الصين لا يمكنها كبح جماح إنتاجها من الصلب.. فما الأسباب؟

على عكس محاولات الصين خفض إنتاجها من الصلب من أجل الحد من انبعاثاتها الكربونية إلا أن الإنتاج سيزيد هذا العام
على عكس محاولات الصين خفض إنتاجها من الصلب من أجل الحد من انبعاثاتها الكربونية إلا أن الإنتاج سيزيد هذا العام المصدر: بلومبرغ
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كيف تسير خطة الصين لكبح جماح إنتاج الصلب؟ لا تسأل.

تحاول بكين وقف الصناعة التي تنتج نصف المعادن الحديدية في العالم منذ منتصف العقد الماضي.

قال "شو ليجيانج"، رئيس شركة "باوشان إيرون أند ستيل" في عام 2015، إن الإنتاج نما بشكلٍ يتجاوز الطلب، وقد ينخفض بنسبة 20%.

لم تمضِ الأمور بهذه الطريقة. على الرغم من الحملة القوية للتخلص من القدرة الإنتاجية الزائدة، فقد دفعت موجة البناء المفرطة التي يغذيها الائتمان، الإنتاج لتحقيق طفرة متواصلة تقريباً منذ ذلك الحين.

في الـ12 شهراً حتى أبريل، أنتجت الصين 1.06 مليار طن متري من الصلب الخام - بزيادة قدرها 37%، عن فترة الـ12 شهراً، عندما تحدث "شو"، وهو ما يعادل تقريباً ما أنتجته الولايات المتحدة منذ إدارة "جورج دبليو بوش".

الإنتاج لن يتراجع

لا يتوافق ما يحدث مع دولة تعهد رئيسها بأنها ستصل إلى ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030.

سيبلغ تلوث الكربون بسبب الصلب ذروته، عندما يصل الإنتاج إلى مستوى 1.16 مليار طن في عام 2025، وفقاً لإحدى الاستشارات الحكومية.

قال وزير الصناعة الصيني، "شياو ياكينج"، في ديسمبر 2020، إن الإنتاج في عام 2021 سيكون أقل من مستويات عام 2020.

تبدو هذه التوقعات بالفعل مشؤومة مثل تنبؤات شو في 2015.

بعد محاولات سابقة لكبح جماح ضوابط التلوث، خففت السلطات بعاصمة صناعة الصلب في "تانغشان" بالقرب من بكين، خلال يونيو، القيود مرة أخرى. يبدو أن وتيرة إنتاج الصلب في الصين ستواصل المسار لفترة من الوقت.

طلب مرتفع

هناك سببٌ بسيط لعدم وجود عددٍ كبيرٍ من اجتماعات العمل، وأوامر التحكم، التي من المحتمل أن تمنع 2021 أن يشهد مستوى قياسياً من إنتاج الصلب، لقد تم حجز الكثير من الطلب لهذا العام بالفعل.

ضع في اعتبارك شكل دورة البناء السنوية. في كل عام، تبني الصين حوالي 9 مليارات متر مربع من المباني، وهو ما يكفي تقريباً كل مساحة لبنان أو بورتوريكو.

يستغرق النشاط في موقع البناء وقتاً طويلاً، ويبدأ في وقتٍ مبكر من العام. بحلول نهاية أبريل، يكون انطلق فعليا العمل على حوالي 80% من إجمالي المساحة الجاهزة للبناء عليها خلال العام.

مساحات بناء ضخمة

يعني هذا أننا يمكننا الحصول على فكرة جيدة عن حجم العقارات الجديدة في الصين في 2021.

حيث إنه باستثناء القيود غير المسبوقة والانعكاسات، فمن المرجح أن يكون المجموع في نهاية العام حوالي 25% فوق 8.2 مليار متر مربع قيد التنفيذ في نهاية أبريل، أي نحو 10.2 مليار متر مربع.

ليست هذه هي العلاقة الوحيدة التي تبقى ثابتة إلى حد ما.

كمية الصلب المطلوبة في البناء مستقرة بشكل معقول، ويتم تحديدها من خلال المتطلبات الهيكلية، وقوانين البناء، ومحاولات المهندسين لاستخدام المواد باقتصاد.

عادة، تستهلك الصين حوالي 28 كيلوغراماً من حديد التسليح لكل متر مربع من المباني التي تشيدها كل عام.

على هذا الأساس، ستحتاج البلاد إلى حوالي 286 مليون طن متري من حديد التسليح خلال 2021، تم إنتاج 87 مليون طن منها بالفعل.

التوسع في البنية التحتية

يشير هذا إلى أنه سيكون هناك القليل من التباطؤ في إنتاج الصلب خلال بقية العام. بناء على هذه الأرقام، سيكون متوسط الطلب الشهري لبقية عام 2021 حوالي 25 مليون طن من حديد التسليح - مستويات قياسية لصناعة الصلب في الصين.

حديد التسليح ليس المنتج الوحيد الذي تنتجه مصانع الدولة. لكن العقارات تشكل حوالي 42% من طلب الاستخدام النهائي، وتشكل البنية التحتية 25%، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتلجينس"، وبالتالي يستحوذان على نحو ثلاثة أرباع الطلب على الصلب.

ارتفع الاستثمار في الأصول الثابتة بالبنية التحتية ثلاث مرات تقريباً في الأشهر الثلاثة، حتى مايو على أساس سنوي، أسرع وتيرة نمو مسجلة وأكثر من كافية للتغلب على الانخفاض المتواضع نسبياً بنسبة 10% في نفس الفترة من عام 2020.

ارتفعت مبيعات سيارات الركاب بنسبة 11% في أبريل، وهي أحد قطاعات الاستخدام النهائي الكبيرة الأخرى للصلب.

إعادة النظر في كيفية النمو

ضع كل ذلك معاً، ومن الصعب للغاية المجادلة بأن إنتاج الصلب هذا العام لن يزيد بنسبة 10% على الأقل على أساس سنوي، عندما نما الناتج بنسبة 6.2% في العام الماضي – بعيداً عن جائحة فيروس كورونا.

لا يوجد سبب للشك في أن الصين مخلصة في جهودها لإيقاف التوسع الهائل في قطاع الصلب لديها.

ومع ذلك، سيتطلب القيام بذلك حلاً أكثر شمولاً من فرض قيود على الأفران العالية، ووضع أهداف عالية المستوى للصناعة.

من المحتمل أن تكون الجهود المبذولة لإبطاء النشاط أكثر فاعلية قليلاً من المحاولات الجارية لكبح أسعار المعادن غير الحديدية مثل النحاس وألمنيوم والزنك.

حوَّلت الصين خلال العقد الماضي نفسها إلى آلة ضخمة تلتهم الائتمان وتعج بالعقارات والطرق والسكك الحديدية.

الصلب والأسمنت هما عماد ما يحدث في الصين. إذا أرادت بكين إبطاء صناعة المعادن الحديدية، فسيتعين عليها إعادة التفكير في كيفية نمو اقتصادها أولاً.