حتى بعد انتهاء الوباء.. تطبيق "زووم" يدخل في صميم النماذج التعليمية

المصدر: نيكول شِن/بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حرم الإغلاق الناجم عن فيروس كورونا الناس حول العالم من التواصل على أرض الواقع بشكل فعليّ، ولكن كليات إدارة الأعمال تصرفت تماماً كغيرها من الشركات التي تمدها بالخريجين من حملة شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، واتجهت هي الأخرى لتستخدم تطبيق "زووم" للتواصل.

حمل هذا التحوّل نحو الإنترنت نتائج مثمرة، لأهداف التعليم واستقبال الضيوف ومتابعة أخبار الخريجين. ويقول إليان ميهوف، عميد "معهد إنسياد" في فونتان بلو في فرنسا: "بالإمكان تشكيل بيئة هجينة، حيث يمكن لبعض الأشخاص أن يشاركوا عبر "زووم"، بينما يحضر آخرون شخصياً".

في ما يلي نظرة على الطرق التي سيستمر من خلالها استخدام تطبيق "زووم"، خلال السنوات المقبلة، في كليات إدارة الأعمال.

اقرأ أيضاً: طفرة "زووم".. ماذا بعد "كورونا"؟

التعليم عن بعد

قبل الوباء، كانت "كلية سعيد لإدارة الأعمال" في "أكسفورد" تقدم برنامجاً مكثفاً مخصصاً للمديرين التنفيذيين لدراسة أفضل ممارسات الأعمال. كان البرنامج يتم وجهاً لوجه، ومدته ثلاثة أسابيع، ولكن سرعان ما انتقلت الكلية لتقديمه عبر الإنترنت، وبات الآن يضمّ مشاركين من 23 دولة، وجميعهم لم يسبق لهم الالتقاء شخصياً، قبل أن يبدؤوا التواصل.

في هذا الشأن تقول إيلينور موراي، مساعدة العميد لشؤون الدراسات المخصصة للمديرين التنفيذيين في "كلية سعيد" في "أكسفورد"، إن بعض عناصر التعليم عن بُعد قد تستمر. وتضيف: "بالنسبة للمشاركين ممن لديهم التزامات عائلية، فإن المشاركة في درس يتم عبر "زووم"، بدلاً من الحضور الفعلي، هو أمرٌ مهم جداً". وتتوقع موراي أن ينشأ نموذج تعليم مدمج، حيث يستمر تقديم الحصص الدراسية افتراضياً بانتظام، على أن يتم اختتامها بمقرر نهائي أو أي فعالية أخرى تتطلب حضوراً فعلياً.

محتوى مُجزأ

يواجه الطلاب صعوبة في الحفاظ على تركيزهم حين يتابعون الدروس عبر تطبيق "زووم"، لذا توصّلت الكليات إلى طرق مبتكرة لإعادة هيكلية برامجها بهدف تعزيز التفاعل. على سبيل المثال، فإن برنامج ماجستير إدارة الأعمال في الجامعة الوطنية في سنغافورة، لم يقلص عدد ساعات الحصة الدراسية الواحدة عن الثلاث ساعات الاعتيادية. إلا أنه خفّض عدد الساعات الدراسية في برنامج ماجستير إدارة الأعمال للمديرين التنفيذيين، التي تتراوح ما بين 8 و10 ساعات يومياً. كما قدمت محتوى البرنامج ضمن صيغ غير متزامنة، بحيث يمكن للطالب أن يدرس المحتوى في وقته الخاص، فيما يعرف بـ"الصف المعكوس".

أمّا في "كلية كولومبيا لإدارة الأعمال"، تم تقسيم الحصص إلى أجزاء أصغر. وقال "دان وانغ"، أستاذ إدارة الأعمال المساعد في الكلية: "تطلب الأمر إعادة تفكير شاملة فيما يمكن أن تتضمنه حصة دراسية من ساعة ونصف". فبدلاً من تقسيم الحصص بشكل متساو إلى فقرة محاضرة، يليها نقاش، ثمّ فقرة محاضرة أخرى. قررت "كولومبيا" اعتماد صيغة تطرح خمس دقائق من التعليم، يليه نقاش حول ما تمت دراسته، ثم استراحة. وأضاف "وانغ" عن ذلك: "يستغرق إنهاء المادة وقتاً أطول بكثير، ولكن هذا الطرح مفيد بما أنه يغيّر الوتيرة، ويتيح فرصة الاستماع للطلاب أثناء تقديمهم للمقترحات بطريقة متمعنة أكثر، وذلك لأنهم يحظون بفرصة أكبر للتفكير بها".

طلاب "وانغ" يوافقونه الرأي. حيث تقول نانديتا بانديت، وهي من دفعة المنتسبين في عام 2021 في "كولومبيا": "من الصعب جداً أن نحافظ على تركيزنا على امتداد الحصة بأكملها". وأضافت: "لقد قُسمت المواد بطريقة نتناول فيها كلّ النظريات الرئيسية، ولكن مع ترك مساحة أوسع قليلاً للنقاش، من أجل منح الطلاب الفرصة كي يتكلموا".

غرف اجتماعات جانبية

أوجد تطبيق "زووم" فرصة جديدة للحوار ضمن مجموعات أصغر حجماً داخل الدروس. وبحسب ميهوف، عميد كلية "إنسياد". فإنه: "حين تكون في الفصل، لا يمكنك أن تقول بكل بساطة، هيا لنعقد جلسة جانبية. وتقول للطلاب اذهبوا وناقشوا هذه الأمور ثم عودوا إلى هنا".

