"أوبك+".. حذرٌ بزيادة الإمدادات رغم تعطش السوق للنفط

ارتفعت أسعار الخام العالمية إلى أعلى مستوى في عامين متجاوزةً 75 دولاراً للبرميل
ارتفعت أسعار الخام العالمية إلى أعلى مستوى في عامين متجاوزةً 75 دولاراً للبرميل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحتاج سوق النفط العالمية إلى زيادة كبيرة في الإمدادات، لكن من المتوقع أن يقدم تحالف "أوبك+" مقداراً بسيطاً مما يطلبه المستهلكون.

ارتفعت أسعار الخام العالمية إلى أعلى مستوى في عامين، فوق 75 دولاراً للبرميل، بفضل قوة الطلب بعد انحسار الركود الناجم عن كورونا.

مع تزايد الحديث عن عودة النفط إلى 100 دولار للبرميل والمخاوف من تصاعد التضخم، تحث وكالة الطاقة الدولية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركائها على سد النقص في الإمدادات.

عندما يجتمع الأسبوع المقبل تحالف "أوبك+" الذي تقوده السعودية وروسيا، من المتوقع، على نطاق واسع، أن يقر ضخ بعضاً من إنتاجه المتوقف، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ"، في حين يُفصح مندوبون من دول التحالف، أن المناقشات جارية بالفعل بهذا الصدد.

لكن مع تصميم السعودية على المضي قدماً بحذر، يتوقع المراقبون أن أي زيادة في الإنتاج ستُبقي السوق متعطشة للمزيد من النفط.

احتواء التضخم

برأي بيل فارين برايس، مدير شركة "إنفيروس" (Enverus) للأبحاث: "هذه السوق ملتهبة.. لا يبدو أن السعوديين يميلون للإشارة إلى زيادة كبيرة في الإمدادات. لكن حتى إذا رفع "أوبك+" الإنتاج، فإن الأسعار ستبقى قوية ".

أعاد التحالف، الذي يضم 23 دولة، إلى السوق حوالي 40% من 10 ملايين برميل من الإنتاج اليومي الذي أوقفه عندما انهار الطلب في 2020. وسيجتمع الوزراء في الأول من يوليو لتقييم الخطوة التالية.

في حين أن روسيا تقدم اقتراح بأن يزيد التحالف الإمدادات، يقول مندوبون من دول التحالف، إن زيادة الإنتاج في أغسطس تتم مناقشتها بشكل غير رسمي.

مع ذلك، يعتبر العديد من مسؤولي التحالف، بشكل خاص، أن زيادة الإنتاج حالياً ستكون خطأ، كون إيران العضو في "أوبك" تشارك في محادثات دبلوماسية قد تؤدي إلى انتعاش كبير في صادراتها.

بينما أعلن وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، يوم الأربعاء، أنه يتمسك بموقف حذر، لكنه لا يستبعد التحرك. مُقرّاً بأن "أوبك+" لديها دور في "ترويض واحتواء" التضخم.

زيادة متواضعة

يتوقع مراقبو السوق على نطاق واسع أنه سيتم الاتفاق على زيادة الإنتاج بشكل ما، الأسبوع المقبل، على أن يتم ضخ المعروض الإضافي إلى السوق في أغسطس.

ويرى 13 من أصل 15 من المحللين والتجار وأصحاب المصافي الذين شملهم استطلاع أجرته "بلومبرغ نيوز" أن "أوبك+" سيستغل قدرته الإنتاجية الفائضة الضخمة.

إلاّ متوسط ​​الزيادة التي توقعها من شملهم الاستطلاع لشهر أغسطس، والبالغة حوالي 510 آلاف برميل يومياً، بالكاد يعادل ربع عجز الإمدادات العالمية الذي يتوقعه التحالف نفسه خلال ذلك الشهر.

غير أن هذه التوقعات يمكن أن تكون غير دقيقة. فقد صدم "أوبك+" المحللين مرات عدة منذ بداية 2021، حيث رفع الإنتاج عندما كان من المتوقع أن تكون الإمدادات ثابتة والعكس صحيح. فقد تعمد الأمير، عبدالعزيز بن سلمان، استهداف المضاربين، ويمكن أن يفاجئ أصحاب التوقعات مرةً أخرى في الاجتماع المرتقب.

