أزهار الزنبق المصدر: بلومبرغ

"بتكوين" عملة متقلبة مثل "فقاعة زهرة التوليب" ولكنها تأبى الاختفاء

John Authers
John Authers

John Authers is a senior editor for markets. Before Bloomberg, he spent 29 years with the Financial Times, where he was head of the Lex Column and chief markets commentator. He is the author of “The Fearful Rise of Markets” and other books.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يوجد سبب محدد يدفعنا للاهتمام بالبيانات والأرقام في الأسواق، لأنها تمثِّل فقط نوعاً من الاستدلال البشري، والاختصارات الذهنية، لكن من الواضح أننا نهتم بها، لذا سنجد في هذا التقرير ملمحاً من معالم متناثرة عن عالم التجارة اليوم.

بتكوين

سجَّلت العملة الرقمية الأولى، والأكثر شهرة رقماً قياسياً يوم الإثنين، واقتربت من تجاوز 20 ألف دولار للمرة الأولى. لقد مرَّت ثلاث سنوات منذ ذروتها الأخيرة، في ديسمبر 2017، التي أعقبت موجة محمومة من التكهنات.

وبعد الارتفاع الكبير الأسبق، في أواخر عام 2013 ، استغرق الأمر حوالي ثلاث سنوات أيضاً، حتى تصل العملة الرقمية إلى مستوى مرتفع جديد.

وتظهر بعض الأنماط وسط موجة تقلبات مثيرة للسخرية. وتواصل بتكوين تحقيق مكاسب لأولئك الذين يعانون من المرارة، والتوقيت للاستفادة منها.

إنَّ المستثمر الذي اشترى عملة بتكوين إبان ذروتها في عام 2013، وباعها في ذروة عام 2017، كان يمكنه أن يضاعف أرباحه بأكثر من 100% سنوياً. وينطبق الأمر نفسه لمن اقتنى العملة المشفَّرة عند أدنى مستوى لها في 2018.

وفي عام 2017، استمتعت بكتابة مقالٍ مطوَّلٍ عن أوجه التشابه بين بتكوين وزهرة التوليب. وأؤكِّد أنَّ زهرة التوليب جميلة على الأقل. لكن زهرة التوليب الهولندية العظيمة، انهارت بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل جنوني. ولم تعد كما كانت أبداً.

وتختلف ظاهرة عملة بتكوين بشكل واضح، إذ تعاود الصعود مجدداً بعد انخفاضها لمستويات قياسية.

وبعد عام 2013 ، تم ضخُّ الكثير من الأموال في طرق استخدام التكنولوجيا الجديدة، ووصلت الرموز المميزة، والعملات المشفرة الجديدة إلى ساحة التعاملات.

وكان العديد منها عبارة عن عمليات احتيال صارخة إلى حد ما. وكان هناك شعور، مثل الليزر في جيل سابق، بوجود حلٍّ يبحث عن مشكلة، في حين يجد الناس حلولاً للمشاكل الآن.

ويتم استخدام بتكوين بشكل أكبر، وتكتسب قيمة من تأثيرات الشبكة. ولا تزال تجذب أي شخص، يريد أن يراهن على أنَّ البنوك المركزية ستخفِّض العملات الورقية.

وبدأت بعض المؤسسات الكبيرة، التي تعاني من عدم تحقيق عائد في الظروف الحالية، تبدي اهتماماً بالعملة المشفَّرة.

فلا قيمة جوهرية ملموسة لعملة بتكوين، وقد تكافح الحكومات جاهدة للحفاظ على احتكارها لإصدار العملة.

ولكن في الوقت الحالي، تُظهر عملة بتكوين بعض علامات النضج المتزايد كفئةِ أصول- وقد صمدت فترة أطول بكثير حالياً من متوسط بقاء زهرة التوليب.

نوفمبر في الذاكرة

كما أشار الكثيرون، كان نوفمبر المنتهي منذ ساعات شهراً ممتازاً لأسواق الأسهم. ويظهر الرسم البياني التالي مؤشر "ستاندرد آند بورز 500 "، و"مؤشر مؤشر فايننشال تايمز" لبقية العالم، وكلاهما أعادا التموضع عند 100، في نهاية أكتوبر. وكلاهما ربح أكثر من 10%.

ومن النادر تحقيق أرباح بأكثر من 10% في سوق الأسهم على مدار شهر، لقد حدث ذلك في أبريل هذا العام ، خلال فترة انتعاش، بعد تفشي كوفيد، ولكن لم يحدث خلال التعافي من الأزمة المالية العالمية.

وفي سوق الأسهم، تحقَّق ربحٌ بأكثر من 10% في أكتوبر 2011، فقد تعافى السوق من صدمة تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية، ومرة أخرى في ديسمبر 1991 (كان المستثمرون متحمسين لما كان من المتوقع أن يكون تعافياً سريعاً من الركود في ذلك العام، الذي جاء مع عملية عاصفة الصحراء، وشعروا بالارتياح أيضاً من أنَّ الاتحاد السوفيتي كان على وشك التفكك دون إراقة دماء)، وفي يناير 1987.

