لماذا رفضت "يوروب كار" عرض الاستحواذ من "فولكس واجن"؟

"يوروب كار" أكبر شركة لتأجير السيارات في أوروبا
"يوروب كار" أكبر شركة لتأجير السيارات في أوروبا المصدر: بلومبرغ
Chris Bryant
Chris Bryant

Chris Bryant is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies. He previously worked for the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شعرت مجموعة "يوروب كار موبيليتي" بالراحة في رفض عرض استحواذ بقيمة 2.2 مليار يورو (2.6 مليار دولار) من شركة "فولكس واجن"، وهو ما يُعتبر دليلاً على مدى سرعة تحسُّن ثروات صناعة تأجير السيارات.

وقالت "يوروب كار" إنها فشلت في "عكس القيمة الكاملة للشركة وإمكانية توليد قيمة"، وأُعلِنَ عن تفاصيل هذا العرض المرفوض لأول مرة من قبل "بلومبرغ نيوز".

طلب الإفلاس

قبل بضعة أشهر فقط اضطُرّت أكبر شركة لتأجير السيارات في أوروبا لتقديم طلب حماية من الإفلاس بموجب الفصل 15 للقانون.

فبعد أن تسبب الوباء في توقف السفر، تراجعت إيرادات المجموعة الفرنسية بأكثر من 40% العام الماضي وأصبحت ديونها غير مستدامة.

وحالياً أصبحت "يوروب كار" مملوكة بالأغلبية لمجموعة من صناديق التحوط التي اقتنصت سنداتها ببراعة العام الماضي، عندما عرضتها للبيع مقابل ما لا يقلّ عن 40 سنت يورو.

وحُوّل أكثر من مليار يورو من تلك الديون إلى أسهم كجزء من إعادة الهيكلة المالية التي اكتملت في فبراير.

ضخّ استثمارات جديدة

كما شهدت الشركة ضخّ الملاك الجدد مزيداً الأموال، ومنهم "أنكوراج كابيتال غروب" (Anchorage Capital Group) و"أتستور" (Attestor) و"كينغج ستريت كابيتال مانيجمنت" (King Street Capital Management).

ويبدو أن رهاناتهم على تحسُّن آفاق "يوروب كار" سريعاً كأنها في موضعها الصحيح، ففي ظل رفع قيود الإغلاق في وقت يتناسب مع فصل الصيف، تزداد معدلات تأجير السيارات.

وجدير بالذكر أن نقص السيارات في جميع أنحاء الصناعة يشير إلى ارتفاع الأسعار. وعلى غرار المنافسين، خفضت "يوروب كار" أساطيل مركباتها بأكثر من الثلث خلال العام الماضي، وأصبح استبدال هذه المركبات أكثر صعوبة بسبب نقص أشباه الموصلات.

صناعة صاعدة

هذه الظروف السوقية الصعبة جعلت شركات تأجير السيارات ملكية مطلوبة بشدة، ولم يتبقَّ كثير من الشركات الكبرى للشراء. وينبغي العلم أن خمس شركات فقط تهيمن على السوق الأوروبية.

ليس لدى أي شركة شعور بالأسف على هذا التحول السريع سوى "فولكس واجن"، فقد بدأت التفكير في شراء "يوروب كار" الصيف الماضي، عندما كانت القيمة السوقية للشركة الفرنسية تشكل جزءاً ضئيلاً مما هي عليه حالياً. لكن يبدو أن أسباب تسعيرها شركة "يوروب كار" استراتيجية أكثر من كونها مالية.

تتحول الصناعة تدريجياً من نموذج ملكية خالصة إلى نموذج يشمل مشاركة السيارات والركوب التشاركي والاشتراك في السيارة. وفي النهاية، ستسهم المركبات ذاتية القيادة في تسريع هذا التحول. وهذا كله يجعل خبرة "يوروب كار" في إدارة الأسطول والبنية التحتية للتأجير جذابة للغاية.