مع ذلك، يراهن التجار على أن التحالف لن يسد فجوة العرض بالكامل، مع استقرار عقود مزيج "برنت" الآجلة الأسبوع الحالي رغم من الحديث عن زيادة الإنتاج.

وبحسب تاماس فارجا، المحلل في "بي في إم أويل أسوشيتس" (PVM Oil Associates) بلندن، فإن "السوق بالكاد تراجعت.. يمكن بسهولة امتصاص الإنتاج الإضافي من خلال التعطش الذي لا يمكن إشباعه فيما يبدو على النفط مع تعافي الاقتصاد العالمي".

اللاعب الرئيسي

تتشكل التوقعات إلى حدذٍ كبير من خلال مواقف وزير الطاقة السعودي، الشخصية المركزية في التحالف. وحثّ الأمير عيدالعزيز بن سلمان التحالف بشكل متكرر على التحرك بحذر بما يتعلق باستعادة الإمدادات، وهو أشار الأسبوع الماضي إلى أن هذا النهج الحذر "يؤتي ثماره".

من خلال إعادة الإمدادات المتوقفة بتأنٍ، نجح "أوبك +" في تحقيق الاستقرار في تعافي السوق التي شهدت قبل عام انهيار الأسعار إلى ما دون الصفر.

الوزير السعودي نوّه مرةً أخرى، يوم الأربعاء، بأن "أوبك" وحلفاءها "لا يمكنهم استبعاد أي عودة شرسة لحالات الإصابة بكورونا، والخطر الذي يشكله ذلك على استخدام الوقود.

ترغب العديد من الدول في التحالف أن يحافظ "أوبك +" على هذا النهج الحذر من خلال الحفاظ على الإمدادات ثابتة في أغسطس، وفقاً للمندوبين الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. وتنبع الكثير من مخاوف دول التحالف من إيران، التي تشارك في مفاوضات لرفع العقوبات الأمريكية عن صادراتها النفطية.

وبينما تصطدم هذه المحادثات بطريقٍ مسدود، فإنه يمكن لطهران زيادة الإنتاج بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً إذا حصلت على اتفاق مع واشنطن، وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس. ويشير تقريرٍ إلى أن ذلك قد يسد نحو ثلثي العجز الذي توقعه "أوبك+" خلال الفترة المتبقية من 2021.

الدافع المالي

يشير فارين برايس، من "إنفيروس" إلى إن دافع التحالف للتحرك ببطء قد يكون أيضاً مالياً. فارتفاع النفط إلى 75 دولاراً للبرميل يحقق عوائد مالية لخزائن الدول التي تعرضت لضغوط شديدة بسبب تراجع السوق في 2020. مُضيفاً: "التحالف يريد الحفاظ على الأسعار الحالية أو المرتفعة، وربما سينجح".

هذا الأمر لن يكون صعباً في سوقٍ "متعطشة للنفط"، على حد تعبير سعد رحيم، كبير الاقتصاديين في مجموعة "ترافيجورا" "(Trafigura Group). وتتوقع شركة تجارة النفط العملاقة ومقرها سنغافورة، إلى جانب "رويال داتش شل" و "بنك أوف أمريكا" أن الأسعار قد تتجه نحو 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2014.

بينما يلفت "غولدمان ساكس" إلى أن استهلاك الوقود عالمياً - بدعم من موسم العطلات في الولايات المتحدة الذي يشهد قيادة السيارات لمسافات طويلة - يفوق الإمدادات بمقدار 3 ملايين برميل يومياً. هذا العجز في المعروض مقابل الطلب يعني أن مخزونات الوقود في جميع أنحاء العالم تتقلص بسرعة.

وصرح جيف كوري، رئيس أبحاث السلع في "غولدمان ساكس" خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ، أن "الطلب يرتفع في الوقت الحالي.. وحتى لو بدأت أوبك في ضخ الإمدادات في أغسطس أو ما بعده، فإن هذه السوق ستبقى تتميز بزيادة الطلب ونقص المعروض من الآن وحتى عيد العمال بشهر سبتمبر المقبل".