التحوّل للطاقة الخضراء يحتاج للتوافق مع أصحاب المصالح الخاصة

الطاقة الشمسية في صدارة بدائل التحوّل نحو الطاقة الخضراء وتحظى بقول كبير
الطاقة الشمسية في صدارة بدائل التحوّل نحو الطاقة الخضراء وتحظى بقول كبير المصدر: أ ف ب
Tyler Cowen
Tyler Cowen

Tyler Cowen is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of economics at George Mason University and writes for the blog Marginal Revolution. His books include “The Complacent Class: The Self-Defeating Quest for the American Dream.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

غالباً ما يتم الحكم على سياسة الطاقة من خلال ثلاثة معايير، هم: التكلفة، الموثوقية، والتأثير على انبعاثات الكربون.

وهذا أمر منطقي، لكني أود أن أقترح نهجاً بديلاً للحكم، وهو: اختيار سياسات الطاقة الخضراء، التي يمكنها الحصول على دعم معظم مجموعات المصالح الخاصة، والأقلية بين القوى المعارضة، ثم نقوم بترتيب تلك السياسات وفقاً لذلك.

وقد يبدو هذا أمراً ساخراً، لكن نظراً لطول وعمق فشل السياسات، فإن استخدام بعض السخرية هنا سيكون مناسباً.

تم تسييس قطاع الطاقة بشكل ملحوظ. وربما لم نكن لنتمكن من تشييد البنية التحتية الموجودة حالياً تحت مظلة الهيكل التنظيمي الحالي، الذي قد يعيق أيضاً تطوير البنية التحتية للطاقة الخضراء في المستقبل.

ولأنه ليس من السهل وضع توربينات الرياح، بجوار منازل أصحاب المنازل الأثرياء المنظمين جيداً، ربما ستحتاج سياسة الطاقة إلى البدء بالأسئلة السياسية أولاً.

الطاقة النووية

ويعتبر الانشطار النووي مصدر طاقة أخضر، وموثوق، لكنه عالي التكلفة حتى الآن. ومع تطبيق مزيد من التقدم التكنولوجي ودرجة معينة من التسامح التنظيمي، يمكن أن يصبح أرخص بكثير مستقبلاً، كما أنه يعمل بشكلٍ جيد في فرنسا والسويد، وبعض أجزاء الولايات المتحدة.

مع ذلك، لا يحب الناخبون الطاقة النووية ولا يثقون بها، وتقوم اليابان وألمانيا بإغلاق منافذها.

وتم إغلاق محطة الطاقة النووية "إنديان بوينت"، التي ساعدت في تشغيل مدينة نيويورك منذ شهرين قبل الميعاد الرسمي لإغلاقها، واشتكى عدد قليل فقط من المحنكين السياسين من ذلك.

أيضاً، لا يوجد عدد كافٍ من الناس الذين يربحون مباشرة من الطاقة النووية، بما يكفي لإبقاء القطاع منتعشاً ومستمراً في العمل. وبالنسبة للمرافق العامة، فقد أصبحت الطاقة النووية مصدر إزعاج للسياسة والعلاقات العامة.

الطاقة الشمسية

إذاً ما هي مصادر الطاقة الخضراء (أو الأكثر اخضراراً) الملائمة بصورة أكبر للمصالح الخاصة؟

أحد المرشحين الواضحين هو الطاقة الشمسية، خاصة عندما تقترن ببطاريات أكثر فاعلية. ويجادل الكثير من الأشخاص بأن الطاقة الشمسية ليست قوية أو موثوقة أو قابلة للتخزين بدرجة كافية، لكن رغم ذلك هناك قلة من الناس يكرهون فكرة استخدامها، كما أن مجموعات المصالح الخاصة لا تملك حجة قوية لانتقاد الطاقة الشمسية.

وقد ينطوي إنتاج المزيد من البطاريات للطاقة الشمسية في الواقع على اضطرابات بيئية، لكنها غير مرئية نسبياً وليست محورية، كما لم يستطيع أحد إيقاف الصعود السياسي الذي تتمتع به الطاقة الشمسية.