تفيد التقارير بأن التحالف الذي قادته "فولكس واجن" لتقديم عرض الاستحواذ شمل "أتستور"، وتكتل النقل الهولندي "بون هولدنغز بي في".

دفع مزيد

وإذا نجح هذا التحالف فقد يتعين عليه البحث بشكل أعمق من علاوة سعر السهم المتواضعة البالغة 12% المعروضة حتى الآن، بخاصة أن "يوروب كار" لا تستبعد إجراء مزيد من المناقشات.

مع ذلك يجب أن لا تكون صناديق التحوط الأخرى جشعة للغاية. ورغم أن "يوروب كار" خفضت التكاليف، وأصبحت تقف حالياً على أسس مالية أكثر استقراراً، فإنها استمرت في إنفاق مزيد من الأموال.

صفقة "هرتز"

يدور سؤال حول ما إذا كان من الممكن أن تُحدِث "يوروب كار" إثارة مماثلة لتلك التي أحدثتها شركة "هرتز" (Hertz) بعد أن تقدمت بطلب حماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 خلال العام الماضي.

بهذه المناسبة، فإن صناديق التحوط، بجانب مستثمري التجزئة الذين وجدوا أن أسهم "هرتز" هي أسهم "الميم"، لاحظوا أن قيمة الأسهم قد تساوي شيئاً بدلاً من القضاء عليها كما يحدث عادةً في مثل هذه المواقف.

وثبت أنهم على حق عندما أبرمت "نايت هيد كابيتال مانيجمنت" (Knighthead Capital Management)، و"سرتارس مانيجمنت" (Certares Management)، و"أبولو كابيتال مانيجمنت" (Apollo Capital Management)، صفقة بقيمة 7 مليارات دولار للاستحواذ على "هرتز" الشهر الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، تجنبت مجموعة "أفيس بادجت" (Avis Budget Group) الاضطرار إلى إعادة هيكلة ديونها، لكن صناديق التحوط متورطة في هذا الأمر أيضاً.

إذ يُعتبر صندوق التحوط "إس آر إس إنفستمنت مانيجمنت" أكبر مساهم في "أفيس بدجت". واستطاعت أسهم الشركة الارتفاع بأكثر من عشرة أضعاف منذ أدنى مستوياتها في مارس 2020، ولا شكّ أن "يوروب كار" ترغب في محاكاة هذا الاتجاه.

التحديات لا تزال قائمة

بعد الانتعاش الأولي اتجهت أسهم "يوروب كار" المخففة بشدة إلى انجراف جانبيّ في الأسابيع الأخيرة، كما أن سوق الطيران الأوروبية سجّلت تعافياً أبطأ من الولايات المتحدة، في حين أن سوق تأجير السيارات هنا أكثر تنافسية، لكن المشغلين لا يتمتعون بمزايا ارتفاع أسعار السيارات المستعملة مثل أقرانهم الأمريكيين.

في أبريل الماضي حذّرَت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني من أن "يوروب كار" بحاجة إلى تحقيق انتعاش كبير في إيراداتها المالية لتغطية قاعدة تكاليفها الثابتة على نحو مريح.

مع ذلك، ليس المال هو الأمر الوحيد الواجب على مجلس إدارة "يوروب كار" التفكير فيه، فالشركة لا يزال لديها قرض بقيمة 220 مليون يورو تضمنه الدولة الفرنسية، لذا فإنها بحاجة إلى توخي الحذر عند اتخاذ أي خطوات.

ختاماً، كان يمكن لخطوة البيع لشركة "فولكس واجن" تأمين مستقبل "يوروب كار"، والعملاق الألماني يشتهر بقدراته، فهو يوفر جزءاً كبيراً من مركبات "يوروب كار" وامتلك شركة تأجير السيارات سابقاً. كل الأمر أنه لا يُتوقع تخلِّي صناديق التحوط عن غنيمتها بسهولة.