أين ستذهب عندما يأخذ روبوت وظيفتك؟

تتغير الوظائف دائماً لكن يمكن للحكومة أن تساعد في جعلها أقل رعباً
تتغير الوظائف دائماً لكن يمكن للحكومة أن تساعد في جعلها أقل رعباً المصدر: أ.ف.ب
Noah Smith
Noah Smith

Noah Smith is a Bloomberg Opinion columnist. He was an assistant professor of finance at Stony Brook University, and he blogs at Noahpinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هناك قلق متزايد في الولايات المتحدة بشأن مستقبل العمل. وذلك لسبب وجيه. فنظراً لأن التكنولوجيا والتجارة تعطل أنظمة الإنتاج الحالية، بات هناك فرصة كبيرة لفقدان العديد من العمال لوظائفهم في النهاية.

لكن بدلاً من محاولة تثبيت الاقتصاد على وضعه الحالي، يجب على الحكومة مساعدة الأشخاص في العثور على وظائف جديدة بسرعة؛ حتى لا يعانون من أي ضرر اقتصادي.

الروبوتات بدلاً من العمال

يسمع الأمريكيون منذ سنوات أن الروبوتات قادمة للاستيلاء على وظائفهم. ومن المحتمل أن يكون الوباء قد جعل هذه المخاوف أقرب إلى الواقع، من خلال دفع الشركات للاستثمار في تقنيات جديدة لتوفير العمالة.

وتعمل الابتكارات مثل طلب رمز الاستجابة السريعة في المطاعم على زيادة الإنتاجية، هذا مفيد للاقتصاد بشكل عام، كما أنه من المحتمل أن يرفع الأجور في القطاع.

لكن بمجرد حل مشكلة النقص الأولي في العمالة، قد يكون من الصعب العثور على فرص لوظائف عمال انتظار لطاولات المطاعم، عندما تكون هناك حاجة لعدد أقل من موظفي الانتظار.

على المدى الطويل، سيكون هذا مقبولاً، حيث سيجد الناس وظائف أخرى، والثروة الجديدة التي تولدها الابتكارات الموفرة للعمالة ستؤدي إلى زيادة الطلب، كما ستنمو الصناعات الجديدة وتتوسع، وتظهر أشياءً أخرى يمكن أن يفعلها العمال المشردون، مثلما كان الحال دائماً.

قلق على المدى القريب

وما لم تكن هذه هي الموجة الأخيرة من الابتكارات، التي ستجعل الجنس البشري موضة عفا عليها الزمن – وهو أمر غير مرجح - فسوف يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى.

لكن على المدى الطويل، سنكون جميعاً في عداد الأموات، كما قال "جون ماينارد كينز" ذات مرة.

لذا يجب أن يقلق الناس بما يحدث على المدى القصير، حيث يملك العمال سبباً فعلياً للخوف من الاضطراب الوظيفي الموجود على المدى القصير، وهو: أن هذا النوع من الاضطراب الوظيفي يفرض جميع أنواع التكاليف على العمال وأسرهم، مثل عدم اليقين بشأن الخطوة التي يجب القيام بها بعد ذلك، وفقدان التأمين الصحي، إضافة إلى التكاليف الأخرى التي تظهر وقتها على الأرجح، مثل إعادة التدريب، أو الانتقال إلى موقع جديد.

تقليل المخاطر

يبدو هذا أمراً غير عادل، حيث يقوم أصحاب العمل فقط بتثبيت آلة جديدة وتكون أحوالهم على ما يرام، بينما يتعين على العمال قلب حياتهم رأساً على عقب.

علاوة على ذلك، فإن الخوف المنتشر من هذا النوع من الاضطراب قد يعيق الأمة الأمريكية عن تبني التقدم التكنولوجي.

هناك طرق يمكن بها للحكومة أن تساعد في تقليل تلك المخاطر مع تحمل هذه التكاليف. وأحد الأمثلة البارزة على ذلك هو التأمين الصحي الوطني، الذي يعني أن بقاءك في وظيفتك ليس شرطاً للحصول على المزايا الصحية، بالتالي سيكون العمال أقل قلقاً بشأن تغيير أصحاب العمل، وقد يشعرون براحة أكبر في الاستقالة للعثور على فرصة أفضل.

مثال آخر هو نظام "الأمن المرن" (Flexicurity) الدنماركي، الذي يزود العمال بالتعليم وإعادة التدريب والمساعدة في البحث عن عمل.

تبديل المهنة

لكن في حين أن هذه السياسات من شأنها أن تساعد العمال الأمريكيين على أن يكونوا أقل خوفاً من فقدان وظائفهم الخاصة، إلا أنها لن تُهدئ تماماً الخوف من أن يُجبروا على تغيير حرفتهم.

