الاقتصاد الرقمي ربع الناتج العالمي ودوره محوريٌّ في التعافي المرتقب

الجلسة الثانية. الاقتصاد الرقمي
الجلسة الثانية. الاقتصاد الرقمي المصدر: الشرق
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تناولت الجلسة الثانية دور الحكومات في تطوير الاقتصاد الرقمي، في ظلِّ التسارع الذي شهده خلال العام الحالي بضغط من أزمة كورونا، وكيف يمكن أن يساهم في سرعة تعافي الاقتصاد العالمي، خاصة أنه بات يمثّل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني ضرورة قيام الحكومات بسنِّ التشريعات التي تنظم الاقتصاد الرقمي، وتشجِّع الاستثمارات الخاصة، وتقديم الدعم وضخ الاستثمارات في التقنيات والشركات الناشئة.

التحول الرقمي يضمن مستقبلاً أفضل

وفي هذا السياق أشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي، عبد الله السواحة إلى الدور الذي يلعبه التحوُّل الرقمي في تسريع عملية تعافي الاقتصاديات التي تأثرت بجائحة كورونا، لأنَّه ركن أساس من أركان قوة الاقتصاد ومتانته.

وشدَّد على أنَّ ازدهار المستقبل مرتبط بالاقتصاد الرقمي، والمطلوب توحيد جهودنا كحكوماتٍ، والعمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص، ورواد الأعمال لدعمهم في هذه المرحلة الدقيقة، والإسهام في ازدهارهم من خلال توسعة نفاذهم في الأسواق الحالية، ومساعدتهم على الدخول إلى أسواق جديدة.

وقال السواحة، إنَّه من المأمول أن يستعيد الاقتصاد العالمي نموَّه في الأعوام المقبلة نتيجة اتجاه الدول للاعتماد بشكل أكبر على الاقتصاد الرقمي، في ظل ما شهده العالم من اختلال 75% من سلسلة الإمداد، فضلاً عن انكماشٍ اقتصاديٍّ بنحو 4.5%، وفقد 350 مليون وظيفة.

التحول الرقمي ومشاركة النساء

وشدَّد على ضرورة أن تتعاون الحكومات والمنظمات الدولية لتحقيق مستقبل رقمي من شأنه تمكين الشباب، والنساء، ورواد الأعمال، وتحقيق الابتكار، فعلى سبيل المثال لاحظنا أنَّ مضاعفة مشاركة النساء في الوظائف أحدث نمواً إيجابياً، وأضاف نحو 2 إلى 3 تريليونات دولار إلى الاقتصاد العالمي.

وأضاف الوزير أنَّه على صعيد المملكة العربية السعودية، فقد نمت مشاركة النساء في سوق العمل في السنوات الثلاثة الأخيرة من 9 % إلى 23 %، مما انعكس على زيادة الاقتصاد غير النفطي بنحو 2- 3% خلال الفترة نفسها، وهي إحدى المبادرات التي احتفى بها المنتدى الاقتصادي الدولي والاتحاد الأوروبي، واختار السعودية في صدارة العالم في التحول الرقمي خلال 2020.

ولفت السواحة إلى أنَّ النصف الأول من عام 2020 شهد انتعاشاً للحلول المالية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، مما ساهم في دعم وتطوير قطاعات عديدة، مثل قطاع التعليم، وقطاع الصحة، مشيراً إلى أنَّ مضاعفة النمو في الاقتصاد الرقمي من شأنه أن ينعش حركة التجارة العالمية، ويزيد من حصة الدول العربية والخليجية فيها.

تمكين الشباب

وأمَّا بالنسبة لتمكين الشباب، فقد قال وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي، إنَّ النصف الأول من عام 2020 شهد صفقات في ريادة الأعمال تعادل في حجمها ما تمَّ تنفيذه خلال عام 2019 بالكامل، مع الانتعاش في الحلول المالية الرقمية، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، وكان هذا هو الداعم لأطفالنا لمواصلة التعليم بعيداً عن الصفوف الدراسية، وتلقي أحبائنا الرعاية الصحية بعيداً عن المستشفيات.

ومن أجل أن يكون الاقتصاد الرقمي شريان الحياة لرواد الأعمال وغيرهم؛ فإنَّه يجب النظر لتدفقات التجارة، فتاريخياً الاقتصاد الرقمي معروف أنَّه غربي- غربي، والآن أصبح بين الشرق والغرب، وفقاً للوزير السعودي.