كانت مثل هذه الأشهر أكثر شهرة، وعاصرتُ ثلاثة أشهر من صعود السوق خلال السنوات الأولى في فترة حكم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، أغسطس وأكتوبر 1982، وأغسطس 1984.

كان نوفمبر في الواقع أكثر إثارة للإعجاب خارج الولايات المتحدة. ويبدو أنَّ نوفمبر كان أفضل شهر مسجَّل لمؤشر" FTSE "لبقية العالم، ولمؤشر "إم.إس.سي.آي"، الذي يغطي العالم المتقدِّم خارج الولايات المتحدة، وصعد 15.4% بالدولار. وهذا مبلغ كبير لشهر واحد.

ما أهمية ما يحدث؟ لا يوجد سبب محدد لتداخل الأسواق مع إملاءات التقويم. كما يظهر الرسم البياني؛ فإنّ الأداء الرائع لشهر نوفمبر، يرجع كثيراً إلى مصادفة انتهاء عمليات البيع في اليوم الأخير من أكتوبر. وإنَّ مستوى "S&P 500 " بالمقارنة مع ذروته السابقة في سبتمبر لا يمثل أمراً مثيراً.

التقييم

سيشهد هذا الأسبوع أيضاً ذكرى سنوية، حين أطلق "جرينسبان" الرئيس الأسبق للمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الإمريكي) تحذيره الشهير حول "الوفرة غير العقلانية" في سوق الأسهم في 5 ديسمبر 1996. وقد مرَّت 24 سنة. ويثير التحذير بعض الإشارات المقلقة بشأنه اليوم.

واشتهر جرينسبان باللاعقلانية، لكنه أخطأ في توقيته. واحتدم السوق الصاعد، ليشكل فقاعة،مدة ثلاث سنوات أخرى بعد هذا الخطاب.

ويوضح الرسم البياني التالي مضاعفات أرباح المبيعات، وسعر الأرباح ( وفق حسابات بلومبرغ) لمؤشر" S&P 500 "، بدءاً من المستوى الذي كان عليه إبان خطاب جرينسبان.

وارتفع كلاهما بشكل أكبر في السنوات الثلاث التالية، قبل أن يقضيا الجزء الأكبر من عِقد دون مستواهما في ديسمبر 1996 بمجرد انفجار فقاعة شركات الإنترنت.

الآن، من المثير للقلق تماماً، أنَّ نسبة السعر إلى الربح مرتفعة تقريباً، كما كانت في ذروة شركات الإنترنت ، في حين أنَّ مضاعف المبيعات في مستوىً قياسيٍّ. وهذه هي النقطة التي لم يتم فيها السماح باستخدام اللقاحات، إذ لا تزال جائحة كوفيد تعرِّض معظمنا في العالم الغربي لأنماط الحياة التي تعيق النشاط الاقتصادي.

ومع استثناء واحد فقط، من الصعب رؤية أي مبرر لدفع المزيد مقابل الأسهم الآن، أكثر مما كان عليه في ديسمبر 1996 (عندما ظهر كل شيء على ما يرام لسنوات في المستقبل). الاستثناء مهم. وعائدات السندات أقلُّ بكثيرٍ، مما كانت عليه في ذلك الوقت.

الوفرة الطائشة

كتب روبرت شيلر الأستاذ في جامعة "ييل" كتاباً عن الوفرة الطائشة. وتضمَّن كتابه الأكثر مبيعاً بهذا الاسم منهجيةً لتقييم أسواق الأسهم، باستخدام ربحية الأسهم المعدَّلة دورياً أو"CAPE".

وتتبنى هذه المنهجية مضاعف متوسط ​​الأرباح على مدى السنوات العشر الماضية، وبالتالي، يصحح ميل السوق لمراعاة الدورة الاقتصادية، مع انخفاض معدَّل ربحية السهم، عندما يُتوقع انخفاض الأرباح، ويرتفع عند توقُّع صعودها.

ويواصل شيلر تحديث مقياسه لمعدل السعر إلى الربحية لدى" S&P's "، لكنه ينشره دائماً على الرسم البياني، الذي يعرض أسعار الفائدة طويلة الأجل أيضاً. هذا آخر تحديث تمَّ تجميعه في نهاية التداول قبل عيد الشكر مباشرة.

"كانت تقييمات الأسهم أعلى قليلاً، مما كانت عليه عشية الانهيار العظيم عام 1929، وهو حدث بارز، لا نتمنى حدوثه أبداً".

فقاعة الدوت كوم

منذ انفجار فقاعة شركات الإنترنت "الدوت كوم"، كانت التقييمات أعلى مرة واحدة فقط مما هي عليه الآن، وكان ذلك في يناير 2018 ، مباشرة قبل التصحيح السيئ. وهذا ما يبدو عليه معدل الربحية CAPE منذ خطاب جرينسبان:

"على الجانب الإيجابي، تعدُّ المعدلات أقل بكثير، مما كانت عليه في أي وقت خلال 140 عاماً التي تتبَّعها شيلر في بحثه".

