بعد سيطرة أمريكية لسنوات.. الأسهم الأوروبية تفيق من سباتها

الأسهم الأوروبية تنتعش بعد تراجع جاذبية شركات التكنولوجيا الأمريكية ومخاوف التضخم
الأسهم الأوروبية تنتعش بعد تراجع جاذبية شركات التكنولوجيا الأمريكية ومخاوف التضخم المصدر: أ.ف.ب
Mark Gilbert
Mark Gilbert

Mark Gilbert is a Bloomberg Opinion columnist covering asset management. He previously was the London bureau chief for Bloomberg News. He is also the author of "Complicit: How Greed and Collusion Made the Credit Crisis Unstoppable."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يخفى على أحد أنَّ الأسهم الأمريكية سحقت نظيراتها الأوروبية في السنوات الأخيرة. وبين بداية عام 2010 ونهاية 2020، ارتفع مؤشر "يورو ستوكس 600" بنسبة أقل من 60٪، متخلِّفاً عن الزيادة التي حقَّقها مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 237٪.

وحتى مع تضمين الأرباح، حقق المعيار القياسي الأوروبي عائداً إجمالياً بنسبة 130٪ فقط، بالمقارنةً مع أكثر من 300 ٪ للمقياس الأمريكي.

لكن الصورة تبدو مختلفة هذا العام.

تراجع جاذبية شركات التكنولوجيا

أدى احتمال حدوث تضخم أسرع إلى إضعاف جاذبية أسهم التكنولوجيا التي كانت القوة الدافعة الرئيسية وراء المكاسب الضخمة في السوق الأمريكية.

أيضاً استعاد المستثمرون اهتمامهم بما يسمى بـ "أسهم القيمة"، التي باتت أكثر انتشاراً في المؤشر الأوروبي، بعد عدَّة سنوات من استحواذ أسهم النمو على معظم الاهتمام.

لكنَّ هناك أسباباً اقتصاديةً محليةً أيضاً وراء تمتُّع الأسهم الأوروبية بالنهضة الحالية.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، باع الاتحاد الأوروبي 20 مليار يورو (مما يعادل 24 مليار دولار) من السندات؛ لبدء جهود جمع الأموال اللازمة لتمويل برنامج التعافي من الوباء في الكتلة الأوروبية، الذي تبلغ تكلفته 750 مليار يورو، ويطلق عليه اسم "نكست جينيراشن إي يو" أو الجيل الأوروبي القادم، مع المتابعة في الاقتراض السنوي المخطط له بما لا يقل عن 200 مليار يورو.

توقعات متفائلة

ولا يبدو الحديث عن "لحظة هاميلتون" (Hamilton moment) في أوروبا، مبالغاً فيه الآن، بعد أن أصبحت الخطَّة سارية. لقد دفع فيروس كورونا المنطقة إلى العمل. والآن هناك دعم مالي لتعزيز الإجراءات النقدية، التي يتخذها البنك المركزي الأوروبي.

يثير هذا التكهنات باحتمالية ظهور انتعاشة اقتصادية أقوى وأسرع مما كان متوقَّعاً في السابق. ورفع البنك المركزي الأوروبي، في وقت سابق من هذا الشهر، توقُّعاته للنمو لهذه السنة ولعام 2022، فقد زاد كلٌّ منهما بنحو 0.6 نقطة مئوية. بالرغم من ذلك، من المتوقَّع أن يتباطأ التضخم إلى 1.5٪ العام المقبل، و1.4٪ خلال 2023.

بعد بداية بطيئة كارثية، قامت دول الاتحاد الأوروبي أيضاً بنشر اللقاحات في وقت واحد، مما سمح لمزيد من البلدان في الكتلة بتخفيف القيود. وتعافت ثقة المستهلك بسرعة، بعد أن تراجعت وسط ظروف انتشار الوباء خلال العام الماضي.

تحويل الأموال إلى أوروبا

ينتبه المستثمرون إلى ما يحدث الآن بالفعل. وأظهر استطلاع أجراه بنك "أوف أمريكا" لمديري الصناديق العالمية، الذين يشرفون على 592 مليار دولار من الاستثمارات، أنَّ صافي 35٪ منهم ركَّزوا بشكل أكبر على أسهم منطقة اليورو، وهو أعلى تعرُّض للمنطقة منذ عام 2018. وأظهر الاستطلاع أنَّ حوالي 6٪ فقط يزيدون من استثمارهم في الأسهم الأمريكية.

وقد يكون هناك المزيد من المكاسب المستقبلية في أوروبا. فمن بين 20 مجموعة صناعية على مؤشر "ستوكس 600"، قادت البنوك التقدُّم هذا العام.

وذكرت "بلومبرغ نيوز"، يوم الأربعاء الماضي، أنَّ البنك المركزي الأوروبي من المقرَّر أن يمدد برنامج إغاثة رأس المال للشركات المالية لمدة تسعة أشهر إضافية، بعد أن كان من المقرر أن ينتهي في 27 يونيو الجاري. مع إلغاء الغطاء التنظيمي لتوزيعات أرباح رأس المال في نهاية الربع الثالث، وعلى ما يبدو فالبنوك مستعدة لمواصلة مسيرة التفوق.

الأسهم ما تزال رخيصة

علاوةً على ذلك؛ وحتى بعد المكاسب التي حقَّقتها هذا العام، ما تزال الأسهم الأوروبية تبدو أرخص من نظيراتها في الولايات المتحدة، بناءً على المكان الذي يتمُّ تداولها فيه، والمرتبط بأرباحها المتوقَّعة.

إذا ما قمنا بالقياس بالدولار، سنجد أنَّ المستثمرين حقَّقوا عائداً إجمالياً بنسبة 16.4٪ من مؤشر أوروبا القياسي هذا العام، ليتفوَّق بذلك بسهولة على نسبة 13.8٪ التي حقَّقها مؤشر "ستاندرد آند بورز 500".

وإذا تمَّ حسم الجدل الدائر حول ما إذا كانت زيادات أسعار المستهلك في الولايات المتحدة مؤقتة أو دائمة بناءً على تسارع نسبة التضخم؛ فقد تقدِّم الأسهم الأوروبية ملاذاً آمناً لمنتقي الأسهم، ممن يسعون للحصول على خلفية اقتصادية أكثر اعتدالاً.