هل تؤمنون بالرأسمالية؟.. إذن لا تعملوا في عطلات نهاية الأسبوع

وفق النظام الرأسمالي فإن العمل يكون مقابل الأموال ولا يجب أن يعمل الشباب مجاناً في عطلات الأسبوع من أجل إرضاء رؤوسائهم
وفق النظام الرأسمالي فإن العمل يكون مقابل الأموال ولا يجب أن يعمل الشباب مجاناً في عطلات الأسبوع من أجل إرضاء رؤوسائهم المصدر: بلومبرغ
Sarah Green Carmichael
Sarah Green Carmichael

Sarah Green Carmichael is an editor with Bloomberg Opinion. She was previously managing editor of ideas and commentary at Barron’s, and an executive editor at Harvard Business Review, where she hosted the HBR Ideacast.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من الواضح أن المُغردة التي نشرت التعليق التالي مؤخراً في ليلة من ليالي أيام الجمعة، كانت تعلم بوضوح ما سيحدث: "رأي غير شعبي: أفضل شيء يمكن للشباب فعله في وقتٍ مبكر من حياتهم المهنية، هو العمل في عطلات نهاية الأسبوع".

لم تكن تتحدث عن الوظائف التي تتطلب غالباً نوبات عمل خلال عطلة نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى العمل الليلي، بل عن الوظائف المهنية التي يُنظر فيها إلى الأشخاص الذين يعملون "فقط" من الاثنين إلى الجمعة، ومن التاسعة إلى الخامسة، على أنهم كسالى.

بمعنى ما، لم تكن مخطئة - فقد كان رأياً غير شعبي؛ حيث ولّد ادعاؤها آلاف الردود الساخرة والقاسية.

آراء متباينة

لكن مع ذلك، أعرب البعض عن دعمهم. حيث جادل المدافعون عن العمل في عطلة نهاية الأسبوع بأن الشباب ليس لديهم الكثير ليقدموه إلى جانب العمل البدني القاسي؛ حيث لم تتطور مهاراتهم الفنية بعد، وشبكاتهم صغيرة، كما يشير العلم إلى أن ذكاءهم العاطفي يتخلف عن ذكاء زملائهم الأكبر سناً، وبالتالي فإن طاقتهم ونشاطهم هو ما يجب عليهم تقديمه.

لكن هل النشاط يعني العمل في عطلة نهاية الأسبوع؟ ليس في كل مدينة. وهل العمل في عطلة نهاية الأسبوع يؤدي إلى الثراء؟ ليس في كل مهنة.

تهيمن على المحادثة حول هذا النوع من الإفراط في العمل في الولايات المتحدة ثقافات مدينة نيويورك ومنطقة خليج سان فرانسيسكو، ونخبة المحترفين. وفي هذه المجموعات، تمتلك الساعات الطويلة قوة الإشارة.

"مسابقة الذكورة"

وفي الواقع، يعمل الإفراط في العمل بشكل أساسي كشكل من أشكال العملة الاجتماعية؛ وفي هذا الصدد، أطلق بعض الباحثين على الساعات الطويلة اسم "مسابقة الذكورة" (حيث يتنافس المتسابقون لإظهار قوتهم وقدرتهم على التحمل)؛ وأشار آخرون إلى أن الانشغال في أمريكا على وجه الخصوص هو رمز للمكانة.

علاوةً على ذلك، فإن التعلق بساعات طويلة، هو قوي للغاية بين النخب المهنية لدرجة أنه يتحدى المنطق.

وفي دراسة مقلقة بشكل خاص للجراحين، قوبلت محاولة لتقليل الأخطاء الطبية عن طريق تحديد ساعات عمل المتدربين بـ 80 ساعة في الأسبوع (ما يزال أسبوع عمل طويل بشكل لا يصدق!) بمقاومة من قبل كبار الأطباء لدرجة أنها فشلت في مستشفيين من أصل ثلاثة مستشفيات.

حيث زعم الجراحون أنك ببساطة لا يمكن أن تكون طبيباً جيداً من خلال العمل لمدة 80 ساعة "فقط" في الأسبوع - على الرغم من أن الأدلة تظهر عكس ذلك؛ ففي دراسة مختلفة، ارتكب المتدربون الطبيون الذين عملوا 85 ساعة في الأسبوع أخطاءً أكثر بنسبة 36٪ من أولئك الذين اقتصروا على 65 ساعة في الأسبوع.

"وسام شرف"

أما في بعض المدن والوظائف، تعتبر ساعات العمل الطويلة وسام شرف. ولكن في أماكن أخرى، قد تبدو الساعات المجنونة ... مجنونة.

عندما كنت أدير أشخاصاً في العشرينات من عمرهم، وفي حال عمل أحدهم باستمرار في عطلات نهاية الأسبوع، فكنت أفترض أنه إما غارق في أعباء العمل، وبالتالي أحاول التقليل من بعض مسؤولياته؛ أو كان غير فعّال في عمله، أو يفتقر إلى المهارات الأساسية، أو حتى أقل ذكاءً قليلاً.

