خط الغاز الروسي نورد ستريم2 أصبح حجر زاوية في العلاقات الأمريكية الألمانية المصدر: بلومبرغ

صفقة أمريكية-ألمانية مرتقَبة بشأن خطّ الغاز الروسي "نورد ستريم 2"

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسعى الولايات المتحدة وألمانيا لإبرام صفقة بحلول أغسطس المقبل للحد من المكاسب الجيوسياسية التي يمكن أن تجنيها موسكو بمجرد اكتمال بناء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" المثير للجدل، إذ يستكشف الجانبان وسائل لدعم قطاع الطاقة في أوكرانيا وردع العدوان الروسي من خلال التهديد بفرض عقوبات.

الاتفاقية، التي يأمل بعض المسؤولين أن تكون جاهزة خلال زيارة المستشارة أنغيلا ميركل لواشنطن الشهر المقبل، قد تشهد التزام البلدين تعزيز البنية التحتية الأوكرانية وتعويضها عن رسوم العبور التي ستفقدها بسبب عدم مرور خط الأنابيب بالبلاد، وقد تلتزم ألمانيا أيضاً دعم خطة "البحار الثلاثة" لتعزيز التعاون في أوروبا الشرقية في مجالَي الطاقة والنقل.

ردود فعل عنيفة

وُضّحَت الخيارات الممكنة للاتفاقية بواسطة عديد من الأشخاص المطّلعين على المفاوضات، وطلبوا جميعهم عدم الكشف عن هُويتهم.

وحتى لو صمدت عناصر الاتفاقية، فقد يكون الاحتجاج من أعضاء الكونغرس الأمريكي شرساً، لأن مثل هذه الاتفاقية ستكون مشابهة للمقترحات التي أخفقت في ردع روسيا في الماضي.

يقول معارضون لمشروع "نورد ستريم 2" إنه بإرسال الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا، سيمنح خط الأنابيب موسكو نفوذاً أكبر على الأمن القومي الأوروبي.

وبعدما اقترحت في البداية أنها ستحاول وقف بناء خط الأنابيب، غيرت إدارة بايدن مسارها في الأسابيع الأخيرة، قائلة إن ذلك سيكون بعيد المنال بعد اكتمال المشروع بالفعل بنسبة 90%. وبدلاً من ذلك قال المسؤولون إنهم سيعملون مع ألمانيا وحلفاء آخرين لتقليل تأثير خط الأنابيب.

مخاطر الخطّ

تجري مناقشات للتوصل إلى صفقة بين وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخارجية الألمانية، بمشاركة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ومستشار ميركل للأمن والشؤون الخارجية يان هيكر.

قالت إميلي هورن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان في ذلك الوقت إن سوليفان وهيكر التقيا في 2 يونيو، عندما ناقش خبراء من الجانبين المخاطر التي يشكّلها "نورد ستريم 2" على "أوكرانيا وأمن الطاقة الأوروبي".

أكّد وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين من برلين يوم الأربعاء الماضي، أن الجانبين كانا يبحثان عن طرق "لضمان عدم تمكن روسيا من استخدام الطاقة أداةً قسرية موجهة ضد أوكرانيا أو أي طرف آخر".

قال بلينكين: "نحن مصمّمون على معرفة ما إذا كان بإمكاننا تحقيق شيء إيجابي من وضع صعب ورثناه"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تريد "بذل ما في وسعها للتأكد من أن النتيجة النهائية هي عدم تقويض أمن الطاقة في أوروبا -هو في الواقع معزَّز- وعدم إضعاف موقف أوكرانيا (لم يضعف، بل يُعزَّز بالفعل)".

سلاح سياسي

من الأفكار التي ناقشها الجانبان الاستثمار لمساعدة أوكرانيا في بناء محطات توليد الطاقة الخاصة بها وخطط تعزيز بيع الغاز الصناعي أو الأخضر من كييف.

وأبدت ألمانيا استعدادها لدخول محادثات مع روسيا بشأن تمديد حصص المرور أو النقل لأوكرانيا، الأمر الذي من شأنه أن يطيل الوقت المطلوب تعاقدياً لتدفق الغاز الروسي عبر الدولة الواقعة في شرق أوروبا (أوكرانيا).

تتمثل إحدى الأفكار المثيرة للجدل في إنشاء آلية تقضي بإعادة فرض العقوبات التي وافقت عليها الأمم المتحدة سابقاً، لوقف تدفق الغاز عبر "نورد ستريم 2" إذا كانت روسيا تسعى لإكراه أو إجبار أوكرانيا.

يعارض المسؤولون الألمان الفكرة قائلين إنهم لا يريدون استخدام "نورد ستريم 2" كـ"سلاح سياسي"، ولم يوضح المسؤولون الأمريكيون أن هذه الفكرة مجدية من الناحية الفنية إذا استمرت روسيا في ضخّ الغاز عبر خط الأنابيب.

بدلاً من ذلك، إذا كانت روسيا تسعى لقطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا، فقد تفرض الولايات المتحدة أيضاً عقوبات على روسيا باستخدام السلطات لأمر تنفيذي وقّع عليه الرئيس جو بايدن في وقت سابق من 2021.

اختلف الأشخاص المطّلعون على الأمر حول مدى قرب الولايات المتحدة وألمانيا من التوصل إلى اتفاق. قال البعض إن الجانبين لديهما مسودة اقتراح تتضمن جميع العناصر، لكنّ مصدراً مطّلعاً وصف المحادثات بأنها لم تتقدم إلى هذا الحد تقريباً.

توقيت مناسب

شدّد بايدن على أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع ألمانيا، الدولة الحليفة في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، التي تريد المضي قدماً في إقامة خط الأنابيب، بدلاً من معاقبتها كما هددت إدارة ترمب.

وقفت إدارة بايدن فرض عقوبات على شركة "نورد ستريم 2" (Nord Stream 2 AG)، وشركة "زوغ" (Zug)، ومقرها سويسرا، التي تشرف على بناء خط الأنابيب، ورئيسها التنفيذي الألماني ماتياس وارنيغ، على الرغم من الاعتراضات القوية من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين.

يتمثل أحد الاحتمالات في التوصل إلى اتفاق مبدئي عندما تزور ميركل واشنطن في منتصف يوليو، وتسعى للحصول على مباركة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي دُعي للزيارة بعد أسابيع.

قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس للصحفيين إلى جانب بلينكين في برلين الأربعاء الماضي: "زيارة المستشارة الاتحادية لواشنطن ستكون في توقيت مناسب، لكن بالطبع لا يمكننا أن نجعلها متوقفة فقط على هذه المسألة بالذات".

يتوق الطرفان أيضاً إلى التوصل إلى اتفاق بسبب جدول زمني آخر، ففي أغسطس يتعين على وزارة الخارجية الأمريكية إصدار تقرير جديد إلى الكونغرس بشأن "نورد ستريم 2" والكيانات والأشخاص الذين يشاركون في بنائه.

اقترح بلينكين أن الولايات المتحدة يمكنها إزالة إلغاء العقوبات، ومعاقبة "وارنيغ" و"نورد ستريم 2 إيه جي"، حال عدم الحصول على الامتيازات التي تسعى إليها.