فعندما تشهد الصناعات بأكملها تحولات تكنولوجية تقلل من الحاجة إلى العمالة، لن يتعين على العمال فقط العثور على أصحاب عمل جدد، لكن عليهم أيضاً أن يجدوا مهنة أخرى جديدة بالكامل. وحتى بالنسبة للنوادل أو الصرَّافين، قد يكون تبديل المهن أمراً مخيفاً.

هذا هو السبب في أن الأشخاص القلقين بشأن فقدان الوظائف يتصارعون مع نفس السؤال، وهو: ما هي الوظائف الجديدة التي ستكون متاحة للعمال المشردين؟

في الماضي، عندما كانت الوظائف أقل تخصصاً، كان الرد على ذلك السؤال أسهل. ففي الوقت الذي تم فيه تشريد عمال المزارع مثلاً، حصلوا على وظائف في المصانع.

وعندما تقلصت فرص العمل في المصانع، حصلوا على وظائف ورقية في المكاتب، إلخ.

وفي العقود الأخيرة، قدمت الخدمات المحلية مثل تقديم الطعام والترفيه والضيافة، إلى جانب الرعاية الصحية، ما يشبه قاعدة الوظائف الافتراضية.

فإذا لم يكن لديك خيار أفضل، يمكنك دائماً العمل في مهن انتظار الطاولات، أو الانضمام لطاقم عمل الاستقبال في الفنادق، أو تسجيل وصول المرضى في مكتب طبيب.

صعوبة التخطيط للمستقبل

لكن مع استمرار تفتيت الصناعات وتطور التخصص، يصبح من الصعب تخمين من أين ستأتي طفرة الطلب التالية.

حتى إذا سمعت عن توسع قطاع ما، ستظل بحاجة إلى معرفة الدور الذي يمكن أن تؤديه في هذا القطاع، أو كيفية الحصول على التدريب الذي قد تحتاجه.

هذا يجعل من الصعب التخطيط للمستقبل. وتتفاقم المشكلة بسبب حقيقة أن الشركات بشكل عام لا تبذل الكثير من الجهد لتوظيف العمال في الطرف الأدنى من جدول الأجور.

هناك مجال للحكومة لتقديم المساعدة في حل هذه المشكلة، حيث تقوم إحصاءات مكتب العمل في الواقع بعمل توقعات لمدة 10 سنوات للمهن الأسرع نمواً من حيث النسبة المئوية، وتلك التي ستضيف أكبر عدد من إجمالي العمالة.

وفيما يلي الخمسة الأوائل في كل فئة من هذه الفئات حتى الآن:

دور الحكومة

يحتوي موقع مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة على روابط أخرى لمزيد من المعلومات، مثل نوع التعليم المطلوب للحصول على هذه الوظائف.

ومن الواضح أن هذه التوقعات قد تخضع لأحداث غير متوقعة مثل كوفيد - 19، لكنها تحتوي على معلومات أكثر بكثير مما قد يعرفه العامل العادي.

أنني أرى الفرصة سانحة أمام الحكومة للقيام بالكثير على هذه الجبهة. بداية، يجب أن يصبح هذا الموقع الإلكتروني متاح كتطبيق على الهاتف المحمول.

ثانياً، يجب على الحكومة أن تدفع لبعض أصحاب العمل الذين تختارهم لتقديم معلومات مفصلة، بما في ذلك دروس الفيديو التعليمية، التي تشرح كيفية الحصول على كل واحدة من هذه الوظائف، بالإضافة إلى فحص المحتوى المجاني من قنوات يوتيوب و"كورا" (Quora) ومصادر أخرى عبر الإنترنت. ثالثاً، يجب أن تكون هناك خريطة توضح مكان وجود هذه الوظائف.

بوابة توظيف إلكترونية

في الواقع، يبدو أن الحكومة بمقدروها أن توفر في المستقبل - ربما بالشراكة مع شركة خاصة للتوظيف - بوابة لأصحاب العمل، حتى يتم التوفيق بينهم وبين الموظفين فعلياً.

وسيكون هذا مفيداً جداً في الوظائف منخفضة الأجر، التي لا تكلف الشركات فيها عناء إجراء عمليات بحث مكثفة عن العمال. وربما يتم سن قانون يشترط إدراج جميع الوظائف الشاغرة في بوابة الحكومة.

ختاماً، يمكن للاستراتيجيات الذكية مثل هذه أن تساعد العمال على تعلم التأقلم مع التغيير التكنولوجي.

وإذا ساعدت الحكومة الناس في التخطيط لخطوتهم التالية - عندما لا تعد هناك حاجة إليهم في وظيفتهم الحالية - سيكون العمال قادرين على التعامل مع ضربات الاقتصاد بسهولة أكبر. وإلى جانب توفير منظومة التأمين الصحي الوطني، ومساعدة التعليم وإعادة التدريب، ونظام التأمين القوي ضد البطالة، يمكن أن تجعل المساعدات الحكومية رعب العمال من فقدان وظائفهم شيئاً من الماضي.