ضريبة الكربون يمكن أن تسدد فاتورة البنية التحتية بأمريكا

ضريبة الكربون تسهم في توفير الموارد المالية المطلوبة لخطة البنية التحتية كما أنها تشجع على الحد من انبعاثات الكربون
ضريبة الكربون تسهم في توفير الموارد المالية المطلوبة لخطة البنية التحتية كما أنها تشجع على الحد من انبعاثات الكربون المصدر: غيتي إيمجز
Michael R. Strain
Michael R. Strain

Michael R. Strain is a Bloomberg Opinion columnist. He is director of economic policy studies and Arthur F. Burns Scholar in Political Economy at the American Enterprise Institute. He is the author of “The American Dream Is Not Dead: (But Populism Could Kill It).”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حتى لو توصل المفاوضون في واشنطن إلى اتفاقٍ بشأن ضخ حزمة مساعدات لتحسين البنية التحتية في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن توفير الأموال اللازمة لهذه الحزمة سيُشكل عقبة رئيسية.

وخلال الأسبوع الماضي، قدمت مجموعة من الحزبين قوامها 10 من أعضاء مجلس الشيوخ المعتدلين، اقتراحاً يستمر ثماني سنوات، وتبلغ قيمته 1.2 تريليون دولار، ويتم إنفاقه على الطرق والجسور والأنفاق ومشاريع أخرى.

وتحاول تلك المجموعة كسب تأييد الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، جنباً إلى جنب مع إقناع المتشككين في الكونغرس بكلا الحزبين.

لتغطية بعض التكاليف، تقترح المجموعة إعادة تخصيص أموال الإغاثة غير المستخدمة في أزمة كوفيد -19، والاستفادة من مالكي السيارات الكهربائية للحصول على الإيرادات؛ لأنهم لا يدفعون الكثير من ضرائب الغاز الفيدرالية.

ويعارض أعضاء مجلس الشيوخ زيادة الضرائب على الشركات، رغم أنها تشكل حجر الزاوية في خطة الرئيس الأمريكي لتمويل الإنفاق.

مصدر جديد للإيرادات

بعض هذه المقترحات منطقية، لكن لم يتم حتى مناقشة مصدر آخر محتمل للإيرادات، وهو: ضريبة الكربون. على الرغم من أن هذا المصدر ينبغي أن يجذب العديد من المشرِّعين الجمهوريين، وكذلك معظم الديمقراطيين.

أيضاً، يعتبر التخفيف من حدة التغير المناخي أحد الأهداف الرئيسية التي يضعها البيت الأبيض والديمقراطيون في الكونغرس عند تقديم أي قانون خاص بالبنية التحتية.

ومن خلال جعل انبعاثات الكربون أكثر تكلفة، فإن فرض ضرائب عليها سيؤدي إلى ملايين التغييرات الصغيرة كل يوم، التي من شأنها أن تنتشر عبر الاقتصاد وتساعد البيئة.

ولخفض فواتير الكهرباء، سيتذكر المزيد من الأشخاص إطفاء الأنوار عندما يغادرون الغرفة. وقد يكون الاستخدام المشترك للسيارات أكثر شيوعاً، لأن سعر البنزين سيكون أعلى.

وسيتم تشجيع الفنادق على رفع درجة حرارة الغرفة في النظام الافتراضي إلى ما يقرب من 70 درجة فهرنهايت. وسيرتدي المزيد من الناس السترات الصوفية في الشتاء بدلاً من تسخين منازلهم ومكاتبهم.

خفض الانبعاثات

حسب تقديرات مجلس قيادة المناخ، وهو مجموعة من الحزبين تؤيد فرض ضريبة الكربون، فأن فرض ضريبة تصل إلى 40 دولاراً لكل طن كربون يتم زيادتها سنوياً بنسبة 5٪ فوق معدل التضخم يمكن أن تخفض انبعاثات الولايات المتحدة إلى نصف مستويات 2005 بحلول عام 2035، إذا تم تنفيذها هذا العام .

وفقاً للمجلس، سيتفوق هذا المعدل على الأهداف الأمريكية التي يتم تطبيقها بموجب اتفاقية باريس للمناخ. وستدر الخطة ما يقرب من 200 مليار دولار من عائدات الضرائب هذا العام، و250 مليار دولار في خمس سنوات، وهو مبلغ أكثر من كافٍ لسداد نفقات الاقتراح الذي قدمه أعضاء مجلس الشيوخ.