ولا يبدو أن الشخص الذي يتعين عليه العمل في عطلات نهاية الأسبوع لإنجاز المهمة - خاصةً عندما تتكون الوظيفة من مجموعة مهام منخفضة المستوى جداً - مرشحاً جيداً للترقية.

كما أن معادلة "ساعات العمل = المال المكتسب" ليست صحيحة دائماً - خاصة بمجرد خروجك من مجالات مثل التكنولوجيا، والقانون، والتمويل، والاستشارات.

ففي المهن الأخرى الجشعة للوقت، مثل الصحافة، أحياناً يكون الأشخاص الذين يقضون أطول أو أسوأ ساعات، من بين الأشخاص الذين يحصلون على أقل الأجور.

"لا تغادر قبل رئيسك"

ثم هناك سؤال حول العمل الذي يقوم به المرء، كعامل مبكر في العشرينات من عمره، عندما يعمل في عطلات نهاية الأسبوع. ففي العديد من المكاتب المليئة بالمقصورات، لا توفر الوظائف على مستوى المبتدئين مسؤوليات كافية لتبريرها. فأي شخص يأتي إليه المتدرب ليقف عند مكتبه ويسأله، "هل لديك أي عمل آخر لي؟" يدرك هذا بالتأكيد. ومع ذلك، فأنا أعرف الكثير من الشباب الذين استوعبوا قاعدة "ألا تغادر أبداً قبل أن يغادر رئيسك".

المشكلة في هذا النهج، والتي استخلصها أستاذ علم النفس "داتشر كيلتنر" بعد 20 عاماً من البحث، أن الأقل قوة مهووسون بما يريده الأقوى، إلا أن الأكثر قوة بالكاد يلاحظون الأقل قوة. وبالتالي فإن الجلوس إلى مكتبك والتظاهر بالعمل حتى تتمكن من إثارة إعجاب رئيسك الذي ربما لا يكون على دراية بوجودك لا يمثل فائدة كبيرة لشبابك العابر، وربما لا تكون أفضل طريقة للتقدم في حياتك المهنية.

كيف تحصل على ترقية؟

إذن، ما الذي يساعد الشباب على التقدم في حياتهم المهنية؟ المسألة ليست معقدة. قم بإنجاز عملك بكفاءة وسرعة، مع أقل عدد ممكن من الأخطاء؛ واطرح الأسئلة،ولكن ليس كثيراً؛ كذلك كن ودوداً ومبتهجاً؛ وكُن شكوراً (اكتب ملاحظات الشكر).

نعم، يجب عليك التعبير عن وجودك، وإعلام رئيسك عندما يكون لديك وقت للقيام بالمزيد من المهام، كذلك ابحث عن الطرق التي يمكن أن تكون مفيداً بها.

وعندما يسألك شخص ما إذا كنت ترغب في تولي مهمة جديدة، قل نعم بغض النظر عما إذا كانت مهمة تثقل كاهلك أو مملة تجعلك تتذمر قائلاً "لا أصدق أنني درستُ درجة البكالوريوس من أجل القيام بهذا العمل".

وفي حال كنت ترغب في الحصول على ترقية، فاسأل رئيسك عما يحتاج إلى رؤيته لتحقيق ذلك - ثم قم بهذه الأشياء.

لا تعمل دون مقابل

لا تعمل مجاناً من أجل "إظهار نفسك"؛ لكن تطوع بالتأكيد من أجل القضايا التي تؤمن بها - فهي طريقة رائعة للتشبيك - ولكن لا تعمل لصالح شركة ربحية دون الحصول على مال بالمقابل.

ما من شكٍ في أن النظام الذي نعمل فيه هو نظام رأسمالي، والمقصود هو مبادلة عملك برأس المال (من الغريب أن الرأسماليين الملتزمين يحتاجون أحياناً إلى تذكيرهم بهذا). وإذا كنت تعمل مجاناً، فإنك تُقلل من قيمة نفسك.

وهذا سبب آخر يدعوني إلى الاعتقاد بأنه لا يتعيّن على الشباب الاعتياد على العمل في عطلة نهاية الأسبوع. فبمجرد أن تبدأ في تسخير لياليك وعطلات نهاية الأسبوع لرب عملك، فأنت تتبرع أساساً بجزء من راتبك؛ كما أن الشيء نفسه ينطبق على عدم أخذ إجازتك.

وفي كازينو الرأسمالية، فإن إعادة الأموال التي تربحها إلى الكازينو هي ليست السبيل للفوز.

نعم، تدفع المهن الجشعة للوقت الكثير من الأموال لأنها تتوقع الكثير في المقابل؛ فهي تتوقع أن تسخر لها حياتك كلها، في الواقع.

وهذا ثمن هناك الكثير من الأشخاص المستعدين لدفعه، ولكن هل هذا هو "أفضل شيء يمكن أن يفعله الشباب"؟ لا.