المصالح الخاصة

تبدو السيارات الكهربائية أيضاً صديقة للمصالح الخاصة نسبياً. وتتمتع شركة "تسلا" حالياً بتقييم أعلى بكثير من أي من نظرائها في شركات صناعة السيارات الأمريكية القديمة، ولا توجد سياسات حكومية تمنع حدوث ذلك. حتى أن السيارات الكهربائية تلقت إعانات حكومية.

ويبدو أن إزالة الكربون من الهواء واحتجازه مقبول سياسياً أيضاً. وهناك نقاشات حول مدى التكلفة القليلة التي يمكن أن يتمتع بها احتجاز الكربون، لكن هذه حجة لإجراء المزيد من البحث والتطوير في هذا المجال.

ولا يتسبب تخزين الكربون، سواء في النباتات أو تحت الأرض، في حدوث مشكلات واضحة للغاية. وقد يصبح أيضاً مجالاً تجارياً مربحاً لشركات الوقود الأحفوري، مما يعني وجود مصلحة خاصة قوية جداً تصب في صالحه.

أيضاً يعد قطاع البناء والتشييد قوي سياسياً، لكن ملوث بالكربون، ولديه عدد قليل من الخيارات منخفضة الكربون، ومن المحتمل أن يميل إلى دعم هذه الخيارات، إذا ثبت أنها مجدية على نطاق أوسع.

الطاقة الحرارية الأرضية

إن المرشح الأقل وضوحاً سياسياً هو الطاقة الحرارية الأرضية، التي شكلت خياراً سهلاً بما فيه الكفاية للاعتماد عليها في أيسلندا والسلفادور وكينيا، حيث يمكن الوصول بسهولة هناك إلى الطاقة الحرارية الأرضية، لكن الحفر بشكل أعمق للحصول على الطاقة الحرارية الأرضية وإرسالها إلى السطح سيتطلب مزيداً من التقدم التكنولوجي.

ومن النواحي الإيجابية هنا، أن الطاقة الحرارية الأرضية على ما يبدو لا تزعج المعترضين التقليديين على إقامة المشروعات في الأحياء أو المنازل التي يملكونها، حيث تلقى الطاقة الحرارية الأرضية رواجاً في المكان الذي تستخدم فيه، ويمكن تشغيلها من خلال نسخة معدلة من البنية التحتية للطاقة الموجودة حالياً بالفعل، وبالتالي تقليل مشكلة الممتلكات التي يتم مواجهتها عادة.

الهيدروجين

ويبدو أن اليابان تقترب من تطوير بنيتها التحتية للطاقة، مع وضع السياسة في المقدمة. وتضع البلاد رهاناً كبيراً على طاقة الهيدروجين، رغم أنها مكلفة ومشكوك بها من الناحية التقنية، ويبلغ سعرها حالياً حوالي ثمانية أضعاف الغاز الطبيعي.

مع ذلك، يدرك القادة اليابانيون أن البلاد ليس لديها صناعة طاقة شمسية خاصة بها على نطاق واسع، مما يجبرها على الاعتماد على الصين في إنتاج الألواح الشمسية.

ويمكن أيضاً استخدام الهيدروجين بواسطة محطات الطاقة الحالية (رغم ضرورة خضوعها لبعض التعديلات)، مما يقلل التكلفة، ويلغي الحاجة إلى بنية تحتية جديدة. وإذا نجح كل هذا، قد تصبح اليابان معروفة بأنها رائدة العالم في طاقة الهيدروجين.

على الجانب الآخر، "انتقدت منظمة السلام الأخضر" النهج الياباني، قائلة إن طريقتها التي تعتمد على الأمونيا في إنتاج الطاقة الهيدروجينية مكلفة، وستتسبب في حد ذاتها في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وقد يكون هذا النقد صحيحاً، لكن من المحتمل أيضاً أن اليابان تفكر في المسائل السياسية على مستوى أعمق.

ختاماً، يمكن القول إن السؤال الأكثر صلة بالطاقة الخضراء قد لا يتعلق بالضرورة بالتكنولوجيا أو التكلفة. وإنما بالسياسة، حيث سيكون هذا السؤال هو: "كم عدد مجموعات المصالح الخاصة التي تدعم هذه الفكرة؟" وإذا لم تكن هناك إجابة لائقة، فربما لا تحظى الفكرة بفرصة مناسبة.