كيف تدفع ألمانيا رواتب العمَّال عندما تتعطَّل الشركات؟

حارس أمن يقف أمام بنك دويتشه في مدينة فرانكفورت
حارس أمن يقف أمام بنك دويتشه في مدينة فرانكفورت تصوير: أليكس كراوس / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في حين تصارع الحكومات بجميع أنحاء العالم التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا، يتجدد الاهتمام في ألمانيا ببرنامج "كورتس أربايت" الذي يعني "العمل لوقت قصير" بشكل عام، الذي يعدُّ بمثابة شبكة الأمان المموَّلة من الدولة، التي تختصُّ بالحفاظ على تدفق رواتب العمَّال حتى عند توقف أعمالهم. وبالرغم من أنَّ قوانين العمل "الصديقة للموظفين" تثير عادةً الانتقادات داخل أوروبا في أوقات الازدهار، بزعم أنها تعمل على كبح النمو الاقتصادي، لأنها تمنع الشركات من توظيف العاملين بها وفصلهم، وفقًا لرغبتها، فإنَّ مثل هذه الأوقات تسلط الضوء على مزايا برامج دعم العمال مثل تلك البرامج الألمانية.

1. كيف يعمل برنامج "كورتس أربايت"؟

يمكن للشركات التي تواجه نقصاً مؤقتاً، لا يمكن تجنُّبه في طلبات الإنتاج بسبب أزمة ما، كما هي الحال بالنسبة إلى كثيرين بسبب فيروس كورونا، أن تتقدَّم بطلب للحكومة لدعم رواتب العمَّال، في حين يُقلَّل نشاط الشركة أو يُعلَّق. ويغطي برنامج "كورتس أربايت" 60% من صافي الأجور المفقودة في العادة، التي ترتفع إلى 67% للأشخاص الذين لديهم أطفال. وتعدُّ تلك النسبة أكثر سخاء بكثير مما عُرِض على العمَّال المُجازين في الولايات المتحدة، وأماكن أخرى.

وفعلياً، فإنَّ الشركات لا تزال مسؤولة عن دفع أجور العمَّال، ويجب أن تتقدم بطلب للحصول على تعويض من الدولة. ومن جانبها، وسَّعت الحكومة الألمانية مؤخراً البرنامج، ليشمل العمال المتعاقدين، وغطَّت مساهمات التأمين الاجتماعي بين تعديلات أخرى للحصول على التعويضات، والوصول إلى عدد أكبر من المستفيدين.

2. هل تحب الشركات برنامج "كورتس أربايت"؟

تلقَّى برنامج ألمانيا "كورتس أربايت" مديحاً متكرراً، بالرغم من أنَّ الشركات الصغيرة تقول، إنَّ البرنامج ليس مثالياً كونه يفترض أنَّ لديها السيولة الكافية لتغطية تكاليف الموظفين مقدماً. وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإنَّ البرنامج الألماني أبقى على عمالة تقدَّر بنحو نصف مليون شخص خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2009. وقال وزير العمل الألماني، إنَّ "كورتس أربايت" سوف ينقذ الملايين هذه المرة.

3. هل تستفيد الشركات من برنامج "كورتس أربايت" خلال الأزمات فقط؟

تستخدم الشركات الألمانية، وخصوصاً الشركات المصنِّعة، برنامج "كورتس أربايت" بصورة روتينية، حتى إن لم يكن العالم يمر بأزمة اقتصادية مستمرة، إذ يمكن للشركات استخدامه للتعويض عن تقلبات الإنتاج الموسمي، مثل سوء الأحوال الجوِّية التي تؤثِّر على البناء، كما يمكن استخدامه من قِبل الشركات التي تخضع لإعادة الهيكلة، لمنع تسريح العمال المفاجئ تحت ظروف خاصَّة.

4. إلى أي مدى تقدَّمت الشركات للاستفادة منه في ظل كورونا؟

تقدَّم عدد قياسي من الشركات للاستفادة من "كورتس أربايت"، وبلغ نحو 470 ألف شركة في مارس الماضي، مما يشير إلى أنَّ نحو 9 ملايين موظف، أو 20% من القوى العاملة الألمانية، قد تأثروا بالبرنامج حتى الآن، بالمقارنة مع عام 2019، عندما تقدَّمت 1300 شركة بطلب للحصول على الدعم كل شهر. وقالت أسماء كبيرة، بما في ذلك شركات "فولكس فاغن"، و"بي إم دبليو"، و"دايملر"، وصانع الملابس الرياضية "بوما"، وخطوط طيران "لوفتهانزا"، إنَّهم يخططون جميعاً للاستفادة من البرنامج.

