بسبب الوباء.. تزايد طلبات الالتحاق بكليات الأعمال حول العالم

تفشي وباء كورونا دفع بالكثيرين حول العالم نحو متابعة الدراسة والتقديم على كليات إدارة الأعمال، التي شهدت ارتفاعات استثنائية في طلبات التقديم
تفشي وباء كورونا دفع بالكثيرين حول العالم نحو متابعة الدراسة والتقديم على كليات إدارة الأعمال، التي شهدت ارتفاعات استثنائية في طلبات التقديم المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد عمله في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية لمدة أربع سنوات في سانتياغو بتشيلي، كان ألفارو داركويا فيغيروا، مستعداً للتغيير. حيث أقنعه الاضطراب الذي ضرب الاقتصاد والمجتمعات في أنحاء العالم، بسبب تفشي الوباء، بأن الوقت قد حان ليسعى لتحصيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال. وقد منحته سياسة كندا للهجرة المفتوحة دفعة نحو هذا الانتقال الدولي.

ففي شهر سبتمبر المقبل، سيبدأ الشاب البالغ من العمر 31 عاما برنامجاً لمدة عامين بدوام كامل في "كلية روتمان" للإدارة بـ"جامعة تورنتو"، حيث ستنضم إليه زوجته للعمل في البلاد. وسيسمح لكليهما بالإقامة في كندا لمدة ثلاث سنوات على الأقل بعد تخرجه.

يقول داركويا فيغيروا: "لقد غير الوباء حقاً عقلية الشركات والأفراد". متابعاً: "أدركت أن الذهاب للدراسة لمدة عامين وإعداد نفسي لهذا الواقع والعالم الجديد، يعد فرصة جيدة".

آفاق أفضل وسط عدم اليقين

بالتزامن مع انقلاب الحياة بالنسبة للكثيرين في العام الماضي، ارتفعت طلبات الالتحاق بكليات إدارة الأعمال في جميع أنحاء العالم بنسبة 2.4%، مما عكس الانخفاض السابق في الطلبات بنسبة 3.1 % في عام 2019. ذلك وفقا لبيانات مجلس قبول الخريجين لعلوم الإدارة (GMAC).

تأتي رغبة المتقدمين مثل داركويا فيغيروا، لتحسين وظائفهم وزيادة آفاق الأجور، وسط حالة من عدم اليقين الناجمة عن تفشي وباء "كوفيد-19". وهي واحدة من بين الدوافع وراء زيادة الطلبات في العام الماضي، والتي لا تزال مستمرة في عام 2021. وقد وجد مجلس قبول الخريجين لعلوم الإدارة، في دراسة استقصائية نشرت في شهر مارس الماضي، أن ألفين و515 مرشح لكليات الأعمال يخططون للتسجيل هذا العام.

منافسة محتدمة

يقول راهول شوداها، مدير رؤى الصناعة والاتصالات البحثية في مجلس قبول الخريجين لعلوم الإدارة، إنه من المرجح أن يكون الطلب القوي مستداماً خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة. ويرجع ذلك جزئيا إلى جموع الطلاب المُسجلين ممن اضطروا لتأجيل الالتحاق العام الماضي، أو ممن كانوا ينتظرون التقديم، بالإضافة للانفتاح المتزايد على برامج التعليم عن بُعد، بحسب ما ذكر.

كما يعتقد شوداها أن أحد العوامل الإضافية التي تعزز كليات الأعمال في الولايات المتحدة، والتي تحظى بنصيب الأسد من برامج الخريجين لعلوم الإدارة في جميع أنحاء العالم، هو التصور بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرحب بالطلاب الأجانب أكثر من سلفه. وأوضح قائلا: "هناك المزيد من الطلبات والمزيد من المرشحين رفيعي المستوى الذين يجرى إدراجهم في قائمة الانتظار، لا سيما في برامج ماجستير إدارة الأعمال بدوام كامل". أضاف: "تعتبر المنافسة هذا العام شديدة للغاية".

تسهيلات لمجاراة الاهتمام

خلال الجائحة، كانت كليات الأعمال التي باتت ترى اهتماماً متزايداً ببرامجها، تعمل على استيعاب الطلاب والتعامل مع القيود الحكومية. حيث مددت العديد من الكليات المواعيد النهائية لتقديم الطلبات، وحررت سياسات التأجيل من القيود، وتنازلت عن إجراء اختبارات القبول. وكانت الكليات التي استفادت بشكل كبير من زيادة طلبات التقدم خلال العام الماضي، تقع في كلٍ من: أوروبا (بزيادة 24%)، والولايات المتحدة (20.6 %)، وكندا (13.3 %)، بينما انخفضت طلبات الالتحاق بالكليات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 7.1%.

العودة إلى الدراسة

شهدت كلية "كينان فلاجلر" بجامعة "نورث كارولينا"، ارتفاعا في عدد الطلبات خلال العام الماضي، بشكل "حطم الأرقام القياسية في جميع البرامج"، ذلك وفقاً لبراد ستاتس، الأستاذ والعميد المشارك لبرامج ماجستير إدارة الأعمال في الكلية، والذي أشار أيضاً إلى أن فصل برنامج ماجستير إدارة الأعمال بدوام كامل، الذي بدأ في أغسطس 2020 قد ضم 344 طالباً وطالبة. مضيفاً: "فجأة ، لم تعد العودة إلى المدرسة أمر سيئ، وذلك إما بسبب التهديد بفقدان الوظائف، أو فقدانها الفعلي". وفي حين أن أرقام الطلبات لهذه الدورة ليست بارتفاع العام الماضي، لكنها لا تزال في وضع جيد" .