ومن الواضح أنَّ تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، تعني أنَّه يجب خصم الأرباح المستقبلية بمعدل أقل، ويجب أن تكون تقييمات الشركات أعلى. لكن إلى أي مدى أعلى؟

وعند استخدام الأرقام من جدول بيانات شيلر، وجدت أنَّ متوسط ​​CAPE عبر التاريخ كان 17.1، بالكاد نصف الرقم الحالي، البالغ 33.1. وكان متوسط ​​العائد مدة 10 سنوات 4.52% (كانت فترة أواخر السبعينيات، وأوائل الثمانينيات بمثابة استثناء كبير للقاعدة التاريخية)، في حين يبلغ الآن 0.88%.

ومن المعقول أنَّ المعدلات المنخفضة تبرِّر مضاعفات الأرباح عند هذا المستوى، ولكن ليس من اللطيف التفكير بما سيحدث لأسعار الأسهم، إذا حققت عوائد السندات ارتفاعاً كبيراً ومستداماً.

كانت تصحيحات السوق لعام 2013 (التراجع عن السياسة النقدية غير التقليدية)، وأوائل وأواخر 2018 مدفوعة بالخوف من ارتفاع الأسعار بسرعة.

وقد لا تكون التقييمات الحالية لسوق الأسهم الأمريكية ضخمة بشكل غير منطقي ، لكنها تتلقى الكثير من الأخبار الجيدة كأمر مسلَّم به ، وتفترض أن سوق السندات مستقرة أيضاً.

ارتفاع أسعار النحاس وتراجع الذهب

ويشهد العالم حدثاً بارزاً آخر، يتمثل في أنَّ سعر النحاس وصل إلى أعلى مستوى له منذ سبع سنوات. لكنَّ الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، هو أن هذا الصعود قد اقترن بتراجع أسعار الذهب، التي شهدت عملية تصحيح بنسبة 13% خلال الشهرين الماضيين.

عندما تضع الأمرين، ستدرك حدوث ارتفاع مذهل في سعر النحاس/ الذهب، وهي علامة كلاسيكية على التفاؤل بشأن النمو الاقتصادي.

إن الصعود في نوفمبر، في حين يعاني قطاع كبير من الاقتصاد العالمي، وهذا يعني أنَّه إن كان هناك أي شيء غير عادي أكثر من الصعود في سوق الأسهم، فهي لا تدين بأيِّ شيء لتقلبات التقويم.

ومع ذلك، فقد مرَّت أربع سنوات فقط منذ أن شهدت نسبة النحاس/ الذهب شهراً آخر . وحدث ذلك في نوفمبر 2016، وهو شهر انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة. وفي كلتا الحالتين، تحوَّلت الروايات حول الانتخابات (لاستعارة مفهوم آخر من شيلر) بسرعة إلى أسباب للتفاؤل.

صدمة مفاجئة

وعند العودة إلى عام 2016 ، ساد الاعتقاد أنَّ الرئيس القادم آنذاك دونالد ترمب، أصحبت ولايته منتهية، وسيكون مفيداً للنمو، وخفض الضرائب، وضخ استثمارات كبيرة في مشروعات البنية التحتية، وسيؤدي هذا في النهاية إلى حدوث صدمة مفاجئة للعالم، وتجبره على التصرف، بعد أن عاش سنوات معتمداً على السياسة النقدية.

وفي نوفمبر 2020، يتكرر الأمر نفسه، في أنَّ الرئيس الأمريكي المقبل جو بايدن، سيكون جيداً للنمو، مع إعادة بناء التجارة، وتجهيز استثمارات ضخمة في البنية التحتية، واستخدام وزيرة الخزانة المرتقبة، جانيت يلين، التي تحظى باحترام كبير، للمساعدة في إعادة بناء سوق العمل في الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أنَّ توافر لقاح كورونا بمثابة عامل رئيسي هذه المرة. لكن اللافت للنظر أنَّ مؤشراً أساسياً مدفوعاً بالطلب على معادن مختلفة تماماً؛ يبدو أنه قد ظهر في الحياة بالتساوي من خلال انتصار دونالد ترمب وهزيمته.

نصائح البقاء

ومع اقتراب ليالي الشتاء، سيكون هناك المزيد من الوقت لمشاهدة مقاطع الفيديو، إذا كنت تتوق إلى الثقافة العالية، فلاحظ أنَّ" أوبرا متروبوليتان" في نيويورك تبثُّ حلقات أوبرا مباشرة كل ليلة هذا الأسبوع. وسيكون كل منها متاحاً مدة 23 ساعة.

وسيكون عرض يوم الثلاثاء عن "أوبرا عايدة"، في إنتاج رأيته ذات مرة. فقد عَلِق الاستعراض المصري في ذكرياتي بشدة، بما في ذلك الإبل الحية"live camels".

وتشمل العروض القادمة لهذا الأسبوع "أوبرا كارمن"، و"توسكا" لـ جياكومو بوتشيني ولوتشانو بافاروتي. وقد يكون من المفيد تنظيم حدث للخروج منه، والتظاهر بأنك في دار أوبرا، ولستَ في غرفة معيشتك.