5. هل تقدِّم دول أخرى برامج َمشابهة؟

تُعَدُّ فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا من الدول الأوروبية الأخرى التي تسمح للشركات المتعسِّرة بالاستفادة من الأموال الحكومية لدفع الرواتب خلال الفترات التي يكون دخلها ضئيلاً أو معدوماً. وتعهَّد كثيرون مؤخراً بدعم هذه البرامج بأموال إضافية، وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها تريد مساعدة الحكومات في تحمُّل تكلفة تلك السياسات، كما توفِّر كندا دعماً للدخل لأولئك المواطنين الذين خُفِّضت ساعات عملهم أيضاً، من خلال برنامج مستقرٍّ ،ساعد على تخطي الصعوبات الاقتصادية السابقة. ومع تفشي الوباء الذي أدى بدوره إلى أضرار اقتصادية غير عادية، فإنَّ كثيراً من الدول الأخرى في طريقها للانضمام إلى معاناة تلك الدول.

6. هل صممت دول أخرى برامج دعم للعمال؟

أدخلت السويد والدنمارك تدابير دعم، استجابةً لفيروس كورونا على وجه التحديد. فعلى سبيل المثال، دفع برنامج المساعدات الدنماركي، الذي يستمر ثلاثة أشهر، أجوراً جزئية لنحو 70 ألف شخص في يونيو. ويعتمد سكان بلدان الشمال الأوروبي، أي سكان الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد، على الرفاهيَّة السَّخيَّة التي تتمتَّع بها تلك الدول، التي ستضمن حصول أولئك الذين تتوقَّف رواتبهم على دعم شهريٍّ. أمَّا في المملكة المتحدة، فقد اتخذت الحكومة خطوة غير مسبوقة لتغطية ما يصل إلى 80% من رواتب العمال المعرَّضين لخطر فقدان وظائفهم.

7. هل لدى الولايات المتحدة برامج مماثلة؟

ليس تماماً، إذ جرت العادة أن يفقد الموظفون الذين أُجيزوا مؤقتاً في الولايات المتحدة رواتبهم، ولكنهم يحتفظون بإمكانية الاستفادة من المزايا الوظيفية، مثل التأمين الصحي. وبموجب حزمة التحفيز التي وافق عليها الرئيس دونالد ترمب، حصل الأشخاص الذين يتلقَّون إعانات البطالة، من خلال الولايات التابعين لها على 600 دولار إضافية في الأسبوع من الحكومة الفيدرالية حتى نهاية يوليو، كما يجعل قانون التحفيز مزيداً من العمال مؤهَّلين للحصول على إعانات البطالة، بما في ذلك أولئك الذين جرى التخلي عنهم مؤقتاً بدلًا من تسريحهم.

8. هل يمكن أن ينجح برنامج "كورتس أربايت" في الولايات المتحدة؟

لم يقترحه أحدُ على أيِّ مستوى رسميٍّ، لكن تاكر كارلسون، أحد مذيعي قناة "فوكس نيوز" الإخبارية المفضلين لدى ترمب، دعم برنامج "كورتس أربايت" في 16 مارس كونه "نموذجاً قيد التطوُّر لكيفية إنقاذ العمال". كما كتب أحد كبار المستشارين الاقتصاديين لترمب، وهو كيفين هاسيت، عن "كورتس أربايت" في سياق استحسانه للبرنامج الألماني في عام 2009 خلال الأزمة المالية العالمية. وقد أشاد أحد البحوث السياسية الصادر عن مؤسَّسة الضرائب المحافظة في 25 مارس ببرنامج "كورتس أربايت"، مشيراً إلى أنَّه ساعد في الحدِّ من فقدان الوظائف بعد عام 2008، وتمَّ تكراره على نطاق واسع منذ ذلك الحين، ومن المرجَّح أن يثبِّت البرنامج الألماني فاعليته خلال الركود الحالي أيضاً.