"الفيدرالي الأمريكي" يرضي صقور التضخم دون أن يحرك ساكناً

بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بلومبرغ
Brian Chappatta
Brian Chappatta

Brian Chappatta is a Bloomberg Opinion columnist covering debt markets. He previously covered bonds for Bloomberg News. He is also a CFA charterholder.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اعتبرت الأغلبية الساحقة قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر يونيو متشدداً بكل المقاييس. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات ملموسة على صعيد السياسات، فإن البنك المركزي فعلياً لم يحرك ساكناً.

وبينما تركت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية دون تغيير في نطاق يتراوح 0% إلى 0.25%، فقد أشار صانعو السياسات من خلال "مخططهم النقطي"، في مفاجأة لجميع مراقبي السوق تقريباً، إلى أنهم يتوقعون حالياً زيادتين في أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2023، ارتفاعاً من متوسط صفري بحسب توقعات مارس.

تدابير الطوارئ قد لا تكون ضرورية

وفي حين لم يعدِّل بيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي أي صياغة بشأن وتيرة عمليات شراء الأصول، إلا أنه أزال بشكلٍ واضح الجملة الثانية التي تم تضمينها في بياناته منذ أبريل 2020: "تتسبب جائحة "كوفيد-19" في صعوبات بشرية واقتصادية هائلة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وحول العالم". ما يعكس حقيقة التقدم في تطعيم الأمريكيين، ويشير إلى أن تدابير الطوارئ التي تم تطبيقها منذ أكثر من عام- مثل عمليات شراء السندات بقيمة 120 مليار دولار شهرياً- قد لا تكون ضرورية قريباً.

تعديل التوقعات الاقتصادية

وفي الوقت نفسه، قام مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بتحديث توقعاتهم الاقتصادية لأول مرة منذ مارس، والتي كانت في السابق من بين أعلى أرقام التضخم على أساس سنوي منذ عقود.

وعززوا توقعاتهم بشأن نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية إلى 3% في عام 2021، ارتفاعاً من 2.2% سابقاً، لكن بالكاد تم تعديل توقعات التضخم في 2022 و 2023 عند 2.1%.

كما لم يغير صانعو السياسة وجهات نظرهم كثيراً بشأن معدل البطالة، ودعوا إلى انخفاضه على الأرجح إلى 4.5% مثلما كان في مارس، ثم إلى 3.8% في عام 2022، وأخيراً 3.5% في عام 2023.

وتوقع بعض المحللين أن التغييرات غير المتوقعة في سوق العمل التي تسببت في انحراف زيادة الدخول عن التقديرات المتوقعة خلال الشهرين الماضيين من شأنها أن تدفع المسؤولين إلى رفع توقعاتهم بشأن معدل البطالة.

ارتفاع عائد السندات

وبدون شك، تبدو كل التوقعات متشددة، الأمر الذي يفسر سبب ارتفاع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس تقريباً، وارتفاع عائد السندات لأجل خمس سنوات بأكثر من 13 نقطة أساس، بعد إصدار البيان.

وكان مؤشر "ستاندرد آند بورز S&P 500" شهد تراجعاً سريعاً لينخفض بنسبة 1% في اليوم السابق لتقليص الخسائر.

ومع ذلك، بذل بنك الاحتياطي الفيدرالي جهوداً كبيرة للتأكيد على أنه سيتخذ قرارات قائمة على النتائج بدلاً من تعديل أسعار الفائدة بناءً على التوقعات كجزء من إطار سياسته الجديدة.

وبالنظر إلى هذا التوجيه، فلماذا نلقي بالاً للمخطط النقطي على وجه التحديد؟

الفيدرالي ينتظر مزيداً من البيانات

أوضح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، وجهة نظره حول المخطط النقطي مرة أخرى: "النقاط ليست متنبئاً رائعاً لتحركات أسعار الفائدة في المستقبل. إنها توقعات فردية بالطبع، و ليست توقعات لجنة، وليست خطة. ولم نناقش في الواقع ما إذا كان بدء رفع أسعار الفائدة مناسباً في أي عام معين، لأن مناقشة ذلك الآن سيكون سابقاً لأوانه- ولن يكون له أي معنى". أيضاً، ليس هناك ما يضمن أن "باول" سيظل في موقعه بحلول عام 2023.

حتى عندما تعلق الأمر بالمسألة الأكثر إلحاحاً، والمتمثلة في تخفيض عمليات شراء الأصول، كانت تصريحات "باول" غامضة. فقال: "يمكنك التفكير في الاجتماع الذي عقدناه على أنه "التباحث بشأن التباحث لعقد اجتماع، إن شئت، وأقترحُ تعطيل هذا المصطلح حالياً".

وتابع: "أتوقع أننا سنكون قادرين على قول المزيد بشأن التوقيت، بعد أن نرى المزيد من البيانات"، مضيفاً "ما زلنا بعيدين عن هدفنا بتحقيق مزيد من التقدم الحقيقي".

الأسعار الموجهة

في الواقع، كانت الخطوة الوحيدة المتعلقة بالسياسات التي لم تتضمن التوقعات والتنبؤات، والتي يمكن أن يتجنبها الاحتياطي الفيدرالي بسهولة عندما يحين الوقت، هي تعديلات البنك المركزي لما يعرف بأسعار البنك الموجهة، والمنوط بها فرض الفائدة المدفوعة على الاحتياطيات الزائدة وفي تسهيلات إعادة الشراء العكسي الخاصة بالبنك المركزي، والتي تم استغلالها بشكل غير مسبوق من قبل صناديق أسواق المال والأطراف المقابلة الأخرى التي تغمرها السيولة النقدية.

وقد عزز ذلك كلاهما بخمس نقاط أساسية، إذ بلغ سعر الفائدة على الاحتياطيات الفائضة "IOER" حالياً 0.15%، فيما بلغ معدل الريبو أو سعر فائدة إعادة الشراء 0.05%.

هذا ليس "تشدداً" في حد ذاته، حتى لو كان مفاجئاً للكثيرين، لأنه في الغالب تعديل تقني لتجنب الضغط على الحد الأدنى للصفر.

التضخم مؤقت

إذن، ما هو الموقف بعد هذا الاجتماع؟ في الغالب، لا يزال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يعتبرون التضخم مؤقتاً، وأنه سيستقر بالقرب من هدفه البالغ 2% في السنوات القادمة.

ولم يغيروا وجهة نظرهم بشأن الاتجاه الهبوطي لمعدل البطالة، حيث قال "باول": "أتوقع أننا سنشهد خلق فرص عمل قوية خلال الصيف وبحلول الخريف".

في غضون ذلك، لم نصل بعد إلى عتبة التناقص التدريجي، وأكد "باول" مجدداً أن صانعي السياسة سيوفرون للأسواق مساراً طويلاً، قبل أن يبدؤوا بتقليص عمليات شراء الأصول.

في أحسن الأحوال، تعلم المتداولون أن غالبية أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي لا يبدو وكأنهم على استعداد للتخلف كثيراً عن المنحنى، بحيث يتعين عليهم التوقف فجأة لاحقاً. وبهذه الميول المتشددة، احتفظ البنك المركزي "بخياراته" المرغوبة، وأظهر أنه ليس غافلاً تماماً عن النمو الاقتصادي القوي، وضغوط الأسعار المرتفعة، والشروط المالية بالغة التيسير، ووفرة السيولة بداخل النظام.