بدوره، أشار رئيس منتدى الاقتصاد العالمي بورغه برنده، إلى أنَّ هناك فرصاً لتحقيق قفزة نوعية في مجال الاستدامة، وفرص العمل، إذا ركزنا بشكل وثيق على الاقتصاد الرقمي، وإلى أنَّ التعافي سيتحقق من خلال التركيز على تطوير الاقتصاد الرقمي والاستثمار في المهارات الرقمية، ومواكبة التطورات التكنولوجية المناسبة".

وقدَّر برنده حجم الاقتصاد الرقمي بنحو 25% من الاقتصاد العالمي، وينمو بوتيرة سريعة إذ شهد النصف الأول من السنة زيادة في استخدام الانترنت والتجارة الإلكترونية بما يقارب 50 %، وهذا النمو سيتسارع في المستقبل.

وأشار رئيس منتدى الاقتصاد العالمي إلى التطورات السريعة التي يشهدها العالم في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إذ استغرق الأمر 75 عاماً للوصول إلى 100 مليون شخص على اتصال عن طريق الهواتف التقليدية عبر الخطوط الأرضية، في حين لم يتطلب أكثر من عقد من الزمان ليتمكن 2.7 مليار شخص من التواصل عبر الهواتف الرقمية، وهو ما سنراه بالنسبة للتجارة الرقمية، والجوانب الجديدة الأخرى.

وشدَّد رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي على ضرورة التأكد من أنَّ الثورة الصناعية الرابعة بتقنياتها الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، والبينات الضخمة، والتقنيات المالية؛ ستعمل في صالح تنمية الاقتصاديات الناشئة، وتربط العالم ببعضه، وتدعم أهداف التنمية المستدامة ، مثل القضاء على الفقر، وتمكين الشباب والنساء.

البنية التحتية المعلوماتية

من جانبه، اعتبر أمين عام اتحاد الاتصالات الدولي هولين زاو أنَّه في ظل جائحة كورونا برز الاهتمام بالخدمات المتعلقة بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وكذلك الجهود من قبل القطاع الخاص، والمستثمرين والخبراء لرفع مستوى الخدمات في هذا المجال، مشيراً في هذا السياق إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البينة التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات كونه المشارك الأكبر في هذا المجال، وكذلك وضع استراتيجية شمولية موحدة من قبل الحكومات تهدف إلى تطوير البنية التحتية لتقنية المعلومات من أجل رفع مستوى القطاعات المختلفة، مثل التعليم والزراعة وغيرها.

ودعا زاو، إلى ضرورة رفع مستوى البنية التحتية إلى تقنيات الجيل الرابع، والجيل الخامس، وخلق بيئة خصبة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وإدخال الابتكار والسياسات الذكية، ورفع مستوى الشركات المتوسطة والصغيرة، بالإضافة إلى الشمولية.

كما أكد رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات في الكويت سالم الأذينة على أهمية الاستثمار في الثورة الصناعية الرابعة، مشيراً إلى نجاح الكويت خلال في عام 2020 في إيصال الانترنت لجميع المواطنين، وكانت من الدول الرائدة لناحية التغطية الشمولية، التي سمحت بتحسين جودة الخدمات، كذلك أشركت الكويت القطاع الخاص لإيجاد الحلول الرقمية لدعم المواطنين في جائحة كورونا.

وفي سياق متصل، أشار وزير الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن أحمد الهناندة إلى أنَّ الحكومة الأردنية وضعت خطة طموحة تهدف إلى الاستثمار في الاقتصاد الرقمي"، ويعدُّ الجيل الجديد من الشباب في صميم عملية التطوير التي تقودها المملكة الأردنية التي وفَّرت لهم الأنظمة المتكاملة، والبيئة التشريعية المشجِّعة للمضي قدماً خلال رحلتهم المهنية.

كما أضاف الوزير الأردني أنَّ المملكة أنشأت بنية تحتية تعتمد على البيانات والابتكار، وأطلقت العديد من المبادرات المتعلقة بدعم الشباب الخريجين، والشركات الصغيرة والمتوسطة، لرفع مستوى مهاراتهم الرقمية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات والوزارات المعنية". وفي ظلَّ التغيرات التي يشهدها العالم الرقمي، والذكاء الاصطناعي.

وبحسب الهناندة، يتعيَّن على الحكومات أن تتماشى بشكل متسارع لمواكبة هذا التطور، لأنَّ جائحة كورونا غيَّرت السلوكيات، ونقلتها من الاعتماد على الوسيلة التقليدية إلى الطرق التقنية المتطورة.