كذلك، فإن توفير مكان كاف لاستيعاب فصل من 75 طالباً موجودين جسدياً، يتطلب مساحة واسعة. إلا أن إرسال الطلاب إلى غرف جانبية رقمياً، أمر فعّال حقّاً.

"نيكول تي"، مديرة الدراسات العليا في جامعة سنغافورة الوطنية لاحظت هي الأخرى كيف أسهم تطبيق "زووم" في تسريع الانتقال بين مجموعات العمل الصغيرة والمناقشات على صعيد الفصل بأكمله. وتقول: "في الحصص العادية، يمكن أن تهدر نصف ساعة من وقت الحصة للقيام بذلك، ولكن بواسطة غرف "زووم"، فإن الأمر فوري".

استضافة المُتحدثين من الرؤساء التنفيذيين

العديد من رجال وسيدات الأعمال الذين يدعوهم "وانغ" من "جامعة كولومبيا" للحديث إلى طلابه في فصل استراتيجية التكنولوجيا الذي يدرّسه في نيويورك، يقيمون في كاليفورنيا. وبالتالي، كانت مسائل السفر عبر البلاد والفارق الزمني في التوقيت تربكه سابقاً. ويقول: "كان يتعين عليّ أن أنسق الوقت وتذاكر السفر والإقامة الفندقية، لكي يأتوا ويقيموا في نيويورك. وربما استخدام التوفيق بين الزيارة ورحلة عمل عليهم القيام بها أصلاً إلى نيويورك". أما اليوم، يدعو وانغ هؤلاء من خلال تطبيق "زووم"، ببساطة.

العلاقات مع الخريجين

مكّن الانتقال إلى الفعاليات عبر الإنترنت "مدرسة كليوغ" للإدارة في "جامعة نورث ويسترن" من تعزيز علاقتها مع الخريجين. وهو ما ساعدها على جذب المزيد من التبرعات. وقال بن بورتر، مساعد عميد مدرسة "كيلوغ" لشؤون العلاقات مع الخريجين: "كنا عادة نسافر من أجل أن نلتقي أربعين أو خمسين خريجاً ضمن صالة استقبال". وحالياً، بات بإمكان بورتر لقاء عشرة أضعاف هذا العدد في المحاضرات الأسبوعية عبر الإنترنت من خلال تطبيق "زووم"، حيث تتم دعوة الخريجين البارزين للحديث عن مسيرتهم المهنية.

ومنذ بدء الفعاليات المخصصة للخريجين من خلال تطبيق "زووم" عاد حوالي 300 متطوع منهم لتقديم المساهمات، بعد أن توقفوا عن ذلك لفترة، كما بدأ 250 من الخريجين الآخرين بالتطوع.

أحد هؤلاء الخريجين الذين عادوا للتواصل مع جامعاتهم، هو ديفيد سبيتولنيك، الذي تخرج من "كيلوغ" قبل أربعة عقود. وقد منحته الفعاليات عبر الإنترنت الموجهة للخريجين الفرصة للتفاعل بشكل أعمق مع جامعته السابقة. يقول سبيتولنيك: "لا أعرف ما إذا كنت قد التفت للموضوع من الأساس، لولا الطريقة التي تم من خلالها الترويج له".

وسّع سبيتولنيك دائرة علاقاته مع الخريجين بفضل هذه الفعاليات عبر الإنترنت. وهو يحافظ على التواصل مع العديد منهم، حيث يطمئن عليهم بين كل أربعة إلى ستة أشهر، خارج الأطر الرسمية، مستخدماً تطبيق "زووم" أيضاً، ولكن خارج نطاق الجامعة.

التعلّم مدى الحياة

من جهة أخرى، أتاح تطبيق "زووم" لكليات إدارة الأعمال فرصة تقديم ميزة التعليم مدى الحياة. وقال لويس فيفيس، نائب العميد لشؤون البرامج في كلية "أيساد" لإدارة الأعمال في إسبانيا: "نحن نفكر في الفرص التي تمكّن خريجينا في المستقبل من العودة ومتابعة دروس اختيارية".

يُمكن تقديم هذه الدروس الاختيارية بصيغة برامج شهادات الماجستير والدبلوم الحالية التي تقدمها الكلية، وتدمج بين الحصص وجهاً لوجه والحصص عبر الإنترنت. إذ يتيح التعليم المدمج للطلاب أن يتابعوا دراستهم في حرم الجامعة أو عن بعد، أو أن يجمعوا بين النموذجين معاً.

عن ذلك، يقول شون فيرغسون، العميد المساعد في "كلية آسيا للأعمال": "انتهى الزمن حين كنت تذهب إلى الجامعة وتحصل على شهادة أو اثنتين، وتنتهي من ذلك لمدى الحياة"، مشيراً إلى أنه يتوقع اعتماد نموذج تسجيل مدى الحياة في كليات إدارة الأعمال من أجل تلبية حاجات الأشخاص الراغبين في تغيير مهنهم خلال منتصف العمر.

وبحسب استطلاع أجرته "كارينغتون كريسب" الاستشارية في التعليم في مجال الأعمال، فإن ثلاثة أرباع الخريجين يرغبون في الحصول على محاضرات عبر الإنترنت أو غيرها من محتوى الجامعات التي تخرجوا منها.