمن إطار بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أدى ذلك إلى عمليات بيع واسعة لأسهم شركة "كوكا كولا".

وتُظهر الحادثة كيف يمكن لقوة النجوم الفردية، التي تضخمت من خلال الأعداد الهائلة من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن تقلب الشراكات التي أقامتها الشركات مع الفرق والفعاليات.

الشركات الراعية

تُعد "كوكا كولا" واحدة من الشركات الراعية الرسمية لبطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم 2020 (تم تأجيل المباريات من العام الماضي)، جنباً إلى جنب مع شركة البيرة "هاينكن إن في" (Heineken NV)، بالإضافة إلى شركة "جاست إيت تيكاواي دوت كوم إن في"، و"الخطوط الجوية القطرية"، وشركة "تيك توك" التابعة لشركة "بايت دانس"، ومجموعة الإلكترونيات الصينية "فيفو" (Vivo).

حيث يُقدر مزود البيانات "سبورت بيزنس"، أن الشركات الراعية تدفع حوالي 30 مليون يورو (36 مليون دولار) للانضمام إلى البطولة.

الماء بدلاً من كوكاكولا

على الرغم من أن الشركة لا ترعى لاعب كرة القدم بنفسه، إلا أنها تأثرت بشكل مباشر بأفعاله.

حيث دفع الكابتن البرتغالي - وأفضل هدّاف في تاريخ بطولة أوروبا – بزجاجتي "كوكا كولا" بعيداً عنه، ورفع زجاجة ماء قبل أن يقول "أغوا" (ماء)؛ وبدا الأمر كما لو أنه يشجع الناس على شرب الأخير بدلاً من المشروبات الغازية، وكان ذلك كافياً لإثارة قلق المستثمرين بشأن آفاق الشركة المصنعة لهذه المشروبات.

صناعة المؤثرين

على مدى السنوات الخمس إلى العشر الماضية، ابتعدت الشركات عن الفرق وتوجهت نحو الأفراد، مثل رونالدو، الذي لديه صفقة مع شركة "نايكي".

وفي الواقع، كانت شركة "كوكا كولا" حكيمة في إنفاق أموالها التسويقية على حدث عالمي يضم العديد من الألعاب واللاعبين بدلاً من نجم واحد –حيث كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى توزيع مخاطرها؛ إلا أن النفوذ الهائل للمؤثرين اليوم يعني أن الشركات – حتى تلك التي لا تنخرط معهم بشكل مباشر – لا يمكنها الهروب من المخاطر التي تأتي معهم.

وإذا كان هناك أي شخص نلومه على هذا، فهو "كيم كارداشيان", حيث ساعدت نجمة الواقع ورائدة الأعمال في ظهور صناعة المؤثرين، والتي تُراكم فيها الشخصيات الرياضية، ونجوم البوب،​​وأولئك الذين لديهم موهبة في الموضة أو مستحضرات التجميل ملايين المعجبين الذين يحرصون على شراء مايرتديه أو يستخدمه هؤلاء النجوم.

الاعتماد على النجوم الأفراد

نُشير في هذا الصدد إلى أن شركة "أديداس إيه جي" هي خير مثال على ذلك؛ حيث خفَّضت عدد الفرق الرياضية التي ترعاها لتُركّز إنفاقها التسويقي بدلاً من ذلك على اللاعبين النجوم الفرديين، مثل "بول بوغبا" وليونيل ميسي".

علاوةً على ذلك، وضمن عملها الأوسع في مجال الملابس الرياضية ونمط الحياة، فإن لديها شراكة طويلة الأمد مع مغني الراب "كانيه ويست"، كما أضافت مؤخراً مجموعة أزياء بيونسيه "آيفي بارك" للملابس الرياضية إلى مجموعتها.

أما شركة "نايكي" المنافسة، فهي تتمتع بتاريخ طويل من التودد إلى كبار الرياضيين، ولا سيما في رياضة كرة السلة، من خلال شراكتها مع "مايكل جوردان".

وهي تُركّز اليوم على "ليبرون جيمس" في الرياضة، وكذلك "نيمار" في كرة القدم، و"سيرينا ويليامز" و"نعومي أوساكا" في التنس.

وبالرغم من أنها أبرمت مؤخراً بعض صفقات رعاية ملابس الفرق، وفقاً لـ"بونام جويال" من "بلومبرغ إنتليجنس"، إلا أن "نايكي" ظلت ملتزمة بسفرائها من المشاهير للتواصل مع المستهلكين وتعزيز ظهورها.

مخاطر "المؤثرين"

تتمثل المخاطر الأكثر وضوحاً لهذا النهج، في أن النجوم يسيئون التصرف، أو ينتقلون إلى راعٍ آخر؛ حيث حدث ذلك مؤخراً عندما تركت نجمة الجمباز "سيمون بيلز" شركة "نايكي" من أجل قسم "أثليتا" للملابس الرياضية التابع لشركة "غاب".

إلا أن تأثير المشاهير ووصولهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي - لدى "رونالدو" 300 مليون متابع - يمتد إلى ما هو أبعد من الشركات التي تدعمهم؛ فلديهم تأثيرات على المجموعات التي تدور ببساطة في مدارهم أيضاً.

ما من شكٍ في أن الشركات الراعية تتسامح مع تفضيلات اللاعبين الفردية. على سبيل المثال، يعترض البعض على الارتباط بالكحول والقمار؛ حيث أزال "بول بوغبا"، وهو مسلم ملتزم، يوم الثلاثاء زجاجة "هاينكن" من أمامه خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد بعد اختياره رجل المباراة عقب فوز فرنسا على ألمانيا (لم تكن تحتوي على الكحول ولكن ربما لم يكن هذا واضحاً للاعب). وارتفعت أسهم "هاينكن" بنسبة 1.4٪ يوم الأربعاء.

هل يعاقب "رونالدو"؟

لكن يبدو أن الازدراء الذي أبداه "رونالدو" يندرج في فئة مختلفة، على الرغم من أن اللاعب معروف بنظام غذائي صارم ونظام لياقة بدنية أبقاه يلعب في سن 36، وهو سن التقاعد لمعظم المهن الكروية. وهذه علامة مقلقة لمجموعات السلع الاستهلاكية.

بشكل عام، تجعل الاتحادات الوطنية لكرة القدم اللاعبين يلتزمون بمتطلبات معينة، مثل حضور المؤتمرات الصحفية، وارتداء الزي المناسب.

ولكن لا توجد قواعد تحكم السيناريو الذي حصل مع "كوكا كولا".

ومن المحتمل أن يتم تذكير اتحاد كرة القدم البرتغالي الذي ينتمي إليه "رونالدو" بمسؤوليات لاعبيه؛ إلا أن الإجراء التأديبي يبدو غير مرجح.

ومع ذلك، ما الذي يمكن أن تفعله الغرامة للاعب كرة قدم غني وقوي، بصرف النظر عن زيادة تأجيج الموقف؟

وبالنظر إلى حقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي قد مزّقت كتاب قواعد رعاية الشركات، وأنه يتعيّن على الشركات الخوض في عالم جديد تهيمن فيه تطبيقات "إنستغرام" و"تيك توك"، فإنه يمكن لشركة "كوكا كولا" أن تأمل شيئاً واحداً على الأقل، وهو أنه لا يوجد شيء يُسمى دعاية سيئة.