وتقدم كلية "كينان فلاجلر"، التي يأتي حوالي 30% من طلابها من الخارج، للطلاب فرصة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات لتجنب إجراء اختبار القبول بالدراسات العليا لعلوم الإدارة، واختبار تقييم الخريجين الخاصة ببرنامج ماجستير إدارة الأعمال بدوام كامل. ويرى ستاتس أن ذلك يمثل أحد الأمور "المثيرة للتفاؤل" ضمن التغيرات التي يحركها وباء فيروس كورونا. ويقول: "نؤمن بأن (الاختبارات) تمثل نقطة واحدة من البيانات، ولكنها ليست بأي حال الأهم".

دراسة هجينة

وفي حين أن هناك المزيد من متطلبات الحضور الشخصي المخطط لها للفصول الدراسية هذا العام، فإن المدرسة، التي قدمت برنامج ماجستير إدارة الأعمال عبر الإنترنت لمدة عقد من الزمان، تخطط لإدخال مناهج إضافية عبر الإنترنت، من تلك التي أثبتت نجاحها أثناء الجائحة، ذلك بحسب ستاتس. الذي قال أيضاً: "ستكون الدراسة في المستقبل مدمجة، ولا يوجد أي سبب يجعلها تعتمد على الحضور الشخصي بالكامل".

كلية "روتمان" كذلك، شهدت خلال دورة القبول (2020-21) ارتفاع بالطلبات بنسبة 7% ، مقارنة بـ"زيادة هامشية" خلال الدورة السابقة (2019-20). ذلك وفقا لعمران كانغا، مدير التوظيف والقبول في برنامج ماجستير إدارة الأعمال بدوام كامل بالكلية. في حين يشكّل الطلاب الدوليين أكثر من نصف الطلاب في "روتمان"، ولا يزال الكثير منهم يتعامل مع المخاطر الصحية وقيود السفر، ويتوقع كانغا أن يستمر هذا الارتفاع في الطلبات مستقبلاً.

أيضاً في كلية "IE للأعمال" وبرنامج الأعمال في جامعة "IE" في مدريد، إسبانيا، تستمر زيادة طلبات الالتحاق. ويشكل الطلاب الدوليين 80% من طلاب الجامعة، كما تقول مار هورتادو، نائبة رئيس التوظيف والتسويق العالمي في الجامعة.

الطلاب الدوليون

وفي هذه الدورة، فإن نمو الطلبات هو أقوى في برنامج ماجستير إدارة الأعمال بدوام كامل، بينما يحافظ على نفس مستواه السابق في برامج الأعمال ذات الدوامات المرنة، بحسب هورتادو. وبالنسبة لجامعة "IE"، فإن فكرة أن طلبات البرامج تهبط في الأوقات الجيدة، وتزداد في الأوقات العصيبة، هي "مجرد مقولة مكررة (كليشه)، لا تمثل ما نراه في الواقع"، على حد قول هورتادو. التي تابعت: "الأمر ليس كما لو أننا كنا نحقق انخفاضاً، ثم وصلنا إلى الذروة فجأة. فنحن كنا نحقق نمواً سابقاً. ولكن بسبب الجائحة، زادت الطلبات بطريقة أسرع".

ونوهت هورتادو إلى أن طلاب "الأعمال" الحاليين والمحتملين الذين يستعدون للواقع الجديد يفهمون أنهم بحاجة إلى تعليم عال لمساعدتهم على التكيف مع سوق العمل سريع التغير. وأضافت: "الكثير من الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم، لم يكونوا يهتمون بتحصيل التدريب لأنفسهم، وكانوا يعتقدون أن شركاتهم ستكون موجودة لتتكفل بهم إلى الأبد".

خطط جريئة

مالوري إيور سبيك، وهي معلمة سابقة للثانوية في مادة الرياضيات، وتعيش في واشنطن العاصمة، ترغب بأن تصبح رائدة أعمال وتفتح شركة ناشئة في مجال الصحة، وذلك عند إكمالها لبرنامج ماجستير إدارة الأعمال الدولي التابع لكلية الأعمال بجامعة "IE" في مدريد. وهي تعاني من ضعف في الجهاز المناعي.

أرادت سبيك خوض تجربة كلية الأعمال ذات الحضور الفعلي، وكانت قلقة بشأن المدة التي ستستغرقها للحصول على تأشيرة طالب، لذلك أجلت التقدم بطلب التحاق، بينما تخطط للبدء في شهر سبتمبر المقبل. وستستخدم سبيك منحة "فورتي" لماجستير إدارة الأعمال، التي تهدف إلى تشجيع المزيد من النساء لإكمال برامج دراسة الأعمال. وتغطي المنحة ما يقرب من نصف تكلفة البرنامج الذي يستغرق عاماً.

كذلك عززت الجائحة من تصميم السيدة البالغة من العمر 31 عاماً، على تحقيق أقصى استفادة من مغامرتها الوشيكة، وربما حتى بجعل العاصمة الإسبانية موطن أقامتها الأصلي. حيث قالت: "في حال اعتمدت إسبانيا أسبوع العمل ذو الأربعة أيام، الذي كانت تدرسه، فسيصبح البقاء في إسبانيا بعد الحصول على ماجستير إدارة الأعمال، أمراً جذاباً للغاية ".