أما الهدف الآخر لقانون البنية التحتية فهو تحسين الإنتاجية على المدى الطويل، حيث يمكن أن تساعد ضريبة الكربون في هذا الصدد من خلال منح الشركات حوافز للتطوير والاستثمار في مصادر الطاقة منخفضة الكربون وغير الكربونية. من خلال جعل الانبعاثات أكثر تكلفة، ستعزز الضريبة أيضاً طرقاً مبتكرة لاستخدام الكربون بشكل أكثر كفاءة.

ضرائب "بايدن"

هذه الاستراتيجية أكثر فعالية بكثير وأقل تكلفة من فرض اللوائح وتوزيع الإعانات الحكومية. ويقوم المبتكرون بعمل أفضل من المنظمين في اكتشاف طرق القيام بأعمال تجارية بأقل ضرر على البيئة؛ لأن حلول القطاع الخاص سيتم اختبارها سوقياً.

ويفضل "بايدن" توفير عائدات البنية التحتية من خلال زيادة الضرائب على الشركات. لكن رفع الضرائب على الشركات من شأنه أن يقلل من العائد بعد خصم الضرائب على الاستثمار التجاري.

ويجب أن يرغب "بايدن" في أن تعمل سياساته الخاصة برفع الإيرادات على تعزيز أهدافه الجديرة بالثناء، المتمثلة في زيادة الاستثمار والقدرة الإنتاجية طويلة الأجل للاقتصاد، وليس العمل ضدهما.

إعادة تخصيص أموال الإغاثة

أما بالنسبة لفكرة أعضاء مجلس الشيوخ لإعادة تخصيص أموال الإغاثة غير المستخدمة في أزمة كوفيد – 19 لدفع تكاليف البنية التحتية، فهذه سياسة ذكية؛ لأن المنح الفيدرالية لحكومات الولايات والحكومات المحلية كانت كبيرة بشكل مفرط.

وزيادة الإنتاجية تعني استخدام الأموال الفائضة بشكل أفضل مما قد تأمل العديد من الولايات في القيام به.

سيؤدي هذا أيضاً إلى إزالة بعض الحوافز المالية من الاقتصاد، مما يقلل من المخاوف بشأن التدهور الاقتصادي والتضخم.

لكن وجود هذا القدر من المال ليس سبباً لإلغاء ضريبة الكربون.

معركة سياسية

ويعتبر فرض الضرائب على انبعاثات الكربون مساراً سياسياً شاقاً، لكنه قابل للتحقيق. وخفَّت معارضة الجمهوريين ومجتمع الأعمال في السنوات الأخيرة.

ويعارض الديمقراطيون التقدميون الحلول المناخية القائمة على استراتيجيات السوق، ويشعرون بالقلق من أنها ستكون غير كافية وغير عادلة، لكن يجب أن يقف "بايدن" في وجههم.

ولا يجب أن تكون المعارضة الشديدة من عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جو مانشين من وست فرجينيا - وهو عضو في مجموعة أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين – للضريبة سبباً في التوقف عن دراسة احتمالية تطبيقها.

بالإضافة إلى ذلك، قد يعترض البيت الأبيض على ضريبة الكربون؛ لأن الرئيس تعهد بعدم زيادة الضرائب على الأسر التي يقل دخلها عن 400 ألف دولار في السنة.

لكن الزيادة التي اقترحها بايدن على ضرائب الشركات لن تستثني الطبقة الوسطى كذلك، حيث سيتحمل العمال بعض العبء الناتج عن هذه السياسة، من خلال الحصول على أجور أقل.

بدائل لتحصيل الأموال

يمكن أيضاً التفكير في خيارات أخرى لدفع النفقات اللازمة للبنية التحتية، مثل: رسوم المستخدم، التي يندرج تحتها ضرائب الغاز، وهي طريقة عادلة وفعالة لتمويل الإنفاق على الطرق والجسور والموانئ.

ولأنها تقع ضمن فئة الضرائب على الاستهلاك؛ فهي لا تقلل من الاستثمار.

ونظراً لأن بعض الأجزاء الموجودة في أي صفقة تتعلق بالبنية التحتية، ستزيد من قدرة الأعمال على إنتاج السلع والخدمات، فإن تمويل جزء من الحزمة مع قبول وجود معدل عجز أعلى سيكون أمراً معقولاً أيضاً.

بالرغم من ذلك، فضريبة الكربون سيكون لها مزايا فريدة. ويجب على الجمهوريين تفضيلها؛ لأنها تتجاوز الحواجز التنظيمية، وتشجع الابتكار، وتوفر بديلٍ لزيادة ضريبة الشركات.

أما بالنسبة للديمقراطيين، فستكون هذه الضريبة مصدر دخل ضروري يساعد البيئة أيضاً. وهي الطريقة الواضحة للمضي قدماً.