أعضاء بالكونغرس أم تجار أسهم؟.. مطلوب تشريع يمنع تضارب المصالح

الثقة في الكونغرس ليست مطلقة على الدوام
الثقة في الكونغرس ليست مطلقة على الدوام المصدر: صور غيتي
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أنَّ الكونغرس يؤكِّد في كثير من الأحيان شكوك الناخبين في أنَّ القواعد لا تنطبق على قادته المنتخبين؛ ويتضاعف هذا الواقع عندما يتعلَّق الأمر بالمسائل المالية، فمع انخفاض الثقة في الحكومة؛ ليس هناك ما هو أكثر أهمية من إلزام السياسيين في البلاد بأعلى معايير الامتثال المالي. ولكن حتى الآن، فشلت جهود الكونغرس في ضبط نفسه بالمستوى اللازم.

في عام 2012، وبعد سلسلة من الفضائح المتعلِّقة بالأسهم، أصدر الكونغرس قانوناً مصمماً لمنع المُشرِّعين من استخدام مناصبهم ذات الامتيازات لاكتساب ميزة إضافية في سوق الأسهم. من الناحية النظرية، سيمنعهم قانون الأسهم من التداول بناءً على المعلومات غير المتاحة للعامة التي يحصلون عليها من خلال واجباتهم الرسمية، كما يطلب منهم الإبلاغ عن تداولاتهم في غضون 45 يوماً.

فشل القانون الحالي

بعد ما يقرب من 10 سنوات، من الواضح أنَّ القانون لم ينجح؛ بالتالي، ينبغي على الكونغرس وبصورة عاجلة إلغاءه واستبداله بآخر يكون أبسط وأكثر فاعلية؛ إذ

لا ينبغي للمُشرِّعين تداول الأسهم.

في مايو، اعترف النائب توم مالينوفسكي أنَّه فشل في الإفصاح عن صفقات تصل قيمتها إلى مليون دولار في أسهم شركات الطب والتكنولوجيا المشاركة في الاستجابة للجائحة، لكن حتى هذا الاعتراف الكبير قلل من حجم الأمور؛ فقد تمَّ تقييم إجمالي تداولاته التي لم يُفصح عنها بما يقرب من 3.2 مليون دولار. (أعلن عضو الكونغرس العام الماضي بلا أدنى خجل: " ليس هذا هو الوقت المناسب لأي شخص للاستفادة من بيع أجهزة التنفس الصناعي، واللقاحات، والأدوية، والعلاجات، ومعدَّات الوقاية الشخصية في أيِّ مكان في العالم").

أمثلة أخرى

ومع ذلك؛ فإنَّ "مالينوفسكي" ليس وحده. ففي الواقع، كان عام 2020 عاماً بارزاً لنشاط تداول الأسهم المشكوك فيه. وفي الحالة الأكثر خطورة، حُكم على النائب السابق كريس كولينز بالسجن بتهمة التداول من الداخل بعد أن تثبَّت اتصاله بابنه، وهو مستثمر في شركة أسترالية للتكنولوجيا الحيوية، كان "كولينز" الأب يعمل في مجلس إدارتها. وجاء اتصال عضو الكونغرس - من البيت الأبيض - بعد لحظات من علم "كولينز" أنَّ عقاراً طوَّرته الشركة لمكافحة التصلُّب المتعدد قد فشل في تجربة تنظيمية مهمة؛ وقال ممثلو الادعاء، إنَّ "كولينز" حثَّ ابنه على بيع السهم.

بشكل منفصل، حقَّقت وزارة العدل مع أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ فيما يتعلَّق بمبيعات الأسهم التي تمَّ إجراؤها بعد أن تلقوا إحاطات خاصة عن الأمن القومي في الأيام الأولى للجائحة؛ وعلى الرغم من إغلاق التحقيقات دون توجيه اتهامات، فلا يمكن للتصور القائل بأنَّ المُشرِّعين كانوا يحمون محافظ أسهمهم، في حين كان الجمهور جاهلاً إلى درجة كبيرة بالأزمة التي تلوح في الأفق إلا أنْ يزيد من تآكل الثقة.

في الواقع، لم تتم مقاضاة أي مُشرِّع بموجب قانون الأسهم؛ ومن المنطقي التساؤل عما إذا القانون بلا أدنى فاعلية من الأصل. فمن جهة، ما يزال يُسمح للمُشرِّعين بتداول الأسهم في الصناعات التي يشرفون عليها (على سبيل المثال، يملك العديد من أعضاء مجلس الشيوخ المسؤولين عن الإشراف على الإنفاق الدفاعي أسهماً لدى مقاولي الدفاع)؛ ويكاد يكون من المستحيل تطبيق معيار هذا القانون بخصوص إساءة استخدام "المعلومات غير العامة" لتحقيق الربح الخاص.

قانون الثقة

الأمر غير مقبول؛ وفي الحقيقة، سيكون وجود مشروع قانون مطروح من الحزبين في مجلس النواب، يسمى قانون الثقة في الكونغرس، خطوة كبيرة نحو الأمام، إذ يتطلَّب من المُشرِّعين، وأزواجهم، وأطفالهم المعالين وضع ممتلكاتهم في صندوق "ثقة عمياء" لا يمكن إلا لطرف ثالث الوصول إليه خلال فترة وجود المُشرِّع في المنصب. ولدى السلطة التنفيذية بالفعل معيار مماثل (وهو المعيار الذي عرفه مالينوفسكي جيداً بعد تعارضه معه كمساعد لوزير الخارجية).

ما من شكٍّ في أنَّ مجرد مطالبة المُشرِّعين بالتخلُّص من جميع ممتلكاتهم من الأسهم سيكون دفاعاً أقوى. كما أنَّ الصندوق المشار إليه لا يحلُّ كل مشكلة من مشاكل تضارب المصالح؛ فهناك الكثير من الأمور التي تعتمد على ما تعنيه كلمة "ثقة عمياء" في الممارسة الفعلية. بالتالي، يجب صياغة القواعد بعناية؛ إذ سيكون المُشرِّعون الذين يتمتَّعون بإمكانية الوصول إلى المعلومات الداخلية على دراية بالأصول التي كانت في الصندوق منذ البداية، وقد يكونون كذلك على دراية بالاستثمارات التي يحتفظ بها الأصدقاء وأفراد الأسرة البعيدين.

من المؤكَّد أنَّ أشد الإجراءات صرامة أيضاً من شأنها أن تترك فرصاً لعديمي الضمير لاستغلالها؛ ومن الممكن التخفيف من خطر تضارب المصالح، لكن لا يمكن إزالته تماماً. ومع ذلك؛ فإنَّ تمرير قانون الثقة في الكونغرس - الذي يمتد إلى قواعد المُشرِّعين مثل تلك التي تُلزم السلطة التنفيذية - هو الحدُّ الأدنى المطلوب الذي يجب أن يدعمه أي مُشرِّع مناسب لمنصب عام.